شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسية

وال بمثابة رئيس حكومة

عاد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، لطقسه السنوي في الحديث عن كل شيء، وإبداء رأيه في التدابير الحكومية، معلنا أنه ضد مأسسة الدعم المباشر لمواجهة ارتفاع الأسعار ومفضلا عوض ذلك استهداف الفئات المحتاجة.

أن يصدر هذا الكلام عن رئيس مجلس المنافسة أو رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أو رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، فهذا أمر مستساغ ويدخل في صميم عمل هيئات الحكامة التي من مهامها تقييم ومتابعة تنفيذ السياسات والتدابير والقرارات العمومية، لكن أن يصدر هذا الموقف عن والي بنك المغرب الذي يتمتع باختصاصات واضحة، لا تخرج عن إطار صنع العملة الائتمانية والحفاظ على سلامتها وإعداد وتنفيذ السياسة النقدية، وتدبير احتياطيات الصرف والإشراف على النظام البنكي والسهر على سلامة أنظمة ووسائل الأداء، فهذا فيه نوع من التطاول على اختصاصات مؤسسات دستورية أخرى.

لا أحد يناقش تقديرات السيد والي بنك المغرب في نسبة صرف العملة، وقرار تحديد سعر الفائدة، وكيفية التحكم في التضخم والسياسة النقدية، لكن لا ينبغي أن تذهب به الحماسة، أمام «غابة» الميكروفونات العشوائية، إلى تقمص عباءة رئيس الحكومة والإفتاء في نجاعة السياسات العمومية والسياسات القطاعية، والتدابير المرتبطة بتنفيذ البرنامج الحكومي، وكل ما من شأنه أن يخفف من أعباء المعيشة، لأن ذلك من اختصاص مؤسسات دستورية أخرى كلفها الدستور بمراقبة وتقييم نجاعة وفعالية السياسات العمومية.

مطلوب من والي بنك المغرب العمل على الحد من جشع الأبناك التي راكمت الأرباح في عز أزمة كوفيد 19 وتداعيات النزاع الجيوستراتيجي بين روسيا وأوكرانيا، وما هو موضوع على عاتقه هو إيجاد الحلول الناجعة لخروج البلد من اللائحة الرمادية لغسل الأموال ومحاربة الإرهاب، لمجموعة العمل المالي الدولية خلال شهر أكتوبر المقبل، أما قرارات دعم الحكومة لقطاعات الفلاحين والسائقين والمقاولات السياحية، فهذا شأن حكومي محض ويدخل ضمن تدابير ستحاسب عليها الحكومة في الانتخابات وأمام البرلمان ومؤسسات الرقابة المالية.

وإلا لماذا تصلح الحكومة؟ ولماذا يصلح البرلمان؟ وما الفائدة من الانتخابات؟ إذا كان والي بنك المغرب يعطي لنفسه الحق في تنقيط كل السياسات العمومية والقطاعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى