واضع مخطط مشروع تهيئة مازغان وصاحب معلمة منارتها يسقط سهوا من ذاكرة دكالة
حسن البصري
رغم أن اسمه ظل موشوما في تاريخ مدينة الجديدة، إلا أن شوارع وأزقة عاصمة دكالة لا تعترف به، بينما يوجد زقاق في الدار البيضاء يحمل اسم هذا المهندس الذي ساهم في بناء مجموعة من المرافق الحيوية في المغرب بداية عهد الحماية.
صحيح أن اسم فريديريك لازال حاضرا في مدخل منارة الجديدة، إلا أن الباحثين في تاريخ دكالة يجمعون على أنه يستحق أكثر من مجرد توقيع على بناية كان وراء وضع مخطط إنشائها وظل يتردد على الجديدة إلى أن استقر بها لفترة قصيرة حيث كان يشرف على مجموعة من المشاريع.
ولد فريديريك بوني في ماي 1867 بهوت لوار الفرنسية، بدأ مساره المهني مشرفا على الأشغال العمومية في دائرة التجهيز بمدينته، قبل أن يبرز اسمه حين عين مشرفا على إنجاز خطوط للسكك الحديدية في فرنسا، ويلتحق بعدها بمدرسة القناطر عام 1900، وبفضل هذا العبور تمكن فريديريك من المزج بين النظري والتجارب التي راكمها قبل التحاقه بهذه المؤسسة العريقة.
وحسب مصطفى جماهري، الباحث في تاريخ الجديدة، فإن المهندس بوني يرجع له الفضل في وضع أول مشروع تهيئة لمدينة الجديدة، وهو الذي حل بها في بداية عهد الحماية الفرنسية، مهندسا عهد إليه بوضع البنيات الأساسية لمدينة مازغان. «قضى أربع سنوات في المغرب من 1914 إلى 1918، كانت كافية ليترك بصماته على المدينة، وهو الذي كان مسؤولا عن الأشغال العمومية في المنطقة الجنوبية، حيث أشرف على مد الطرق في حدود 700 كيلومتر نحو الجنوب، كما أشرف على مد مجاري الصرف الصحي وبناء منارتها، فضلا عن موانئ الصويرة آسفي ثم الجديدة، مع التركيز على البنيات الأساسية. وفي عام 1919 عاد إلى فرنسا حيث تمت ترقيته إلى مدير عام للأشغال العمومية بالجهة الشمالية».
ظل الرجل عاشقا للمغرب، وتردد على الدار البيضاء والجديدة في عام 1928، دون أن يلفت الأنظار، وكأنه يودع بلدا ساهم في وضع أسس منشآته العمومية، وحين عاد إلى بلاده انتهى به المطاف على سرير المرض إلى أن توفي عام 1931.
رغم أن اسمه ارتبط في أذهان أبناء الجديدة القدامى، بمنارة سيدي بوافي التي يعد مهندسها، إلا أن الرجل كان وراء بناء منارات أخرى في آسفي والصويرة. لكن «فالورة» الجديدة التي بنيت عام 1916، تبقى الأشهر من بين ثلاث منارات، وحدها منارة طنجة الأعرق في تاريخ المغرب.
من جهته، قال الباحث خالد الخضري، إن السلطان المولى عبد الحفيظ وضع تأشيرته على المشروع في مارس 1909، مشيرا إلى أن سلطات مدينة الجديدة نظمت ندوة بمناسبة مرور قرن على الميناء والمنارة، وخلصت إلى مجموعة من التوصيات ظلت حبرا على ورق، من قبيل العناية بمحيطها وإدراج زيارة وصعود المنارة لرؤية المدينة ضمن الأنشطة السياحية، وإنشاء مجسم للمنارة في مدار مدينة الجديدة بطريق مراكش وغيرها من التوصيات، مبرزا أنها ظلت حبرا على ورق واعتبرت ندوة نخبوية.
ومن المفارقات الغريبة في حياة هذه «الفالورة» أن يظل الإشراف عليها موكولا لعائلة حسني أبا عن جد.