شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

هل يساهم لقاح السل في الوقاية من كورونا؟

خبراء يحاولون الاستفادة من الـ«BCG» ودراسة أكدت فعاليته

سهيلة التاور
في محاولة لكسب الوقت لإيجاد اللقاح الذي يقتل فيروس كورونا الذي من المتوقع التوصل إليه في مدة تتراوح بين سنة و18 شهرا، يحاول الخبراء الاستفادة من اللقاحات الموجودة مسبقا للحد من انتشار الفيروس. ومن بين هذه اللقاحات اللقاح ضد السل «BCG»، الذي أظهرت دراسة أنه فعال ضد كورونا، في حين تحذر منظمة الصحة العالمية من استخدامه، إلا بعد التأكد تماما من فعاليته ضد الفيروس المستجد.

مقالات ذات صلة

أضحى لقاح السل من ضمن الحلول المقترحة القديمة المتجددة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وهذا اللقاح معروف باسم (Bacillus Calmette–Guérin (BCG، وهو لقاح يشيع استخدامه للرضع في البلدان النامية، حيث ينتشر السل أو الدرن، وفي الماضي كانت تعطى جرعة منشطة للأطفال في المرحلة الابتدائية، ولكن التوصيات الحالية بالاكتفاء بجرعة واحدة.
ورغم أن اللقاح استخدم في البداية كلقاح يقي من السل، إلا أن آلية عمله جعلت الباحثين يجربون استخدامه للوقاية من أمراض أخرى، حيث إن اللقاح يعمل على تحفيز الخلايا الليمفاوية T، وهذه الخلايا مسؤولة عن التعرف ومهاجمة الأجسام الغريبة والغازية الموجودة بداخل الخلية (ومنها خلايا الأورام والفيروسات)، وأثبتت الأبحاث فعاليته في علاج سرطان المثانة من الدرجة الأولى إذا تم حقنه بداخل المثانة، ومن ثم أصبح علاجا معتمدا لهذه الحالات، كما أن العديد من الدراسات أثبتت فعاليته في علاج الالتهابات الرئوية الفيروسية، وتحديدا الفيروس المخلوي التنفسي Respiratory syncytial virus.

دراسة
توصلت دراسة جديدة إلى أن البلدان التي لديها سياسات إلزامية للتطعيم ضد مرض السل تسجل عددا أقل من الإصابات والوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا الجديد، مقارنة بالبلدان التي لا تفرض على مواطنيها التطعيم الإلزامي ضد هذا المرض.
وقد وجدت الدراسة الأولية التي ظهرت على موقع «medRxiv»، وجود علاقة بين الدول التي تطلب من المواطنين الحصول على لقاح (BCG)، المستخدم ضد مرض السل، وتناقص أعداد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا الجديد وحالات الوفيات الناجمة عن مرض «كوفيد-19». وعلى الرغم من أن ذلك لا يتعدى ملاحظة الدارسين لهذه الأرقام، فإن الأطباء في ستة بلدان على الأقل بدؤوا بتجارب يشارك فيها العاملون في القطاع الطبي، والذين يتعاملون مع حالات «كوفيد-19» عبر إعطائها لقاح السل، للتأكد ما إذا كان بالفعل يساهم في زيادة مناعتها ضد الإصابة بالفيروس الجديد.
وتضيف الدراسة، أنه بدأت الصين تستخدم لقاح «BCG» في خمسينيات القرن الماضي، ولكن خلال فترة «الثورة الثقافية» أعوام 1966-1976 توقف استخدامه. وهذا برأي الباحث آرون ميللر، خلق شريحة ضعيفة من السكان، ما ساعد في انتشار الفيروس خلال المراحل الأولى للوباء بالصين.

تأكيد الخبراء
أكد الدكتور غونزالو أوتازو، الأستاذ المساعد في معهد نيويورك للتكنولوجيا وأحد المساهمين الرئيسيين في الدراسة، هذا التحليل، وذلك بعد ملاحظته انخفاض عدد الحالات في اليابان، وهي الدولة التي أبلغت عن بعض الحالات المبكرة المؤكدة من إصابات فيروس كورونا الجديد، ولم تلجأ إلى إجراءات إغلاق وحجر جزئي أو كلي كما فعلت العديد من الدول الأخرى.
وقال أوتازو إنه كان على معرفة بالدراسات السابقة التي تشير إلى قدرة لقاح «BCG» الخاص بمرض السل على توفير الحماية ليس ضد بكتيريا السل فقط، ولكن أيضا ضد أنواع أخرى من العدوى. ولذا قام فريقه بتجميع البيانات حول البلدان التي تتبع سياسات إلزامية للتطعيم بهذا اللقاح للمواطنين، ثم قارنوا عدد الحالات المؤكدة والوفيات بمرض «كوفيد-19»، وتبين لهم وجود ترابط بين وجود هذه السياسات، وانخفاض الأعداد بالبلدان التي تطبقها.
كما أكد العالمان الدانماركيان بيتر آبي وكريستين ستابيل، أن لقاح «بي سي جي» يقي من الإصابة بكثير من الأمراض المعدية، خلال السنة التي تلي تقديم جرعة منه.
وفي سنة 2014، أظهرت دراسة طلبتها منظمة الصحة العالمية، أن اللقاح خفض معدل الوفيات وسط الأطفال بشكل كبير، لكن مراجعة في 2016 أوصت بالمزيد من التجارب.

أدلة إضافية
كشف تقرير لصحيفة The Irish » Times» الإيرلندية عن أدلة أكثر على أن لقاحBCG» » المعطى لمكافحة السل قد يوفر حماية ضد فيروس كورونا، وقلل بشكل كبير من معدلات الوفيات في البلدان ذات المستويات العالية من التطعيم.
حيث تظهر دراسة أجريت على 178 دولة من قبل مستشار طبي إيرلندي يعمل مع علماء الأوبئة في جامعة تكساس في هيوستن، أن البلدان التي لديها برامج التطعيم بما في ذلك إيرلندا لديها حالات أقل بكثير من فيروسات التاجية، مقارنة بالمكان الذي لم تعد تنتشر فيه برامج تطعيم السل، وهذا يترجم إلى معدل وفيات يصل إلى 20 مرة أقل، وفقا لطبيب المسالك البولية بول هيجارتي من مستشفى ماتر بدبلن.
تلك الدراسة التي من المتوقع أن تنشرها مجلةPLOS» » قريبا، هي دراسة إحصائية إلى حد كبير وتأتي مع محاذير بسبب احتمال وجود عوامل مربكة لكنها أكثر شمولية من التجربة الأولية التي أجريت في نيويورك، والتي دفعت إلى توسيع نطاق التجارب السريرية على الأشخاص المصابين بفيروس كورونا.
وقال هيجارتي إنه لتقليل احتمالية الخطأ، قام الباحثون بإعادة تقييم الحالات خلال مسار الوباء، وأجروا مقارنات بين الدول بما في ذلك بين إيرلندا والمملكة المتحدة قائلا: «لم نتوقع أن نرى مثل هذا الاختلاف الملحوظ».
فعلى مدى 15 يوما، كان معدل الإصابة بـفيروس كورونا هو 38 لكل مليون في البلدان التي تم فيها تطعيم السل، بينما كان معدل الإصابة بكورونا هو 358 لكل مليون، في حال عدم وجود مثل هذا البرنامج العالمي للتطعيم.
فيما كان معدل الوفيات 4.28 لكل مليون في البلدان التي لديها برامج تطعيم السل، و40 لكل مليون في البلدان التي ليس لديها مثل هذا البرنامج.

لقاح معدل لـBCG»»
اللقاح المعدل للقاح السل القديمBCG» »، والذي أطلق عليه «VPM1002» ستجرى عليه حاليا العديد من الدراسات للتأكد من فاعليته في مقاومة فيروس كورونا، حيث تجرى الدراسات على المتطوعين البالغين في الهند. وتجري العديد من مستشفيات ألمانيا الدراسة نفسها على كبار السن والعاملين بالقطاع الصحي.
كما يجب أن تكتمل الدراسة بحلول منتصف العام الجاري، حيث تظهر النتائج حتى الآن أن التطعيم باستخدام «VPM1002» آمن وأكثر فعالية من التطعيم القياسيBCG» » القديم. يعطي ملف السلامة الأعلى لـ«VPM1002» والفعالية المحسنة سببا للأمل في أن اللقاح الجديد سيكون أيضا أكثر قدرة على التخفيف من أعراض الإصابة بفيروس كورونا من لقاحBCG» » القديم.
ويعتمد «VPM1002» على لقاحBCG» »، وتظهر الدراسات على الفئران أن لقاحBCG» » يمكن أن يحمي ليس فقط ضد السل، ولكن أيضا ضد الالتهابات الفيروسية في الجهاز التنفسي، وبناء على ذلك فإن الفئران التي تعاني من الإنفلونزا لديها عدد أقل من فيروسات الإنفلونزا A في دمها، إذا تم تطعيمها مسبقا باستخدامBCG» » وهكذا أظهرت الحيوانات ضررا أقل للرئتين.
وفقا لمزيد من الدراسات، يزيد التطعيم باستخدامBCG» » أيضا من مقاومة الحيوانات للفيروسات الأخرى مثل الهربس من النوع 1 و2 على ما يبدو، حيث تبين أن التطعيمBCG» » ينشط أيضا جهاز المناعة ضد العدوى الفيروسية بهذه الطريقة، يقلل اللقاح من خطر تطور المرض الشديد وبالتالي يقلل من معدل الوفيات. ويعتبر «VPM1002» آمنا وأكثر فعالية من التطعيم القياسيBCG» »، حيث يحتوي «VPM1002» على البكتيريا الضعيفة مثل السل، يتم تعديلها وراثيا بطريقة تمكن الخلايا المناعية من التعرف عليها بشكل أفضل.
وهذا اللقاح الذي تم تطويره في الأصل بمعهد ماكس بلانك لبيولوجيا العدوى في برلين، يوفر حماية أكثر فعالية ضد السل من اللقاح القديم، وهو مخصص للاستخدام لدى الأطفال حديثي الولادة، وكذلك لتعزيز التطعيم لدى البالغين، وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن «VPM1002» وهو مخصص للاستخدام لدى الأطفال يمكن أن يكون فعالا أيضا ضد السرطان ويمنع تكرار أورام المثانة.
وأكد Adar C. Poonawalla، الرئيس التنفيذي والمدير التنفيذي لمعهد Serum Institute of India، أنه «يمكن تصنيع «VPM1002» باستخدام أساليب التصنيع الحديثة، التي ستجعل ملايين الجرعات متاحة في وقت قصير جدا».

دول لا تحصل على اللقاح
وفقا لمركز الوقاية من الأمراض الأمريكية، فإن لقاح «BCG» أو «Calmette-Guerin» لقاح لمرض السل (TB)، لا ينصح باستخدامه بشكل عام في الولايات المتحدة بسبب انخفاض خطر الإصابة بمرض السل المتفطرة، والفعالية المتغيرة للقاح ضد مرض السل الرئوي لدى البالغين». وهناك حالات معينة فقط هي التي تحصل على لقاح «BCG»، وهم الأطفال الذين لديهم اختبار السل السلبي الجلدي، والذين يتعرضون باستمرار لمرض السل ولا يمكن فصلهم عن البالغين مرضى السل، وكذلك يحصل عليه عمال الرعاية الصحية من الأطباء والممرضين.
ووفقا لهيئة الصحة البريطانية «NHS» فيوصى بتلقيح «BCG» فقط للرضع والأطفال والبالغين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما المعرضين لخطر الإصابة بالسل (TB). ومن فئات الأطفال الذين يجب أن يحصلوا على لقاح «BCG» الأطفال حتى سن عام واحد والذين ولدوا في مناطق بها معدلات السل مرتفعة، وإذا كان لدى الطفل والد أو جد ولد في بلد يعاني من نسبة عالية من مرضى السل. ويوصى بتلقيح «BCG» لجميع الأطفال الأكبر سنا والبالغين المعرضين لخطر الإصابة بالسل، بما في ذلك أي شخص تحت عمر 16 سنة قدم من منطقة من العالم ينتشر فيها مرض السل، وأي شخص دون سن 16 عاما كان على اتصال وثيق بشخص مصاب بالسل الرئوي (عدوى السل الرئوي). ويوصى بتلقيح «BCG» للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و35 عاما المعرضين لخطر الإصابة بالسل، بما في ذلك العاملين في المختبرات الذين هم على اتصال بعينات الدم والبول والأنسجة، والعاملين البيطريين وغيرهم من العاملين في الحيوانات، مثل عمال المسالخ، الذين يعملون مع الحيوانات المعرضة لمرض السل، مثل الماشية أو القرود، وموظفو السجن الذين يعملون مباشرة مع السجناء، وموظفو بيوت المشردين، والموظفون الذين يعملون في مرافق للاجئين وطالبي اللجوء، وعمال الرعاية الصحية مع زيادة خطر التعرض لمرض السل، والمسافرون الذين يجب أن يحصلوا على لقاح «BCG». ويوصى أيضا بلقاح «BCG» للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، والذين سيعيشون مع السكان المحليين لأكثر من 3 أشهر في منطقة ذات معدلات عالية من السل، أو حيث يكون خطر الإصابة بالسل المقاوم للأدوية مرتفعا.
أما بالنسبة إلى كندا فلقاح «BCG» غير موصى به للاستخدام الروتيني في البلاد، ويمكن النظر في تطعيم «BCG» في ظروف استثنائية، مثل الرضع في المجتمعات عالية الخطورة، للأشخاص المعرضين لخطر التعرض المتكرر للسل، بالنسبة لبعض المسافرين على المدى الطويل إلى البلدان ذات الانتشار المرتفع، وللرضع الذين يولدون لأمهات يعانون من مرض السل المعدي. أما في المجتمعات عالية الخطورة، لا يحتاج الرضع الذين تقل أعمارهم عن شهرين إلى اختبار جلد التوبركلين قبل تلقي لقاح «BCG».
أما ألمانيا وإسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة فكانت تطبق في الماضي سياسات التلقيح الإلزامي ضد السل، لكنها توقفت عن ذلك منذ سنوات عديدة. وقال أوتازو إن الصين، البلد المَصدَر للوباء، كانت تتبع سياسات للتلقيح الإلزامي ضد السل، مع أنه لم يكن يتم الالتزام بها بشكل صارم قبل العام 1976.

دول اعتمدت الكلوروكين
بعد ارتفاع أرقام الإصابات عالميا بفيروس كورونا المستجد واقترابها من رقم المليون، تنتظر عدة دول نتائج الاختبارات الخاصة بإيجاد العلاجات واللقاحات، لكن بعضها سارع إلى الاعتماد رسميا على بعض العقارات، كالمغرب الذي رخص رسميا للمستشفيات بإدخال عقار «الكلوروكين» «والهيدروكسي كلوروكين» للاستخدام، بمبرر أنهما أظهرا فعالية واضحة في معالجة المصابين بالفيروس، وبينهم وزير حالي.
كما أمرت وزارة الصحة في الجزائر المستشفيات باستعمال عقار «الهيدروكسي كلوروكين» على المصابين بكورونا. وكانت جارتها تونس من أوائل الدول الإفريقية، التي بدأت في استخدام العقار في التجارب السريرية. وجاء التشجيع الأكبر من الولايات المتحدة التي رخصت رسميا للمستشفيات بإعطاء وصفات تتضمن العقار للمصابين، سواء منهم كبار السن أو الشباب.
واشتهر عقار الكلوروكين منذ عقود في علاج الملاريا، ويعرف في دول أخرى تحت أسماء متعددة منها نيفاكين. وهو العقار الأم الذي يجمع «الهيدروكسي كلوروكين» المشتق منه ويستخدم لعلاج أمراض أخرى منها الروماتويد، لذلك تعتمد الكثير من الدراسات اسم الكلوروكين فقط لتلخيص العقارين. ويستمد الاثنان قوتهما من وجودهما المسبق في الكثير من الدول، وسهولة تصنيعهما في المختبرات المحلية، ما يجعل الدول قادرة على ربح معركة الوقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى