الضغط الجماهيري يمنع أكثر من شخص من دخول تحدي الرئاسة
يوسف أبوالعدل:
حينما لم الرجاء الرياضي لكرة القدم، نهاية الموسم الماضي، أربعة عشر مليار سنتيم تقريبا منها ستة مليارات ونصف مليار من فوزه بلقب كأس محمد السادس للأندية الأبطال، ومليار ونصف مليار حصيلة رفعه لكأس «الكونفدرالية» الإفريقية، والبقية من بيعه عقدي هدافيه سفيان الرحيمي وبين مالونغو، ظن الرجاويون أن هاته اللمة المالية ستنهي أزمة الفريق وتدخله لبوابة العودة لسكة الألقاب الكبرى عبر عصبة الأبطال الإفريقية والانتدابات القيمة التي ستدفع الفريق نحو منصات التتويج..، لكن الحقيقة كانت عكس ما تمناه الأنصار، خاصة مع الأمل الذي كان يوضع في مكتب أنيس محفوظ الذي وعد الرجاويين أثناء انتخابه رئيسا للفريق خلفا لرشيد الأندلسي، شهر أكتوبر الماضي، بنهاية مرحلة المشاكل في النادي الأخضر وعودة عصر التتويجات وصيد الألقاب الوطنية والخارجية التي اشتهر بها «النسور» في كل زمان ومكان، قبل أن «يدور» زمن الوعود بإخفاقات تلو الأخرى، انطلقت بضياع كأس «السوبر» أمام الأهلي المصري، وبعدها الخروج أمام الخصم ذاته من ربع نهائي عصبة الأبطال الإفٍريقية، قبل أن تختتم بإضاعة الفريق مجموعة من النقاط في البطولة الوطنية تسير به لخسارة لقب الدوري الوطني لغريمه الوداد الرياضي، ناهيك عن تغييرات في الإدارة التقنية وخسارة ملايين السنتيمات بتسريح لاعبين ومدربين لم يقدموا الشيء الكثير للرجاء.
“البريز” الذي أحرق رئيس الرجاء
منذ انطلاق الحملة الانتخابية لرئيس الرجاء الرياضي، وعد أنيس محفوظ باستخدام «البريز» بمجرد فوزه بمنصب الرئاسة للانطلاقة الفعلية في إعادة الفريق لسكة الألقاب، فكانت إقالة لسعد جريدة الشابي، والتعاقد مع مارك فيلموتس أولى قرارات الرئيس الجديد، وذلك عبر تبنيه لمشروع يقوده المدرب البلجيكي مع شكر المدرب التونسي على كل ما قدمه للرجاء، وهي التغييرات التي حذر منها العديد من الرجاويين، خاصة أن حصيلة الشابي كانت إيجابية وهو الذي حقق لقبين خارجيين خلال الموسم الماضي، واحتل الفريق معه الرتبة الثانية قاد بها الرجاء للمشاركة في عصبة الأبطال، لكن كل هذا لم يشفع للمدرب التونسي أمام محفوظ الذي وعد بمدرب عالمي اسمه فيلموتس سيغير أحوال الرجاء نحو الريادة الإفريقية، قبل أن يصفعه الأهلي المصري في أول امتحان خارجي بالدوحة القطرية حينما أضاع الرجاء الفوز بلقب كأس «السوبر» في ثوان معدودة في قراءة تقنية خاطئة للمدرب البلجيكي فتحت عليه أبواب الغضبة الجماهيرية، وهي المشاكل التي استمرت مع مباريات البطولة الوطنية، خاصة بعد العروض المحتشمة التي قدمها لاعبو الرجاء في مباريات الدوري الوطني وعصبة الأبطال الإفريقية، ليتقرر فسخ العقد معه بعد ضجة كبيرة من طرف أنصار الفريق ليجد محفوظ نفسه مطالبا بالبحث عن مدرب جديد واستقر به الحال هذه المرة على المغربي رشيد الطاوسي عبر استشارة تقنية من عزيز العامري، إذ حمل الإطاران المغربيان هم محفوظ ومستقبله في كرسي رئاسة الرجاء، قبل أن ينطلق مشروعهما بخروج من عصبة الأبطال الإفريقية وضياع نقاط في الدوري الوطني وآخرها هزيمة أمام متذيل الترتيب سريع واد زم، كانت الخسارة التي أفاضت كأس غضب أنصار الرجاء التي وجد من خلالها مكتب محفوظ نفسه مجبرا على تقديم استقالته من منصبه خلال الجمع العام المقبل.
وأكد عادل حمراوي، المنخرط الرجاوي المثير للجدل، لـ”الأخبار”، أن مجموعة من برلمانيي الرجاء حذروا من مغبة منح مشعل قيادة الرجاء لأنيس محفوظ خلال حملته الانتخابية، وهو الأمر الذي طالب المنخرطون غير المصوتين له تحمل تبعاته، وهي التبعات التي يعيشها جمهور الرجاء اليوم بإخفاق تلو الإخفاق، مؤكدا أن «البروفيل» الذي يحتاجه الرجاء بعيد عن مواصفات الرئيس الحالي الذي اعتبره استمرارا لمجموعة من الأسماء التي حاولت حمل مشعل الرجاء لكنها تفتقد التجربة والسيولة المالية لإنجاح مشروعهم، ظانين أن عمل ثلاث سنوات في مكتب سابق سيمنحهم القدرة لإدارة دفة الرجاء، وهو ما عجزوا عنه بمجرد تحمل مسؤولية قيادة الفريق الأخضر.
وأكد الحمراوي أن الرجاء يحتاج لبروفايل رجل مزيج من تسيير سعيد حسبان وتمويل محمد بودريقة، وهو المشروع الذي يبحث عنه الرجاويون لمدة، مؤكدا أن منخرطي النادي، خلال الجمع العام المقبل، لن يقعوا في اختيارات خاطئة مجددا أو وعود من مرشح لن تظهر فيه الحنكة التسييرية والسيولة المالية التي اعتبرها ضرورة ملحة في الكرة الحديثة والأندية الباحثة عن الألقاب، متمنيا أن تكون فترة محفوظ نهاية لمشاكل لرجاء السابقة وأن يجدد الفريق ولاءه مع الألقاب خلال السنوات المقبلة من خلال رئيس يكون عليه إجماع من طرف الرجاويين.
الجمهور.. ألف حساب
جمهور الرجاء الرياضي ظل العلامة الفارقة في مسار الفريق الأخضر الموسم الحالي سيرا على السنوات السابقة التي ظل فيها مناصرو الرجاء اللاعب رقم 1 في المباريات، لكن شراسة الجمهور ازدادت خلال السنوات الأخيرة ضد كل من سولت له نفسه الإساءة للرجاء، وهو ما جعل أنيس محفوظ يتلقى وابلا من الانتقادات طالت فترته منذ بدايتها إلى الآن، ما يؤكد صعوبة إقناع أنصار الرجاء بالعمل الذي أقدم عليه الرئيس الحالي الذي وجد نفسه أمام موجة غضب كبيرة لم تساعده هو الآخر في الاشتغال في ظروف مريحة وحسنة قبل إعلانه الانسحاب رفقة مكتبه المسير من تدبير مؤسسة الرجاء.
وقال أنس الجعفري، رئيس جمعية العش الأخضر المناصرة لفريق الرجاء الرياضي، إن رئاسة الرجاء باتت تضرب لها ألف حساب من طرف أي اسم يرغب في الترشح، وأول الأشياء التي يفكر فيها المرشح الجديد هو جمهور الرجاء وكيفية إقناعه وجعله خلف المكتب المسير، وهو أمر بات صعبا في الظرفية الحالية، ما يجعل رئاسة النادي الأخضر أمرا مستحيلا لمجموعة من الأشخاص الرجاويين الناجحين في ميدان التسيير والمال، لكن الغضب الجماهيري يجعلهم يتراجعون للخلف متابعين الوضع كمناصرين أو منخرطين فقط، دون الدخول في متاهات فريق جمهوره لم يعد يرحم، خاصة مع أول إخفاق.
وأضاف الجعفري، في حديثه مع «الأخبار»، أن السب والشتم الذي بات يلقاه رئيس الرجاء ومسيرو الفريق، بالإضافة إلى ظاهرة الشغب التي استفحلت في الملاعب التي تحتضن مباريات «النسور»، يدفعان أي اسم يرغب في الترشيح للرئاسة للتراجع إلى الخلف بعد التفكير في الأمر جديا، خاصة أن الظرفية الحالية بات فيها تدبير ناد من حجم الرجاء صعبا في ظل الاجتياح الجماهيري للملاعب وفي مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت قنبلة موقوتة في وجه أي مسير يرغب في تدبير فريق الشعب.
وختم الجعفري حديثه بأنه رغم حملات التوعية التي يقدم على تنظيمها مجموعة من الجمعيات والفصائل الرجاوية، إلا أن الجمهور توقف غضبته النتائج وهو ما لم ينجح فيه أنيس محفوظ، الذي فضل الانسحاب مصلحة للرجاء، وهو اختيار أشاد به الجعفري ومجموعة من محبي الرجاء، لكون الرئيس غادر الكرسي حينما شعر بأنه لم يعد قادرا على تقديم الإضافة للفريق الأخضر.
محفوظ.. خارج التغطية
حاولت «الأخبار»، في أكثر من مناسبة، ربط اتصالها بأنيس محفوظ، رئيس الرجاء الرياضي، طيلة اليومين الماضيين، لكن الرئيس فضل عدم الرد، إذ ظل هاتفه يرن دون مجيب، رافضا الخروج إعلاميا في التوقيت الحالي حسب ما أسر به مساعده في المكتب المسير، الذي رفض هو الآخر البوح باسمه، مطالبا بإبعاده عن التصريحات في ظل الظرفية الصعبة التي يعيشها الفريق الأخضر، مؤكدا أن تدبير مؤسسة الرجاء كان يبدو سهلا لمجموعة منهم لكن عند دخول معركة التسيير ظهر لهم أن تدبير فريق الشعب يعتبر مسؤولية كبيرة صعبة مع جمهور رجاوي لا يرحم.
وأكد العضو نفسه أن الحظ في كرة القدم يلعب دوره كثيرا لكون نتائج مباريات الفريق الأول هي ما يحدد عمل المكتب المسير في جميع مجالات النادي، إذ، ورغم مجموعة من الأمور الإيجابية التي أقدم عليها مكتب أنيس محفوظ، لكن سوء النتائج في بعض المباريات أغضب الأنصار وجعل عمل المكتب يهدم فوق رؤوسهم، خاصة بعد الإقصاء من عصبة الأبطال والسير نحو ضياع لقب البطولة بعد هزيمة سريع واد زم، إذ قرر بعدها مجموعة من زملائه الانسحاب من التسيير ليس خوفا من الجماهير لكن احتراما لها لكونهم هم أيضا رجاويون قبل أن يكونوا أعضاء في المكتب المسير.
حسبان وبودريقة يعودان للواجهة
فشل الرجاويون لحدود الآن في إيجاد بروفايل رئيس جديد يقود الفريق في المرحلة المقبلة خلفا لأنيس محفوظ ومكتبه، إذ اقتنع المنخرطون والمناصرون بأن الفريق يلزمه رئيس سبق له أن دبر المرحلة لكن هاته المرة بسيولة مالية مهمة تعيد الرجاء لمكانته الإفريقية، وهو الأمر الذي جعل اسمي سعيد حسبان ومحمد بودريقة يصعدان أمام الرأي العام كمرشحين لخلافة أنيس محفوظ.
وحسب ما أكدته مصادر الجريدة، فإن سعيد حسبان هو الأكثر رغبة للعودة لتسيير وتدبير شؤون الرجاء في المرحلة المقبلة بعد اتصالات تلقاها من مجموعة من أصدقائه الرجاويين، خاصة أن الأنصار علموا بدوره بعد استقالته في تدبير الرجاء في عز أزمته المالية، وهو الذي لم يحصل على فرصة التسيير والرجاء تحت نشوة مالية، وهو ما جعل العديدين يطرحون اسمه بقوة للعودة، بل أكثر من ذلك تمت مجالسته حول الموضوع لجس نبضه من طرف مجموعة من أنصار ومنخرطي الرجاء.
في الجهة الأخرى مازال محمد بودريقة، رئيس الرجاء السابق، متريثا في تحديد مصيره رغم رفضه العودة لتسيير وتدبير الرجاء في الوقت الحالي، خاصة في ظل التزاماته السياسية التي دخلها قبل سنوات، لكن مصدرا أكد أن شغف بودريقة بالرجاء قد يجعله في أي وقت يدخل صراع الرئاسة لإعادة تجربته بعد الأولى التي شهدت إنجازات إيجابية وسلبية، أهمها تأهل الفريق لنهائي كأس العالم للأندية وكذلك إغراق الفريق بمجموعة من الديون التي جعلت الرجاء يعيش مشاكل مالية سنوات في ما بعد.