شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

هل انتهى زمن عفا الله عما سلف؟محاكمة رؤساء جماعات وبرلمانيين والداخلية تحيل ملفات سوداء على القضاء

شرعت غرف جرائم الأموال بمختلف محاكم الاستئناف في فتح ملفات الفساد بالعديد من المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، فيما صدرت أحكام بالسجن في حق رؤساء جماعات سابقين، ضمنهم برلمانيون. في حين أحالت وزارة الداخلية العشرات من التقارير السوداء والتي أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية على القضاء، في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وكشفت هذه التقارير مجموعة من الاختلالات، التي تطبع تسيير وطرق صرف المال العام بالجماعات الترابية. ومن شأن إحالة هذه الملفات على القضاء أن تساهم في تخليق الحياة العامة، وترسيخ الشفافية في مراقبة وتدبير المال العام. فهل انتهى زمن عفا الله عما سلف، وحان وقت تقديم الحساب؟

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

الداخلية تحيل ملفات سوداء على القضاء

تقوم المفتشية العامة لوزارة الداخلية بإنجاز عدد من مهام التفتيش تتمحور حول مراقبة التسيير الإداري والمالي والتقني لبعض الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها، والبحث والتحري في تصرفات منسوبة لبعض رجال السلطة، ومراقبة ميدان التعمير، ومهام البحث في شأن شكايات أو مواضيع مختلفة، والمهام المتعلقة بعمليات تسليم السلط.

وبعد الانتهاء من جميع الأبحاث والتحريات بالجماعات الترابية المعنية، تقوم اللجن التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بإعداد تقارير التفتيش والمراقبة وفق المعايير المعمول بها في هذا الميدان، حيث يراعى الاحترام التام لحق الدفاع باعتباره من الحقوق الكونية، إذ تتم، في إطار ما يصطلح عليه بالمسطرة التواجهية، إحالة النتائج المتوصل إليها، عقب الانتهاء من إعداد التقارير، على المنتخبين الجماعيين المعنيين حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وتقديم تعليلاتهم بخصوص مختلف التجاوزات والمخالفات المنسوبة إليهم. وتنجز هذه اللجن مهام تفتيش وتحر تتعلق مواضيعها بالتسيير المالي والإداري للجماعات الترابية ومراقبة التعمير وتسليم السلط والبحث في التصرفات المنسوبة لبعض رجال السلطة وأعوانهم وبعض الموظفين، والتحقيق في الشكايات المرفوعة ضد المنتخبين أو بميادين أخرى.

وسبق لوزير الداخلة التأكيد، في الجلسة الافتتاحية للقاء الوطني حول دعم الافتحاص الداخلي بالجماعات، الذي نظمته المديرية العامة للجماعات المحلية، على أهمية الافتحاص الداخلي للجماعات، واعتبر أن ورش تكريس الافتحاص الداخلي بالجماعات يأتي في إطار تنزيل مقتضيات الدستور، كما يعد عنصرا مهما من عناصر تفعيل الحكامة الجيدة التي أفرد لها الدستور بابا خاصا، نص فيه على إخضاع المرافق العمومية للمراقبة والتقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وأضاف الوزير أنه، في إطار تعزيز المسار الديمقراطي للمغرب وجعل الجهوية رافعة محورية للتنمية الترابية، تم توسيع اختصاصات الجماعات الترابية وتخفيض مستويات الوصاية والرقابة القبلية عليها، لذلك أصبح من اللازم اعتماد آليات الرقابة الداخلية كالافتحاص الداخلي الذي يعد أداة لمساعدة القائمين على التدبير المحلي على تقييم مدى استجابة البرامج للخدمات المقدمة للمواطنين، كما أكد على أن وزارة الداخلية، بكل مكوناتها، ستظل حريصة على مواكبة هذا الورش خاصة عبر التكوين ودعم القدرات.

وفي مداخلته، أشار الوالي المفتش العام للإدارة الترابية إلى أن الافتحاص الداخلي آلية مهمة لتحصين عمل الجماعات الترابية من الانزلاقات. كما أكد على أن مهام المواكبة التي تقوم بها المفتشية العامة للإدارة الترابية أفضت إلى كون الاختلالات التي تعرفها الجماعات الترابية ليست نتيجة سوء نية، ولكنها تهم بالأساس منظومة التدبير لعدم الاضطلاع الكامل للجماعات الترابية بالمجالات القانونية التي تؤطر عملها. وفي إطار مصاحبة الجماعات الترابية للقيام بمهامها، فإن المفتشية العامة للإدارة الترابية، يضيف الوالي، بصدد إحداث وحدات خاصة للمواكبة كما أعدت برنامجا من أجل تكريس المراقبة الداخلية بالجماعات الترابية يتضمن إجراء تشخيص تشاوري ودقيق يمكن من تحديد النقائص، وتحديد شروط ومفاتيح نجاح التجربة، ومواكبة وحدات الافتحاص الداخلي على المستوى التقني وفي مجال التكوين، بتعاون مع مديرية تكوين الأطر الإدارية والتقنية.

ومن بين الملاحظات المسجلة من طرف المفتشية العامة، رصد مجموعة من الاختلالات تتعلق بسوء تدبير قطاع المداخيل بالجماعات الترابية، وضعف تدابير المراقبة الداخلية، ما قد يؤثر سلبا على ممارسة شساعة المداخيل للاختصاصات الموكلة إليها، والإعفاءات غير المبررة للملزمين الخاضعين لبعض الرسوم المحلية واستخلاص الجماعات دون سند قانوني لبعض المداخيل، وعدم القيام بالإجراءات اللازمة لتحصيل بعض مداخيل الجماعات، كما هو الحال بالنسبة لواجبات الأكرية والرسم على استخراج مواد المقالع والرسم على عمليات تجزئة الأراضي والرسم المفروض على محال بيع المشروبات والرسم على محطات الوقوف والنقل العمومي والرسم المفروض على شغل الملك العمومي لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية ومداخيل النقل بواسطة سيارة الإسعاف ومنتوج استغلال المياه، إضافة إلى تراكم مبالغ «الباقي استخلاصه».

وأبانت تحريات لجن التفتيش عن وجود مجموعة من الاختلالات على مستوى استخلاص الرسوم والواجبات وأجور الخدمات المستحقة لفائدة ميزانية الجماعات القروية والحضرية، من بينها التقاعس عن إصدار أوامر استخلاص العديد من الرسوم المستحقة لفائدة الجماعة، وذلك خلافا لمقتضيات القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، والمادة 27 من المرسوم رقم 2.09.441 الصادر في 3 يناير 2010 بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها، ومن شأن هذا التقاعس أن يؤدي إلى سقوط جزء مهم من هذه الرسوم في التقادم، وعدم تفعيل مسطرة فرض الرسم بصفة تلقائية عند عدم إدلاء الملزمين بإقراراتهم السنوية المتعلقة ببعض الرسوم المحلية أو عند عدم أدائهم لهذه الرسوم، وعدم قيام الجماعة، بمعية المصالح الضريبية المعنية، بإحصاء الوعاء الضريبي الخاص بالرسم المهني ورسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية كما تنص على ذلك مقتضيات القانون رقم 06-47 المتعلق بالجبايات المحلية.

وعلى مستوى تدبير المصاريف، أظهرت مهام مراقبة التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات على مستوى تنفيذ النفقات العمومية، كما أبانت كذلك عن العديد من النواقص طبعت إنجاز المشاريع الجماعية وتسببت في تعثر البعض منها. وتتلخص أهم الملاحظات في إنجاز الجماعات لمشاريع دون الاعتماد على دراسات تقنية مسبقة، وعدم مسك سجلات المحاسبة المتعلق بالجماعات المحلية ومجموعاتها، ولا سيما دفتر تسجيل حقوق الدائنين والدفتر اليومي لأوامر الأداء الصادرة، وعدم احترام الضوابط القانونية بتنفيذ الصفقات العمومية وخرق المساطر المعمول بها وعدم اعتماد المحاسبة المادية بالنسبة لمقتضيات الجماعة، ما يشكل خرقا لمقتضيات المواد من 111 إلى 113 من المرسوم المتعلق بنظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها، فضلا عن إهمال مجموعة من الممتلكات المعطلة من أجهزة ومعدات وآليات بالمخزن الجماعي، رغم إمكانية إصلاحها. كما رصد التقرير اختلالات تتعلق بسوء تدبير حظيرة السيارات.

ومن أبرز الملاحظات التي سجلتها المفتشية في شأن أعمال رؤساء المجالس ومقررات الجماعات الترابية، تدخل نواب الرئيس في شؤون الجماعة وممارسة مهام تدبيرية بدون التوفر على تفويضات بذلك، وعدم اعتماد نظام المحاسبة المادية في تتبع جميع التوريدات والمقتنيات، بالإضافة إلى توقيع نواب الرئيس على وثائق إدارية دون التوفر على تفويضات في مواضيعها. وعلى مستوى تدبير المداخيل والنفقات، سجلت تقارير المفتشية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحصاء الملزمين الخاضعين لمختلف الرسوم الجماعية، والتقصير في تطبيق المقتضيات القانونية في حق الممتنعين عن أداء الرسوم٠

وأظهرت مهام التفتيش التي شملت جوانب مختلفة من التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات، خاصة على مستوى تنفيذ الطلبيات العمومية، كما أبانت كذلك عن العديد من النواقص طبعت إنجاز بعض المشاريع وتسببت في تعثر البعض منها، ويتعلق الأمر بعدم احترام مقتضيات دفتر التحملات بخصوص إنجاز أشغال الصفقات، وأداء مبلغ عن خدمات لم تنجز، وأداء مبالغ متعلقة بسندات طلب دون الإنجاز الكامل للأشغال، واللجوء المتكرر إلى عدد محدود من الموردين، اللجوء إلى تسوية وضعية نفقات باللجوء بسندات الطلب، بالإضافة إلى تسليم أشغال صفقة بالرغم من عدم احترام المواصفات التقنية المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة٠

وأكدت مفتشية الداخلية أن تسيير قطاع التعمير يعرف مجموعة من الاختلالات، تتعلق خصوصا بعدم احترام الضوابط القانونية، ومنها تسليم رخص بناء فوق بقع ناتجة عن تقسيم وتجزيء غير قانونيين، وتسليم رخص ربط بشبكة الكهرباء في غياب رخص السكن أو التصريح بانتهاء الأشغال وإغلاق الورش، بالاضافة إلى منح شواهد إدارية غير قانونية من أجل بيع قطع أرضية أو تحفيظها، ناتجة عن تجزيء غير قانوني، وقيام بعض نواب الرئيس بمنح رخصة بناء رغم عدم توفرهم على تفويض في ميدان التعمير. كما لاحظت تقارير المفتشية تسليم رخص انفرادية دون الأخذ بالرأي الملزم للوكالة الحضرية لبنايات موجودة في مناطق محرمة البناء وبنايات غير قانونية لا تحترم تصميم التهيئة وتصاميم إعادة الهيكلة وبنايات لا تحترم كناش تحملات التجزئات المعنية بها٠

كما رصدت المفتشية العامة قيام بعض رؤساء الجماعات بالإشهاد على تصحيح عقود عرفية تهم عقارات ناتجة عن تقسيم غير قانوني، ومنح رخص السكن لبنايات رغم مخالفتها لتصميم التهيئة أو التصاميم الهيكلية أو التصاميم المرخصة، وإدخال تغييرات بطريقة غير قانونية على مشروع مرخص مع الترامي على الملك العام، وتسليم رخص إصلاح لأشغال تستدعي الحصول على رخص بناء.

هيئة الوقاية من الرشوة: الحكومة السابقة تساهلت مع الفساد

 

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن المغرب سجل خلال سنة 2020، تراجعا بنقطة واحدة فقط على مستوى مؤشر إدراك الفساد، مقارنة مع 2019، منبها إلى «افتقار التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الجائحة إلى متطلبات ضمن الشفافية والرقابة، لاسيما في ما يتعلق بالمشتريات العامة ومنح الدعم والتعويضات، بالإضافـة إلى الإعفاءات الخاصة التي لم تخضع الحكومة السابقة للمساءلة عنها».

كما رصدت الهيئـة وفق تقريرها السنوي لـ 2020، تطور الفساد مـن خلال مـؤشر الثقة الذي يصدره سنويا؛ المعهد المغربي لتحليل السياسـات؛ إذ تبـين لهـيئة الوقاية من الرشوة، أن قطاع الصحة يحتل مستويات عليا في تصور المستجوبين بخصوص انتشار الفساد متبوعا بقطاع التعليم.

وبخصوص المتابعات القضائية، اعتمدت الهيئة في تقريرها السنوي، على تقرير رئيس النيابة العامة، الذي سجل تلقي الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة منذ انطلاقه في 14 ماي 2018 إلى حدود 13 دجنبر 2019، حوالي 36138 مكالمة، والذي أفضى إلى 117 عملية ضبط للمشتبه فيهم في حالة تلبس، همت مناطق مختلفة من المغرب، وتتعلق برشاوي تتراوح ما بين مبالغ بسيطة لا تتعدى 50 درهما ومبالغ مهمة بلغت في إحدى الحالات 300 ألف درهم، كما سجل التقرير ذاته، أن القطاعات التـي يتعامل معها المواطن بشكل يومي هي المعنية أكثر بالحالات التي تم ضبطها. وأضاف التقرير بخصـوص جرائم الفساد المعروضة أمام أقسام الجرائم المالية، أن  تقرير رئيـس النيابة العامة، أكد بخصوصها أن «الحاجة مـا زالت ماسة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل تحقيـق الغاية المرجوة مـن إحداث هاته الأقسام، خاصة بعدما لوحظ أن عـدد المخالفات مـن القضايا المعروضة أمامها ما يـزال كبـيرا، كما  أن بعض القضايا ما زالت لدى الشرطة القضائية رغم مرور وقت طويل على فتح الأبحاث بشأنها».

وفي ما يتعلق بالإحالات التي تتلقاها رئاسة النيابة العامة من طرف المجلس الأعلى للحسابات، أكد تقرير رئاسة النيابة العامة، حسب الهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة، أن عدد الإحالات بين الفترة الممتدة ما بين سنة 2017 و 2019، بلغ 16 ملفا، منها 4 ملفات صدر فيها قرار قضائي نهائي، و3 ملفات مـا زالت رائجة أمـام المحكمة، وملفان معروضان على أنظار قاضي التحقيق، و07 ملفـات لاتـزال في طـور البحـث».

ونبه التقرير إلى أن هذا النوع من القضايا، يستغرق وقتا طويلا في البحث والتحقيق والمحاكمة، بالنظر لما تتميز به هـذه القضايا من تعقيـد وما تتطلبه من دراسة للصفقات العمومـة والعقود وكم هائل من الوثائق المحاسبية والخبرات والمعاينـات وغيرها من الإجـراءات التـي يكون الهدف منها جمع أدلة الإثبات في احترام تام لقرينة البراءة.

وتعتبر الهيئة من المؤسسات المنوطة بمواجهة قضايا الفساد المالي، حيث منحها القانون إمكانية التماس تسخير القوة العمومية لمؤازرة مأموريها في القيام بمهامهم خلال أعمال البحث والتحري في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصاتها، كما مكن  قانون الهيئة، تلك المؤسسة من توسيع نطاق تعريف الفساد ليشمل جريمة تبديد الأموال العمومية ولما قد يجرمه المشرع مستقبلا من أفعال، إلى جانب المخالفات الإدارية والمالية التي تشكل سلوكيات تتسم بالانحراف وعدم حماية الصالح العام، وتناقض القواعد المهنية، ومبادئ الحوكمة وقيم الشفافية والنزاهة.

كذلك نص القانون الخاص بالهيئة على أنه يمكن لشخص ذاتي أو اعتباري ولأي رئيس من رؤساء الإدارات ولأي موظف، توافرت لديه معطيات أو معلومات موثوقة أو قرائن أو حجج تثبت وقوع حالة من حالات الفساد، تبليغها إلى علم رئيس الهيئة، أيضا يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتباري تضرر أو من المحتمل أن يتضرر من حالات الفساد، أن يبعث بشكواه شخصيا أو عن طريق نائبه إلى رئيس الهيئة.

الحكم على البرلماني السابق حوليش بـ4 سنوات حبسا

 

أصدرت غرفة جرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس، حكما بالحبس أربع سنوات نافذة في حق النائب البرلماني السابق، والرئيس السابق لمجلس جماعة الناظور عن حزب الأصالة والمعاصرة، كما أدانت المحكمة نائبه الثالث، علال فارس، عن حزب العدالة والتنمية، ونائبه الرابع، الحسين أوحلي، من «البام» كذلك، بسنة ونصف حبسا نافذا لكل واحد منهما.

ويوجد حوليش رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن بوركايز بضواحي فاس، فيما تم الإفراج عن نائبيه ومتابعتهما في حالة سراح. وأصدرت المحكمة حكما بالبراءة في حق موظف جماعي كان يتابع بدوره في حالة سراح. ويتابع حوليش ومن معه بتهم تتعلق بتبديد أموال عمومية، وذلك بناء على تقرير أنجزته المفتشية العامة لوزارة الداخلية، رصد مجموعة من المخالفات الجسيمة والخطيرة.

وقامت لجنة تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية بمهمة تدقيق العمليات المالية والمحاسباتية، وكذا قطاع التعمير بجماعة الناظور، خلال الفترة الممتدة من 26 نونبر 2018 إلى غاية فاتح فبراير 2019، وأعدت بناء على ذلك تقريرا رصد مجموعة من المخالفات الجسيمة والخطيرة ارتكبها رئيس الجماعة ونائبيه، وهو التقرير الذي تمت إحالته على عامل إقليم الناظور قصد ترتيب الآثار القانونية. وعلى إثر ذلك رفع عامل الإقليم دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية، التي أصدرت حكما يقضي بعزل البرلماني حوليش من رئاسة ومجلس جماعة الناظور، كما قضت بعزل نائبيه من المجلس.

ومن بين الاختلالات التي رصدها تقرير المفتشية، منح رخص تغيير مضمون رخص البناء دون عرضها على أنظار اللجنة المختصة، ويتعلق الأمر بتغييرات لم تنجز بشأنها أية محاضر للمخالفات من طرف سلطات مراقبة البناء وزجر المخالفات، كما استعملت هذه الرخص من أجل استكمال إجراءات التحفيظ، وسجلت المفتشية خروقات بخصوص منح رخص البناء دون موافقة الوكالة الحضرية، وكذلك منح رخص لتشييد بنايات فوق بقع أرضية ناتجة عن تقسيم أو تجزيء غير قانوني، وهو ما اعتبره المفتشية تشجيعا على هذا النوع. وفضلا عن ذلك، وبالرغم من عدم قانونية الرخص التي قام بتسليمها، فقد سجلت المفتشية تغاضي الرئيس عن قيام نائبيه الثالث والرابع بمنح أصحابها رخص السكن، وكذا الشهادات الإدارية لغرض التحفيظ العقاري، قصد تمكين أصحابها من استغلال البنايات، وكذا تسوية وضعيتها العقارية، دون احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وسجل التقرير وجود اختلالات في تدبير بالصفقات العمومية ، وعدم التقيد بالمقتضيات المتعلقة بها، على غرار ما وقع بخصوص تفويت الصفقة رقم 07/2017 المتعلقة بصيانة الطرق، ولا سيما مسك سجل خاص بأسماء المتنافسين سواء الذين يقومون بسحب ملفات طلبات العروض أو الذين يقومون بتحميلها من البوابة الإلكترونية. وأكد التقرير أن هذا الإجراء يبقى من أهم الضمانات التي كفلها مرسوم 20 مارس 2013 للمتنافسين في إطار توسيع وتكريس مبادئ المساواة في الولوج للطلبيات العمومية وهو إجراء ملزم يرتبط كذلك بضمان حقوق المتنافسين سواء بالنسبة لإشهار الدعوة للمنافسة أو بالنسبة لإخبارهم بأي تعديل أو تغيير يطال شروط التنافس. كما رصد التقرير خروقات شابت عملية فتح الأظرفة، ما يثير جملة من الشكوك حول احترام المسطرة في جلسة عمومية وما ينتج عنها من إسناد الصفقة في ما بعد للمتنافس الذي يكون قد وقع عليه الاختيار.

وتضمن التقرير ملاحظات حول عدم استخلاص مداخيل مهمة للجماعة، مسجلا عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بعملية إحصاء الملزمين بمختلف الرسوم المحلية بتراب الجماعة، كما تبين للجنة التفتيش عدم اتخاذ التدابير اللازمة في حق المتقاعسين عن أداء الرسوم المفروضة على الأراضي الحضرية غير المبنية، وعدم إصدار أوامر بالاستخلاص وإرسالها إلى القابض للتكفل بتحصيلها. وقد بلغت المتأخرات المتعلقة بأصل الرسم غير المؤدى والمستحق على الأراضي الحضرية غير المبنية أزيد من 921 مليون سنتيم إلى غاية نهاية سنة 2017، وباحتساب الجزاءات المتعلقة بعدم وضع الإقرارات السنوية والزيادات المتعلقة بالتأخير، فإن مجموع المبالغ المستحقة لفائدة الجماعة تفوق مليار و793 مليون سنتيم. وسجل التقرير كذلك عدم اتخاذ التدابير اللازمة لاستخلاص الرسم المفروض على النقل العمومي للمسافرين والرسم على وقوف العربات المعدة للتنقل العام للمسافرين، حيث تبين أن 386 ملزما من بين 961 يتخلفون عن أداء واجبات الرسوم، وقد بلغ مجموع الباقي استخلاصه لدى الجماعة إلى غاية نهاية سنة 2017 ما مجموعه 126 مليون سنتيم، إضافة إلى جزاءات التأخر المقدرة بحوالي 48 مليون سنتيم، كما رصد التقرير عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستخلاص الرسم المفروض على شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية.

الحبس النافذ للرئيس السابق لغرفة التجارة والصناعة بالقنيطرة

 

أصدرت محكمة الاستئناف بالقنيطرة، حكما يقضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق الحسين تالموست، الرئيس السابق لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الغرب، بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية نافذة قدرها 5 آلاف درهم، بعد مؤاخذته من أجل جنحة خيانة الأمانة، وبذلك أصبح مهددا بفقدان أهليته الانتخابية.

وكانت النيابة العامة قد قررت متابعة تالموست، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة، بتهمة تبديد محجوز، بناء على محاضر أنجزتها فرقة الشرطة القضائية بمنطقة أمن المهدية. وأوضح المشتكي أنه يعد مسيرا لشركة متخصصة في الصناعات الحديدية، وأن شركته وقعت في نزاع مع المتهم، بصفته شخصا طبيعيا استصدر بموجبه قرارا عن محكمة الاستئناف، قضى بإفراغ الشركة التي يسيرها من المحل الكائن بالحي الصناعي، وعلى إثره تم تعيين المتهم حارسا قضائيا على جميع المنقولات الموجودة به والتي تم إحصاؤها، إلا أنه بالتاريخ المقرر للبيع بالمزاد العلني للمنقولات المحجوزة تنفيذيا، تبين أن إحدى الآلات المحجوزة ناقصة من المجموعة المحصاة، وعلى إثره استصدر إذنا من رئيس المحكمة الابتدائية باسترجاع المنقولات بأمر كتابي، غير أن المتهم وبصفته حارسا قضائيا قام بتحقيره ورفض الامتثال لذلك. كما أصدر رئيس المحكمة أمرا كتابيا بتفقد المنقولات، فإذا بالمفوض القضائي بمقتضی محضر أكد أن مجموعة من المنقولات غير موجودة، ودفع بالمتهم إلى إغلاق المحل، دون إتمام عملية التفقد بشكل متعمد، كما أنه تعمد نقل المنقولات إلى مكان آخر تنعدم فيه شروط المحافظة على حالة المنقولات الميكانيكية، كونها معرضة لتأثيرات أحوال الطقس وما يلحقها من تلاش. وعلى إثره حصل على إذن آخر من المحكمة باسترجاع منقولاته، لكن المتهم وبصفته تلك رفض فتح المستودع وحال دون ذلك، وفق المدون بمحضر الامتناع.

ورغم إنكار المتهم، أكدت المحكمة في منطوق حكمها أن وثائق الملف، خاصة محضر الإفراغ وإحصاء المنقولات، تؤكد مسؤوليته عن تبديد محجوز، باعتباره حارسا قضائيا على جميع المنقولات المحصاة، حيث تم إشعاره بذلك، وتسلم كذلك المحل المفرغ من المنفذ عليه، وقام بتغيير أقفاله بوضع أقفال جديدة، ووقع على ذلك بالملف التنفيذي. واعتبرت المحكمة إنكار المتهم واقعة تبديده للمنقولات محل تعيينه حارسا قضائيا عليها، يفنده محضر المزايدة المؤرخ في 11 غشت 2017، وكذا محضر التفقد، كما يفنده بالأساس محضر المعاينة المنجز من طرف الضابطة القضائية بحضوره بعد انتقالها، سواء إلى المحل موضوع التنفيذ الكائن بالرقم 25 المنطقة الصناعية البلدية، أو المحل الكائن بشارع مولاي عبد الرحمان الرقم 65 وسط المدينة، الذي أذن له من طرف قاضي التنفيذ بنقل المنقولات المحصاة إليه، والذي تبين بموجبها وجود نقص في العديد من المنقولات مما هو مدون بمحضر الإحصاء، وما هو موجود واقعا بالمحلين المذكورين، وذلك بوجود منقولين فقط بالمحل الأول، وبوجود ثلاثة عشر منقولا بالمحل الثاني.

وخلصت المحكمة إلى أن ما تمسك به المتهم بوجود المنقولات الناقصة، بأن بعضها تعرض للسرقة في مناسبات مختلفة، والبعض الآخر عمل المشتكي على إخراجه بنفسه من المستودع، غير مبرر وغير معزز بدليل قاطع وسائغ يفيد ذلك، ما عدا الواقعة موضوع المحضر المنجز من طرف المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن القنيطرة، الذي قدم بموجبه شخص، لضبطه داخل المحل الأول وهو متحوز بكيس بلاستيكي به بعض المتلاشيات فقط، والذي لا يعتبر لوحده قرينة لتبرير تبديد واختلاس العديد من المنقولات، محل محضر الإحصاء.

محاكمة الرئيس السابق لجماعة إنزكان بتهمة تبديد أموال عمومية

 

 

قررت غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في الجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بمدينة مراكش، تأجيل محاكمة عبد القادر أحمين، القيادي البارز بحزب التقدم والاشتراكية، والذي سبق أن شغل منصب الرئيس السابق للجماعة ذاتها، إلى غاية 27 يناير المقبل لاكتمال الهيئة الرسمية ومن أجل إحضار الشهود، حيث يتابع القيادي المذكور بتهمة «اختلاس أموال عمومية».

وجاءت متابعة عبد القادر أحمين، بعد مؤاخذته ابتدائيا، من أجل اختلاس مبلغ 254 مليون سنتيم مخصصة لشراء الكازوال، من مالية الجماعة الحضرية لإنزكان، حيث حكمت عليه بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم، فيما تم الحكم على باقي المتهمين الأربعة بسنة حبسا نافذا وسنة حبسا موقوف التنفيذ، ضمنهم صاحب محطة لتوزيع الوقود، وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم في حق كل واحد منهم، بالإضافة إلى أدائهم تعويضا مدنيا إجماليا بالتضامن قدره مليون درهم لفائدة المجلس الجماعي لإنزكان.

 

وكان الرئيس السابق للبلدية المذكورة والقيادي البارز بحزب التقدم والاشتراكية، متابعا بتهمة اختلاس المبلغ المذكور، والذي كان عبارة عن 1750 برميلا من المحروقات، موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته طبقا للفصل 241 من القانون الجنائي، والمشاركة في الاختلاس بالنسبة لمن معه طبقا للفصلين 129 و 241 من القانون الجنائي، حيث تعود تفاصيل هذا الملف إلى فترة استلام الرئيس، محمد أومولود مهام تسيير المجلس الجماعي لإنزكان، بعد أن تبين له وجود تلاعبات في مالية البلدية، ليتقدم بشكاية في الموضوع إلى النيابة العامة، طالب من خلالها بفتح تحقيق للكشف عن مصير مجموعة من المبالغ المالية المخصصة لشراء الكَازوال.

 

وكان المجلس الأعلى للحسابات قد أشار ضمن تقاريره المنشورة في الجريدة الرسمية عدد 5588، أن هناك مجموعة من المبالغ المالية الكبيرة قد تم اختلاسها، ما أسفر عن قيام لجنة بافتحاص دقيق لمجموعة من الملفات والبحث فيها، حتى تبين بما لا يدع مجالا للشك وجود عدد كبير من الخروقات والتجاوزات المالية والإدارية، من بينها اختفاء مبلغ 254 مليون سنتيم من مالية الجماعة المذكورة، حيث تم تدوين المبلغ في التقرير المالي السنوي على أنه صرف في اقتناء كمية من الوقود، إلا أن البحث الذي أجرته لجنة التفتيش، كشف عكس ذلك تماما، إذ نفت توصل الجماعة بكمية الوقود وقيمة المبلغ المشار إليه.

 

ومباشرة بعد تقارير مجلس الحسابات، وتحرك الرئيس السابق لجماعة إنزكان، قررت محكمة جرائم الأموال بمدينة مراكش، متابعة القيادي البارز بحزب «الكتاب» عبد القادر أحمين، بصفته المسؤول الأول، بتهمة اختلاس أموال عمومية موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، ومتابعة جميع الأطراف الأخرى بالمشاركة في عملية الاختلاس.

قاضي جرائم الأموال يتابع الفراع بتهمة تبديد أموال عمومية

 

تزامنا مع محاكمته أمام محكمة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط في قضية تبديد 117 مليار سنتيم من أموال التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، قرر قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، متابعة محمد الفراع، الرئيس السابق لبلدية الصويرة، من أجل جناية تبديد أموال عمومية.

وأوضح محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يوسف الزيتوني، قرر، بناء على ما استجمعه التحقيق من عناصر واستنتاجات، متابعة محماد الفراع، الرئيس السابق لبلدية الصويرة ما بين 2009 و2015، من أجل جناية تبديد أموال عمومية موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته طبقا للفصل 241 من القانون الجنائي، وإحالته على غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم المال العام لدى المحكمة ذاتها لمحاكمته طبقا للقانون.

وحسب الغلوسي، فإنه بعد انتهاء البحث التمهيدي الذي باشرته الشرطة القضائية بمدينة الصويرة، ولكون الاختصاص يخص محكمة الاستئناف بمراكش لأن الأمر يتعلق بجرائم المال العام، فقد أحيلت المسطرة على هذه الأخيرة بعد استنفاد كافة الإجراءات المسطرية والقانونية.

وتم تحريك المتابعة في حق الفراع بناء على شكايات مجهولة وجهت إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي، والتي تتعلق بافتراض وجود شبهة اختلالات في تدبير بلدية الصويرة. ويتلخص موضوع تلك الشكايات في بناء سوق السمك، وتفويت بقعة أرضية في ملك البلدية لأحد الخواص، واستفادة أحد المطاعم المعروفة بالمدينة من كراء بمبلغ 300 درهم شهريا رغم أن رقم معاملاته يعد كبيرا، وكذلك الصفقة المتعلقة بالدراسة التقنية وتتبع الأشغال، والخاصة ببناء الطرق بحي الغزوة وغيرها وهي الدراسة التي خصص لها مبلغ 3.836.400,00 درهم.

ومازال الفراع متابعا أمام محكمة جرائم الأموال بالرباط، وسبق أن مثل أمام المحكمة، تزامنا مع يوم الاقتراع، حيث ترشح الفراع في الانتخابات الجماعية باسم حزب الحركة الشعبية وفاز بمقعد، وقررت المحكمة تأجيل مناقشة الملف إلى وقت لاحق، بسبب التنافي، وذلك إثر حضور قاض ضمن الهيئة القضائية سبق أن كان مستشارا في هيئة الحكم التي أدانته بالسجن سابقا.

ويتابع الفراع بتهمة تبديد 117 مليار سنتيم من أموال التعاضدية العامة لموظفي الإدارات، ومن المتوقع أن تطوي المحكمة هذا الملف الذي ظل يروج داخل المحاكم منذ أزيد من عشر سنوات، حيث تمت إعادة محاكمة الفراع من جديد أمام محكمة الاستئناف، بعد قرار محكمة النقض نقض الحكم الاستئنافي الصادر في حقه، إذ سبق للمحكمة أن أصدرت حكما في حقه بخمس سنوات سجنا نافذا، واسترجاع مبلغ مليار سنتيم بالتضامن بين المتهمين معه في الملف نفسه.

ثلاثة أسئلة

 

عبد الحفيظ أدمينو*

*أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي – الرباط

 

«تحريك ملفات الفساد مؤشر مهم على التوجه نحو تخليق الممارسة الانتدابية على المستوى الترابي»

 

هل يؤشر تحريك عدد من الملفات المتعلقة بفساد بعض المنتخبين، على القطع مع سياسة الإفلات من العقاب؟

أولا تجب الإشارة إلى أن هذا الربط التنظيمي، الذي تم بين الانتخابات التشريعية والانتخابات الترابية (على المستوى الجماعي والإقليمي والجهوي)، زيادة على توجه التحالف الأغلبي نحو الاشتغال بتنسيق على مستوى كافة الهيئات المنتخبة، يشكل مؤشرا مهما على التوجه نحو تخليق الممارسة الانتدابية على المستوى الترابي. وكما نعلم فالرقابة على الجماعات الترابية وعمل تلك الجماعات، الثابتة والمستقرة، هي تلك الرقابة التي تمارسها الإدارة المركزية على المستوى الترابي، بالإضافة إلى آليات أخرى تابعة لوزارة الداخلية، والمتمثلة أساسا في المفتشية العامة للإدارة الترابية، بالإضافة إلى دور المجالس الجهوية للحسابات، وهي التي تقوم بدور مهم على مستوى رقابة تدبير الجماعات الترابية، وإن كانت في نهاية المطاف رقابة لا تشمل كافة الجماعات الترابية، لأن المجالس الجهوية للحسابات غير قادرة على تغطية كل الجماعات الترابية، وأيضا الأمر نفسه بالنسبة إلى المفتشية العامة للإدارة الترابية، غير أنه يلزم البعد السياسي، والإرادة الحكومية، خاصة في حال ما إذا كانت هناك ملفات لمنتخبين. وأتصور أنها ستكون فرصة مهمة للحكومة من أجل إعطاء المثل على تخليق الممارسة الانتدابية، ما دام هناك هذا الربط وهذه القدرة، وهذه العلاقة بين تدبير الشأن العام المحلي والشأن العام الوطني.

 

ما هي الآثار الإيجابية لتحريك ملفات فساد المنتخبين أمام القضاء؟

هنا يمكن الحديث عن ثلاثة مستويات أساسية، أولها ما هو مرتبط بالمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، بمعنى أن تحريك المتابعات ما هو إلا تفعيل لذلك المبدأ الدستوري المهم، وهو أن هذا الانتداب الذي حصل عليه المنتخبون في المجالس المحلية، لابد أن يكون مرتبطا بمسؤولية، خاصة وكما نعلم أن الجماعات الترابية بأنواعها الثلاثة، مطالبة بإعداد برامج عمل تغطي الفترة الانتدابية برمتها، وهي عبارة عن التزامات، منها ما يرتبط بتنفيذ الوعود الانتخابية التي تم طرحها من قبل المكونات السياسية والمنتخبين على مستوى الجماعات الترابية، وهذا هو ما من شأنه أن يعطي مصداقية كبيرة للعمل السياسي، ويعزز أيضا تمثيلية المنتخبين.

أما المستوى الثاني، فيكمن في الدور البيداغوجي المهم، على اعتبار أن متابعة حالات، أو متابعة منتخبين، من شأنها أن تخلق نوعا من الإيمان بأهمية حسن التدبير وتحقيق الأهداف، لأنها عملية في نهاية المطاف تحمل الطابع السياسي التدبيري، ما دام يلزمنا استرجاع الثقة في العمل السياسي والعمل الحزبي، بما من شأنه تحقيق التكامل على مستوى الهيئات المنتخبة في المجال الترابي وعلى المستوى الوطني.

أما المستوى الثالث، فأشكال الرقابة هذه سيكون لها دور مهم في تطور عمل المجالس الترابية، خصوصا إذا علمنا أن الملاحظات التي يقدمها المجلس الأعلى للحسابات، أو المجالس الجهوية التابعة له، والتي ليس بالضرورة تضمنها لعقوبات تأديبية، تكون فرصة مهمة لتحسين التدبير العمومي على مستوى الجماعات الترابية، سيما في ظل افتقار هذه الجماعات للموارد البشرية الكفأة، والثقافة التدبيرية كالتي هي موجودة لدى الإدارة المركزية. فهي مناسبة وفرصة لتقويم عملية التدبير لتحصيل أفضل الممارسات على المستوى التدبيري، وإثارة الانتباه كذلك إلى الأخطاء التدبيرية التي بلا شك يكون لها تأثير على تنفيذ البرامج التنموية، وتمس في نهاية المطاف الناخبين الذين هم المنطلق والمنتهى بالنسبة لهذه الهيئات المنتخبة.

 

ما هو دور المواطنين وهيئات المجتمع المدني في الرقابة على عمل المجالس المنتخبة؟

بالنسبة لتحريك المتابعة في الملفات المتعلقة بالفساد في الجماعات الترابية، يجب الانطلاق أساسا من المنطلق الذي يحكم تحريك الدعوى العمومية، وهو المتعلق بشروط الأهلية والصفة والمصلحة، بمعنى أن أي جهة تريد تحريك الدعوى فيجب لزوما أن تتوفر فيها هذه الشروط، وهو الأمر الذي يفسر أن الجهات التي من شأنها تحريك الدعوى في هذه الملفات قليلة جدا. وتجب أيضا الإشارة إلى أنه على مستوى الرقابة التي يمارسها المجلس الأعلى للحسابات، في حال إذا ما ثبتت أن المخالفة تحمل الطبيعة الجنائية، فقد خول القانون للسلطة القضائية اختصاص تحريك المتابعة الجنائية في حق هؤلاء المنتخبين، وهذا مقتضى قانوني مهم. ويبقى من المهم أيضا مجهود المفتشية العامة لوزارة المالية، وأيضا الرقابة الشعبية، إذ إن نشر ملخصات التدبير مهم جدا ولها دور أساسي في هذا الجانب، لأن أي منتخب لن يقبل بأن تكون أخطاؤه معروضة أمام الرأي العام، وسيكون حينها في مواجهة عقاب معنوي أمام الهيئة الناخبة. والمشرع قد منح للمواطن عددا من الفرص الرقابية على المجالس المنتخبة، وهي الآليات المتعلقة بالديمقراطية التشاركية، زيادة على آليات التقييم التي منحها المشرع للمجتمع المدني، من خلال الاطلاع على طبيعة البرامج المعتمدة، والاطلاع على التقارير السنوية للتقييم التي من المفروض أن تنجزها المجالس المنتخبة، انطلاقا من القوانين التنظيمية الثلاثة، وإن كان هذا العرض الذي منحه القانون غير مفعل بالشكل الكافي، بما من شأنه أن يجعل المواطن معادلة مهمة في تدبير الشأن الترابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى