هكذا يدمن الأطفال المغاربة على الرسوم المتحركة الجنسية
كوثر كمار
يدمن العديد من الأطفال المغاربة على مشاهدة الرسوم المتحركة لساعات طويلة، خاصة على القنوات الفضائية أو «السمارت فون»، لكن الأمر يصبح خطيرا عندما يتعلق بأفلام «كرتون» شهيرة تتضمن إيحاءات جنسية شاذة ومشاهد عنيفة.
وتنعكس هذه الرسوم سلبا على الأطفال الذين يقومون بتطبيقها، مما يشكل خطرا على حياتهم.
«الأخبار» تسلط الضوء على الرسوم المتحركة الموجهة للأطفال والتي تتضمن مشاهد جنسية خطيرة.
يحاول معظم الأطفال تطبيق ما يشاهدونه ضمن الرسوم المتحركة دون وعي منهم بالمخاطر التي قد تهدد حياتهم، وهو ما حدث لطفل يبلغ من العمر تسع سنوات بمدينة تاوريرت، حيث عثر عليه الأسبوع المنصرم مشنوقا داخل غرفة نومه تزامنا مع يوم عيد ميلاده.
وأفادت مصادر «الأخبار» بأن الطفل كان متأثرا بما يشاهده في مسلسلات الرسوم المتحركة عبر التلفاز فحاول تقليد أحد أبطالها، وقام بلف حزام أبيه حول عنقه وربطه بشباك نافذة غرفة النوم.
وعلى إثر ذلك تم فتح تحقيق معمق من قبل الجهات الأمنية لكشف ظروف وملابسات الوفاة الغامضة للطفل.
عنف ومحاولة قتل
مشاهد العنف التي يشاهدها الأطفال تؤثر بشكل سلبي على شخصيتهم وتجعلهم أكثر عدوانية تجاه الآخرين.
ريان طفل في السادسة من عمره مدمن على مشاهدة أفلام «الكرتون» العنيفة، حيث كاد أن يتسبب في قتل أخته الصغيرة مباشرة بعد مشاهدته لحلقة من مسلسل «كرتوني» شهير.
وتحكي والدة ريان خلال حديثها مع «الأخبار»، أن ابنها قام بفتح قنينة الغاز ووضع خرطوما طويلا في فم أخته الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها الرابعة، ليتسرب الغاز إلى فمها، فلولا تدخلها في الوقت المناسب لوقع ما لا تحمد عقباه، وتضيف الأم أن ابنها كان يعتقد أنه بهذه الطريقة ستطير أخته في السماء تطبيقا لما يشاهده في الرسوم المتحركة.
منذ محاولة ريان قتل أخته من دون قصد لم تعد والدتهما تتركهما يشاهدان الرسوم بمفردهما خوفا من تأثيراتها السلبية التي تنعكس على شخصية الأطفال خاصة تطبيق المشاهد العنيفة.
وبسبب مخاطر الرسوم المتحركة أكدت العديد من الدراسات أن الأطفال يتعلمون العنف من خلال الرسوم المتحركة، إذ يتحول العنف من الخيال إلى الواقع، ويرى خبراء أن المرحلة الأولى، من عمر الطفل، حساسة جدا، ويكون فيها الطفل قابلا للتأثر بالعالم الخارجي، وما حوله من أفكار وقيم، خصوصا الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنة و3 سنوات، محذرين من خطورة تعزيز الجريمة لدى الطفل، من خلال تقليد الأدوار، التي يشاهدونها، مما قد يودي بحياتهم. وأثبتت الأبحاث والدراسات أن معدل جلوس الأطفال أمام التلفزيون هو حوالي 23 ساعة، أسبوعيا، بما يتخلل ذلك من مشاهد عنيفة وخيالية.
«سبونج بوب» والشذوذ الجنسي
بالإضافة إلى مشاهد العنف التي يقلدها الأطفال فهناك العديد من الرسوم الشهيرة التي تتضمن مشاهد جنسية تدعو إلى الشذوذ الجنسي، ومن بين أبرز الرسوم التي يشاهدها الأطفال خاصة «سبونج بوب»، والتي حققت أرقام مشاهدة قياسية في الوطن العربى وملأت ألعابها الأسواق المغربية، فبالرغم من تصريحات صاحب الشخصية ومؤلفها «Stephen Hillenburg» فإن «سبونج بوب» و»باتريك» ليسا شاذين، لكن حسب ما شاهدناه يتبين أن شخصيات السلسلة «الكرتونية» يمثلان ثنائيا يجمعه الحب والتفاهم في إطار علاقة حميمة تظهر فيها بوادر الشذوذ، ومن أكثر الحلقات «Rock-a-Bye Bivalve»، ويظهر فيها الاثنان وهما يتبنيان قوقع بحر، مثلما اعتاد الشواذ في محاولات الحصول على طفل، ثم يقومان بتربيته، ويقوم «سبونج بوب» بدور الأم، إضافة إلى مشاهد متعددة من حلقات أخرى ظهر فى إحداها باتريك وهو يضع في مؤخرته لافته مكتوب عليها «سبونج بوب».
ربيع أب لطفلين يحكي خلال حديثه مع الجريدة، أنه اضطر إلى منع أطفاله من مشاهدة سلسلة «سبونج بوب» على إحدى القنوات، خاصة بعدما شاهد بعض الحلقات التي تظهر فيها شخصية «كرتونية» تقوم بتقبيل «سبونج بوب» والقيام بإيحاءات جنسية، ويضيف أن الأمر أصبح مخيفا للغاية خاصة مع التطور التكنولوجي وظهور العديد من المواقع عبر الشبكة العنكبوتية والتي تقدم سلسة من الرسوم المتحركة البورنوغرافية والتي يطبقها الأطفال من دون وعي منهم بخطورة الأمر، ثم يردف أنه بسبب بعض الرسوم المتحركة التي يشاهدها أطفاله عبر «اليوتوب» أصبحوا يقومون بإيحاءات جنسية غريبة وحركات جد عنيفة، ليضطر إلى مراقبة جهاز «الطابليت» الخاص بهم.
ويقول ربيع بنبرة متحسرة: «للأسف يجب أن يخضع أبناؤنا للمراقبة، فبعض الرسوم المتحركة تدعو إلى الشذوذ الجنسي وهو ما قد يؤثر على شخصية الأطفال عند كبرهم، فقد سبق لي أن شاهدت سلسلة Johnny Bravo والذي اشتهر بـ «تى شيرت» أسود ملتصق على جسده، ويقوم بإزالته أحيانا ليقف بنصف جسده العلوى عاريا، ويقوم بحركات جنسية شاذة، أما فيلم الرسوم المتحركة يونغ جوستيس فيحمل مشهدا مرعبا، حيث يظهر في أحد المقاطع البطل يقبل أخته من فمها، بينما يطلب منه صديقه التوقف ويذكره بالنسب بينهما وأنها أخته وليست عشيقته، غير أن بطل الفيلم يواصل تقبيله لأخته غير مبال بتحذير صديقه».
لقطات جنسية في الرسوم المتحركة
معظم الآباء لا ينتبهون إلى الرسائل المبطنة التي تحملها عدد من الرسوم المتحركة والتي تتضمن مشاهد ذات إيحاءات جنسية مموهة، على غرار إظهار الأعضاء التناسلية والتلفظ بكلمات خادشة، بالإضافة إلى الدعوة لممارسة الجنس والشذوذ.
فخلال السنة الماضية عرضت القناة الثانية المغربية سلسلة من الرسوم المتحركة الموجهة للأطفال الصغار والمتضمنة للقطات خادشة، وهو الأمر الذي أثار موجة من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي حينها، إذ تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور التي تعود لهذه السلسلة واعتبروها خادشة للحياء العام لاحتوائها على صور تظهر أماكن حساسة من جسد المرأة.
رغم حذف بعض القنوات للمشاهد الخليعة التي قد تتضمنها الرسوم المتحركة إلا أن فضول الأطفال وتعلقهم بالشخصيات الكرتونية يقودهم نحو البحث عن المزيد من الحلقات عبر الشبكة العنكبوتية.
وهذا ما تؤكده هبة، وهي طفلة في العاشرة من عمرها وتحكي في حديثها مع «الأخبار» أنها مدمنة على مشاهدة الرسوم المتحركة عبر «اليوتوب» إذ تشاهد سلسلة يابانية مترجمة إلى العربية وهي التي تتضمن مشاهد ذات طابع جنسي.
وتضيف هبة أنها لا تجد حرجا في مشاهدة تلك السلسة لأن أبطالها يوضعون في مواقف مضحكة، ثم تردف أنها لا تعلم إن كانت تلك السلسة غير أخلاقية فكل ما في الأمر أنها تستمتع عند مشاهدة السلسلة ولا تقوم بتطبيقها لكونها تعلم أنها قصص خيالية.
لم تكن تعلم والدة هبة بالسلسة «الكرتونية» التي تدمن على مشاهدتها ابنتها لكن بعد بحثها في جهاز «الطابليت» اكتشفت أن الأمر يتعلق بسلسة «كرتونية» تتمحور حول العلاقات الجنسية بين شخصيات «كرتونية» وتتضمن مشاهد خليعة.
وتحكي الأم للجريدة أنها منعت ابنتها من مشاهدة السلسلة غير أنها مازالت تشاهدها خلسة، لذا تفكر في عرضها على طبيب نفسي خوفا من الانعكاسات السلبية على شخصيتها، وتدعو السيدة الآباء إلى ضرورة مراقبة ما يشاهده أطفالهم خاصة الرسوم المتحركة بسبب المشاهد الغير الأخلاقية التي تسمم فكر الأطفال.
خطر الإدمان على الأطفال
مشاهدة الأطفال للرسوم المتحركة لساعات طويلة يؤدي إلى الوقوع في فخ الإدمان وفق ما أكدته دراسة أجراها علماء جامعة «جونز هوبكنز» بالولايات المتحدة. وتأتي هذه الدراسة لتعزز نتائج العديد من الدراسات الأخرى، التي أظهرت غالبيتها التأثير السلبي الفادح على الأطفال من جراء قضاء ساعات طويلة أمام التلفزيون. كما كشفت دراسة بريطانية أن الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام التلفزيون، وخصوصاً البرامج المخصصة للكبار، يعانون من ضعف وتدهور واضحين في قدراتهم اللغوية عند وصولهم إلى سن الدراسة وفسرت الدراسة هذه الظاهرة، بأنها نتيجة احتواء برامج الكبار على ألفاظ كثيرة وعبارات متنوعة، لا يفهم الطفل معناها ولا يستطيع مجاراتها بما يملك من قدرات لغوية بدائية.
هذا مقارنة بالألفاظ السهلة والأصوات البسيطة التي تستخدمها الأم وتكررها غريزياً مع طفلها، لتزيد من قدراته اللغوية وتثبت فيه ما يعرف بلغة الأم وبعد ذلك خلصت دراسة أخرى صدرت عن مستشفى الأطفال بمدينة «سياتل» بالولايات المتحدة، إلى أن مشاهدة التلفزيون من قبل الأطفال الرضع، تحدث تغييرات في التركيب الوظيفي، وربما أيضاً التركيب التشريحي لأدمغتهم، بما يجعلها عرضة لاضطراب فقدان التركيز ويفسر القائمون على الدراسة، هذا التأثير السلبي للتلفزيون على الجهاز العصبي للأطفال، بأنه ناتج من الإيقاع السريع للصور والأصوات التي تتلاحق على الشاشة، مما يعيد تنظيم التوصيلات الداخلية لمخ الطفل، حتى يتمكن من التعامل مع تلك التغيرات السريعة المتلاحقة.
هذه الآثار السلبية على سلوكيات الطفل، وعلى قدراته اللغوية، وعلى التركيب الوظيفي والتشريحي لدماغه، دفعت مسؤولي إحدى أكبر قنوات التلفزيون الأمريكية المخصصة للأطفال، إلى الإعلان عن عزمهم وقف بث القناة لمدة ثلاث ساعات، لإفساح وقت للأطفال لممارسة الألعاب البدنية، وهو ما يسلط الضوء على جانب آخر من تأثير التلفزيون على صحة الأطفال والبالغين على حد سواء، بمساهمته بشكل كبير في وباء البدانة الذي يجتاح العالم حالياً. فحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يوجد حالياً 22 مليون طفل دون سن الخامسة مصابون بالبدانة، وهو العدد المرشح للزيادة بمرور الوقت.
وبين من هم فوق سن الخامسة عشرة، وتقدر المنظمة أن أكثر من مليار ونصف مليار شخص يعانون من زيادة الوزن، بينهم 400 مليون مصابون بالسمنة المفرطة، وهو أيضاً العدد المرشح للزيادة بمرور الوقت.
كمي: بعض الرسوم المتحركة تشكل خطرا على الأطفال لأنها تروج للشذوذ الجنسي
يرى عبد المجيد كمي، اختصاصي في الطب النفسي أن بعض الرسوم المتحركة تمرر رسائل خطيرة من خلال الصور الكريكاتيرية والتي تترسخ في مخيلة الأطفال، وأفاد في تصريح لـ «الأخبار»، أن بعض السلسلات «الكرتونية» تتضمن مشاهد جنسية تروج للشذوذ الجنسي، مضيفا أن بعض القنوات الفضائية الأجنبية تبث أفلاما متحركة تحتوي على كلام ساقط وشاذ، معتمدة على الخيال وتبني شخصيات غير منطقية كشخص على شكل حذاء، وأشار الاختصاصي في الطب النفسي إلى أن بعض الأطفال يشاهدون رسوما متحركة محرمة في القنوات، وهي توجد في الشبكة العنكبوتية حيث يظهر من خلالها أبطال لسلسلات شهيرة كبياض الثلج بشكل جديد وهم يمارسون الجنس بطريقة شاذة.
وأوضح عبد المجيد كمي أن الرسوم المتحركة تفوق مخيلة الأطفال، إذ تعتمد على أساليب تمويهية وأحيانا بشكل مقصود، وبالتالي تترسخ في ذهن الأطفال الذين بدورهم يعتقدون أن ما يشاهدونه في السلسلات «الكرتونية» هو الحققية، مبرزا أنه من الصعب إقناع الأطفال بعكس ذلك بطريقة جدية خاصة أن الأفلام «الكرتونية» تقدم ذلك في قالب هزلي وتؤثر في المشاهد الصغير بشكل سلبي.
وكشف عبد المجيد كمي أن الرسوم المتحركة في القرن الماضي كانت تهدف بالأساس إلى تشخص المعلومة للطفل، وتلعب دورا كبيرا في المجال التربوي من خلال تثقيف وتنمية مخيلة الطفل بشكل إيجابي، إلا أن بعض الرسوم المتحركة في الآونة الأخيرة أصبحت تشكل خطرا على الأطفال.