فاقمت “أزمة كورونا” وضعية سوق الشغل في المغرب، ليتواصل “نزيف” فقدان مناصب الشغل خلال 2020 بكيفية غير مسبوقة. وفي هذا الإطار أظهرت معطيات الميزانية الاقتصادية التوقعية لـ2021، التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط بعنوان “الوضعية الاقتصادية لـ2020 وآفاق تطورها خلال 2021″، أنه في ظل الوضع الذي يشهد تدهورا للنمو الاقتصادي الوطني، شهد سوق الشغل خلال 2020 فقدان العديد من المناصب ناهز 712 ألف منصب شغل. وبناء على فرضية استمرار المنحى التنازلي لمعدّل النشاط، توقعت النشرة أن يسجل معدل البطالة على الصعيد الوطني ارتفاعا ليصل إلى 14,8 في المائة، ما يعني زيادة بـ5,6 نقط مقارنة بما سُجّل في 2019. ووضّحت وثيقة المندوبية السامية للتخطيط، أن المغرب تأثر خلال 2020، على غرار باقي دول العالم، بـ”أزمة كورونا”، التي كانت لها نتائج سوسيو اقتصادية “كارثية”، إذ ستؤدي هذه الأزمة، إلى جانب تداعيات سنتين متتاليتين من الجفاف، إلى ركود “شديد” هو الأول من نوعه منذ أزيد من 20 سنة. وأكد وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز، أن سوق الشغل بدأ يعرف “انتعاشا نسبيا” بعد التعافي التدريجي الذي يسجله الاقتصاد الوطني. وأوضح أمكراز أن الإجراءات المتخذة لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة (كوفيد-19) ساهمت، على العموم، في السيطرة على تفاقم الوضع على مستوى سوق الشغل، مفيدا بأن معطيات التصريحات الأجرية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تشير إلى أن النشاط الاقتصادي بدأ يتعافى تدريجيا، حيث بدأ سوق الشغل “يعرف انتعاشا نسبيا، مما يدل على أن مؤشراته ستعرف في القريب تحسنا ملحوظا مقارنة مع الفترة الحالية”.
ثلاثة قطاعات حافظت على وتيرة التشغيل
بما أن سوق الشغل قد تأثر بالأزمة الصحية، قامت جميع القطاعات بخفض حجم التوظيف الخاص بها. وحسب دراسة لموقع “روكريت” حافظت ثلاثة قطاعات على حجم التوظيف. يأتي قطاع مراكز الاتصال في المرتبة الأولى، يليه قطاع تكنولوجيا المعلومات وفي المرتبة الثالثة يأتي القطاع البنكي. تم إجراء التحليل الجديد لموقع ReKrute.com بناءً على عروض العمل المنشورة على الموقع خلال العام، حيث يستعرض القطاعات التي توظف أكثر وأكثر الملفات الشخصية التي تطلبها الشركات المغربية خلال عام 2020، من خلال التركيز على القطاعات الأكثر توظيفًا في المغرب في السنوات الأخيرة. بشكل عام، أكد مؤلفو الدراسة أن جميع القطاعات خفضت حجم التوظيف لديها. ومع ذلك، فإن بعض القطاعات لا تزال قادرة على الحفاظ على حجم توظيفها، وتحديدا قطاع تكنولوجيا المعلومات، وقطاع مراكز الاتصال والقطاع البنكي والمالي. يأتي في المرتبة الأولى قطاع مراكز الاتصال بنسبة 68 بالمائة (-2 نقطة مقابل 2019)، يليه قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة 19٪ من التوظيفات (نقطة واحدة فقط مقابل 2019) وفي المرتبة الثالثة القطاع البنكي بنسبة 4 بالمائة من التوظيفات في 2020 (-4 نقاط مقابل 2019). وفي تفاصيل الدراسة، كانت وظيفة “مركز الاتصال” هي الأكثر طلبًا في عام 2020. وسجل الأخير زيادة في عام 2020 مقابل عام 2019 بنسبة 63 بالمائة من المراكز المفتوحة. في المرتبة الثانية، تم طلب وظيفة “تكنولوجيا المعلومات” بنسبة 22 بالمائة في عام 2020، وبذلك سجلت زيادة بمقدار نقطتين مقارنة بعام 2019. احتلت وظيفة “الخدمات البنكية / المالية” المرتبة الثالثة بنسبة 4 بالمائة من فرص الشغل المفتوحة في عام 2020. وتعد الملفات الشخصية للمبتدئين هي الأكثر طلبًا في عام 2020 بزيادة قدرها 28 نقطة. وانخفض الطلب على الملفات الشخصية التي تتراوح خبرتها بين 3 و5 سنوات بمقدار نقطتين مقارنة بعام 2019. وبالنسبة للملفات الشخصية الشائعة، تشير الدراسة إلى أنه في عام 2020، كان “باك+4” وما فوق، أي مناصب “اطار”، هي الأكثر تأثرًا بأزمة كوفيد-19. هذه الفئة هي الأقل طلبا في سوق الشغل بانخفاض بنسبة 65 بالمائة مقارنة بعام 2019. من ناحية أخرى، كان “باك+3” وما دون الأكثر توظيفًا مع زيادة في عام 2020 بنسبة 65 بالمائة مقارنة بعام 2019.
مراكز الاتصال.. حوالي 60 ألف منصب شاغر
يقول محللو دراسة موقع “روكريت” إن قطاع مركز الاتصال لا يزال أكثر ديناميكية ويسجل أكبر افتتاح للوظائف كل عام. في الواقع، قام قطاع مراكز الاتصال بتوظيف أكبر عدد من الوظائف هذا العام مع 50.883 وظيفة شاغرة في عام 2020. هذه هي الوظيفة الأكثر طلبًا في عام 2020 وحده، حيث عرفت 93 بالمائة من الوظائف الشاغرة في قطاع مراكز الاتصال. في عام 2020 وبالنظر إلى الأزمة الصحية، قامت مراكز الاتصال بتوظيف 75 بالمائة من المبتدئين يليها الأشخاص الذين يتوفرون على خبرة من 1 إلى 3 سنوات بنسبة 14 بالمائة ثم من يتوفرون على خبرة عام واحد بنسبة 10 بالمائة. بالنسبة إلى الملفات الشخصية ذات الأقدمية، فقد “انتقلوا” بشكل أقل في عام 2020 بسبب كوفيد-19، يقول خبراء ReKrute الذين شرحوا هذا الاتجاه بحقيقة أنهم “فضلوا لعب بطاقة الأمان من أجل الحفاظ على وظائفهم”.
قطاع تكنولوجيا المعلومات.. 13.774 فرصة عمل
على الرغم من الأزمة الصحية، يستمر الطلب على المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات في الازدياد في المغرب وأصبح القطاع أكثر تطلبًا من حيث الخبرة ومستويات التعليم. وفقًا للمحللين، شهد عام 2020 ارتفاعًا في الطلب على الملفات الشخصية الذين يتوفرون على ما بين 3 و10 سنوات من الخبرة. تتطلب 33 بالمائة من الوظائف الشاغرة مستوى خبرة يتراوح بين 3 و5 سنوات، وتتطلب 23 بالمائة من الوظائف الشاغرة أشخاص تتراوح خبرتهم بين 5 و10 سنوات. انتشر توظيف المبتدئين في عام 2020 في هذا القطاع. سجل قطاع تكنولوجيا المعلومات زيادة في توظيف المبتدئين لتصل إلى 23 بالمائة، على حساب الأشخاص الذين لديهم خبرة من 3 إلى 10 سنوات. كما سجلت الخبرة الممتدة من 1 إلى 3 سنوات زيادة طفيفة بنسبة 1 بالمائة عن عام 2020. ولاحظت الدراسة أن قطاع تكنولوجيا المعلومات يقوم بشكل أساسي بتوظيف المهندسين. “في الواقع، كان “باك+5” هو الأكثر طلبًا في عام 2020 مع 8877 وظيفة شاغرة يليه “باك+2” مع 2140 مركز شاغر. في المركز الثالث يأتي “باك+3″ و”باك+4” على التوالي مع 1589 و942 مركزًا شاغرا. من حيث المناصب، كانت وظيفة تكنولوجيا المعلومات / الإلكترونيات هي الأكثر طلبًا من قبل قطاع تكنولوجيا المعلومات في عام 2020 حيث بلغ عدد الوظائف الشاغرة 10.450 وظيفة، مقارنةً بعام 2020. وسجلت وظيفة الاتصالات / الشبكات افتتاح 2126 منصبًا وانخفاضًا مقارنة بعام 2020. بالنسبة لوظيفة الوسائط المتعددة / الإنترنت، كان الطلب ضعيفًا وشهد فتح 180 وظيفة فقط. ومع ذلك، فقد ارتفع بنسبة 6 بالمائة مقارنة بعام 2019 وهو أمر مهم.