شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاصسياسيةوطنية

هكذا سيصبح صندوق محمد السادس آلية واعدة لتمويل المشاريع الكبرى

سيمكن الاقتصاد الوطني من تعزيز مرونته أكثر في وجه الصدمات

يعتبر صندوق محمد السادس للاستثمار، بالنظر إلى طابعه الاستراتيجي والمبتكر، آلية واعدة لتمويل المشاريع الكبرى التي من شأنها تحقيق انتعاش اقتصادي مستدام وشامل، والتي ستمكن الاقتصاد الوطني من تعزيز مرونته أكثر في وجه الصدمات.

 

مواجهة تداعيات الأزمة الصحية

يجسد صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي أطلق عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس هذه التسمية في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، جوابا للمملكة في مواجهة تداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). وفي خضم أزمة فيروس كوفيد-19، أعلن الملك محمد السادس عن إنشاء صندوق محمد السادس في خطاب العرش في 30 يوليوز 2020. وكان الهدف الأولي هو جعله أداة استثمارية لدعم الاقتصاد المغربي في حالة ركود ويساهم في انتعاشه، ومنذ ذلك الحين تم توسيع الغرض من الصندوق.

على مدى العامين الماضيين، تطور التفكير في الغرض من الصندوق وهيكليته وأساليب تدخله ليتوافق مع الطموحات الجديدة للبلد؛ على رأسها تحفيز الاستثمار الخاص لرفع حصته إلى ثلثي إجمالي الاستثمار في البلاد، مقابل الثلث حاليًا. هدف مستهدف بميثاق الاستثمار الجديد، والذي أصر عليه جلالة الملك مرة أخرى، خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح السنة التشريعية، بتحديد مسار عام 2026: تحقيق 550 مليار درهم استثمارات خاصة في أربع سنوات. وفي إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية، بخصوص إنعاش الاستثمار، يهدف صندوق محمد السادس للاستثمار أساسا إلى المساهمة في تمويل مشاريع الاستثمارات المهيكلة، ودعم رساميل المقاولات والأنشطة الإنتاجية. وهكذا فإن الصندوق استحدث للمساهمة في تمويل ومواكبة مشاريع الاستثمارات المهيكلة في إطار الشراكة مع القطاع الخاص، والمساهمة في تمويل المقاولات العاملة في ميادين ذات الأولوية، وتصميم وتنفيذ كل آلية تمويل مهيكل لفائدة المقاولات العاملة في ميادين تعتبر ذات أولوية، والمساهمة في رأسمال المقاولات الصغرى والمتوسطة، والمساهمة المباشرة في رأسمال المقاولات العمومية الكبرى والتابعة للقطاع الخاص التي تنشط في ميادين تعتبر ذات أولوية بالنسبة إلى صندوق محمد السادس للاستثمار. وبالتالي، فإن صندوق محمد السادس سيكون أحد العوامل المحفزة لهذه الديناميكية، خاصة وأن تسريع الاستثمار الخاص لا يمكن أن يتم دون دعم قوي من الدولة.

ومع تعيين محمد بنشعبون، في إدارته العامة، بمناسبة انعقاد مجلس الوزراء يوم الأربعاء الموافق 19 أكتوبر، يستكمل الصندوق الآن مرحلة رئيسية من التفكير والهيكلة القانونية والتنظيمية. وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن هذا الصندوق سيُرفد بـ45 مليار درهم (4.1 مليار أورو)، ثلثها مصدره ميزانية الدولة والثلثان الباقيان من كيانات استثمارية وطنية ودولية.

وفي بيان، قال الديوان الملكي إنه تقرر «تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار» الذي أنشئ في 2020، وذلك خلال جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الملك محمد السادس. وأضاف البيان أن هذا الصندوق يرمي «لإضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي بتوجيهه لمشاريع البنيات التحتية والاستراتيجيات القطاعية الطموحة، بما يعزز تنافسية المنتوج الوطني، وتقوية السيادة الوطنية، على المستوى الغذائي والصحي والطاقي». وبحسب البيان، فقد عين الملك محمد السادس، خلال جلسة مجلس الوزراء، المصرفي السابق محمد بنشعبون، وزير المالية بين العامين 2018 و2021 وسفير المملكة حتى الآن في فرنسا، «مديرا عاما لصندوق محمد السادس للاستثمار».

 

اتصالات مع مستثمرين وطنيين ودوليين

تم إنشاء الصندوق كشركة قابضة، في شكل «شركة المساهمة»، مع مجلس إدارة برئاسة وزيرة الاقتصاد والمالية، وبذلك يكون الصندوق قد أكمل مجلس إدارته. وكان محمد بنشعبون، وزير المالية حتى بداية أكتوبر 2021، وراء الهيكلة القانونية وباشر أول الاتصالات مع المستثمرين المحتملين، المغاربة والأجانب على حد سواء. ومع بدء تنفيذ القانون رقم 76-20 الذي أعطى الصندوق الوضع القانوني لصندوق الاستثمار؛ نشر مرسوم تنفيذي يسمح بالموافقة على النظام الأساسي للصندوق وتحديد رأس ماله الأولي بمبلغ 15 مليار درهم، تكتتب به الدولة بالكامل. تم بالفعل الإفراج عن هذا المبلغ وجعله في حساب منفصل محجوز للصندوق، في انتظار تفعيله الفعلي؛ وتم إدراج الصندوق في قائمة مؤسسات الدولة الاستراتيجية، ويكون تعيين المدير العام لها من صلاحيات مجلس الوزراء. وبالتوازي مع هذا العمل القانوني، تم، خلال هذين العامين، إجراء اتصالات مع مستثمرين محتملين للوصول إلى الحجم المستهدف الذي حدده الملك وهو 45 مليار درهم. إن جمع 30 مليار درهم في السوق في ظل عدم اليقين الاقتصادي والأزمة ليس بالأمر السهل، لكن كلا من محمد بنشعبون ونادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، قالا إن الاتصالات الأولى أظهرت حماسًا قويًا لهذا الصندوق. كما أعلن البعض، مثل وكالة التنمية الفرنسية (AFD)، عن نية ​​الانضمام إلى المائدة المستديرة. كما سيشارك البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية (IFC).

في يوليوز 2021، قال محمد بنشعبون، لمصدر إعلامي، إنه «جرت اتصالات مستمرة مع المستثمرين الوطنيين من القطاعين العام والخاص ومع المؤسسات الدولية والإقليمية. وقد أتاحت هذه الاتصالات عرض الإطار القانوني للصندوق والتوجهات الرئيسية التي تنبثق عنه من حيث الأهداف الاستراتيجية وسياسة الاستثمار، والتعرف على توقعات هؤلاء المستثمرين». وأضاف وزير المالية السابق أن القضايا التي تم تناولها بالفعل تتعلق بالتوافق مع أفضل ممارسات الاستثمار الدولية، ومستوى العوائد المالية المحتملة، ونظام الحوكمة، وسياسة إدارة المخاطر واحترام الاستدامة والاستثمار المسؤول. وأظهرت هذه الاتصالات، حسب قوله، اهتمامًا كبيرًا من جانب هؤلاء المستثمرين، على الصعيدين الوطني والدولي، لمواكبة انتشار الصندوق وإدراجه في أولويات الاستثمار الخاصة بهم، ولا سيما في ما يتعلق بالجانب الهيكلي والاستثمار في الصناديق الفرعية المواضيعية التي سيتم إنشاؤها. الأمر نفسه ينطبق على وزيرة الاقتصاد والمالية الحالية، نادية فتاح، التي أكدت، في 23 شتنبر، هذا الحماس للصندوق. وفي مصدر إعلامي آخر، أبدت الوزيرة تفاؤلا كبيرا من حيث الطموحات، قائلة إن الهدف لم يعد تعبئة 45 مليار درهم، بل الذهاب إلى أبعد من ذلك لجعل هذا الصندوق أداة مستدامة في المشهد الاستثماري بالمغرب.

مصنع بنسليمان للقاحات أول مشروع للصندوق

استفادت نادية فتاح من اجتماعها مع القطاع الخاص خلال الاستثمارات الإقليمية التي نظمها البنك الشعبي المركزي في طنجة في نهاية شتنبر 2022، وأعلنت أن وزارتها تتجه حاليًا نحو إنشاء صناديق مواضيعية قطاعية سيساهم فيها صندوق محمد السادس، سيما في قطاعي السياحة والزراعة، اللذين سيحتاجان إلى معالجة خاصة. بالنسبة للقطاعات الأخرى، مثل البنية التحتية والبيئة والقطاع الرقمي، يريد الصندوق تهيئة الظروف اللازمة لبدء النشاط، لا سيما من خلال تحديد الخبرة التجارية اللازمة، والذين سيتعين عليهم الحكم على أهمية الاستثمارات وتقديم الدعم للشركات. والهدف من ذلك، وفقًا للوزيرة، هو امتلاك محفظة متنوعة تدير تكامل سلاسل القيمة، وهذا هو سبب مشاركة المؤسسات المغربية والدولية وكذلك القطاع الخاص في هذه العملية. إلى جانب هذه القطاعات التي تم تحديدها بالفعل، سيتدخل الصندوق أيضًا، كما يقول محمد بنشعبون، في إعادة الهيكلة الصناعية وتعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة.

تجدر الإشارة إلى أن الصندوق استثمر بالفعل في مشروع استراتيجي وهيكلي: مصنع لقاحات بنسليمان، حيث يوجد في جولة التمويل إلى جانب بنك إفريقيا، والتجاري وفا بنك والبنك الشعبي المركزي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى