شوف تشوف

اقتصادالرئيسيةتقارير

هكذا سيؤثر رفع سعر الفائدة على التضخم والاقتصاد الوطني

تضخم مستورد ومعاناة مرتقبة للنشاط الاقتصادي من التباطؤ

قرر بنك المغرب، خلال اجتماع مجلسه الأخير، رفع سعر الفائدة الرئيسي بـ50 نقطة أساس إلى 2 في المائة، بغية كبح التضخم. فكيف سيؤثر هذا القرار على الاقتصاد الوطني؟

 

مواجهة التضخم

وصلت نسبة التضخم، حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، إلى 8 بالمائة في شهر غشت، و7.7 بالمائة في يوليوز، و7.2 بالمائة في يونيو. وتوقع بنك المغرب، في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي، أن يرتفع التضخم إلى 6.3 بالمائة في عام 2022 من 1.4 بالمائة في 2021 على خلفية ارتفاع أسعار الوقود في الأسواق العالمية، قبل أن يتراجع إلى 2.4 بالمائة في 2023. في هذا الإطار، أكد هشام صدوق، أستاذ الاقتصاد والمالية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن قرار بنك المغرب كان متوقعا للغاية بالنظر إلى السياق الدولي، حيث أقدمت جميع البنوك المركزية على رفع أسعار فائدتها، من أجل مواجهة اتساع التضخم، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية. وذكر بأن البنك المركزي رفض، خلال اجتماعه الفصلي الثاني، الرفع من سعر الفائدة الرئيسي حتى لا يؤثر على الانتعاش الاقتصادي. وأوضح الأستاذ الجامعي أنه مع الأخذ في الاعتبار مجموعة من العناصر؛ سيما قرارات كل من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، اللذين انخرطا في مواجهة قوية للتضخم الجامح عبر رفع أسعار فائدتهما الرئيسيتين، والرقم الاستدلالي للأسعار عند الاستهلاك في المغرب الذي ارتفع بنسبة 8 في المائة خلال عام واحد، بالإضافة إلى انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل العملات الأجنبية المرجعية، فإنه لم يعد بوسع بنك المغرب عدم المبالاة، حيث وجد نفسه مضطرا إلى تغيير مساره نحو رفع أسعار الفائدة، بهدف استقرار الأسعار الذي يظل على كل حال مهمته الرئيسية. وأضاف أن هدف استقرار الأسعار لا يمكن بلوغه عبر هذا القرار، إلا إذا كان البنك المركزي متأكدا من أن التضخم الحالي، هو نتيجة طلب وطني قوي. وأشار إلى أنه «في المقابل، إذا كان التضخم مرتبطا بأسباب هيكلية متعلقة بالعرض، فإن رفع سعر الفائدة الرئيسي سيكون قرارا بنتائج عكسية. وبتعبير آخر، فإنه بقرار الزيادة في كلفة المال، سنشهد انخفاضا في النشاط الاقتصادي وتضخما بالكاد يمكن التحكم فيه». ووفقا لصدوق، فإن هذا القرار المتعلق بالسياسة النقدية يتوقع آفاق اقتصادية غير متفائلة، وبالخصوص جراء الآثار التي خلفتها الجائحة والتداعيات الجيوسياسية للحرب في أوكرانيا. وأشار في هذا الصدد إلى أنه مع ارتفاع سعر الفائدة سيعاني النشاط الاقتصادي الوطني من التباطؤ، خاصة مع تزامن قرارات البنوك المركزية الأخرى برفع أسعار فائدتها الرئيسية.

 

تضخم مستورد

يرى المحلل الاقتصادي، رشيد أوراز، من المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن «رفع معدل الفائدة من طرف البنك المركزي لن يؤدي إلى خفض معدل التضخم، لأن الجميع يعرف أن معدل التضخم مستورد». وأضاف في تصريح لـ«رويترز»: «التضخم مستورد وبدأ يصبح محليا لعدة أسباب، منها أن بعض المواد المحلية تعتمد على مواد مستوردة، خاصة منها المحروقات التي شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر الأخيرة، والتي أثرت على كلفة النقل التي تعتبر من الكلف الثابتة في الإنتاج».

ويستورد المغرب كل احتياجاته من الطاقة.. وتوقع البنك في بياناته أن يتسع «عجز الحساب الجاري في 2022 إلى 3.2 في المائة، لأسباب من بينها فاتورة واردات الطاقة التي من المتوقع أن تصل إلى 135 مليار درهم». وقال أوراز: «بنك المغرب رفع معدل الفائدة، ليرفع عنه الحرج ويخلي مسؤوليته من موجة التضخم التي يعرفها المغرب». واعتبر أن هذا الرفع سيؤدي إلى «كبح النمو، بسبب كبح الاستثمار والتشغيل».

ويرى محللون أن رفع نسبة الفائدة يبقى إجراء يستهدف محاولة التخفيف من أثر التضخم، ويجب أن تصاحبه إجراءات حكومية أخرى، كبرامج الدعم التي تقدمها الحكومة لعدد من القطاعات، على رأسها النقل. وقال الجواهري إن «الرفع من الفائدة والتخفيف من التضخم، سيساهمان في مساعدة الحكومة على مواصلة برامج الدعم في ظل أسعار متحكم فيها». وصرح الجواهري أيضا بأن «السياسة النقدية لوحدها ليست كافية للسيطرة على التضخم، بل يجب أن تصاحبها إجراءات أخرى».

وقال رشيد أوراز عن التضخم في المغرب تاريخيا وعلاقته بالسلم والأمن الاجتماعيين، في ورقة تحليلية، إن «الاستقرار في المغرب هو استقرار الأسعار». وأضاف أن المغرب في السابق «نجح في تجنب التضخم المتفشي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بفضل سياسته النقدية المتينة، التي أبقت معدلات التضخم المحلية دون 2 في المائة معظم السنوات». وأردف أن هذا «ساعد في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي النسبي للمغرب، خلال فترة الانتفاضات الاجتماعية في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». وقال: «لكن الوضع تغير الآن، كما أن السياسة النقدية المحلية غير قادرة على مواجهة العوامل الخارجية، التي أدت إلى الارتفاع الأخير في الأسعار».

 

تعافي الاقتصاد

صنفت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتقييم المالي، المغرب في الرتبة‎ BB+ ‎على مستوى ‏التصنيف الائتماني، موضحة النظرة المستقبلية «المستقرة» للمغرب اقتصاديا وماليا‏‎.‎ وجاءت الأرقام التي ساقتها «ستاندرد آند بورز» أكثر تفاؤلا من نظيرتها الخاصة ببنك ‏المغرب، إذ توقعت نمو الاقتصاد المغربي بنحو 1.4 في المائة عام 2022، (مقابل 0.8 في المائة ‏لبنك المغرب)، وما يفوق 3.4 في المائة بحلول عام 2025‏‎.‎ وعلى مستوى احتواء التضخم، أفادت الوكالة بأن نسبته ستكون في حدود 5.9 في المائة عام ‏‏2022، (مقارنة بنسبة 6.3 في المائة لبنك المغرب)، على أن تنخفض تدريجيا إلى ‏‏2 في المائة في أفق سنة 2025‏‎.‎

أما في ما يتعلق بانخفاض عجز الميزانية، فقالت «ستاندرد آند بورز» إن نسبة هذا العجز ‏ستناهز 5.6 في المائة عام 2022؛ على أن تتراجع تدريجيا إلى 4.0 في المائة بحلول عام ‏‏2025‏‎.‎ وفي سياق آخر، أكد تقييم «ستاندرد آند بورز» قوة الأسس التي يقوم عليها الاقتصاد ‏الوطني، مشيدا ببرنامج الإصلاحات الهيكلية الذي نفذته حكومة أخنوش، لتحقيق نمو ‏اقتصادي شامل، وتخفيض عجز الموازنة والحساب الجاري بشكل تدريجي، إضافة إلى ‏قيامها بتدابير تهدف إلى تخفيف تأثير ضغوط التضخم على السكان‎.‎ وأشار التقييم إلى عدد من النقاط الإيجابية التي حققها الاقتصاد الوطني، مشددا على أن ‏المغرب يقوم بحزمة إصلاحات، ويتمتع بمؤسسات قوية. كما ذكرت الوكالة أن الاقتصاد ‏الوطني الذي بات ينعم بمناخ من الثقة، استفاد من الأداء الجيد للصادرات، ومن انتعاش ‏قطاع السياحة، وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج، والنسب الكبيرة المسجلة ‏على مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر، والمستوى المناسب لاحتياطيات النقد الأجنبي‎.‎

وجدير بالذكر أن «ستاندرد آند بورز ‎»(S & P)‎، ‏‎التي يوجد ‏مقرها بالولايات المتحدة ‏الأمريكية، تعتبر واحدة من وكالات ‏‏التصنيف الائتماني‎ ‎الثلاث الكبرى على مستوى العالم، ‏بالإضافة إلى وكالة موديز‎ ‎‎ووكالة فيتش‎.‎

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى