صب سكان فالنسيا غضبهم على الملك الإسباني ورئيس الوزراء، بسبب تأخر الاستجابة لنداءات الاستغاثة، وتعثر عمليات الإنقاذ، والتأخر في تقديم المساعدات اللازمة لمواجهة الفيضانات.
ولليوم السابع تستأنف فرق الإنقاذ عملياتها لانتشال ضحايا الفيضانات التي اجتاحت إسبانيا، والتي حصدت 217 ضحية إلى حد الآن، ومعظمها في إقليم فالنسيا.
أدت الأمطار الغزيرة التي دمرت منطقة فالنسيا الإسبانية، مخلفة فيضانات معقدة، إلى 2000 شخص في عداد المفقودين، وتواصل فرق الطوارئ العمل بشكل مكثف، في يومها الرابع من أعمال الإنقاذ وإزالة الأنقاض والمركبات التي جرفها التيار، حسبما قالت صحيفة «إلدياريو» الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المأساة التي تجتاح إسبانيا، أدت إلى حوالي 213 ضحية، مع خسائر من دمار المنازل والطرق، بالإضافة إلى عدد من السيارات المدمرة.
سهيلة التاور
أكد بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، أن السلطة التنفيذية ستوفر جميع الموارد اللازمة التي تحتاجها السلطات المحلية، وأمر بنشر 10 آلاف جندي إضافي، بما في ذلك القوات العسكرية والأمنية، لتعزيز عمليات الإنقاذ ودعم السكان المتضررين.
عمليات البحث مستمرة
بحسب سانشيز، فقد «حددت فرق الطوارئ وسجلت 211 حالة وفاة» حتى الآن، في حين تستمر العمليات للعثور على مكان وجود الأشخاص المفقودين، الذين لا يُعرف عددهم بالتدقيق، وجاءت تصريحات رئيس الحكومة، قبل وقت قصير من العثور على ضحايا جدد، مما رفع عدد القتلى إلى 217.
وكان فرناندو جراندي مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، قد تحدث في تقرير سابق، عن 207 قتلى بسبب عاصفة دانا، التي اجتاحت هذا البلد، 204 منهم في منطقة فالنسيا، الأكثر تضررا من الأمطار الغزيرة، ولقي شخصان آخران حتفهما في كاستيا لا مانشا وواحد في الأندلس.
وقال سانشيز، في إشارة إلى الانتقادات التي تلقاها بسبب بطء الاستجابة الأولية للسلطات: «أنا أدرك أن الاستجابة لم تكن كافية، وأدرك أن هناك أوجه قصور خطيرة»، وعلى وجه الخصوص، تم استجواب حكومة فالنسيا الإقليمية، بسبب التأخير في إرسال تنبيهات هاتفية، على الرغم من أن وكالة الأرصاد الجوية الحكومية أعلنت «حالة تأهب حمراء» في وقت مبكر من الصباح.
وقال سانشيز إن الأولوية الحالية هي تحديد الطرق المفقودة والواضحة، لتسهيل عبور المساعدات واستعادة الخدمات الأساسية. وتمت إزالة أكثر من 2000 مركبة وشاحنة متضررة حتى الآن، إلى جانب مئات الأطنان من الطين والحطام.
بالإضافة إلى ذلك، وعد رئيس الحكومة الإسبانية باستعادة النظام في المناطق الأكثر تضررا من الكارثة.
ومع عدم وجود تأكيد رسمي لعدد المفقودين، تركت الكارثة العديد من العائلات تبحث عن إجابات. وأكد كارلوس مازون، رئيس مجتمع فالنسيا، أن تقديم أرقام دقيقة سيكون سابقا لأوانه، نظرا إلى حجم المأساة وعدد الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، وفي هذه الأثناء، يملأ المواطنون المعنيون وسائل التواصل الاجتماعي طالبين المساعدة والأخبار عن أقاربهم.
وأعطت القوات العسكرية الأولوية لإعادة فتح الطرق، لتسهيل مرور الإمدادات، وضمان الأمن في البلدات المتضررة. ومع وجود العديد من المركبات العالقة على الطرق ومواقف السيارات، تواجه تعبئة المساعدات الإنسانية عقبات. بالإضافة إلى ذلك، أبلغت السلطات عن عمليات سطو ونهب وسط الفوضى، وقد ألقت الشرطة بالفعل القبض على العديد من الأشخاص المتورطين في هذه الأعمال.
تضامن مثالي
رغم المأساة، استجاب سكان المنطقة بتضامن مثالي. وتجمع آلاف الأشخاص، مسلحين بالمجارف والمكانس، في فالنسيا لتوصيل الإمدادات إلى البلدات المتضررة، وتجمع أكثر من 100 ألف متطوع في وسط فالنسيا، للذهاب وإزالة الطين في البلدات المتضررة من المأساة.
وذكرت سوزانا كاماريرو، نائبة رئيس مجتمع فالنسيا، أنه تم خلال الساعات الماضية نقل أطنان من الغذاء والماء إلى المناطق الأكثر تضررا. ومع ذلك، أدى انهيار البنية التحتية إلى تعقيد الجهود، مما ترك آلاف الأشخاص دون إمكانية الوصول إلى الاتصالات الأساسية.
ونظرا إلى التدفق الكبير للمتطوعين، طلبت السلطات من أولئك الذين يخططون للسفر بالسيارة إلى المناطق المتضررة البقاء في منازلهم، لتجنب ازدحام الطرق والسماح لخدمات الطوارئ بالمرور. هذا مع الأخذ في الاعتبار أن ولاية فالنسيا نشرت في الجريدة الرسمية أمرا يقيد حركة المركبات على طرق الوصول إلى البلديات الأكثر تضررا في مقاطعة فالنسيا.
اعتداء على الوفد الملكي
في المقابل، احتج سكان متضررون من الفيضانات العارمة التي اجتاحت مدينة فالنسيا وضواحيها على زيارة الملك فيليبي، وزوجته الملكة ليتيثيا، ورئيس الوزراء بيدرو سانشيز، ورشقوا الوفد بالطين وهتفوا قائلين: «قتلة.. قتلة».
وعبر المحتجون عن غضبهم إزاء ما اعتبروه تأخرا من جانب السلطات في إرسال تحذيرات من مخاطر الفيضانات التي ضربت المنطقة، الثلاثاء الماضي، ثم الاستجابة المتأخرة من جانب أجهزة الطوارئ.
وفتح الحراس الشخصيون المظلات في محاولة لحماية الملك وزوجته. وقال أحد الشبان للملك الذي أصر على البقاء للتحدث إلى السكان، رغم الاضطرابات: «لقد كان الأمر معروفا، ولم يفعل أحد شيئا لتجنبه».
وخلال زيارة الملك إلى ضاحية بايبورتا المنكوبة، شوهد شخص يبكي على كتفه. وأظهرت لقطات مصورة الملكة تبكي أيضا، بينما تعانق بعض السكان. وكان شعرها ووجهها ملطخين بالطين، كما ظهرت دماء على وجه أحد حراسها الشخصيين، على ما يبدو بسبب إلقاء شيء ما عليه.
وتقول الحكومة المركزية إن إرسال تحذيرات إلى السكان مسؤولية السلطات الإقليمية، بينما تؤكد السلطات في فالنسيا أنها تصرفت بأفضل طريقة ممكنة، وفقا للمعلومات التي كانت متاحة لديها.
وانسحب رئيس الوزراء بسرعة من موقع الاحتجاجات، وكتب لاحقا عبر مواقع التواصل، «نشارك المواطنين معاناتهم، ونحن نعرف احتياجاتهم ولدينا أولويات واضحة لإنقاذ الأرواح، وانتشال جثث الذين ماتوا، وإعادة بناء المناطق المتضررة من إعصار دانا. العنف الذي تمارسه القلة لن يصرفنا عن المصلحة الجماعية، وحان الوقت للتطلع إلى الأمام ومواصلة العمل بكل الوسائل، والتنسيق اللازم للتغلب على هذه الحالة الطارئة معا».
وكان سانشيز قد أكد، السبت الماضي، أن تحقيقا سيفتح بأي إهمال محتمل في وقت لاحق. وفي مواجهة الوضع الفوضوي، أعلن إرسال 5 آلاف جندي إضافي إلى المنطقة، ليصل إجمالي عددهم إلى 7500، وهو «أكبر انتشار للقوات المسلحة يتم على الإطلاق في إسبانيا وقت السلم».
رفض لأسباب سياسية
رغم إلقاء المتظاهرين الطين على الوفد الملكي وتوجيه الإهانات إليه وكل هذه التوترات، بقي الملك فيليب السادس في المدينة لأكثر من ساعة، محاولا فتح حوار مع السكان الذين اتهموا السلطات بالتأخر في تقديم المساعدات اللازمة لمواجهة الفيضانات.
وكانت الحكومة المحلية المحسوبة على اليمين «PP» قد رفضت تدخل السلطات المركزية، لأسباب سياسية مرتبطة بقيادة الاشتراكيين للحكومة المركزية، قبل أن تضطر بعد ذلك إلى قبول التدخل، الشيء الذي خلق توترا وتعقيدات في جهود الإنقاذ وتقديم المساعدات.
من جانب آخر، أطلق المواطنون الإسبان والمهاجرون بإسبانيا حملة «الشعب من أجل الشعب»، والتي لاقت نجاحا كبيرا، حيث تطوع الآلاف لتنظيف المناطق المتضررة، وتقديم المساعدات إلى السكان المتضررين.
وهذا ما كان يريده اليمين المتطرف «PP» و«VOX» غليان شعبي ضد الملك وحكومة سانشيز، مع أن المتهم الرئيسي هو رئيس جهة فالنسيا الموالي للحزب الشعبي.
وتوقعت هيئة الأرصاد استمرار المخاطر من هطول أمطار غزيرة، مع إصدار تحذيرات حمراء وبرتقالية في عدة مناطق من إسبانيا، بما فيها فالنسيا وألميريا ومورسيا وتاراغونا، مما يضيف المزيد من التعقيد لجهود الإنقاذ وتنظيف المناطق المتضررة، وتقديم المساعدات إلى السكان.
توقيفات جديدة
أعلن سانشيز، وفي مواجهة للوضع الفوضوي، إرسال 5000 جندي إضافي إلى المنطقة، ليصل إجمالي عددهم إلى 7500، وهو «أكبر انتشار للقوات المسلحة يتم على الإطلاق في إسبانيا في وقت السلم»، على حد قوله.
ويضاف إلى الجنود 5000 عنصر من الشرطة والحرس المدني، لدعم زملائهم البالغ عددهم 5000 الموجودين بالفعل في المنطقة. ومن المتوقع أيضا وصول سفينة برمائية تابعة للبحرية الإسبانية، تضم غرف عمليات إلى ميناء فالنسيا. إضافة إلى ذلك، أعلنت الشرطة إيقاف نحو 20 شخصا إضافيا، مساء السبت الماضي، بسبب أعمال سرقة ونهب، وهي جرائم نددت بها السلطات التي وعدت باستعادة النظام.
وقال كارلوس مازون: «ربما يشعر البعض بالوحدة والعجز وعدم الحماية»، مضيفا: «لكنني أريد أن أبعث برسالة واضحة، سنساعد جميع الأسر»، مشددا على «روح التضامن» لدى السكان. وجال آلاف السكان، يومي الجمعة والسبت المنصرمين، سيرا على الأقدام في المناطق الأكثر تضررا، حاملين مجارف ومكانس لمساعدة المتضررين.
وفي الفاتيكان، قال البابا فرنسيس، أول أمس الأحد: «صلُّوا من أجل فالنسيا والأشخاص الآخرين في إسبانيا، الذين يعانون كثيرا الآن».