شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هكذا حاول الجنرال بتشين تبرير مصادر ثروته التي بلغت الملايير

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

تخيلوا هذا الموقف. الصحافي هشام عبود، الذي اشتغل في مكتب الجنرال محمد بتشين، بكل ما كان يمثله الرجل من نفوذ ورعب في جزائر التسعينيات، يعرض عليه، بعد نجاح تجربة جريدته «الأصيل» التي كانت تصدر بالفرنسية، أن يطبع نسخة باللغة العربية ويطور المشروع لكي يصبح ذراعا إعلاميا. ومن سيصبح شريكه؟ الجنرال بتشين نفسه.

موقف لا يُحسد عليه هشام عبود، خصوصا وأن الصحافيين الجزائريين كانوا يعرفون جيدا مصير من يصبح شريكا للجنرالات. إما أن ينتهي مُفلسا أو مجرد ساعي بريد لديهم، وإما أن ينتهي في السجن.

كانت تلك الجلسة حامية. قال هشام عبود، في هذه المذكرات، إن الجنرال بتشين هنأه أولا على نجاح تجربته الإعلامية، ثم عرض عليه أن يُطورها. لكنه عندما اعتذر منه حاول استفزازه، وقال له إنه لم يعهد منه ألا يكون شجاعا ومغامرا. وصفه بشكل غير مباشر بالخوف، وعندما وضح له هشام عبود أن الأمر لا يتعلق بالشجاعة وإنما بالموارد المالية، قال له الجنرال إن المال ليس مشكلا أبدا، وأنه من الآن يمكن أن يصبح له شريك إعلامي هو الجنرال بن بوعليا. هذا الأخير الذي أرسله الجنرال بتشين إلى السجن لثلاث سنوات خرج بعدها ليجد أن «إمبراطوريته» المالية انقرضت تماما وأن الجنرالات صادروا آخر دينار جزائري كان يملكه.

 

جو مكهرب

يقول هشام عبود إن الجنرال بتشين منحه مهلة لكي يفكر في الأمر. لكن لماذا كان الجنرال محمد بتشين، وهو في أوج قوته، يريد أن يقتحم تجربة هشام عبود التي كانت ناجحة بشهادة صحافيين جزائريين وقتها؟ ألم يكن هشام عبود موظفا في ديوان الجنرال بتشين وغادر لكي يتفرغ للصحافة؟

يقول هشام عبود، وهو يصف رد الجنرال بتشين عندما أخبره بأنه لا يريد الجنرال بن بوعليا شريكا له:

«-لكن سوف أكون أنا أيضا شريكا معكما. أنت تعرف جيدا أنني طالما اعتبرتك مثل ابن لي. ليس هناك ما يدعو للقلق بشأن بن بوعليا.

أخبرته لماذا يتعين علي أن أكون شريكا للجنرال بن بوعليا ما دام الجنرال بتشين هو الذي سوف يتكلف بالتمويل».

يقول هشام عبود إن الأمر كان محرجا للجنرال بتشين، إذ لم يكن بإمكانه أبدا تبرير مصدر ثروته. بقي له اثنان وعشرون ألف دينار جزائري راتب تقاعده، فمن أين له بمصادر التمويل التي يتحدث عنها. علما أن الرجل كان يسير مشاريع تدر ملايين الدولارات.

يحكي هشام عبود أن الجنرال بتشين أخبره أنه يتعين عليه وضع تجربته الصحافية في المشروع، وسوف يتكلف بن بوعليا بالتمويل، بينما الجنرال بتشين سيكون دوره تقديم «الضمان الأخلاقي».

كانت جملة ساخرة فعلا، لا يمكن لمن قرأ مذكرات هشام عبود إلا أن يضحك، لأن شخصية الجنرال بتشين والطريقة التي بنى بها إمبراطوريته المالية والكيفية التي انتقم بها من منافسيه، بل كيف ترقى في صفوف الجيش من الأساس، كلها أمور تجعل اسمه مناقضا لعدد من القيم التي يقول هشام عبود إنه دافع عنها في تجربته.

حاول الجنرال محمد بتشين تبرير مصادر تمويل مشاريعه وقال لهشام عبود: «أنا لا أتوفر على ثروة مادية. مصنع السيراميك أنشأته بواسطة قرض بنكي مثل بقية المستثمرين. وضمانة القرض الذي حصلت عليه من البنك، وفرتها ببيع الفيلا التي حصلت عليها نهاية الخدمة في العاصمة الجزائر بمبلغ ستمائة مليون دينار. وبعت أيضا سيارة «بوجو 505» التي حصلت عليها من الخدمة بخمسين مليون دينار. وبعت أيضا «شاليه» عين الباي بمبلغ مائة وثمانين مليون دينار، كما أنني بعت فيلا في منطقة «المنظر الجميل»، بالإضافة إلى محرك باخرة.

أما الجنرال بن بوعليا فقد تكلف بمصاريف أشغال تجهيز المصنع وتبليطه بمبلغ ثلاثة ملايير لأنني منحته جزءا من القرض، كما أن شخصا آخر جهز المصنع بالحديد مقابل ثمانين مليون دينار. أنا لم أسرق أي شيء. الفيلا التي أملكها في سيدي مبروك بنيتها بفضل تفوقي العسكري. وبإمكاني تقديم أدلة ومصادر لكل أموالي».

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى