شوف تشوف

سري للغايةسياسية

هكذا جيء ببوتفليقة إلى الرئاسة وعلاقته بتقاعد الجنرال بلخير

يونس جنوحي

 

هل كان اليمين زروال محظوظا لأنه غادر كرسي الرئاسة دون أن يلقى مصيرا مأساويا؟

كانت مأساته تتخلص في أنه أجبر على مغادرة القصر الرئاسي باكرا. لم تُصادر منه أي ممتلكات، وحتى بعد مغادرته الحياة السياسية نعِم بتقاعد هادئ، ولم ينتقم منه الجنرال العماري الذي كان وراء إبعاده بشكل مباشر.

ما وقع أن الجنرال العماري كان يخطط لإجبار اليمين زروال على وضع استقالته. يقول هشام عبود إن الأمر كان يتعلق باجتماع سري من تلك الاجتماعات التي انتهت بطرد الرؤساء السابقين للجزائر. لكن بعد مشاورات، خلص الجنرال العماري إلى أنه لا يجب أن يكون دمويا دائما، وأن إنهاء فترة اليمين زروال ممكن سياسيا، وذلك بدعوة الجزائريين مجددا إلى انتخابات مبكرة، لكن على من سيكون الدور هذه المرة؟

 

ثروة الجنرال

الجنرال محمد العماري كان من زعماء مافيا الجنرالات وأحد المؤثرين الكبار في قراراتها. راكم ثروة خيالية. نعم، خيالية، إذ كان يراكم، في حسابات بنكية سرية، نصيبه من عائدات الثروات الطاقية الجزائرية ويحتفظ بها لنفسه لسنوات طويلة. ورغم أن الصحافة الجزائرية، خلال الحراك الجزائري الأخير، تحدثت عن ثروة تصل إلى ملايين الدولارات بالإضافة إلى عقارات في الجزائر وخارجها تصل هي الأخرى إلى ملايين الدولارات، إلا أن الصحافة لم تصل إلى أي أرقام دقيقة بشأن حساباته البنكية أو الأموال السوداء التي راكمها أو حولها إلى فيلات ومنتجعات سياحية في ضواحي المدن السياحية والساحلية.

قوة الجنرال العماري كانت في أوجها سنة 1998، إذ قرر إبعاد اليمين زروال من القصر الجمهوري، ولم يلق أي معارضة لذلك القرار. اختلف معه رفاقه في جزئية طريقة المغادرة فقط. إذ بدل إجبار زروال على توقيع استقالة من منصب رئيس الجمهورية، وافق الجنرالات على خيار إجراء انتخابات مبكرة. يقول هشام عبود إن الجنرالات فعّلوا هذا القرار الأخير، دون أن يكونوا في حاجة إلى تقديم تفسير للجزائريين الذين صوتوا بالأغلبية لصالح اليمين زروال، أو «اليامين» كما يُنادى عليه في الأوساط الأكثر شعبية في البلاد، بل أنهوا صلاحياته فجأة وأعلنوا دخول البلاد مرحلة انتخابات رئاسية جديدة.

وهكذا جيء بعبد العزيز بوتفليقة، الذي كان على رأس المهام التي جاء لمزاولتها، إنهاء الاغتيالات وأنشطة الحركات المتطرفة وإيقاف تورط الجيش في عمليات الاغتيال التي حولت الجزائر إلى حمام دم حقيقي.

 

ورقة أخرى..

يقول هشام عبود إن اليمين زروال كان اسما آخر من الأسماء التي غادرت الرئاسة في الجزائر بطريقة غير متوقعة. فبعد الرئيس الذي اغتيل أمام الرأي العام، ويقصد هنا الرئيس بوضياف، والآخر الذي خُلع قسرا، وهو المصير الذي يشترك فيه أكثر من رئيس، جاء الدور على زروال لكي يلتحق باللائحة.

يقول هشام عبود: «من سيكون الضحية المقبل للمافيا؟ الجنرال العربي بلخير أحيل رسميا على التقاعد. أفول هذا الأخير أوحى للجنرالات بفكرة اللعب بورقة بوتفليقة».

يقصد هشام عبود هنا أن وصول لحظة مغادرة الجنرال بلخير لموقع المسؤولية في الجيش، ذكر أصدقاءه الجنرالات أن عبد العزيز بوتفليقة وقتها، أي سنة 1998، لا يزال حيويا، وأنه يمكن اللجوء إلى خدماته بصفته آخر السياسيين الذين كبروا في ظل الهواري بومدين، الرجل الذي وضع أعضاء المافيا، كلا في مكانه، قبل أن يرحل عن الحياة. لذلك كان لا بد من إحضار بوتفليقة الذي يعتبر تربية خالصة لبومدين واستمرارا لمدرسته السياسية.

يعترف هشام عبود هنا بأن هذا المرشح، ويقصد بوتفليقة، لم يكن يشبه المرشحين السابقين. يقول: «بوتفليقة لم يكن مثل المرشحين المعتادين للمافيا. كان نقيضا للأميين السياسيين، غير المثقفين الذين يمكن التحكم فيهم بشكل مطلق. بوتفليقة كان قائدا سابقا للدبلوماسية الجزائرية في سنوات حكم بومدين اختفى من الساحة السياسية لأكثر من عشرين سنة. كان لاجئا في أوربا عندما جاء الشاذلي إلى الرئاسة، بعدما وُجهت له تهمة تبديد الأموال، ثم اتجه أيضا إلى ضيافة أمراء الخليج الذين استعانوا بخدماته كمستشار».

يقول هشام عبود إنه سبق له لقاء بوتفليقة سنة 1989 وكان معه المعارض المغربي الشهير الفقيه البصري، وكان اللقاء مشوقا جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى