هذه حقيقة شركة «خليفة» للطيران وكواليس استغلالها في تبييض الأموال
يونس جنوحي
الدعامات الحقيقية للاقتصاد الجزائري كانت في جيب الجنرالات. يقول هشام عبود: «لنأخذ مثلا مجال النقل الجوي. من يمنح ترخيص الاستثمار في هذا المجال؟ إنهم ليسوا أبدا أناس الميدان أو الشركات المعروفة في مجال الطيران.
حاول مثلا أن تعرف لمن تعود فعلا شركة الطيران «خليفة». إنها شركة أطلقت حديثا، في إطار صفقة «سخية» تمنح ربابنة الخطوط الجوية الجزائرية ضعف أجورهم أو أكثر لتسريحهم لاحقا». يضيف هشام عبود أن الشركة حاولت أيضا دخول مجال الإشهار للترويج لعلامتها التجارية، حيث سبق لها عقد صفقة مع نادي «مارسليا» الفرنسي لكرة القدم.
مسألة مضاعفة أجور الربابنة كانت بهدف استقطابهم والتأثير على الشركة الوطنية للطيران، أي الخطوط الجوية الجزائرية. لم تكن المنافسة شريفة، بل كانت غير متكافئة. بعبارة أخرى، كان الجنرالات مستعدين لإعلان إفلاس الخطوط الوطنية الجزائرية، في مقابل اغتناء وتغول «خليفة آيروايز».
يصف هشام عبود الوضع كالآتي: «في الوقت الذي كانت فيه كبريات الشركات العالمية تواجه صعوبات اقتصادية كبيرة، كانت «خليفة آيروايز» تُلقي الأموال من النافذة». أي أن الشركة لم تكن تعاني من أي مشاكل مادية، بحكم أنها كانت تتلقى دعما مباشرا من المال العام الجزائري، ولا تنتظر تحقيق الأرباح لسد مصاريفها الضخمة.
لم يكن المُراقبون يملكون الشجاعة لكي يقولوا للجزائريين الحقيقة. «خليفة آيروايز» كانت مجرد واجهة لغسيل الأموال القذرة التي يراكمها الجنرالات من تجارة السلاح وتهريب البترول والغاز.
شركة ملعونة
شركة بهذا الحجم، يتحكم فيها الجنرالات بهذه الطريقة، لا يمكن إلا أن تكون ملعونة. يقول هشام عبود إن المدير العام لـ«خليفة آيروايز»، وهو ابن وزير سابق، أعطى حوارا صحافيا لجريدة «لو فيغارو» في أكتوبر 2001، بخصوص الأقاويل التي راجت حول الشركة دوليا. إذ إن الرأي العام في أوربا كان يستغرب كيف استطاعت شركة طيران لا تستحوذ على أي أرباح مهمة من سوق الطيران عالميا، لكنها تشتري صفقات إشهارية بملايين الدولارات. ولم يستطع هذا المدير تقديم ما يكفي من مبررات لتلك التمويلات، وبدا واضحا أن الشركة كانت فعلا واجهة صنعها الجنرالات لغسل الأموال وإعادة ترويجها.
يحاول هشام عبود هنا أن يضفي نوعا من «السخرية السوداء»، عندما علق قائلا إنه يتعين عليك في الجزائر، عندما تحاول فهم طريقة عمل هذه الشركة أن تتقن فعلا تصريف فعل «أكل» وتُحسن توظيفه لصالح الجنرالات عشر مرات قبل أن تصرف الفعل نفسه لصالح ضمير المتكلم. أي أن الجنرالات كانوا يأكلون في كل الصفقات أكثر من الجميع، ولا يتركون لأصحاب المشاريع الصوريين أحقية مراكمة الأرباح.
أحد الذين لم يُحسنوا تصريف هذا الفعل جيدا، هو محمد رضا بن بوعليا، الذي كان الشريك الرئيسي للجنرال بتشين. إذ بسبب عدم توفقه في تصريف فعل «أكل» في المضارع بحسب قواعد الجنرالات، «وجد نفسه في الظل» كما وصفه هشام عبود.
من يكون هذا الرجل على كل حال؟ يتعلق الأمر هنا بطيار مقاتل سابق في الطيران الجزائري، تم تسريحه بسبب قضية أخلاقية وجنسية، حسب ما قال عنه الجنرال بتشين في كتاب مذكراته.
عندما كان يعمل لصالح الجنرالات، كان يوصف بأنه أقوى رجل في منطقة قسنطينة وأكثرهم نفوذا، لدرجة أن الجميع في الجزائر صاروا يعرفون أن محمد رضا شريك الجنرال بتشين في المشاريع العملاقة.
يقول هشام عبود إنه عندما كان يشرف على صحيفة «الأصيل»، نشر حوارا مع الجنرال بتشين، كال فيه اتهامات كثيرة لمحمد رضا. وهذا الأخير جر هشام عبود إلى القضاء في قسنطينة.