شوف تشوف

الرئيسية

نور الدين دحان وخديجة عريب.. زواج نضالي بين طبيب ورئيسة البرلمان الهولندي

انطلقت خديجة عريب من تلال الشاوية، وتحديدا دائرة الغنيميين التابعة ترابيا لقبيلة أولاد سعيد بإقليم سطات، لتتربع على كرسي الأراضي المنخفضة وتصبح رئيسة للبرلمان الهولندي.
ولدت خديجة في 10 أكتوبر 1960 بمنطقة الهدامي، غير بعيد عن «ثلاثاء الغنيميين»، التي تبعد عن الدار البيضاء بحوالي 50 كيلومترا، لكنها عاشت ما يشبه التفكك العائلي المبكر بعد أن صودرت أراضي والدها واضطر إلى الهجرة نحو هولندا، تاركا زوجته وابنته الوحيدة خديجة في أحضانها، ومن أمستردام شرع في إرسال حوالة مالية شهرية ورسائل تتضمن وعدا بتحقيق التجمع العائلي في هولندا، بعد أن ضاقت بهم أرض الشاوية.
في سنة 1975 ركبت خديجة الطائرة صوب أمستردام، وحين وطأت قدماها أرض المدينة شعرت بالاختناق، وقررت أن تبقي حقيبتها جاهزة للعودة، شعرت أن البطاقات البريدية التي كانت تتوصل بها من والدها مجرد خدعة، وأن مدن هولندا ليست تلك التي تحملها الصور والبطاقات البريدية، بل إن اللغة كانت عائقا أمام الاندماج السريع في محيط الغربة.. لكن إصرارها مكنها من الالتحاق بإحدى الثانويات التي مكنتها من تعلم اللغة أولا واللحاق بالركب التعليمي الجامعي، حيث اختارت علم الاجتماع وأصبحت أخصائية في مجال الرعاية الاجتماعية، سيما مع المهاجرين، كما عملت مساعدة في معهد للدراسات الاجتماعية والاقتصادية في جامعة «إيراسموس» في روتردام، ونائبة لرئيس ومستشار سياسي بارز في الرعاية الاجتماعية والصحية في أمستردام، قبل أن تصبح برلمانية عن حزب العمل الهولندي منذ 2007، وأسست اتحاد النساء المغربيات في هولندا، ليقودها طموحها السياسي لرئاسة مجلس النواب الهولندي.
تعرفت خديجة على المغربي نور الدين دحان حين كانت تشغل مهمة مساعدة المهاجرين المغاربة الباحثين عن وظيفة أو مأوى. ولأنه طبيب مختص في طب الأطفال، فقد ساعدها في علاج عدد من أبناء المهاجرين المغاربة، كما رافق مسيرتها الجمعوية، بل إنهما ناضلا سويا من أجل تحقيق العلاج النفسي والعضوي لكثير من الأطفال، سيما في ظل عدم رضا مغاربة هولندا عن الأطباء الهولنديين، وعدم تفهم هؤلاء لجوانب ثقافية ودينية في أمراض المغاربة. ورفع الزوجان شعار «التعايش بين الثقافات أساس الاندماج الاجتماعي».
حين أصبحت خديجة نائبة برلمانية ساعدها زوجها على إعداد تشريعات ساهمت في تحسين أوضاع المهاجرات، بما في ذلك الحد من الوفيات عند الوضع. وعملت على مكافحة العنصرية والتمييز والتصدي للعنف الأسري.
عرف عن نور الدين مساندته للقضية الفلسطينية، واقتسمت معه زوجته خديجة هذا الهم، بل إنهما جسدا هذا الدعم حين أطلقا اسم «صبرا» على ابنتهما استحضارا لمجزرة مخيمي «صبرا وشتيلا».
ومع مرور الأيام أصبحت نجلة البرلمانية روائية لا تتردد في حجز مكانة للقضية الفلسطينية ولقضايا الاغتراب. علما أن الزوجين رزقا أيضا بابنين فضلا الاشتغال بعيدا عن الهوس السياسي.
وعلى الرغم من تعدد مهامها السياسية والمهنية والجمعوية، إلا أن خديجة عريب تخصص لبيتها حيزا من مساحة وقتها، وقالت- في هذا الصدد- لصحيفة «النهار» اللبنانية، إن «الكسكس» هو الوجبة القادرة على لم شمل أفراد الأسرة، «في المغرب تعد الأسر «الكسكس» كل يوم جمعة، وتتجمع حوله في لمة عائلية تختلف عن بقية الوجبات الغذائية اليومية، لكن في هولندا نعد «الكسكس» يوم الأحد، وهو يوم العطلة لكن طقوسه لا تتغير بتغير الأيام».
هذا وتعترف خديجة بالدور الذي لعبه زوجها نور الدين في حياتها، وكيف ساعدها على الارتقاء في سلم النجاح، مشيرة إلى روح التفاهم التي تميز علاقتها بأبنائها وبزوجها ومحيطها العائلي، بل إن الزوج الطبيب يجد متعة في دخول المطبخ لمساعدة زوجته البرلمانية في إعداد وجبات غذائية، ولعب دور المستشار داخل البيت في الوقت الذي تنشغل الزوجة بتصفح مئات الرسائل الإلكترونية المحملة بشكايات المهاجرين المغاربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى