شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

نساء قوامات على الرجال

غنية دجبار
الكرم، تحمل المسؤولية، العطاء والتضحية.. كلها صفات تريدها المرأة في شريك حياتها، فبفضلها ستضمن أنها ستعيش حياة كريمة مع ذلك الزوج الذي يطبق كل ما أوصى به الله ورسوله في أمور الزواج. ولكن ماذا لو وجدت المرأة نفسها مرتبطة بزوج لا تنطبق عليه أي واحدة من هذه الصفات، لأنه ببساطة شخص غير مسؤول، طماع، استغلالي وانتهازي، استقال عن كل مهامه وأوكلها إلى زوجته التي أصبحت تتحمل مسؤوليات البيت وحدها، وبدل أن تكون مدللة في بيتها أصبحت الآن تلعب دورين وتتحمل فوق طاقتها. مثل هذه الحالات لم تعد نادرة في وقتنا الحالي، وقصص لنساء أخذن دور الزوج في البيت تسردها «الأخبار» وتعرف من خلالها بدور الزوج والزوجة، وكيف على المرأة أن تتعامل مع الزوج الذي يتخلى عن مسؤولياته ويوكلها إليها.
لطاما كانت (حنان) تبحث عن فارس أحلامها الوسيم، وها هي قد حققت حلمها بالزواج برجل يشبه أبطال المسلسلات التركية، ولكن هل الجمال كاف؟

لأن الحب أعمى
تقول (حنان) وهي تحكي تفاصيل قصتها لـ«الأخبار»: «إن مقولة الحب أعمى تنطبق علي، فقد أحببت (مراد) من أول نظرة، وبالرغم من علمي بوضعيته المادية وأجره الضعيف رضيت بالزواج به.
وبالطبع اضطررت للعيش في بيت أهله، لأنه كان لا يملك المال لشراء أو كراء بيت خاص بنا، ومع ذلك رضيت بالوضع.
كان (مراد) يعيش في مدينة مراكش، الشيء الذي جعلني أنتقل للعيش بهذه المدينة بعد أن كنت أعيش بالدار البيضاء رفقة أهلي.
والدي توفي عندما كنت طفلة وكنت أطمع في أن أجد حنان الأب في زوجي، ولكنني لم أجد أي شيء في هذا الشخص الذي اخترته ليكون شريك حياتي. فقد كان (مراد) يستغل نقطة ضعفي وهي حبي الأعمى له، فكان دائما ما يبتزني ويأخذ مني جزءا كبيرا من راتبي بحجة أنه يجب أن يساعد أهله في مصاريف البيت».
مرت السنوات، واستطاعت (حنان) أن تشتري بيتا لتنتقل للعيش فيه هي وزوجها، ووجدت نفسها تتحمل مسؤولية هذا البيت أيضا فقد كان زوجها لا يشارك في دفع مقابل أي شيء يخصهما، وبعد أن طفح بها الكيل أصبحت تتذمر من تصرفاته، وتطالبه بتحمل المسؤولية.
وتضيف (حنان): «بعد أن أصبحت أطالب بحقوقي، أخذ (مراد) يلومني أنا ويقول لي إنني تغيرت ولم أعد أحبه لأنه كان عقيما.
ولكن للأسف بالرغم من أنني كنت أضحي من هذه الناحية لأنني حرمت من الأمومة بسببه، إلا أنه كان لا يبالي بذلك ولا يبذل أي مجهود ليعوضني عن هذا الحرمان».

(لمياء): «رضيت بالوضع خوفا من أهلي»
بالرغم من توفر الإمكانيات، فإن حالة (لمياء) لا تختلف عن سابقتها. فهي طبيبة نسائية، هي الآن متزوجة من صيدلاني ومستقرة بباريس الفرنسية، تقول لـ«الأخبار»: «بعد حصولي على شهادة الباكالوريا، سافرت إلى فرنسا لإتمام دراستي، فقد اخترت أن أدرس الطب، وطبعا الكل يعرف أن دراسة هذا الاختصاص تتطلب سنوات طويلة.
مرت السنين وأنا مهتمة فقط بالدراسة، فبعد حصولي على شهادة الطب العام اخترت أن أتخصص في طب الأمراض النسائية.
وكلما مر الوقت كنت أنسى أمر الزواج والبحث عن الرجل الذي سيصبح شريك حياتي. فكوني كنت أعيش في فرنسا كانت فرصة لقائي بشاب مسلم ومغربي ضعيفة. لذلك كنت لا أعير الأمر أهمية كبيرة.
حين بلغت الثلاثين من عمري بدأ خطر العنوسة يدق بابي، ولكن مع ذلك كنت راضية بما كتبه الله لي لأنني كنت أؤمن بأن الزواج قسمة ونصيب».
في يوم من الأيام، التقت (لمياء) بصديقة مغربية لها هناك، لتقترح عليها اللقاء بشاب مغربي يبحث عن عروس.
وفعلا التقت (لمياء) بـ(سليم)، وتم القبول من الطرفين، ليتزوجا في ظرف شهرين فقط، تقول: «لم أعرف لماذا كنت أشعر أن (سليم) تزوج بي وكأنه مرغم على ذلك، فلم أكن أرى في عينيه السعادة.
ولكن خوفي من أن أكون قد تسرعت في زواجي كان يجعلني أقنع نفسي بسبب واحد وهو أننا تزوجنا دون أن نحب بعضنا، فكنت أقول ربما سيأتي اليوم الذي سيحبني فيه.
ولكن كلما مر الوقت زاد جفاء (سليم)، فبعد إنجابي لطفلنا الأول بدأ زوجي يتخلى شيئا فشيئا عن مسؤولياته بالرغم من كونه ميسور الحال، إلا أنه كان لا يتدخل في أي أمر يخص البيت. كان كل وقته وماله يخصصه لعمله ولاستثمار ثروته في الأراضي والعمارات.
فكان يتركني أنا وطفلي لأسابيع دون أن يسأل عنا، ولكن في الواقع حتى وجوده في البيت كان لا يشكل فرقا كبيرا، فهو حتى «صباح الخير» لا يقولها لي.
من ناحيتي، لم أكن أعرف لماذا أنا راضية بهذا الوضع، فنحن لا نعيش الحياة الطبيعية للأزواج، لأنني أنا المسؤولة عن كل أمور البيت، من مصاريف الأكل، الماء والكهرباء، المدرسة، الطبيب…
ولكن ربما خوفي من أن يعلم أهلي بالأمر وأن يحرمني زوجي من ابني كان يجعلني راضية بالوضع، فلقب «متزوجة» يكفيني حاليا إلى أن يقرر (سليم) أن يتغير، مع أنني أشك في ذلك».

(سناء): لست ناكرة للجميل
حالة (سناء) تختلف عن حالتي (حنان) و(لمياء)، فهي تزوجت برجل وصفته بالشهم، بالرغم من إمكانياته الضعيفة إلا أنه كان يمنعها من العمل، وكان يفعل كل ما بوسعه لتلبية كل متطلبات بيته.
كان (عبد الله) يعمل بناء، الشيء الذي عرضه في أحد الأيام لحادث خطير، فقد سقط من الطابق الثاني لإحدى البنايات، فتعرض لكسر في ظهره جعله طريح الفراش.
تقول (سناء) لـ«الأخبار»: «حياتنا انقلبت رأسا على عقب منذ ذلك اليوم، فأنا لم أكن أتحمل مسؤولية أي شيء في البيت عدا الأمور العادية التي تقوم بها معظم النساء، من طبخ وجلي وكنس.. ولكن بعد تعرض (عبد الله) لهذا الحادث اضطررت للعمل خادمة في البيوت لأوفر قوت يومي أنا وأسرتي.
وبعد أن كنت مدللة في بيتي، أصبحت مضطرة لتحمل مسؤوليات كبيرة كان زوجي من يقوم بها.
أدركت أن زوجي كان له دور مهم، ولكن الحمد لله على كل حال، واجبي كزوجة أن أقف مع زوجي في السراء والضراء، وتضحياته الكثيرة من أجلي عندما كان بكامل صحته تجبرني الآن على أن أضحي من أجله».
وتضيف (سناء): «أهلي يطالبونني الآن بالطلاق من زوجي ولكنني دائما ما أرفض لأنني سأكون ناكرة للجميل لو انفصلت عن (عبد الله). هذا الرجل الذي كان مثالا للزوج الذي يقدر زوجته ويتحمل مسؤوليات بيته، ففي كل صلاة أدعو الله أن يستعيد زوجي عافيته ليعود إلى حياته الطبيعية».

حسن الكتاني عالم دين «القوامة للرجال وتخلي الزوج عن مسؤولياته يعتبر تقصيرا في حق أهل بيته»
الإسلام حدد واجبات الزوج تجاه زوجته والعكس، فالأمور التي تجب على الزوجة تجاه زوجها هي أن تطيعه، تحترمه، توقر أهله وتربي أبناءه، وواجب عليه هو أن ينفق عليها وأن يعاملها بالمعروف ويحسن إليها ويسكنها ويقوم على شأنها.
لذلك فالأصل هو أن يكون الرجل قيما على أمور البيت، أي أنه هو الرئيس، وكلما تنازل عن بعض واجباته ضعفت سيطرته على البيت وضعفت كلمته. فسيطرة بعض النساء على البيت بسبب تخلي الزوج عن مسؤولياته لا تعتبر أمرا طبيعيا الشيء الذي يشكل خللا في البيت.
فالزوج الذي يتخلى عن مسؤولياته تجاه زوجته وأطفاله، يعتبر مقصرا، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ ذلك أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته».
فإذا ضيع الزوج بيته وضيع تربية أبنائه ومسؤولياته تجاه زوجته، فهو مسؤول بين يدي الله عن ذلك.
ولكن لو تعرض الزوج لحادث أو مرض منعه من العمل مجددا، فهذه الحالة تعتبر استثنائية والضرورة تقدر بقدرها، ولا شك أن الزوجة الصالحة هي التي تحاول أن تجمع بيتها في حال غياب الزوج أو في حال عدم قدرته على القيام بواجباته وستكون مأجورة على ذلك.

cpll

سعاد الطوسي مساعدة اجتماعية وفاعلة جمعوية في مجال المرأة : أصبح من الصعب أن يتحمل الزوج مسؤوليات البيت لوحده

  • لماذا يتخلى بعض الرجال عن مسؤولياتهم في البيت؟

المسألة مرتبطة أولا بالتربية، فلو ترعرع الشخص على مبدأ المسؤولية، فلن يخلق لديه ذلك الاعوجاج، كأن يصبح أنانيا تهمه مصلحته فقط، مما يؤثر على علاقته بزوجته وأولاده.
وثانيا هناك مسألة التعود، فلو ارتبط الزوج بامرأة لديها روح المسؤولية بشكل كبير، وبالمقابل هو من كانت ظروفه لا تسمح له بتحمل الجزء الكبير من مسؤولية البيت، كأن يكون راتبه ضعيفا أو أن يكون عاطلا عن العمل، فإن ذلك يجعله يعول على زوجته، وبالتالي يتعود على أن هناك طرفا آخر يتحمل المسؤولية عنه.
وثالثا هناك بعض الرجال الذين لا يواكبون التغييرات، من قبيل تغييرات الأسعار، فيعطون لزوجاتهم مبلغا زهيدا للتسوق. ولأن الزوجة تحسن التدبير ولأنها عاملة، فإنها تحاول سد النقص المادي الذي يضعها فيه زوجها.

  • كيف يؤثر هذا الأمر على المرأة؟

هناك ثلاثة أنواع من النساء: النوع الأول هو المرأة التي تتفادى خلق المشاكل، وبالتالي فهي تعوض النقص الذي يخلقه زوجها، خاصة إذا كانت تعمل فإنها تتمكن من سد الفراغ.
للأسف هذا هو الخطأ الذي تقع فيه المرأة، فبما أنها لا تخبر زوجها بالأشياء التي يجب أن يتحمل مسؤولياتها، فإنه لن ينتبه إليها، وعندما ستخبره بها قد يكون فات الأوان لأنه سيضع اللوم عليها كونها لم تخبره بذلك سابقا، وكل ذلك راجع لانعدام ثقافة التدبير.
النوع الثاني هو المرأة التي ظلت تنبه زوجها كثيرا دون جدوى إلى أن استسلمت، وبالتالي فإنها ترضى بالوضع.
والنوع الثالث هو المرأة التي لا تحسن تحديد موضع الخلل في علاقتها مع زوجها، ما يجعلهما دائما في نزاع، فالمشكل ليس هو عدم إنفاق الزوج، وإنما عدم تدبير الانفاق.

  • كيف يمكن للمرأة أن تتعامل مع هذا الوضع؟

«لي سكت على لي ضرو الشيطان غرو»، فالحوار مهم بين الزوجين ومن الأفضل أن يتفق الطرفان على هذه الأمور قبل الزواج، ويحددا الميزانية التي سيخصصانها لكل شيء.
لهذا يشكل الوضوح عاملا أساسيا لنجاح العلاقة الزوجية، فعلى الرجل أن يوضح لشريكة حياته كل الأمور منذ البداية، وخاصة الأمور التي تتعلق بالمادة، وذلك حتى تعرف مسبقا كيف سيكون الوضع في بيت الزوجية وعلى أساس ذلك ستدبر أمورها هي وزوجها.

  • لماذا أصبح الناس الآن لا يفرقون بين واجبات الزوج وواجبات الزوجة؟

المشكل ليس في أن الناس لا يفرقون بين واجبات الزوج والزوجة، وإنما في أنه أصبح من الصعب أن يتحمل الزوج مسؤوليات البيت لوحده، خاصة إذا كان مدخوله ضعيفا، وبالتالي يصبح من المفروض على الزوجة أن تشارك زوجها في الإنفاق على البيت.
ولكن في هذه الحالة على الزوج أن يعرف أن دوره لن يتوقف فقط خارج البيت أي في العمل، فكما تقوم الزوجة بمساعدته في المصاريف عليه هو بالمقابل أن يساعدها في أمور البيت وتربية الأطفال..

  • هل من نصيحة للأزواج بخصوص مسألة تحمل المسؤولية؟

على كل طرف أن يتحمل المسؤولية من جهة، فلكل منهما دوره في البيت، لذلك يجب أن تقسم المهام بينهما بالتوافق. وأهم مفتاح لتجاوز كافة المشاكل هو الحوار والوضوح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى