أفادت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، بأنه رغم تداعيات الأزمة الصحية والحرب الروسية الأوكرانية، فإن نسبة الادخار لم تتغير، حيث تم تسجيل استقرار في هذه النسبة بالمقارنة مع سنة 2019، وكشفت أن الأسر تعتمد وسائل تقليدية لـ«توفير» الأموال على شكل سيولة، أو من خلال العقارات والأراضي والذهب والحلي.
وأوضحت الوزيرة في جواب عن سؤال كتابي أن الادخار يشكل رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، سيما للاستثمار، وخصوصا في الظرفية الحالية التي تتسم بارتفاع حاجيات تمويل الاقتصاد الوطني.
وأفادت فتاح بأن أحدث المعطيات المتوفرة حول الادخار ببلادنا تؤكد أن متوسط نسبة الادخار من الناتج الداخلي الخام، في الفصلين الأولين من سنة 2022، بلغ 28,6 بالمائة كمتوسط مقابل 29,1 بالمائة خلال الفترة نفسها من سنة 2021، و28,2 خلال سنة 2019، مما يعكس شبه استقرار هذا المعدل مقارنة بالمستوى المسجل قبل ظهور أزمة كورونا واندلاع الصراع الروسي الأوكراني.
وأرجعت الوزيرة سبب هذا الاستقرار جزئيا إلى تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج التي تجاوزت 47 مليار درهم برسم الأشهر الستة الأولى من سنة 2022، مقابل 30,9 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من سنة 2019.
وفي ما يخص ادخار الأسر، وحسب أرقام الحسابات الوطنية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، فإنه مثل حوالي 13 بالمائة في المتوسط خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2019 من دخلها المتاح، وهو معدل مرتفع مقارنة ببعض الدول الناشئة والنامية. وأشارت فتاح في هذا الصدد إلى أن هذه النسبة ارتفعت إلى 15.6 بالمائة في سنة 2020، نظرا إلى الحجر الصحي الذي أدى إلى انخفاض استهلاك الأسر وبالتالي إلى تكوين مدخرات احترازية.
أما عن خصائصه، تضيف الوزيرة، فيتميز الادخار المالي للأسر ببنية يطغى عليها طابع السيولة، حيث مثلت الودائع تحت الطلب للأسر 65 بالمائة من مجموع ودائعها البنكية في سنة 2021 مقابل 63 بالمائة في سنة 2020. ومن جهة أخرى، كشفت فتاح أن الأسر المغربية تفضل استثمار مدخراتها في أصول غير مالية، سيما العقارات والأراضي أو حتى الذهب والحلي، وذلك يعود من بين أمور أخرى، إلى اعتبارات ثقافية سائدة في مجتمعنا.
واعتبرت وزيرة الاقتصاد والمالية أن الادخار هو الجزء من الدخل غير المخصص للاستهلاك والذي يودع عادة في حسابات بنكية، أو يستخدم على المدى القصير، وأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة سنة 2022 بهدف دعم القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز التشغيل، وتلك المقررة في إطار قانون المالية لسنة 2023، من شأنها أن تحسن قدرتهم على الادخار، وذكرت منها تنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي مع النقابات، وذلك من خلال رفع الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة (SMIG)، وكذا القطاع الفلاحي (SMAG) بنسبة 10 بالمائة، وتخفيف العبء الضريبي عن الأجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة، والذي سيكلف 2,4 مليار درهم، بالإضافة إلى إحداث دعم مباشر للأسر لاقتناء السكن، بدلا من المقاربة القائمة على النفقات الضريبية وتوفير الوعاء العقاري.
ومن بين الإجراءات المتخذة، تحدثت فتاح عن تخصیص 26 مليار درهم حتى يستمر صندوق المقاصة في أداء وظيفته، ودعم مهنيي النقل الطرقي للمحافظة على استقرار تعريفة النقل وأسعار المنتوجات والسلع، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير أخرى لدعم المؤسسات العمومية التي تأثرت سلبيا بارتفاع أسعار المنتجات البترولية من خلال الحفاظ على تعريفات خدماتها، كما هو الحال بالنسبة إلى الماء والكهرباء، وتشجيع إدماج الشباب في سوق الشغل، من خلال مواصلة تنزيل برنامج «أوراش» الذي يروم إحداث 250 ألف منصب شغل خلال سنتي 2022 و2023.
وتحدثت الوزيرة كذلك، عن مواصلة برنامج «انطلاقة» إلى جانب برنامج «فرصة»، وتعزيز آليات تسريع نشاط المقاولات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، فضلا عن مواصلة تنزيل الأوراش والمشاريع الكبرى الملتزم بها، والحفاظ على المجهود التنموي من خلال تعميم الحماية الاجتماعية، ومواصلة تأهيل قطاعي الصحة والتعليم، فضلا عن دعم المقاولة للحفاظ على مناصب الشغل.
محمد اليوبي