حسن البصري
حين أصدرت لجنة الأخلاق بالاتحاد العربي لكرة القدم قرارات انضباطية ضد الاتحاد الجزائري لكرة القدم، على خلفية أحداث نهائي كأس العرب لأقل من 17 سنة بين المغرب والجزائر، والتي تراوحت بين تغريم الجزائريين 120 ألف دولار وتوقيف البلطجي الناشئ عبد الحق إيدير ستة أشهر نافذة بسبب تسديد ركلة في بطن حارس المنتخب المغربي..، حين صدر القرار كان المنتخب المغربي للناشئين يستقبل استقبال الأبطال في القاعة الشرفية لمطار محمد الخامس من طرف وزيرين.
حين كان الحكام الجزائريون الذين عينوا لقيادة مباراة كأس السوبر بين الوداد ونهضة بركان، (غربال وتشيال ومقران ولحلو)، يقومون بحركات إحماء على أرضية مركب الأمير مولاي عبد الله، كانت الجماهير تحتفل بعناصر المنتخب المغربي للناشئين، أمام أنظار الجزائريين.
حين نجا لاعبو المنتخب المغربي للناشئين من غارة جماهير مشحونة بحقنة سياسية، في ملعب وهران، كان الحكم غربال الوهراني يردد في قرارة نفسه أغنية الشاب خالد «وهران وهران رحتي خسارة»، وهو يخشى أن يعامل بالمثل في الرباط، وأن يرد له المغاربة الصاع صاعين، لكنه حظي بترحيب أفحمه ضد ما توقعه.
حين ظهر المدرب عبد الحق بن شيخة الجزائري فوق أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، قبل انطلاقة السوبر، هتف الوداديون والبركانيون باسمه فانحنى لهم شاكرا، وهو يردد في قرارة نفسه: «ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا».
حين كان الاتحاد العربي لكرة القدم يطفئ غضب المغاربة ويسعف جسد الروح الرياضية المذبوح في ملعب وهران، كان الاتحاد الجزائري يبحث عن حلفاء عرب لخلق جبهة التصدي.
حين كانت العقوبات تتهاطل على مقر الاتحاد الجزائري، كان الحساب الرسمي للاتحاد العربي لكرة القدم على «تويتر» ينشر تغريدة يهنئ فيها الجزائر والاتحادية الجزائرية لكرة القدم على «نجاح» تنظيم النسخة الرابعة من كأس العرب، كانت تهنئة محشوة بغرامات وتوقيفات.
في الجزائر فقط، يتحول قرار زجري إلى «قضية دولة»، تستنفر لها الأجهزة السرية ما يكفي من جهد وغاز طبيعي. ولا نستبعد أن تبادر الخارجية الجزائرية إلى استدعاء سفيرها في الرياض للتشاور، على خلفية قرار تأديبي في حق اتحاد الكرة الجزائري، اعتبره جيراننا مؤامرة تستهدف بلد المليون «عنيد».
لم يقبل حكام الجزائر أن ينهي قرار من الرياض فرحتهم بالفوز على المنتخب المغربي للناشئين، لم يقبلوا أن تدين السعودية مباراة أريق على جوانبها الدم، ولم يتقبلوا بلاغا زجريا ينهي صلاحية رسالة تهنئة من تبون للاعبي منتخب بلاده.
حين فاز المنتخب الجزائري على نظيره المغربي بخماسية في الدار البيضاء، غادرت عناصره الملعب تحت تصفيقات المغاربة، حتى اعتقد مدربهم مغربي الأصول محيي الدين خالف، أنه في وهران أو البليدة. وحين فاز المنتخب المغربي على نظيره الجزائري بثلاثية في تونس، لم يبتلع مناصرو الخضر الخسارة وحولوا مدينة صفاقس إلى مدينة منكوبة.
حين يفوز منتخب جزائري على نظيره المغربي، يصدر قرار بنصب خيام الفرح ومنح التلاميذ في ربوع الوطن عطلة استثنائية، والسماح بتنكيل الروح الرياضية والدوس على قيم الكرة شهرا كاملا قابلا للتمديد.
من المواقف الغريبة التي عرفها ملعب وهران الذي شهد موقعة «كأس العرب»، أن سلطات ولاية وهران أطلقت عليه اسم ملعب العقيد المجاهد بن حدو بوحجر، قبل أن تلغى التسمية بقرار رئاسي، بعد أن فتش المخبرون أوراقه القديمة وتبين لهم أن العقيد كان صديقا للمغرب، وكانت له سوابق، قيد حياته، في الإشادة بدور المغرب في استقلال الجزائر. فسقطت لوحة المجاهد وعوضت بتسمية جديدة «ميلود هدفي» لاعب جمعية وهران.
سكت جهيد زفيزف، رئيس الاتحادية الجزائرية، عن الكلام واختار الصمت، لكن تبين أن زفيزف تعني «النبك» لدى الجزائريين، وأنه كان رئيسا لجمعية الخروب.