عاشت منطقة «وارمداز» التابعة إداريا لدائرة «إيغرم» بإقليم تارودانت يوم الجمعة الماضي، مواجهات عنيفة ما بين سكان محليين ورعاة رحل حلوا بالمنطقة رفقة قطعانهم بحثا عن مراعي جديدة.
واستنادا إلى مصادر محلية، فإن هذه المواجهات التي استعملت فيها الحجارة والعصي، أدت إلى تسجيل إصابات متفاوتة الخطورة، حيث تطلب الأمر نقل بعض المصابين نحو المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية. وقد اندلعت المواجهات مباشرة بعدما حل الرعاة الرحل بالمنطقة لرعي قطعانهم، الأمر الذي رفضه السكان المحليون، واعتبروا ذلك هجوما واعتداء على ممتلكاتهم، ليتم الاتجاه نحو الرعاة من أجل طردهم من المنطقة. وقد تصاعدت حدة الملاسنات ما بين الطرفين، وتطورت نحو الأسوأ، قبل أن يتبادل الطرفان السب والشتم والتراشق بالحجارة والعصي والهراوات، حيث تحولت المنطقة إلى ساحة مواجهات مفتوحة.
إلى ذلك، تعيش مناطق متعددة بجهة سوس ماسة ظروفا استثنائية بفعل الرعب والخوف نتيجة ما يتعرض له السكان المحليون، وما تتعرض له مزارعهم وممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة (سيارات، خزانات الماء، سياجات والبيوت…) من اعتداءات متكررة من طرف مجموعة من الرعاة الرحل الذين يحلون بهذه المناطق. وقد اتخذت هذه الاعتداءات أشكالا مختلفة، منها ما هو مادي كالضرب والسحل، وما هو معنوي، كإتلاف المزروعات والمحاصيل، خاصة أشجار الأركان واللوز والخروب، وتخريب السياجات ومختلف أشكال الحيازة، وإتلاف الممتلكات المنقولة من سيارات وغيرها، ثم الاعتداء الجسدي بالضرب والجرح والسب بأقبح النعوت. وبفعل ضغط الرعي الجائر أضحت المجالات الرعوية بمناطق سوس تعيش حالة هشاشة كبرى، زاد من حدتها استمرار الجفاف وتراجع النشاط الفلاحي.
ومن أجل التصدي لهذه المواجهات التي تندلع بين الفينة والأخرى بمناطق متعددة، فإن وزارتي الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات تسيران في اتجاه تعيين أعوان محلفين تابعين لقطاع الفلاحة، ستوكل إليهم مهمة تدبير تنقلات الرعاة الرحل في المجالات الرعوية، كما ستعهد إليهم مهمة تدبير النزاعات والخلافات التي تنشأ بين الفينة والأخرى بين الرعاة الرحل وسكان عدد من المناطق القروية. وستوكل إليهم أيضا مهمة تنفيذ المقتضيات القانونية، خصوصا تلك المتعلقة بالقانون 113.13 المتعلق بالترحال الغابوي وتهيئة المجالات الرعوية والمراعي الغابوية، وذلك إلى جانب ضباط الشرطة القضائية والشرطة الغابوية.
ويأتي تعيين هؤلاء للقيام بهذه المهام، وذلك من أجل تقنين الترحال الغابوي، وضبط تحركات الرعاة الرحل، ووضع حد للنزاعات والصراعات التي ظلت تقض مضجع مختلف السلطات المتدخلة، بعد تصاعد وتيرتها واتخاذها مناحي خطيرة في بعض المناطق، خصوصا في بعض قرى جهة سوس ماسة. كما سيعهد إليهم التحرك بالمجالات الرعوية وتتبع حركات الرعاة الرحل، وتنظيمها، ذلك أن تدخل الأعوان المحلفين سيكون استباقيا من أجل تطويق النزاعات قبل نشوبها.
وبحسب المعطيات، فإن وزارتي الداخلية و الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بادرتا إلى الحد من النزاعات القائمة ما بين سكان عدد من المناطق القروية والجبلية والرعاة الرحل، وذلك من خلال إحداث لجان إقليمية للمراعي لتعزيز اللجان الجهوية واللجنة الوطنية بموجب دورية مشتركة تحمل رقم 3739 بتاريخ 15 مارس 2019. وقد أسندت للجان الإقليمية مهمة تدبير الترحال الغابوي والمجالات المرتبطة به على المستويين الإقليمي والمحلي ومعالجة مختلف الإشكالات.
تارودانت: محمد سليماني