شوف تشوف

الرئيسيةتقاريررياضة

من الركراكي إلى هشام الدكيك.. “الطوندونس” الجديد للمدربين المغاربة

أطر استطاعت فرض أسمائها وطنيا ودوليا بعد نهاية مسار الجيل السابق

إعداد: يوسف أبوالعدل

شهدت السوق الكروية المغربية، خلال السنوات الأخيرة، نهضة كروية في جميع المجالات، وفجرها تألق المنتخب الوطني الأول في كأس العالم الأخيرة بقطر والتي وصل فيها “أسود الأطلس” إلى نصف نهائي كأس العالم، ما جعل العالم يرمي بأعينه نحو المغرب لمعرفة أسباب هذه النهضة، التي لامست كل القطاعات من كرة القدم النسوية والقاعة والفتيان إلى منتخب الكبار.

وكان تطور أداء المدربين المغاربة واحدا من المشاهد التي عرفتها الكرة المغربية خلال السنوات الأخيرة، وشهدت تطورا ملموسا لأسمائها وللنتائج التي باتت تحققها، سواء مع المنتخبات أو الأندية التي تشرف عليها، وأصبح المدربون المغاربة مطلبا للعديد من الاتحادات الكروية العربية والإفريقية للإشراف على منتخباتها وأنديتها، طمعا في تحقيق سيناريو مشابه لما حققته الكرة الوطنية في السنوات الأخيرة.

“الأخبار” ترصد أهم الأسماء المغربية التي تألقت في السنوات الأخيرة، وحققت نتائج جعلت العديد منها تغرد خارج المغرب وتصنع أمجادا في بلدان وقارات أخرى.

 

 

وليد الركراكي.. “مول النية”

لم يكن أحد يراهن على وليد الركراكي، الذي انطلقت مسيرته التدريبية في فريق الفتح الرياضي، قبل ثماني سنوات تقريبا، أن يصبح من كبار المدربين في القارة الإفريقية، وينافس مدربي العالم في الاحتفالات الكبيرة التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم والجامعات الكروية العالمية، بعدما وصل رفقة “الأسود” إلى نصف نهائي المونديال بقطر سنة 2022.

وحقق وليد الركراكي لقب البطولة الوطنية وكأس العرش رفقة الفتح الرياضي سنة 2015، منافسا كبار الكرة المغربية، وخاصة قطبي مدينة الدار البيضاء الرجاء والوداد الرياضيين، ليعلن نفسه اسما قادما في سماء التدريب بالمغرب.

ولأن الركراكي لم يكن هدفه التفوق الوطني فحسب، وهو القادم من المدرسة الفرنسية، حيث ازداد في الأراضي الفرنسية من عائلة مغربية سنة 1975، فقد رحل بعد تتويجه بالبطولة والكأس المغربيتين مع الفتح إلى قطر لتدريب نادي الدحيل الذي حقق معه هو الآخر لقب الدوري القطري، رغم نجوم العالم الذين يحتضنهم دوري المشاهير هناك، لترتفع كوطته على المستوى الخليجي، لكن الأخير كان يضع دائما تحديات في مخيلته لم يكن يلمسها سوى هو شخصيا، ظهرت واحدة منها، حينما وافق على العودة إلى المغرب لتدريب فريق الوداد الرياضي.

ولأن قيمة الوداد السوقية والجماهيرية ليستا كالفتح، فإن الركراكي كان يعلم أنها “الضربة” التي سترفعه إلى الأعالي، أو ستبقيه رفقة المدربين العاديين، ولأن الفرص الكبرى يستغلها الركراكي جيدا، فقد نجح في تحقيق لقب الدوري الوطني مع الوداد، وأكثر من ذلك ظفر بلقب عصبة الأبطال الإفريقية مع النادي الأحمر ضد الأهلي المصري في موسم استثنائي، هنأه به فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بمنحه قيادة المنتخب الوطني عوضا عن وحيد خاليلوزيتش، قبل أربعة أشهر من انطلاق نهائيات كأس العالم بقطر.

ولأن الرجلين لقجع والركراكي يحبان التحديات فقد نجحا في رهان المدرب المغربي في مونديال قطر، ليحقق الركراكي ما عجز عنه كل مدربو العالم مع المنتخبات العربية والإفريقية، حيث وصل بالمنتخب المغربي إلى نصف نهائي المونديال، رافعا كوطته وكوطة المدرب المغربي في كل قارات العالم.

 

الحسين عموتة.. المدرب العصامي

رغم أنه لم يكن من نجوم جيله في ممارسته لكرة القدم، إلا أن من عاشروه كلاعب كانوا يؤمنون أن زميلهم الحسين عموتة سيكون له شأن كبير في مجال التدريب، وهو الذي كان يفوقهم علما، بسبب تفوقه الدراسي الذي كان يلح دوما على المحافظة عليه مثل ممارسته للكرة.

انطلق عموتة في مجال التدريب من مدينة الخمسيات وفريقها الاتحاد الزموري للخميسات، الذي قضى معه سنوات وحقق معه إنجازا تاريخيا ما زال صامدا لحدود الآن بوصافة في البطولة الوطنية، وتأهيل النادي لمسابقة دوري أبطال إفريقيا، قبل أن يرفع من سرعته وينتقل لتدريب الفتح الرياضي خلال ثلاثة مواسم قاد الفريق إلى التتويج بلقبي كأس العرش وكأس الاتحاد الإفريقي كأول بطولة إفريقية في تاريخ النادي.

وبعد سنوات قضاها في الخليج العربي، استنجد الوداديون ورئيسه السابق سعيد الناصري بعموتة، بحثا عن لقب عصبة الأبطال الإفريقية الذي استعصى على الناصري، رغم البطولات الوطنية التي أحرزها، فكان عموتة خير اسم لإتمام المهمة، ليرفع الوداديين للفوز بـ”شامبينسليغ”، بعد أكثر من 25 سنة عن آخر كأس فاز بها الفريق الأحمر.

ولأن عموتة يحلم دائما بالتحديات، ورغم فوزه بكأس أمم إفريقيا للمحليين رفقة المنتخب الوطني المحلي، فلم يتردد الرجل في قبول عرض المنتخب الأردني لمنافسة كبار آسيا، إذ ورغم الصعوبات والفوارق الكبيرة مع المدارس الآسيوية، إلا أن الرجل بجديته وصرامته وحنكته استطاع قيادة منتخب “النشامى” لنهائي كأس آسيا، في إنجاز سيظل للتاريخ بالنسبة إلى الأردنيين.

 

جمال السلامي.. المدرب الهادئ

يبدو أن مدرسة الفتح الرياضي هي أفضل بداية للمدربين الناجحين في السنوات الأخيرة في كرة القدم الوطنية، إذ كانت طريق جمال السلامي مشابهة لكل من زميليه في المجال الحسين عموتة ووليد الركراكي، إذ ورغم بداية السلامي من فريقه الرجاء الرياضي كمدرب مساعد ومنقذ في حالات الاستعصاء، إلا أنه فرض اسمه في السوق الكروية المغربية كمدرب للفتح الرياضي.

حقق جمال السلامي الوصافة مع الفريق الرباطي في الدوري الوطني، قبل أن يمنحه فوزي لقجع مهمة تدريب المنتخب المغربي المحلي في كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين التي احتضنها المغرب، وهو التشريف الذي قدره السلامي وأهدى لقب “الشان” إلى المغاربة، في دورة أنجحها السلامي كرويا، بعد انتصارات بالطريقة والأداء والأهداف على كل خصومه في بطولة أمم إفريقيا للمحليين.

وبعد صناعة اسمه، عاد السلامي إلى فريقه الأم الرجاء الرياضي أكثر قوة، وقاد النادي الأخضر للفوز بلقب البطولة الوطنية، ووصل مع “النسور” إلى نصف نهائي عصبة الأبطال الإفريقية، وكان مهندس فوز الرجاء بكأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال، رغم أنه لم يكن في المباراة الختامية.

وبعد كل هذه المواقف والسيرة الذاتية التي حققها السلامي، لم يجد الأردنيون أفضل من اسمه لخلافة مواطنه الحسين عموتة في قيادة منتخب “النشامى”، بعدما أوصاهم المغاربة بأنه بروفايل مماثل لعموتة، وقد يحقق معهم أفضل أحلامهم المتمثلة في التأهل إلى نهائيات كأس العالم المقبلة، إذ تسيير بدايات السلامي مع المنتخب الأردني في الطريق الصحيح، رغم أنها ما زالت وعرة بوجود كبار القارة الآسيوية الراغبين في التأهل إلى المونديال.

فتحي جمال.. مهندس الإدارة التقنية الوطنية

يعتبر فتحي جمال، من خيرة الأطر الوطنية التي أنجبها المغرب في السنين الأخيرة وهو الذي خاض مسارا مغايرا لزملائه بتخصصه في الإدارة والتكوين رغم بداياته في التدريب.

يعتبر العديدون فتحي جمال مهندس السياسة الكروية في المغرب وهو الذي بات عضوا فعالا داخل جهاز الجامعة وكذلك الاتحاد الإفريقي الذي بات يلقي محاضراتها ومناظراتها في مختلف العواصم الإفريقية.

ظهرت مواهب فتحي جمال حينما قاد منتخب الشبان سنة 2005، للوصول لنصف نهائي كأس العالم للشباب بهولندا، رغم أن زملاءه في الكرة كانوا يرشحونه للوصول لأعلى المناصب حينما كان لاعبا وهو الذي كان يتفوقهم دراسة ورغبة في الوصول للمعلومة الرياضية بكل مقوماتها.

وبعد سنوات قضاها في تدريب العديد من الأندية والمنتخبات الوطنية توجه فتحي جمال للعمل في مجال التكوين والإدارة التقنية،  ليصبح سنة 2006 المدير التقني الوطني لجامعة كرة القدم المغرب، وبعدها مؤطرا لدى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، ومديرا للتكوين في الجهاز نفسه، وعضوا في اللجنة التقنية في الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وعضو اللجنة التقنية في الاتحاد العربي لكرة القدم، كما يعتبر من المساهمين الحاليين في وضع خارطة طريقة الكرة المغربية خلال عشر سنوات المقبلة.

 

طارق السكيتيوي.. صانع برونزية الأولمبياد

لم يكن يتوقع أحد أن يتم تعيين طارق السكيتيوي، كمدرب للمنتخب الوطني الأولمبي قبل دورة باريس بثلاثة أشهر، في سيناريو مشابه لتعيين وليد الركراكي مدربا للمنتخب الأول، خلفا لوحيد خاليلوزيتش قبل أشهر من انطلاقة ومونديال قطر.

كان طارق يثق في إمكانياته رغم صعوبة المرحلة، لكنه كان يعلم أن فوزي لقجع منحه الفرصة لصناعة اسم جديد في سماء الكرة المغربية والعالمية أيضا، وكيف لا والأمر يتعلق بألعاب أولمبية تلقى اهتمام العالم أجمع.

كانت بدايات السكيتيوي مع المنتخب الأولمبي غير مشجعة له وللمناصرين المغاربة في ظل النتائج السلبية التي تم تحقيقها من طرف المدرب رفقة «الأولمبيين» خاصة أن الأداء سار على منوال النتائج السلبية، لكنه كان يعلم أنه حينما ستكون المجموعة بأكملها تحت تصرفه فإنه سيحقق المستحيل.

وما إن أعلن عن لائحته  المشاركة في الأولمبياد، حتى ظهرت بوادر مدرب كبير، سواء في الأسماء المستدعاة الذين سيدعمون «الأسود» في دورة باريس والذين اختار منهم الحارس منيرالمحمدي والمهاجم سفيان الرحيمي، والعالمي أشرف حكيمي، وهم الثلاثي الذين كانوا خير سند ودعم لبقية المجموعة الشابة في العمر والكبيرة في المستوى.

وبمجرد أن انطلقت دورة باريس حتى ظهرت القيمة الفنية لطارق السكيتيوي، الذي وضع العالم والمغاربة أمام منتخب يفوز بالنتيجة والأداء وأمام خصوم من الصنف الأول في العالم قبل أن يخاصمه الحظ أمام إسبانيا في دور النصف، وينهزم بهدفين لواحد، ويعود لتصحيح المسار رفقة مجموعته بسحق المنتخب المصري بسداسية في مباراة الترتيب محرزا الميدالية البرونزية الأولى في تاريخ المغرب، وليصنع لنفسه اسما ضمن خانة المدربين المغاربة الجدد في السنين الأخيرة.

 

هشام الدكيك.. من المعاناة للعالمية

لم يكن المغاربة يؤمنون بوجود كرة القدم داخل الصالات، والتي ظلت حكرا منذ سنين على ممارستها بشكل هاو بين الأصدقاء في أزقة المدن المغربية، إلا أن ظهر منتخب وطني يقوده مدرب مغربي اسمه هشام الدكيك، رفع سومة هذا الصنف الرياضي وراية المغرب خفاقة في كبرى المحافل القارية والعربية والدولية.

هشام الدكيك ابن  مدينة القنيطرة، منبع الكرة المصغرة في المغرب، عانى التهميش من الجامعات لسابقة من أجل وضع أسس قانونية لممارسة رياضة كرة القدم داخل القاعة، بحكم معرفته بقيمتها على المستوى العالمي، وهو الذي يتابع حيثياتها عبر كل الوسائل الممكنة.

وبعد الثورة التي شهدتها الكرة المغربية في عهد فوزي لقجع، تمكن هشام الدكيك من صناعة اسم له داخل سماء المغرب، وهو الذي بات يحقق الإنجازات رفقة أشباله سواء بالفوز بكأس إفريقيا للأمم أو كأس العرب أو كأس القارات، ناهيك عن وصوله إلى ربع نهائي كأس العالم في دورة ليتوانيا سابقا وها هو يصل اليوم إلى ربع نهائي المسابقة في دورة أوزبكستان وينازل البرازيل غدا الأحد.

وبعد كل ما حققه في مسيرته فقد تم تتويجه سنة 2023 بجائزة أفضل مدرب في العالم من «فوتسال بلانيت»، بعد المستوى الكبير الذي ظهر به في السنوات الماضية، حيث قاد بلاده لتحقيق العديد من الإنجازات العالمية والإفريقية والعربية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى