يونس جنوحي
حسب ما أورده موقع «ديفانس نيوز»، الأسبوع الماضي، فإن هناك صوتا داخل البنتاغون الأمريكي قد يراجع إمكانية إزالة المغرب من استضافة التدريبات العسكرية في القارة الإفريقية.
هذا ظاهر الخبر، على الأقل. أما التفاصيل فلا شيء فيها يؤكد هذه المعطيات. حتى أن الخبر يمكن إدراجه في خانة التخمينات، التي تُعلق على «المصادر» وتُترك في الهواء.
نص الخبر يقول إن وزارة الدفاع الأمريكية تبحث عن مواقع بديلة للتدريبات العسكرية الكبرى في إفريقيا، وسط ما أسماه الموقع «ضغوطا» من مجلس الشيوخ، لإبعاد المغرب عن موقعه كضيف سنوي لهذه التدريبات.
لكن المشكل ألا وجود لأي معطيات رسمية مؤكدة في الموضوع.
والواضح أن هناك جهات ما، يُزعجها تبوؤ المغرب لصدارة الوجهات الأكثر طلبا للجيش الأمريكي. إذ إن هذه التداريب التي تعتبر الكبرى والأهم، تُجرى في المغرب منذ سنوات، وتتضمن برامج مكثفة تجريها القوات الأمريكية، وحتى قوات «الناتو» التي اختارت هي الأخرى جهات في الصحراء المغربية لإجراء محاكاة عمليات إنزال عسكري وتفكيك للألغام، والتدرب على مناورات بآخر الإصدارات التكنولوجية العسكرية.
المقال الذي يفتقر إلى الدقة في المصادر التي نسبت إليها تلك المعطيات، هاجم المغرب وحاول ربط موضوع المناورات العسكرية بتطورات ملف الصحراء. وهو ما يعارض توجه الخارجية الأمريكية، والموقف الرسمي الأمريكي من مغربية الصحراء.
عنوان المقال يقول إن البنتاغون يُراجع سحب المغرب من استضافة المناورات الكبرى، لكن عند مطالعة الفقرات التي لا رابط منطقي بينها، يتضح أن الأمر يتعلق بعضو في لجنة القوات العسكرية متحدثا عن موقف شخصي يخصه، وأنه حاول رفع المقترح إلى البنتاغون عبر اللجنة التي يُعتبر عضوا داخلها، ويوافقه زميل له في الرأي. ولم يذكر المقال أي إجراء رسمي أو تجاوب من البنتاغون.
وهؤلاء الذين دبجوا المقال مهاجمين المغرب من جبهة قضية الصحراء المغربية، عليهم أن يتمالكوا أنفسهم قليلا، لكي يقرؤوا خبرا صدر يوما واحدا فقط بعد المقال المطبوخ عن «البنتاغون».
والخبر يقول إن مناورات عسكرية جديدة جرت في سواحل الدار البيضاء، جمعت البحرية الهندية بنظيرتها المغربية.
وهذا التدريب العسكري المشترك الذي تحدثت عنه الصحافة الهندية والمغربية، الخميس الماضي، امتد لأزيد من سبع ساعات، أجريت خلالها العديد من الأنشطة الميدانية، واستعملت فيها تكنولوجيا ملاحية متطورة جدا.
فرقاطة «الحسن الثاني»، اشتركت مع الفرقاطة البحرية الهندية «تاركاش» في مناورات تم فيها اختبار برنامج انتشار الأسطول الهندي بالضفة المتوسطية، كما أن مصادر هندية رسمية تحدثت عن مناورات مشتركة سابقة قبل الجائحة، تمت في سواحل مدينة طنجة.
وحسب المعلومات التي توفرت عن السفينة العسكرية الهندية، فإنها قادرة على رصد المخاطر بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتعتبر صناعة لواحدة من أعرق شركات صناعة البواخر العسكرية العملاقة في آسيا.
المصادر الرسمية الهندية قالت إن التدريب يرمي إلى تعزيز الدبلوماسية العسكرية مع المغرب، كما أن هذه التداريب جمعت البحرية الهندية ببحرية دول أوروبية، قبل أيام فقط من موعد المناورات مع البحرية الملكية المغربية.
على الذين بذلوا جهدا لكي تصل «تكهنات» وقراءة الفناجين، إلى موقع «ديفانس نيوز»، الذي يعنى بأخبار الجيش الأمريكي وعمليات «البنتاغون»، استيعاب أن المغرب يطل على واجهتين بحريتين تُعتبران المعبر الوحيد نحو ضفتي هذا الكوكب، شرقه وغربه. وكما أن الحلفاء يأتون إلى المغرب من أمريكا، فإنهم يأتون إليه من الهند أيضا.
حاول مقال «ديفانس نيوز» اللعب بالأرقام قليلا، وقارن بين الميزانية المرصودة من طرف الكونغرس الأمريكي لوزارة الدفاع الأمريكية، وقال إن الولايات المتحدة خصصت 10 ملايين دولار للبحث عن مواقع بديلة للمناورات. في حين أن التنوع الجغرافي للمغرب ظل دائما مكانا مفضلا لكل أشكال التداريب مع القوات المسلحة الملكية، بالإضافة إلى الروابط التاريخية بين البلدين، إذ إن بعض الاتفاقيات العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة تعود إلى سنة 1955، هذا دون الحديث عن الاتفاقيات البحرية التي تعود إلى سنة 1822 وما قبلها، وهذا التاريخ كله لا يمكن أن يمحوه مقال تفوح منه رائحة الدخان.