معاكسة الإرادة الملكية
لا يبدو أن مجلس النواب أخذ الدرس من الرسالة الملكية الموجهة إليه بمناسبة الذكرى 60 لتأسيسه، والداعية إلى ضرورة تخليق الحياة البرلمانية وما تستبطنه من استبعاد الوجوه المثقلة بالقضايا أمام المحاكم من المسؤولية البرلمانية، حيث ينتظر الملك أن تكون هياكل المجلس بحلة جديدة تقوم على استبعاد المشتبه فيهم من قوائم المسؤولية والعمل على إدماج فئة نزيهة لتوسيع قاعدة التخليق البرلماني.
والحقيقة أن هناك تطاولا غير مبرر من لدن الفرق البرلمانية، ومن ورائها أمناء أحزابها، على التوجيه الملكي الواضح من خلال إصرارها على تقديم الحسابات الحزبية الضيقة على أولوية احترام الإرادة الملكية التي تحاول الرقي بالمؤسسة التشريعية إلى المكانة الدستورية التي تستحقها وانتشالها من مستنقعات الفساد السياسي والأخلاقي لبعض السياسيين.
غير أن بعض الفرق البرلمانية مصرة على معاكسة الإرادة الملكية، وتدافع بلا هوادة عن بقاء دار لقمان على حالها، حيث سنجد من ينتهك حرمة النساء يدافع عن مدونة النساء وحقوقهن، وسنجد من هو متهم باختلاس أموال عمومية يترافع باسم فريقه على ضمانات القانون الجنائي وعقوبات الإثراء غير المشروع.
لقد بدا واضحا أن جيوب مقاومة التخليق داخل المؤسسات الدستورية تحاول تعطيل أي خطوة نحو الإصلاح، بل تجاوزت ذلك إلى العمل لنعود إلى زمن الماضي حيث اللاقانون والحصانة المطلقة تجاه الفساد.
إن من يحاول معاكسة الإرادة الملكية، من الأحزاب السياسية والمؤسسات الدستورية، ينبغي أن يقابل بكثير من الصرامة، وفي الواقع أن بعض الوجوه السياسية، التي تتحدى الجميع، ينبغي إرجاعها إلى حجمها الطبيعي واتخاذ ما يلزم في حقها. غير ذلك سنُطبع مع معاكسة التوجهات الملكية، وهذا خطر داهم على الدولة والمؤسسات.