محمد اليوبي
أصدرت الهيئة المتخصصة في جرائم غسل الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، في جلسة عقدتها أول أمس الخميس، حكما يقضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق النائب البرلماني يونس بنسليمان، والقاضي بمصادرة أمواله وممتلكاته لفائدة خزينة الدولة، بصفته كان يشغل منصب نائب العمدة السابق لمدينة مراكش، العربي بلقايد، الذي قضت المحكمة نفسها ببراءته في هذا الملف المرتبط بغسل الأموال المتحصل عليها من صفقات «كوب 22».
وقضت المحكمة بعدم مؤاخذة المتهم محمد العربي بلقايد من أجل ما نسب إليه بخصوص غسل الأموال، والتصريح ببراءته منه وتحميل الخزينة العامة الصائر. وقضت المحكمة بمؤاخذة البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، يونس بنسليمان، من أجل المنسوب إليه ومعاقبته بسنة واحدة موقوفة التنفيذ وغرامة نافذة قدرها 20 ألف درهم مع الصائر والإجبار في الأدنى، والأمر بالمصادرة الكلية للأموال موضوع التحويلات، التي تلقاها المتهم خلال الفترة المحددة في البحث المالي والعائدات الناتجة عنها دون باقي الممتلكات الأخرى العامة.
وتمت إحالة الملف على المحكمة المتخصصة في جرائم غسل الأموال، التي تم إحداثها أخيرا، بناء على تعليمات النيابة العامة المتخصصة، بعد توصلها بمعلومات من الفرقة الجهوية المتخصصة في جرائم الأموال بوجود شبهة حول تورط المتهمين في ملف صفقات «كوب 22» في غسل الأموال المتحصل عليها من هذه الصفقات.
وأفادت المصادر بأن النيابة العامة قررت فتح تحقيق مالي مواز في الاشتباه بوجود جريمة لغسل الأموال المختلسة، وذلك طبقا لمقتضيات القانون رقم 12-18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، والتي تنص على مصادرة متحصلات الجريمة. وأكدت المصادر أن رئاسة النيابة العامة أولت لهذه التحقيقات أهمية بالغة، حيث عملت على حث النيابات العامة على تكليف الشرطة القضائية بإجراء الأبحاث المالية الموازية وذلك عبر جرد ممتلكات المتهمين العقارية والمنقولة وحساباتهم البنكية وعلاقة تلك الممتلكات بالجريمة الأصلية المتعلقة بتبديد واختلاس أموال عمومية، مشيرة إلى أنه يمكن للنيابة العامة أن تستعين بمساعدة الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بشأن جميع الأدلة والمعلومات التي قد تفيد في البحث، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد بمناسبة قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية مع جعلها قاصرة على الأموال ذات الصلة بالجريمة واحترام حقوق الغير.
ومازالت أطوار محاكمة العمدة السابق لمدينة مراكش، العربي بلقايد، ونائبه يونس بنسليمان، متواصلة بمحكمة جرائم الأموال، حيث طالب ممثل النيابة العامة في جلسة سابقة بإنزال أقصى العقوبات على المتهمين في ما يخص ملفات الصفقات التي كلفت 28 مليارا، وذلك في إطار العقوبات المنصوص عليها في الفصلين 129 و241 من القانون الجنائي. وبدوره، التمس الوكيل القضائي للمملكة، خلال جلسة المحاكمة ذاتها، بإرجاع كل من بلقايد وبنسليمان لفائدة الدولة ووزارة المالية 11 مليارا ونصف مليار سنتيم من الأموال التي تم تبديدها، قبل أن يطالب بالحكم على المتابعين بأداء تعويض مالي لفائدة الدولة المغربية ووزارة المالية بمبلغ يصل إلى 10 ملايين درهم بسبب الأضرار التي تسببا فيها.
ووجه الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف تهمة جنائية للبرلماني بنسليمان، تتعلق باستفادته من الصفقات التفاوضية التي أشرف عليها في إطار الاستعدادات لتنظيم مؤتمر المناخ «كوب 22»، التي تجاوزت مبالغها 28 مليار سنتيم. وكشفت التحقيقات، التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في هذا الملف المثير، أن بنسليمان ساهم في تأسيس شركتين برفقة أحد المقاولين المشهورين بمراكش، متخصصتين في صيانة الطرق، وذلك قبل أسابيع قليلة من انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي، ومنح لنفسه مجموعة من الصفقات التفاوضية التي أشرف عليها شخصيا، حيث وجه له الوكيل العام للملك تهمة جنائية جديدة تتعلق بـ«تلقي فائدة من مؤسسة عمومية يتولى إدارتها»، وهي التهمة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 245 من القانون الجنائي، ما بين 5 و10 سنوات.
وحسب معطيات الملف، الذي أحاله الوكيل العام للملك على قاضي التحقيق بالغرفة الجنائية الثالثة المكلفة بجرائم الأموال، يوسف الزيتوني، فإن بنسليمان أسس شركتين متخصصتين في تزفيت وصيانة الطرق، واستفاد من صفقات تفاوضية بدون منافسة في إطار طلب العروض، نظرا للطابع الاستعجالي لإنجاز الأشغال في إطار التحضير لتنظيم الحدث الدولي، وذلك بثمن 800 درهم للمتر المربع بالنسبة لأشغال التزفيت، و40 درهما للمتر المربع بالنسبة لأشغال الصيانة العادية، فيما حصلت الشركتان على مشاريع قبل موعد تنظيم المؤتمر بأثمنة لا تتجاوز 450 درهما بالنسبة لتزفيت الطرق والشوارع و10 دراهم فقط لأشغال الصيانة العادية.