صادق المجلس الحكومي الأخير على تعيين وفاء شاكر، مديرة لأكاديمية سوس ماسة، لتكون ثاني امرأة يتم تعيينها في هذا المنصب العالي بعد الجيدة اللبيك، المديرة السابقة لأكاديمية الداخلة، والتي كانت أول مسؤولة في هذا المنصب، وتقاعدت رسميا قبل أشهر.
تعيين مديرة أكاديمية جهة سوس سيعني أنها ستظل مديرة الأكاديمية الوحيدة من ضمن أحد عشر مديرا من الرتبة نفسها، الأمر الذي يطرح بقوة سؤال المناصفة في وزارة تتجاوز نسبة النساء فيها في المهام والوظائف الصغيرة النصف، وخاصة في التدريس. ورغم توقيع الوزارة، في عهد حكومة بنكيران ورشيد بلمختار، على اتفاقية لتشجيع النساء على تولي مناصب المسؤولية، فإن حضورهن ما فتئ يتقلص، حتى تناقص عدد النساء المسؤولات مركزيا وجهويا من ستة نساء إلى امرأة واحدة مركزيا وأخرى تم تعيينها أخيرا على المستوى الجهوي.
النساء.. أكثر حضورا في المناصب الأدنى
تتجاوز نسبة نساء قطاع التعليم حاجز النصف، ويتمركز حضورهن في هيئة التدريس بشكل أكبر، مع تسجيل طفرة مهمة في هيئة الإدارة التربوية. لكن، في المقابل، ماتزال وزارة التربية الوطنية تتذيل قائمة القطاعات العمومية من حيث العمل بمبدأ المناصفة، حيث لا تتعدى النساء المسؤولات في قطاع التعليم مركزيا امرأة واحدة، بعد استقالة ثلاث مسؤولات في السنتين الأخيرتين، وعلى المستوى الجهوي سيطر الذكور على إدارات الأكاديميات الجهوية، خصوصا بعد استقالة المديرة السابقة لأكاديمية الداخلة، الجيدة اللبيك، بفعل تعرضها لحادثة سير خطيرة نجت منها بأعجوبة.
تعيين امرأة لأول مرة على رأس أكاديمية سوس سيجعلها ثاني امرأة تتولى هذا المنصب. هذه المديرة الإقليمية السابقة، والتي سبق لها أن قدمت استقالتها من منصب مديرة إقليمية لمدينة مكناس، استطاعت أن تقنع الوزير شكيب بنموسى بمشروعها الذي تقدمت به لتعويض المدير السابق، الجاي المنصوري، الذي أحيل على التقاعد بموجب السن.
ضعف حضور النساء في مناصب المسؤولية بوزارة التربية الوطنية كان موضع دراسة أنجزتها، قبل سنتين، وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، والتي أكدت أن 26 في المائة من النساء يرتكزن في مسالك الوظائف في أدنى مناصب المسؤولية، مشيرة إلى أنه كلما صعدن في التسلسل الهرمي الإداري كان حضور الإناث أقل، حيث إن نسبة ولوج النساء إلى منصب رئيس لا تتعدى 13 في المائة مقابل 15 في المائة على مستوى الوظائف العليا.
وكشفت الدراسة، المعنونة بـ«مكانة المرأة الموظفة بمناصب المسؤولية في الإدارة العمومية بالمغرب»، أن نسبة عالية من النساء المسؤولات تتموقع على مستوى المصالح المركزية بنسبة 31 في المائة، مقابل 18 في المائة على مستوى المصالح غير الممركزة، والتي تشكل 94 في المائة من الإدارة المغربية.
ولفتت الدراسة إلى أن تأنيث المناصب العليا غير متوازن بين مختلف القطاعات الإدارية، حيث لا تتعدى النسبة بوزارة التربية الوطنية والتعليم 8 في المائة. وأشارت الإحصائيات، على المستوى المجالي، إلى أن الرجال يمثلون 96 في المائة من جميع المناصب العليا على المستوى المركزي بوزارة التربية الوطنية، لكن تمثيل المرأة يبدو أفضل على مستوى المسؤوليات الصغرى، من قبيل مديرة إقليمية ورئيسية مصلحة أو رئيسة قسم، أي أنه على مستوى الأقسام نجد 22 في المائة، وعلى مستوى رؤساء المصالح نجد 37 في المائة.
التزام رسمي على الورق فقط
كثيرة هي الاتفاقيات التي وقعتها الوزارات، ووزارة التربية الوطنية خصوصا، والتي تهم محاربة التمييز ضد النساء وتشجيعهن على تولي مناصب المسؤولية لإظهار قدراتهن، خصوصا وأن هناك إحصائيات تثبت ذلك في مهام بعيدة عن المسؤوليات الإدارية العليا. ففي عام 2021، كان 55 بالمائة من خريجي المدارس الثانوية من النساء، وكانت نسبة المغاربة من عمر 15 عاماً فأكثر من الحاصلين على تعليم عالٍ أكبر كثيرا للنساء (26 بالمائة) مما هي للرجال (14 بالمائة). وكان 60 بالمائة من خريجي كليات الإدارة و50 بالمائة من خريجي كليات العلوم والتكنولوجيا من النساء.
ويعكس هذا التباين بين التعليم والتكوين من جهة وتولي المسؤوليات، عدم المساواة في الفرص التي تحصل عليها النساء. وتكمن عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية خلف هذا التباين الذي يمتد ليشمل أوجها أخرى لعدم المساواة (الأجور والاستقلالية والتعرض للمخاطر والتمثيل السياسي). مع الإشارة هنا إلى أنه في سنة 2021، جاء ترتيب المغرب في المركز 148 بين 156 بلداً على مؤشر الفجوة بين الجنسين للمنتدى الاقتصادي العالمي للمشاركة والفرص الاقتصادية. وتخلق التفاوتات بين الرجال والنساء في ما يتعلق بالحصول على وظيفة وشَغْل مراكز إدارية عليا نقصاً في الأيدي العاملة والمهارات في المغرب، وتعرقل التنمية الاقتصادية والبشرية.
تولي النساء للمسؤوليات ليس المشكلة الوحيدة في وزارة التربية الوطنية، ذلك لأن توزيع المسؤوليات والصلاحيات والمهام بين الإدارات المركزية يعرف فوضى خطيرة ساهمت بشكل كبير في الاختلالات التي عرفتها المشاريع الإصلاحية الأخيرة، حيث التطاول على الصلاحيات والصراعات، فضلا عن التدخلات الحزبية التي لا تتوقف لإسناد مسؤولين تجاوزوا المدة القانونية المسموح بها في المرسوم المنظم للتعيينات في المناصب العليا.
/////////////////////////////////////////////////////////////////
عن كثب:
«أساتذة» التعليم العالي
نافذة:
الجامعة تحتاج إلى باحثين حقيقيين لا يكتفون بتعليق شواهدهم على الجدران وفي الوقت نفسه إلى أساتذة ذوي تكوين بيداغوجي جيد
بيداغوجيا التعليم العالي مبحث جديد نسبيا بالقياس إلى مباحث بيداغوجية أخرى تهمّ مستويات التعليم المدرسي، بسبب سيادة مجموعة من التصورات، بدأت تختفي الآن، أولها أن البيداغوجي هو مدرسي بالضرورة، ثانيها أن الدرس الجامعي كان دوما مسكونا بأهداف تتعلق بإنتاج المعرفة وليس بتبليغها، حيث يكون الأستاذ المحاضر مساهما، بهذا القدر أو ذاك، في إنتاج المعرفة في مجال من المجالات وليس مطلوبا منه أن يفكر في طريقة تبليغها، بل المطلوب من طلبته أن يتكيفوا مع طريقته الشخصية بل والمزاجية في تبليغ المعرفة. وثالث هذه التصورات أن التعليم الجامعي كان دوما تعليما نخبويا، لكنْ، مع ظهور جامعات ذات قاعدة واسعة، بدأت هذه التصورات تتغير في اتجاه ظهور بيداغوجيا جامعية، تتمحور حول تيمات رئيسية كـ«مناهج تنشيط المتعلمين البالغين» و«مناهج تنشيط الجماعات الكبيرة» وغيرها، حيث يطلب من منتجي المعرفة أن يكونوا مُبلّغين جيدين لها ومدبرين جيدين للموارد..
لكن هذه الجدة لم تمنع الجامعات العالمية من أن تتبنى مناهجها ومفاهيمها وإستراتيجياتها التواصلية والتكوينية، إلا بجامعاتنا ما تزال صورة «الأستاذ المحاضر في مدرج مليء بمئات الطلبة» هي الصورة «الكاتدرائية»، التي تحرص بعض الأجيال «القديمة» من الأساتذة الجامعيين على المحافظة عليها، معتقدين أنهم يحافظون على «طبيعة الجامعة» و«حرية الدرس الجامعي»، مع أن هذه الصورة ليست النموذج الوحيد الأوحد للعلاقات البيداغوجية بين الطالب والأستاذ الجامعي.. صحيح أن تغيير هذا النمط الكاتدرائي للدرس الجامعي يتطلب توفير إمكانات مادية ولوجستيكية وبشرية كبيرة، لكنْ ستكون بداية الطريق، طريق تحديث الجامعة المغربية، من خلال تحديث مناهج التواصل البيداغوجية وتغيير الذهنيات المحافظة لتدرك الحقيقة الساطعة التالية: لا يكفي أن يكون الباحث مجتهدا لكي يكون أستاذا ناجحا.. فالأستاذية حرفة و«صنعة»، كما يقول الأقدمون، وهي مرتبة من التعاطي مع المتعلمين، مهْما كان عمرهم ومستوى تكوينهم، لا تتأتى بما هو قبْلي وعفوي، بل هي بناء وتكوين.
فكما لا يتردد الجميع في نقد الطالب الباحث أثناء مناقشة أطروحته عند إخلاله بشرط من شروط البحث العلمي، بل هناك من يذهب بهم رأيهم حد التشدد في هذا الأمر.. يجدر بنا أن نتحلى بالروح ذاتها وألا نتردد في النظر إلى بعض «أشكال» التدريس في جامعاتنا على أنها مسيئة إلى الجامعة المغربية، حيث يظهر الأستاذ «حكواتيا» باهتا يتكلم في كل شيء.. دون أن يقول أي شيء.. ونطالب بضرورة إجراء تكوين بيداغوجي جيّد وفعال لكل باحث مستجد في عالم التعليم الجامعي..
فإذا كانت شروط اعتماد أستاذ محاضر في كبريات الجامعات العالمية تجعلها، بالقياس إلى أعرافنا، شروطا تعجيزية، شروطا علمية وتواصلية وبيداغوجية عالية المستوى، بشكل يبدو فيه بعض أساتذة جامعاتنا مجرد «حلايقية» مبتدئين، فإن «ساعة» من الزمن التي تخصصها لجنة علمية للحسم في اختيار أستاذ للتعليم العالي ليست كافية لتحويل باحث إلى أستاذ.. فحرص الأستاذ الجامعي على تجويد درسه لا يمس ذلك بعلميته وتخصصه ومكانته كأستاذ باحث منتج للمعرفة.
يمكن للطالب العادي أن يدرك الفرق على المستويين التواصلي والبيداغوجي بين أستاذ جامعي سبق له التدريس في مستوى من مستويات التعليم المدرسي وأستاذ جامعي تم نقله، بجرة قلم، من شوارع الرباط إلى مدرجات الكليات. فالجامعة تحتاج إلى باحثين حقيقيين لا يكتفون بتعليق شواهدهم على الجدران، وفي الوقت نفسه إلى أساتذة ذوي تكوين بيداغوجي جيد.. فمن العار أن نسعى إلى حل إشكالات مجتمعية على حساب البحث العلمي والتعليم العالي..
///////////////////////////////////////////////////////////////////
رقم:
3 آلاف
بالرغم من الخصاص الذي تعرفه الجامعات، فإن وزير القطاع قرر عدم اعتماد ما يعرف بالمناصب التحويلية. ومن المرتقب أن يغادر حوالي 3 آلاف أستاذ جامعي مهنة التعليم العالي بحلول سنة 2026، وسيصل هذا الرقم، بحلول سنة 2030، إلى 5 آلاف أستاذ وأستاذة، وفق إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. من جهة أخرى، فإن إطلاق الوزارة للجيل الجديد من شهادة الدكتوراه سيمكن، في غضون أربع سنوات، من توفير 1000 أستاذ جامعي يباشرون عملهم في المؤسسات المغربية، معترفا بصعوبة تعويض المتقاعدين.
وفي السياق نفسه، تعمل الوزارة، حاليا، على إحداث منصة رقمية لتدبير مسطرة التوظيفات بجميع مراحلها قصد تكريس الشفافية وتكافؤ الفرص وتفادي كافة الاختلالات المحتملة».
/////////////////////////////////////////////////////////////
250 تفرغا نقابيا واستثناء نقابة «البيجيدي» للسنة الثانية على التوالي
التفرغات تمنح بمنطق «المساومة» لاحتواء تفشي «التنسيقيات المستقلة» بقطاع التعليم
نافذة:
رغم الفشل الكبير الذي مُنيت به نقابة «البيجيدي» إلا أنها استمرت في المطالبة بعدد من التفرغات تتجاوز بكثير المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات المهنية الأخيرة
جدل كبير أثارته لائحة النقابيين المستفيدين من التفرغ النقابي بموجب السنة الدراسية الجارية، والتي تعد السنة الثانية بعد الانتخابات المهنية للسنة الماضية، والتي أحدثت نتائجها تحولا كبيرا في خريطة حضور النقابات التعليمية. في المقابل أدى التنامي المضطرد للتنسيقيات المستقلة إلى طرح جدوى الدعم العمومي وكذا التفرغات النقابية التي يدفع ثمنها دافعو الضرائب.
تفرغات نقابية جديدة
وزعت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي نحو 250 تفرغا نقابيا عَلَى النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية بقطاع التربية الوَطَنِية، مستثنية نقابة الجامعة الوَطَنِية لموظفي التَّعْلِيم، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية بالقطاع، لِکَوْنِهَا لَمْ تحصل عَلَى عتبة 6 فِي المائَةِ، أي 30 مقعدا مِنْ بَيْنِ النقابات الست إثر حصولها عَلَى 27 مقعدا فِي انتخابات اقتراع 16 يونيو 2021، البالغ مجموع مقاعدها 498 مقعدا فِي اللجان الإدارية متساوية الأعضاء.
وأسر مصدر نقابي أن توزيع «كوطا التفرغات النقابية» بقطاع التربية الوَطَنِية، الَّذِي بوشر عبر رسائل إِلَى المركزيات النقابية ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتَّكْوين الاثني عشر بالمغرب، بَيْنَ نقابة الجامعة الوَطَنِية لِلتَّعْلِيمِ (الاتحاد المغربي للشغل) بنحو 61 تفرغا نقابيا إثر حصولها عَلَى 121 مقعدا، والنقابة الوَطَنِية لِلتَّعْلِيمِ CDT بـ60 تفرغا نقابيا إثر حصولها عَلَى 120 مقعدا، والجامعة الحرة لِلتَّعْلِيمِ (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب) بِمَا يقارب 49 تفرغا نقابيا إثر حصولها عَلَى 97 مقعدا، والجامعة الوَطَنِية لِلتَّعْلِيمِ (التوجه الديمقراطي) بـ25 تفرغا نقابيا إثر حصولها عَلَى 58 مقعدا، والنقابة الوَطَنِية لِلتَّعْلِيمِ (الفيدرالية الديمقراطية للشغل) بِمَا يقارب 27 تفرغا نقابيا إثر حصولها عَلَى 53 مقعدا، فِيمَا لَمْ تحصل نقابة الجامعة الوَطَنِية لموظفي التَّعْلِيم (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب) عَلَى أي تفرغ نقابي بِسَبَبِ حصولها عَلَى 27 مقعدا فَقَطْ، بَعْدَمَا كَانَت ظفرت، فِي انتخابات 2015، بأكثر من 50 تفرغا نقابيا. وهي انتكاسة نقابية، حسب متتبعين.
عندما يحكم العُرف
توزيع «غنيمة» التفرغ النقابي يتم بـ«عُرف» فقط، وذلك بناء على نتائج الانتخابات المهنية، ورغم سريان هذا العرف لعقود في وزارة التربية الوطنية، إلا أن الأمر لا يمر دون تفاوض. فرغم الفشل الكبير الذي مُنيت به نقابة العدالة والتنمية، إلا أنها استمرت في المطالبة بعدد من التفرغات يتجاوز بكثير المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات المهنية الأخيرة.
ويتم منح التفرغات النقابية للنقابات الخمس الأكثر تمثيلية بقطاع التربية الوَطَنِية عَلَى مدار كل موسم دراسي حَتَّى 31 غشت 2022، عَلَى أن يتم تجديده فِي الفاتح من شتنبر من كل عام بناء عَلَى لوائح تقترحها المركزيات النقابية عَلَى الوزارة، ليتم استصدار رسائل فردية للمتفرغين النقابيين الذِينَ يتقاضون أجورهم ورواتبهم النظامية من دُون أَنْ يلتحقوا بعملهم الوظيفي، ويبقوا رَهْنَ إِشَارَةِ هيئاتهم النقابية.
يستفيد العشرات من التفرغات النقابية بِعَدَدٍ من الهيئات النقابية لسنوات، مِنْهُمْ من ولج مهنة التدريس لبضع سنوات وظل يستفيد من التفرغ النقابي، إما لكونه عضوا بالمكتب الوطني أَوْ كاتبا جهويا أَوْ إقليميا لهيئته النقابية، أَوْ ملحقا لَدَى المركزية النقابية يقوم بِمَهَام دَاخِل هيئته النقابية لَا دَاخِل القطاع لسنوات، كَمَا يستفيد من الترقية الإدارية، ومنهم من استفاد من عملية تَغْيير الإطار من دُون أَنْ يباشر عملا إداريا، تخلص من عملية التدريس.