شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسياسية

مستقبل الحرب ومصير حزب الله بعد اغتيال نصر الله

هاشم صفي الدين المرشح الأبرز لخلافة الأمين العام الراحل

أعلن الجيش الإسرائيلي رسمياً يوم السبت اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في هجمات استهدفت يوم الجمعة مقر قيادة الحزب في ضاحية جنوبي العاصمة اللبنانية بيروت. وأكد حزب الله في بيان رسمي، بعد فترة صمت، اغتيال أمينه العام، الذي استمر في قيادة الحزب على مدار 32 عاماً.

مقالات ذات صلة

هذه التطورات تدفع إلى طرح تساؤلات عديدة عن مستقبل حزب الله ونشاطه، يتصدرها سؤال من هو المرشح الأبرز لخلافة نصر الله في قيادة الحزب خلال الفترة القادمة.

 

الأخبار + وكالات

 

يرى العديد من الخبراء أن هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله والرجل الثاني فيه، هو أبرز المرشحين لخلافة حسن نصر الله، بعد تأكيد الحزب لنبأ اغتياله من قبل الجيش الإسرائيلي في غارة جوية مكثفة استهدفت مقر القيادة المركزية للحزب في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.

 

 

وهيمن اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله على العناوين الرئيسية والأعمدة والمقالات التحليلية في الصحف العالمية.

وتباينت آراء الكتاب حول ما يمثله هذا الاغتيال، فالبعض يراه مقدمة لوقف لإطلاق النار في المنطقة، وآخرون يرونه حدثا قد يضع إيران أمام خيار مصيري وصعب.

صحيفة هآرتس الإسرائيلية أفردت مقالا تحليليا يرى أن اغتيال نصر الله يجب أن يمثل بداية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

فإسرائيل حققت في الأيام الماضية إنجازات عسكرية رسمت صورة انتصار لطالما بحثت عنه، والجميع رأى بأم عينه أن الاستراتيجية التي فشلت في غزة نجحت في لبنان، بحسب الصحيفة.

المقال يرى أن إسرائيل ممثلة في الجيش والاستخبارات نجحت في استعادة ماء وجهها الذي فقدته في هجوم السابع من أكتوبر، واستطاعت أن تظهر للجميع مدى تفوقها التكنولوجي.

لكن هآرتس ترى أنه، ولكي يصبح الإنجاز انتصارا حقيقيا وليس مجرد لحظة عابرة، فإن على الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو استثمار الإنجاز العسكري وتحويله إلى جهد دبلوماسي يهدف إلى التوصل لاتفاق لإعادة الرهائن في غزة وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 القاضي بتراجع مقاتلي حزب الله إلى ما وراء الليطاني.

 

ماذا بعد اغتيال زعيم الحزب؟

الضربة الإسرائيلية الضخمة استهدفت قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، وقُتل فيها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الشخصية التي غيّرت لعقود المشهد السياسي في لبنان والمنطقة بأسرها. عملية الاغتيال لم توقف عمليات القصف في لبنان ولا إطلاق الصواريخ باتجاه الشمال الإسرائيلي من لبنان.. لكن السؤال الذي بات يفرض نفسه الآن: «ماذا بعد؟»

مقتل نصر الله يمثل حدثا مفصليا يثير تساؤلات جديّة حول مستقبل حزب الله، ويترك فراغا كبيرا في لبنان والمنطقة، فضلا عن تساؤلات متعلقة باستمرارية مشروعه في «مواجهة إسرائيل»، فكل الأنظار تتجه نحو كيفية تعامل الحزب مع هذا التحول التاريخي.

ويُصنَّف حزب الله، الذي يحظى بدعم وتمويل من إيران، «منظمة إرهابية» في دول غربية عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكذلك بعض الدول العربية. بينما تعتبر الحكومة اللبنانية حزب الله «مجموعة مقاومة شرعية» ضد إسرائيل ولها كتلة برلمانية في مجلس النواب اللبناني.

من جانبه يرى محرر شؤون الأمن القومي في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، ماكس بوت، أنه من غير المرجح أن يمثل اغتيال نصر الله ضربة قاضية لحزب الله، المنظمة المغروسة جذورها عميقا في نسيج المجتمع اللبناني.

«نصر الله نفسه تولى قيادة حزب الله بداية التسعينيات، خلفاً لعباس الموسوي الذي اُغتيل بغارة إسرائيلية». «إسرائيل ابتهجت باغتيال الموسوي في ذلك الوقت، وتوقع البعض أن حزب الله سيموت بموت قائده»، ويضيف الكاتب لكن نصر الله، رجل الدين الشاب في ذلك الوقت، أثبت أنه أكثر فاعلية من الموسوي، وحول الحزب إلى أقوى قوة عسكرية غير نظامية في العالم.

ويضيف الكاتب أنه من الممكن جدا أن يُظهر خليفة نصر الله المقبل، والذي يرجح أنه يكون قريبه هاشم صفي الدين، مهارة مماثلة لسلفه.

وأيا يكن من سيخلف نصر الله، فإن أمامه مهمة شاقة. فحزب الله تلقى عدة ضربات من إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، ولديه الكثير مما يقلق بشأنه بعد النجاح الذي حققته الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق صفوفه، ليس فقط عبر تزويد الحزب بأجهزة إلكترونية مفخخة، وإنما أيضا بقدرتها على تتبع قياداته بشكل دقيق يؤهلها لاستهدافهم من الجو.

لكن الكاتب يرى أن حزب الله لا يزال بعيدا كل البعد عن الهزيمة، فالتقديرات تشير إلى أن لديه في ترسانته ما بين 150 و200 ألف صاروخ وقذيفة. صحيح أن الغارات الإسرائيلية دمرت جزءا منها، لكن هذه الترسانة لا تزال فعالة، كما أن في صفوف الحزب ما بين 40 و50 ألفا من المقاتلين المدربين جيدا والمتحمسين للقتال، بحسب الكاتب.

في صحيفة الغارديان البريطانية، كتب محرر الشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور مقالا بعنوان: «اغتيال نصر الله ترك إيران أمام خيار مصيري».

يفتتح وينتور مقاله بالقول إن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، كان ذا بصيرة نافذة حين قال الجمعة الماضية إن الأيام المقبلة ستحدد المسار المستقبلي للشرق الأوسط. وأنه، ومع تأكيد اغتيال نصر الله، أصبحت المنطقة على حافة هاوية كان يسعى بلينكن لتجنبها.

الأعين الآن موجهة نحو إيران بحسب ما يرى الكاتب، فالرد على الاغتيال يمثل قراراً مصيرياً لطالما حاولت طهران ورئيسها الإصلاحي عدم اتخاذه.

فإذا قررت الاكتفاء بالإدانات الغاضبة لتدمير إسرائيل حجر زاوية في «محورها المقاوم» الذي أنشأته قطعة قطعة على مدى سنوات، فإن مصداقية إيران ستصبح على المحك. لكن الكاتب يضع فرضية بأن براغماتية إيران قد تجعلها تضغط على حزب الله لتقبل خسارته والموافقة على وقف لإطلاق النار، حتى وإن لم يؤد ذلك إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

على النقيض، وفي حال قررت طهران الذهاب إلى خيار الانتقام العسكري المباشر ضد إسرائيل، يجب أن يكون ذلك الانتقام ذا قيمة حقيقية. كما أنه سيضع إيران في مواجهة مع قوة عسكرية أثبتت تفوقها التكنولوجي والعسكري، فالاستخبارات الإسرائيلية اخترقت وبشكل جلي حزب الله في لبنان، وربما فعلت الأمر ذاته في إيران، بحسب ما يرى وينتور.

 

اختراق صفوف حزب الله واغتيال نصر الله

 

أثارت الأهداف النوعية التي أصابتها إسرائيل في حربها ضد حزب الله اللبناني، ومن بينها تدمير مواقع الأسلحة وتفخيخ أجهزة اتصالاتها اللاسلكية واغتيال أمينها العام حسن نصرالله، أسئلة ملحة بشأن قدرة الدولة العبرية على اختراق عدوها اللدود. كيف تمكنت من ذلك وأين تكمن الثغرات في صفوف حزب الله الشيعي؟

ويواجه حزب الله اللبناني تحديا هائلا، بعد مقتل حسن نصر الله، وهو سد الثغرات في صفوفه والتي سمحت لعدوه اللدود إسرائيل بتدمير مواقع الأسلحة وتفخيخ أجهزة اتصالاتها اللاسلكية واغتيال أمينه العام المخضرم الذي ظل مكان وجوده سرا محفوظا بعناية لسنوات.

وقع مقتل نصر الله في مقر القيادة الجمعة بعد أسبوع واحد فقط من تفجير إسرائيل لمئات من أجهزة البيجر والوكي- توكي المفخخة.

وشكل مقتله ذروة سلسلة سريعة من الضربات التي اغتالت نصف مجلس قيادة حزب الله ودمرت قيادته العسكرية العليا.

ونقلت رويترز أنها في الأيام التي سبقت مقتل نصر الله وفي الساعات التي تلت ذلك، أنها تحدثت مع أكثر من 12 مصدرا في لبنان وإسرائيل وإيران وسوريا وقدموا تفاصيل عن الأضرار التي ألحقتها إسرائيل بالجماعة الشيعية القوية شبه العسكرية بما في ذلك خطوط إمدادها وهيكلها القيادي. وطلب الجميع عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الأمر.

وأفاد مسؤولان إسرائيليان رويترز بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ودائرته المقربة من الوزراء منحوا الموافقة على الهجوم الأربعاء. ووقعت الضربة بينما كان نتانياهو في نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومنذ حرب 2006، يتجنب نصر الله الظهور العلني وأخذ حذره لفترة طويلة وكانت تحركاته محدودة ودائرة الأشخاص الذين يقابلهم صغيرة للغاية، وفقا لمصدر مطلع على الترتيبات الأمنية لنصر الله. وأضاف مصدر رويترز أن الاغتيال يشير إلى أن جماعته اخترقها جواسيس لصالح إسرائيل.

وأفاد مصدر أمني مطلع قبل أسبوع بأن الزعيم الشيعي بات أكثر حذرا من المعتاد منذ تفجيرات أجهزة البيجر في 17 شتنبر خشية أن تحاول إسرائيل قتله، واستدل المصدر على ذلك بغيابه عن جنازة أحد القادة وتسجيله المسبق لخطاب أذيع قبل أيام قليلة.

 

ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت مقتل نصر الله بأنه «إجراء عادل» من أجل الكثير من ضحاياه. وقال إن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الجماعات المدعومة من إيران.

وتقول إسرائيل إنها استهدفت نصر الله بإسقاط قنابل على مقر تحت الأرض أسفل مبنى سكني في جنوب بيروت.

ويقول ماجنوس رانستورب، الخبير المخضرم في شؤون حزب الله بجامعة الدفاع السويدية، «هذه ضربة هائلة وفشل استخباراتي لحزب الله. علموا أنه كان يعقد اجتماعا. كان يجتمع مع قادة آخرين وهاجموه على الفور».

وإلى جانب نصر الله، يقول الجيش الإسرائيلي إنه قضى على ثمانية من أكبر تسعة قادة عسكريين في حزب الله هذا العام وقُتل معظمهم في الأسبوع الماضي. وقاد هؤلاء وحدات تتراوح من فرقة الصواريخ إلى قوة الرضوان وحدة النخبة العسكرية بالجماعة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني، في إفادة صحافية السبت، إن الجيش حصل على معلومات «في الوقت الفعلي» حول اجتماع نصر الله مع قادة آخرين. ولم يذكر شوشاني كيف علموا بذلك لكنه قال إن القادة اجتمعوا للتخطيط لشن هجمات على إسرائيل.

وقال البريغادير جنرال عميحاي ليفين، قائد قاعدة حتسريم الجوية الإسرائيلية، للصحافيين إن عشرات الذخائر أصابت الهدف خلال ثوان. وأضاف ليفين «العملية كانت معقدة وتم التخطيط لها منذ فترة طويلة».

 

خليفة نصر الله المنتظر

أظهر حزب الله القدرة على استبدال القادة سريعا وهاشم صفي الدين، ابن خالة نصر الله، مرشح منذ فترة طويلة ليكون خليفته. وهو أيضا رجل دين مثله يرتدي العمامة السوداء التي تشير إلى أنه من نسل النبي محمد. كما تجمع صفي الدين علاقة مصاهرة قاسم سليماني، القائد السابق لـ«فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني.

طُلب منه في عام 1994 تولي رئاسة المجلس التنفيذي في حزب الله خلفاً لنصر الله، بعد عامين من تولي الأخير منصب الأمين العام للحزب في أعقاب اغتيال إسرائيل لعباس الموسوي في غارة بطائرة مروحية. ويرى خبراء أنه أُعدّ لتولي قيادة الحزب منذ عام 1994، بعد دراسته في مدينة قُم الإيرانية.

أُسندت لصفي الدين مهام الإشراف على الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية لحزب الله، ويعد أحد الأعضاء السبعة المنتخبين في مجلس الشورى الحاكم لحزب الله، ويقال إنه التالي في ترتيب القيادة كخليفة لنصر الله. وأدرجت الولايات المتحدة والسعودية صفي الدين على قائمة الإرهاب في ماي عام 2017.

تربط صفي الدين علاقات مصاهرة مع إيران، إذ تزوج شقيقه، عبد الله صفي الدين، وهو ممثل حزب الله في طهران، من ابنة رجل الدين الشيعي، محمد علي الأمين، عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في البلاد. كما تزوج ابنه، رضا، عام 2020 من زينب قاسم سليماني، ابنة القائد الإيراني البارز الذي اغتيل في هجوم أمريكي بمسيّرة في بغداد مطلع العام نفسه.

 

«تشابه بين الرجلين»

 

 

يرى الخبراء أن ما يزيد من حظوظ اختيار صفي الدين لخلافة نصر الله، المسار المتشابه بين الرجلين في قيادة الحزب.

وكان قد برز اسم صفي الدين على الساحة السياسية اللبنانية، بعد فترة طويلة من أداء دوره في الظل، في أعقاب تشديد الإجراءات الأمنية التي أحاطت بنصر الله، ما دفعه إلى الظهور بدلاً منه في مناسبات عديدة ضمن أنشطة الحزب، سيما خلال المشاركة في مراسم تشييع جنازات عناصر وقيادات الحزب ممن قُتلوا في لبنان، أو خلال معارك الحزب في سوريا ضد المعارضة دعماً للرئيس بشار الأسد.

ويرى البعض أن السنوات التي قضاها صفي الدين في مدينة قُم الإيرانية أثرت في فكره السياسي. ففي إحدى كتاباته تطرق صفي الدين إلى تجربة رجال الدين الشيعة في قُم، وأهميتها مقارنة بتجربة النجف وتأثيرها على الفكر السياسي لدى الشيعة في لبنان.

ويعد صفي الدين مؤيداً لفكرة ولاية الفقيه، إذ يرى أن «نظرية ولاية الفقيه من أهم النظريات التي أخرجها الإمام الخميني من الأدلة الشرعية والعقلية لتكون مشروعاً كاملاً يعالج أهم المشكلات التي واجهت الحركات الإسلامية والتي أدت إلى حالة التشرذم التي تعيشه»، بحسب ما ذكر موقع المركز العربي لدراسات التطرف.

كما يُعرف عنه انخراطه في شؤون الحزب العسكرية. ويعتقد البعض أنه يؤدي دوراً مهماً في إدارة الجناح الأمني لحزب الله، مما يجعله شخصية محورية في بناء العلاقات الدولية للحزب، سيما مع إيران وسوريا.

 

 

«العقاب آت حتما»

تحدث صفي الدين في جنازة عبد الله في 12 يونيو، متوعداً تكرار حزب الله هجماته ضد إسرائيل. وبحلول ذلك المساء، أطلق حزب الله عشرات القذائف باتجاه إسرائيل، مستهدفاً مقراً عسكرياً إسرائيلياً ومحطة مراقبة جوية عسكرية.

ورداً على قصف حزب الله الصاروخي، شن الجيش الإسرائيلي في 14 يونيو هجوماً صاروخياً استهدف منزل صفي الدين في مسقط رأسه في دير قانون في جنوبي لبنان. وأفادت مصادر إعلامية بأن الهجوم استهدف صفي الدين ونائب زعيم حزب الله، نعيم قاسم، والمؤسس المشارك والزعيم السابق للحزب، صبحي الطفيلي. وبعد فترة وجيزة أعلن متحدث باسم حزب الله، لم يتم الكشف عن هويته، أن المبنى كان فارغاً أثناء الهجوم.

كما أكد صفي الدين، في 18 شتنبر، في كلمة أثناء مراسم تشييع عدد من قتلى تفجيرات «البيجر» التي استهدفت أعضاء في حزب الله، أن هذا العدوان «سيكون له عقابه الخاص، وأن هذا العقاب آت حتماً»، مضيفاً: «سنكون أمام نمط جديد ومواجهة جديدة مع العدو حتى يعرف أننا قوم لا يتراجعون».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى