شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةملف التاريخ

مرتادو الزاوية يدوسون النساء وهن ممددات أرضا طلبا للبركة

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

 

في قمة لحظات التمجيد والاندماج، يضرب عيساوة أنفسهم بأسلحة حادة بدائية. كانت عبارة عن قطع حديدية قديمة، لكنها حادة جدا. لو كان المطعون رجلا عاديا لمات متأثرا بجروحه، لكن هؤلاء الرجال يبقون على قيد الحياة. رأيت رجلا يضرب رأسه بقوة، مُستعملا ساطورا، لكنه واصل رقصته البهلوانية. كان المشهد عجيبا يفوق الوصف.

يواصل صديقي المكناسي كلامه:

-«المُسلمون المحافظون يعتبرون ممارسات مماثلة مجانبة للدين وبعيدة عن التقوى. كما أن الفرنسيين لا يُشجعون هذه الممارسات على أية حال، رغم أنهم لا يريدون التدخل في شعائرهم الدينية. ويتعين على الساهرين على تطبيق القانون والنظام أن يشككوا في نوايا الأشخاص الذين يضربون أنفسهم، وأحيانا جيرانهم، بالسواطير».

 

-«لكن هل لا يزالون يأتون إلى هنا؟».

 

-«أوه، نعم. لقد استنكر السلطان نفسه ممارساتهم. قيل لي إن الأعداد في تراجع، لكنهم لا يزالون يأتون إلى هنا بالمئات. إلا أنني في دجنبر الماضي حضرتُ حادثة خطيرة ذات مغزى. في اللحظة التي أعطيت فيها الإشارة، اندفع الراقصون جميعهم، دفعة واحدة، إلى داخل قبة ضريح وليهم الصالح، وكانوا جميعهم من الرجال. بينما كانت النساء يتمددن أرضا على طول الطريق، كما لو أنهن زراب. كلما داس عليهن الرجال أكثر أثناء اندفاعهم، يصبحن أكثر طهارة وتصلهن البركة.

في أحد الاحتفالات رأيتُ رجلا مُسنا ومعه ابنه. كل واحد منهما كان يصطحب معه زوجته. كانوا أربعتهم في حالة من الانتشاء الروحي عندما أُعطيت الإشارة. ارتمت المرأتان على الأرض فورا، لكن الرجل الشاب لم يدس على زوجته التي كنت أشك أنها حامل. بدل أن يدوس عليها قفز فوقها برشاقة عندما كان يجري مندفعا مع الآخرين.

لكن الرجل المسن لاحظ هذا الأمر، واتضح لي من ملامحه أنه انزعج من صنيع ابنه. عاد نحو الوراء واستدار عن مساره وقرر أن يدوس المرأة الشابة بنفسه. داس عليها عمدا وبقوة!

بعد ذلك بحثتُ ببصري عن المرأة المسنة. بدا لي أنها كانت خارج المسار الذي كان يسلكه جل الرجال المندفعين، وهكذا قررت أن تتدحرج في اتجاههم حتى يكون بمقدورها أن تتعرض للدوس بالأقدام جيدا!».

 

-«من الصعب فعلا فهم هذه السلوكيات».

 

-«نعم. العلماء وجدوا آثار أديان قديمة على شكل طقوس للعبادة، بل إن هناك مسلمين متدينين يعتقدون أن الله، بالرغم من أنه أعلى بكثير من العالم، فإن جزءا صغيرا من روحه الإلهي يمكن أن يدخل إلى قلب الإنسان ويمكن أن يُمرر إليه باللمس. لقد سبق لك أن عاينت بنفسك قوة البركة الغامضة التي تتمتع بها بعض العائلات الشريفة المنحدرة من سلالة النبي.

بغض النظر عن أصول ما يمكن أن نسميه، أنا وأنت «عيساوة»، فإنه يُمكن أن نُسميهم على أساس عقيدتهم التي تقوم على الانغماس الروحي البحت في روح الله. وهكذا فإن الجروح التي تصيب لحمهم لا تجرح الحواس.

إن روحانياتهم سامية، لا يعترفون بأية سلطة سوى سلطة الله والأولياء الصالحين. صلواتهم تتنفس شغفا مكرسا كله لله، وإيمانا يستطيع فعلا أن ينقل رجلا إلى حالة النشوة التي عايناها معا، لكن المؤكد أن الطرق الحماسية التي يعبرون بها عن ذلك غريبة فعلا».

 

-«وما هو موقف السكان المحليين مما يقع؟».

 

-«لا يُسمح لليهود بالاقتراب. إن المغاربة ينظرون إلى الأمور بسخرية واستخفاف، لكن ليس أمام عيساوة!».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى