مرافعة لوجه الله
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن قلقه العميق تجاه الوضع الحالي في الدار البيضاء، داعيا رئيسي الوداد والرجاء والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وجميع أطراف النزاع، إلى التحلي بالحكمة والالتزام الفوري بقرار وقف إطلاق النار الذي تضمنته مذكرة «التصادم» الموقع عليها من طرف رئيسي الفريقين، بمباركة من الجامعة والوزارة والولاية.
وقال المتحدث الرسمي باسم بان كي مون، إن النوم يجافي عيني الأمين العام، إزاء التصعيد الخطير في المنطقة البيضاوية، متوعدا بإرسال قوات لحفظ السلام في منطقة الوازيس، مضيفا أن حالة من الغضب انتابت الأمين منذ تجدد الصراع بين محمد بودريقة وسعيد الناصري، آملا أن تتمكن الجامعة من سل شعرة الاحتقان من عجين «الديربي»، قبل أن تنتهي ولاية «الأمين» ويحال على التقاعد النسبي.
فشلت المساعي الحميدة في تطويق النزاع، وارتفعت وتيرة التصريحات العدائية بين الرجاويين والوداديين، خاصة بعد أن تحدث رئيس الرجاء عن وجود مؤامرة تستهدف الفريق الأخضر، مع سبق الإصرار والترصد، ومطالبة رئيس الوداد الرجاويين بالبحث عن رئيس على مقاس «النسور»، وهو ما اعتبره بلاغ رئاسي للخضر «تدخلا سافرا في السيادة الرجاوية».
الرجاويون والوداديون غاضبون متذمرون يتبادلون القصف في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى جبهات المحطات الإذاعية الخاصة، بينما خرجت الجامعة الملكية المغربية عن صمتها وأعلنت استجابتها لملتمس مجلس الأخلاقيات، الذي دعا إلى عرض النزاع على القضاء، ومنحت الملف لمحام في حالة إحماء، من أجل الترافع لدى القضاء الاستعجالي ووقف الجدل الذي امتد صداه إلى الحدود الشرقية للبلاد.
اتهم رئيس الرجاء البيضاوي لجنة البرمجة بالمساهمة في إضعاف الفريق الذي يرأسه، وقال إنها تسخر كل إمكانياتها لخدمة الوداد، لكن رئيس البرمجة في الجامعة هو محمد جودار، المنخرط في الرجاء قبل بودريقة بسنوات، أما العصبة التي تسمى تجاوزا «احترافية» فجميع اختصاصاتها موكولة لعبد الرحمن البكاوي الذي يتقاضى راتبا من وزارة الشباب ومن الجامعة ومن العصبة، ولأنه من أصول بركانية، فالحصانة مكفولة إلى أن يرث الله الجامعة ومن عليها.
يفضل الرجاء البيضاوي انتداب محام ودادي الأصول للمرافعة في كل قضاياه، كما وضع محامي الوداد في حالة استنفار قصوى تحسبا لأي طارئ قضائي، بينما شرع محامون رجاويون في حركات تسخينية استعدادا لمؤازرة تضامنية آتية لا ريب فيها، في الوقت الذي كشف نقيب المحامين عن انتمائه للخضر حين ظهر محاطا بشعار الرجاء، سيقف محامي بودريقة ملوحا بوثيقة الإدانة، وسيقول أمام رئيس الجلسة: «لازلت رئيسا للرجاء يا بودريقة، ولازلت رئيسا للمكتب المديري وليخسأ الخاسئون».
ستنتهي البطولة وتبدأ المحاكمة التي ستجرى بدون جمهور، وستعيش عشيرة الكرة أطوارها المثيرة في شهر رمضان الأبرك، ويا ليث المحاكمات تجرى بعد التراويح تحت الأضواء الكاشفة، حتى يأخذ المتقاضون «راحتهم» في الشتيمة، وإن كنت أضم صوتي لصوت كاتب ضبط يفضل أن يماطل في القضية إلى أن يأتي قضاء ربنا. في الوقت الذي تنافست القنوات الفضائية على اقتناء الحق الحصري لحقوق النقل التلفزيوني للمحاكمة. كثير من مسيري الرجاء والوداد لا علم لهم بتفاصيل القضية، فهم يبحثون في زحمة المرور عن الطريق المؤدي إلى أقرب باحة للاستراحة من لغط موسم كروي، يرعاه المشعوذون ويحكمه بارونات المدرجات، ويتحكم فيه عن بعد سماسرة الأقدام، ويجتاحه المفوضون القضائيون الذين أصبحوا جزءا لا يتجزأ من مشهد كروي لا تحلو نسائمه إلا إذا دون المفوض واقعة.
دخلت الهيئات الحقوقية على خط النزاع الأخضر- الأحمر، وطالبت «ترانسبرانسي» بعزل رئيسي الفريقين واعتماد مبدأ الحكامة في تدبير شأن الناديين، فيما دعت منظمة العفو الدولية إلى إصدار عفو شامل على التقرير المالي للوداد الذي لازال معتقلا ينتظر المصادقة، ونددت جمعية حماية المال العام بفساد سوق الانتقالات التي نرسل فيها لفريق جار جثة لاعب مقابل مقايضة بلاعب آخر، ويتبادل المسيرون اللاعبين بآخرين عبارة عن أجساد بلا فاعلية في ما يشبه عملية غسل اللحوم.
في مثل هذه المحاكمات، سيرسم الوداديون صور رئيسهم على جدران المدينة، وسيستفيد الرجل من دعاية مجانية في كل الدوائر الانتخابية، في ما سيطالب الرجاويون بالحرية لبودريقة، وبعد أيام ستعلن المحكمة عطلتها القضائية ويفك المتضامنون اعتصامهم وسيجري القبض على الجمهور بتهمة البلاغ الكاذب وإزعاج السلطات القضائية.