شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

محاكمة الوزراء وهبي يتراجع عن تعديل المسطرة الجنائية ومجلس الحكومة يتدارس نسخة جديدة منها

 

محمد اليوبي

سيتدارس مجلس الحكومة، في اجتماعه المبرمج اليوم الخميس، مشروع قانون يتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية، وذلك بعد القرار الذي اتخذه المجلس في اجتماع سابق بتأجيل الدراسة والمصادقة على هذا المشروع. وأفادت المصادر بأن قرار التأجيل جاء إثر تقديم الوزراء لمجموعة من الملاحظات تقرر أخذها بعين الاعتبار، من بينها المادة المتعلقة بمحاكمة كبار المسؤولين وأعضاء الحكومة، حيث تم إرجاع المشروع إلى الأمانة العامة للحكومة، من أجل وضع صياغة جديدة للنص وإدراج الملاحظات المثارة من طرف الوزراء.

ولم تتضمن النسخة الجديدة لمشروع قانون المسطرة الجنائية أي تعديلات بخصوص المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية المعمول به حاليا، والتي تنظم مسطرة الامتياز القضائي التي يستفيد منها الوزراء وبعض المسؤولين. وتنص هذه المادة على أنه إذا كان الفعل منسوباً إلى مستشار الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب دولة أو نائب كاتب دولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور أو قاض بمحكمة النقض أو المجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو إلى والي أو عامل أو رئيس أول لمحكمة استئناف عادية أو متخصصة أو وكيل عام للملك لديها، فإن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض تأمر، بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها، بأن يجري التحقيق في القضية عضو أو عدة أعضاء من هيئتها، وبعد إنهاء التحقيق يصدر قاضي أو قضاة التحقيق، حسب الأحوال، أمرا قضائيا بعدم المتابعة أو بالإحالة إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، وتبت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في القضية، ويقبل قرار الغرفة الجنائية الاستئناف داخل أجل ثمانية أيام وتبت في الاستئناف غرف محكمة النقض مجتمعة باستثناء الغرفة الجنائية التي بتت في القضية، ولا تقبل أية مطالبة بالحق المدني أمام محكمة النقض.

ويتضمن المشروع الجديد مستجدات تتعلق بتعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة. وأكدت المذكرة التقديمية للمشروع أنه، في إطار تعزيز مزيد من الضمانات وحقوق الأفراد وحرياتهم التي كفلتها المواثيق الدولية على نطاق واسع، تم إقرار مبدأي احترام قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم المنصوص عليهما في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية، وتعزيزهما بمجموعة من المبادئ المتعارف عليها دوليا في مجال المحاكمة العادلة، خاصة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تم التنصيص، ضمن مقتضيات هذا القانون، على ضرورة مراعاة مجموعة من المبادئ الأساسية، كالمساواة أمام القانون، والمحاكمة داخل أجل معقول، واحترام حقوق الدفاع، وضمان حقوق الضحايا والمشتبه فيهم والمتهمين والمحكومين، وغيرها من المبادئ المرتبطة بحماية الشهود والخبراء والمبلغين ومراعاة مبادئ الحياد وصحة وشرعية الإجراءات المسطرية، والحرص على حقوق الأطراف خلال ممارسة الدعوى العمومية.

وينص المشروع، كذلك، على وضع آليات للوقاية من التعذيب والتي من شأنها إضفاء مزيد من الثقة على الإجراءات التي تباشرها الشرطة القضائية، سيما خلال فترة الحراسة النظرية، وإضفاء مزيد من المصداقية على إجراءات البحث، نذكر من بينها إلزامية إخضاع المشتبه فيه إلى فحص طبي يجريه طبيب مؤهل لممارسة الطلب الشرعي أو طبيب آخر في حالة تعذر ذلك مع ترتيب جزاء استبعاد الاعتراف المدون في محضر الشرطة القضائية في حالة رفض إجراء الفحص الطبي المذكور.

ويتضمن المشروع مستجدات تتعلق بتعزيز مراقبة حقوق ووضعية المعتقلين عبر إقرار الزامية زيارة المؤسسات السجنية من قبل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وقضاة الأحداث وقضاة تطبيق العقوبات ورئيس الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف، وذلك بكيفية دورية ومنتظمة. علاوة على الدور الذي تقوم به اللجنة الإقليمية التي يترأسها الوالي أو العامل، والتي دعم القانون تركيبتها وإشراك فعاليات المجتمع المدني (الجمعيات المهمة) وتوسيع دائرة القطاعات الحكومية المشاركة فيها، وتمديد صلاحياتها لتشمل مراقبة المؤسسات المكلفة برعاية الأحداث الجانحين.

ومن بين المستجدات، كذلك، تطوير وتقوية آليات مكافحة الجريمة. وأشارت المذكرة التقديمية للمشروع إلى أن خطورة الجريمة وتهديدها للمجتمعات أصبحت تتطلب من آليات وأجهزة العدالة الجنائية اللجوء إلى أساليب متطورة لمكافحتها. ولذلك أصبح الأمر يتطلب تنظيم استعمال بعض التقنيات الحديثة في البحث والتحري أو التحقيق أو المحاكمة، وتقوية صلاحيات أجهزة العدالة وفق ضوابط ومعايير محددة تضمن التناسب مع المصالح الأساسية المحمية في مجال الحقوق والحريات تفاديا لكل استعمال من شأنه المس بها.

وفي هذا الإطار، وتماشيا مع ما تم التنصيص عليه في العديد من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في مجال مكافحة الجريمة، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، تم تنظيم تقنيات البحث الخاصة، كالتقاط المكالمات والاتصالات المنجزة عبر وسائل الاتصال عن بعد وباقي أشكال الاتصالات الإلكترونية أو المنجزة بوسائل التكنولوجيا الحديثة، وآلية التقاط وتسجيل الأصوات والصور وتحديد المواقع وتنظيم اختراق العصابات والشبكات الإجرامية.

وتم تقييد اللجوء إلى هذه التقنيات بضوابط تحدد طبيعة الجرائم الخاضعة لها ومدد اعتمادها وشكليات إجرائها ورقابة القضاء عليها، وترتيب جزاءات جنائية على مخالفة ضوابط اعتمادها. وتم تعزيز آليات مكافحة الجريمة بتعزيز مجال الخبرة، بالاعتماد على خبرة الطب الشرعي والبصمة الجينية واعتماد تقنية البحث المالي الموازي لتحديد متحصلات الجريمة، وتجفيف عائداتها.

ونظرا لأهمية التعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة الجريمة والحد من حالات الإفلات من العقاب، تم تأطير العديد من آليات التعاون الدولي، كالتسليم والإنابات القضائية والشكايات الرسمية ونقل المحكوم عليهم، علاوة على آليات أخرى جديدة كالتسليم المراقب والاختراق وفرق البحث المشتركة والاتصال عن بعد، وتنظيم الأمر الدولي بإلقاء القبض، وما تتطلبه هذه الآليات من تنسيق بين جميع المتدخلين في مجال التعاون الدولي.

وسعيا إلى تأطير عملية التحقق من الهوية التي طالما ظلت مطلبا أساسيا لأهمية البحث في التثبت والتحري من جهة، ومن جهة ثانية لتفادي كل تعسف في استعمالها، حيث تم تنظيمها بنوع من الدقة وفي ظل احترام تام لحقوق وحريات الأشخاص عبر ضبط أسباب وحالات اللجوء إليها، وتحديد الأشخاص الخاضعين لها، ومدد الاحتفاظ بهم وتحرير محاضر بشأنها مع مراقبتها من طرف النيابات العامة المختصة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى