متلازمة ثنائي القطب
زينب بنموسى
«حبسوا علينا هاد البكا… بزاف ديال البكا»، هذه الجملة المعبرة التي أجاب بها وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت حزب العدالة والتنمية، بعد اتهاماته بتدخل الداخلية لمنع المواطنين في القرى والبوادي من الانتماء للحزب، تصلح لكل زمان ومكان، ويجوز إشهارها في وجه البيجيدي تحت أي ظرف، لأن هذا الحزب يحتاج فعلا أن يتوقف عن البكاء.
فلا يوجد تقريبا أي قرار حكومي لا يتباكى عليه حزبيا نفس الحزب الذي يقود الحكومة، بداية بقانون تدريس العلوم باللغة الفرنسية، مرورا بإعادة ترسيم العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وصولا اليوم إلى تقنين زراعة القنب الهندي. كلها قرارات تصادق عليها الحكومة التي يرأسها البيجيدي صباحا، ويعارضها مساء ويبكي لأجلها نفس الحزب، لدرجة أنك أحيانا تطرح على نفسك السؤال ما إذا كان أعضاؤه وقياداته -خصوصا منها تلك التي تملك علاقة مباشرة بأغلب القرارات المتخذة- مصابين بمتلازمة ثنائي القطب، أو ربما كآبة مزمنة تبكيهم رغما عنهم.
فور إعلان حكومة سعد الدين العثماني مناقشة مشروع قانون يتعلق بالاستعمال المشروع لنبتة القنب الهندي وتقنين زرعها، خرج رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران بفيديو قديم على صفحته الرسمية يتحدث فيه في أحد المهرجانات الخطابية للحزب عن موضوع تقنين «الكيف» معتبرا الفكرة نفسها شرا لا يمكن أن يأتي بخير، ودمارا يهدد الأمة وخطرا لفكر انفصالي!
وأنت تشاهد مقطع الفيديو القديم هذا، وتقرأ التعليقات، خصوصا إذا لم تكن مطلعا على مشروع القانون الذي ينتظر المصادقة عليه الآن من طرف الحكومة بقيادة حزب بنكيران -للتذكير- يخيل إليك أن الرباط ستصير هي أمستردام الجديدة، وأن «الكيف» غايتباع بالكيلو في المعشبات، أو ربما ستبدأ شركات التبغ في تسويق لفافات الحشيش وبيعها بالعلالي، ومن الممكن أن تبدأ أنت أيضا في البكاء مع العدالة والتنمية على الدمار الذي سيلحق بالأمة، والشباب الذي سيضيع بسبب المخدرات التي قننتها الدولة.
غير أن الحقيقة، وفق مشروع القانون الذي يتواجد الآن على طاولة المجلس الحكومي في انتظار المصادقة عليه، أن الزراعة مباحة في مناطق محددة سيتم حصرها لاحقاً بموجب ترخيص تسلمه وكالة متخصصة. لكنها ستكون مشروعة فقط «في حدود الكميات الضرورية لتلبية حاجيات إنتاج مواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية»، لكن، ومع كل هذا، يواصل أعضاء حزب العدالة والتنمية البكاء، ويتحسر البعض الآخر على تمرير مثل «هذه القرارات» في عهد قيادة الحزب للحكومة، ويستقيل البعض الآخر من المهام الحكومية متحججا بالمرض، فيما يستقيل آخرون من المهام الحزبية طارحين سؤال «هل مازلنا نحن هم نحن فعلا»؟
لكل ما سبق وأكثر، فقد بدأنا نحن أيضا نطرح سؤال «واش باقيين هوما النيت»؟ لأن الموضوع أصبح يهدد الصحة النفسية للحزب، وتجاوز البكاء إلى «النديب»، بحال إلى ما عرفت أش واقع، را غير الكيف هذا أ الدراري ماشي الشراب!