سطات: مصطفى عفيف
عاد ملف ما بات يعرف، لدى الرأي العام بمدينة سطات، بـ«فضيحة السطو على عقارات الأجانب» التي تفوق قيمتها المالية مليار سنتيم، من جديد إلى الواجهة، وذلك بعد توصل رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية برسالة بعث بها أحد المتضررين يطالب فيها بالكشف عن مآل مجريات التحقيق في ملف عدد 102/2301/2021، الذي أنهى بخصوصه قاضي التحقيق مسطرة البحث، والذي خلص إلى متابعة خمسة من المتهمين في حالة سراح وكفالة مالية محددة في 200 ألف درهم لكل واحد منهم، و30 ألف درهم كفالة بالنسبة للمتهم الخامس.
وجرت إحالة الملف على أنظار وكيل الملك بابتدائية سطات للاختصاص النوعي، ويتعلق الأمر بمجمع تجاري وشقق مهنية توجد بمركز المدينة، وترجع ملكية العقار في الأصل إلى أجانب سبق لهم أن وهبوا حق الاستغلال للجمعية الخيرية الإسلامية بالمدينة نفسها.
ويأتي قرار إحالة الملف على أنظار وكيل الملك بابتدائية سطات بعدما كانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء أنهت مسطرة الاستماع إلى جميع الأطراف في هذا الملف واستكمال البحث الدقيق في الوثائق التي تم الاعتماد عليها في بيع العقار المذكور، وكذا في مضمون وكالة غیر مصادق عليھا من طرف البعثة الأجنبیة بالمغرب، والتي اعتمد عليها أحد الأشخاص في بيع جزء من العقار الذي كان يملكه الأجنبي المسمى «GADIOU» والذي هو عبارة عن عقارين محفظين الأول مسجل برسم الملكية تحت عدد C/1488، والثاني عدد2288ـD/، قبل أن تتم إعادة هيكلة هذا العقار من خلال بناء عمارة سكنية ومحلات تجارية وبيع جزء من العقار.
وكشفت الفرقة الوطنية، أيضا، في محاضرها عن استعمال توكيلات لأحد المحامين رغم علمه بأن أحد الأشخاص لم يتردد على أرض الوطن منذ دجنبر 2016، كما أن المحامي المعني بالأمر لم يتقيد، بحسب البحث المنجز من طرف الفرقة الوطنية، بإرسالية المحافظ على الأملاك العقارية بسطات، الرامية لتسوية بعض الملاحظات المتعلقة بتقييد إراثة قيد حياته «GADIOU» وقام بإنجاز عقدي البيع وتسليمهما لطرف البيع.
وكشف البحث نفسه عن تورط أطراف أخرى باستعمال وكالات غير صحيحة، وهو الملف الذي تنظر فيه ابتدائية سطات في الأيام القليلة المقبلة، والذي ستكشف مناقشته تورط أسماء وازنة بالمدينة في السطو على عقارات الأجانب، من خلال تضليل العدالة بوضع اسم خيالي للحصول على رسمين عقاريين مشيدة فوقهما بناية.
وكان الوكيل العام للملك أمر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أواخر سنة 2017، بالبحث في هذا الملف بناء على ملتمس تقدم به دفاع مكتب الجمعية الخيرية الإسلامية، بعدما ظهرت وثائق جديدة في ملف القضية أغفلتها عناصر الفرقة الولائية للشرطة القضائية بأمن سطات التي كانت قد فتحت تحقيقا أوليا في هذا الملف، قبل أن يقرر الوكيل العام سحب الاختصاص منها وإحالته على الفرقة الوطنية.
وبحسب المصادر، فإن فرقة الأبحاث القضائية بولاية أمن سطات سبق لها واستمعت إلى الطرف المشتكي، والذي أكد أن مكتب الجمعية الخيرية الإسلامية بالمدينة تفاجأ منذ شهور بإقدام من أسماهم بلوبي العقار على السطو على عقارات ترجع ملكيتها الأصلية إلى الأجانب واليهود المغاربة، ومن ضمن تلك العقارات التي تم السطو عليها باستعمال وثائق مشكوك في صحتها بعض المحلات التجارية بالمجمع التجاري والشقق السكنية التي توجد تحت تصرف عدد من الأشخاص باعتبارهم من السكان المستغلين لتلك العقارات، وأن عائدات واجبات كراء المحلات التجارية تعتبر من المداخل الأساسية للجمعية الخيرية في تمويل حاجيات حوالي 100 نزيل بدار الأطفال و30 من المسنين نساء ورجال بدار العجزة، قبل أن تتحول بقدرة قادر في ملكية أشخاص آخرين يتوفرون اليوم على رسوم عقارية تثبت تلك التحولات، ما يهددهم، بحسب تصريحات أحد أعضاء الجمعية، بالتشرد بعدما وجدوا أنفسهم أمام دعاو قضائية تتعلق بطرد محتل.
تطورات هذا الملف جعلت عناصر الفرقة المكلفة بالتحقيق سواء الفرقة الوطنية أو الفرقة الجنائية بأمن سطات أمام روايتين متضاربتين إحداهما المتضمنة بالشكاية التي تقدم بها مكتب الجمعية الخيرية الإسلامية وأخرى تضمنتها تصريحات المشتكى به والتي سبق وكشفت أن الأجنبي كان يملك في الأصل عقارين محفظين الأول مسجل برسم الملكية تحت عدد C/1488، والثاني عدد2288ـD/، وأن وثيقة حق الانتفاع تعود لسنة 1965، تقول حق الانتفاع لفائدة الخيرية الإسلامية من واجبات الكراء خاصة بالعقار عدد2288D/، قبل أن تتم إعادة هيكلة هذا العقار من خلال بناء عمارة سكنية ومحلات تجارية والترامي على العقار الثاني المسجل بالمحافظة العقارية تحت عدد C/1488، وهي العملية التي تم الترخيص لها بالبناء من طرف المصالح المختصة سنة 1990، بالرغم من أن إحدى الوثائق المدلى بها في التحقيق تشير إلى أن الملك المراد إعادة هيكلته في اسم شخص آخر، ليتم، بناء على وثائق مشكوك في صحتها، منح رخصة إعادة الهيكلة ويصبح حق الانتفاع من واجبات الكراء على البناية المتكونة من 30 محلا تجاريا بمجمع تجاري و16 شقة تم بناؤها فوق الرسمين العقاريين. كما كشفت التحقيقات نفسها، من خلال التصريحات المدلى بها بمحاضر الضابطة القضائية، أن المحلات التجارية تم بيع المفاتيح الخاصة بها دون موجب حق، في وقت تستفيد خزينة الجمعية الخيرية الإسلامية اليوم من عائدات الكراء بالرغم من أن تحصيل واجبات الكراء يتم على أساس البناية الخاصة بالعقار المحدد في وثيقة حق الانتفاع وليس البناية الموجودة فوق العقار الثاني.
وكشفت التحقيقات الأولية، من خلال الاستماع إلى المالك الحالي للعقار C/1488، أن عملية تفويت العقار المذكور الذي أصبح في اسم شركة خاصة تم بناء على وكالة خاصة، وهي الوكالة التي جعلت عناصر الفرقة الوطنية تقوم بإخضاعها للخبرة الخطية وإجراء بحث دقيق مع مصالح القنصلية، بعدما تبين أن تلك الوكالة غير مصادق عليها من لدن البعثة الأجنبیة بالمغرب وتم الاعتماد عليها في عملية إتمام بيع العقار.