ماما التجمعتي.. الفاسية التي تسير وتوقع شيكات هولدينغ الشعبي
الأخبار
خرج الاستعمار من المغرب وخرج الثري ميلود الشعبي من الفقر المدقع وهو يتملس الطريق نحو الطبقة الغنية وسط كبار تجار وأعيان القنيطرة، وكان وقتها المحجوبي أحرضان قد عين عاملا على ناحية الرباط القنيطرة.
كان ميلود الشعبي بدأ يمسك بالخيوط الأولى نحو فرض اسمه كرقم صعب في معادلة التجارة والأعمال، عندما دخل غرفة التجارة والصناعة بالمدينة كمنخرط قبل أن يصبح رئيسا لها باسم حزب الاستقلال.
تطور الموقع الاجتماعي لميلود الشعبي، فرض عليه إجراء تغيير كبير في حياته الخاصة، إذ كان أول ما أقدم عليه هو طلب يد الطالبة وقتها في مدرسة التقدم ماما التجمعتي من والدها الذي قدم حينها إلى القنيطرة رفقة شقيق له من فاس بحثا عن لقمة العيش.
رغم تحدر أصهار مليود الشعبي الجدد من فاس وحملهم لاسم يحيل على آل التجمعتي أحد أعرق العائلات الفاسية الغنية، فإن والد ماما الشعبي كان رجلا بسيطا يملك محلا للبقالة يديره رفقة شقيق له بديور سنياك أو ساحة الشهداء كما يفخر بنعتها القنيطريون.
عندما تقدم ميلود الشعبي لخطبة ماما وهو المالك وقتها لعدة أملاك منها حمام وفران الشعبي المتواجد لحد الساعة بحي أفكا الذي يحمل اسم أول شركة أسسها، كان والد ماما وشقيقه لازالا يعانيان اجتماعيا من محنة اعتقال سلطات الاحتلال لهما لمدة عام في سجن سنطرال إثر مشاركتهما في تظاهرة احتجاجا بعد مقتل الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد.
فرحة الشعبي بزواجه من الفاسية بنت التجمعتي لم تكتمل عندما غضب عدد من تجار وأعيان المدينة لتطليقه زوجته الأولى المتحدرة من قبيلته بدوار مزيلات بالشياظمة وقد أنجبت له وقتها طفلين وهما الراحل محمد الشعبي وشقيقه شفيق الشعبي الذي يستعد اليوم لخوض أول انتخابات رفقة حزب العدالة والتنمية بالقنيطرة. لم يدم مقام زوجته الجديدة بحي أفكا كثيرا، إذ سرعان ما انتقلا للعيش بين أغنياء المدينة في أول عمارة اشتراها الشعبي والتي تحتضن اليوم مقر كبرى شركاته في التشييد والبناء قرب قاعة الوحدة بالمعمورة.
زواج الشعبي من الحاجة ماما كان فأل خير عليه في الوصول إلى ما وصل إليه، بدليل قوله في أحد التصريحات: «ما كنت لأحقق ما حققته لولا زوجتي الحاجة ماما».
ظلت الحاجة ماما التي أنجبت له ستة أبناء منهم فوزي ومحسن وفيصل وعمر وأسماء، تلعب إلى حدود اليوم دورا كبيرا في صناعة القرارات الاستراتيجية لمليود الشعبي، إذ رغم تواريها عن الأنظار في عالم السياسية والمال الأعمال، إلا أنها تبقى من أهم مستشاري الثقة المقربين لميلود الشعبي.
فرضت زوجة الشعبي الفاسية منذ مغادرتهما القنيطرة بقرار من أوفقير نحو الرباط والبيضاء طوقا على محيط عمله، إذ كانت تحيطه بعناية خاصة في حله وترحاله، لا بل وترافقه في العديد من أسفاره إلى الخارج.
تمكنت زوجة الشعبي من غرس عيون وآذان لها في مكاتب صناعة القرارات المهمة الخاصة بشركات الشعبي، إذ كانت تتوصل بكل ما يجري ويدور في غياب مليود الشعبي، وهي معلومات غالبا ما أسست عليها آراءها الاستشارية.
مليود الشعبي الذي تقدر ثروته اليوم بـ2.9 مليار دولار مدين في مراكمتها لمالكة أسرار بنائها ماما التجمعتي وهو الذي صرح ذات مرة قائلا: «هي التي طالما ما أعطتني القوة لمواجهة الأزمات وقدمت لي الاستشارات».
ساهم الرقي الاجتماعي لعائلة ميلود الشعبي الصغيرة، في نسج ماما الشعبي لعلاقات قوية في الوسط النسائي لرجالات المال والأعمال المغاربة منهم والأجانب، إذ كان انخراطها في أنشطة النادي الدبلوماسي والمؤسسة الدبلوماسية الخيرية وغيرها مناسبة لخدمة صورة قابضة الشعبي وهي تجلس على طاولات نساء القصر والحكومة ورجالات الدولة ودبلوماسيي العالم.
عن سن يناهز السبعين عاما لا تزال ماما التجمعتي ماسكة بالخيوط القوية لتوجيه قرارات ميلود الشعبي وأبنائه في السياسة والمال والأعمال، والحسم حتى في تلبية الدعوات الخاصة التي توجه لزوجها الذي ظهرت رفقته حتى منتصف الليل 10 ماي الماضي بمراكش احتفالا بما وصف بزفاف القرن بين بنت الدرهم وابن ولد الرشيد. وبسبب تحكمها في مفاصل هولدينغ الشعبي فقد أصبحت ماما التجمعتي المسيرة الوحيدة التي توقع الشيكات وأوامر الصرف الخاصة بالمجموعة، خصوصا بعدما وصل ميلود الشعبي إلى وضعية صحية تمنعه قانونيا من ذلك.