محمد اليوبي
رد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، على فرق المعارضة التي شككت في مصداقية الأرقام والتوقعات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2025، بالتأكيد على أن صدقية الأرقام الواردة في مشروع قانون المالية «لا تقبل التشكيك»، موضحا أن فرضيات النمو الواردة فيه بنيت على وقائع وتراكمات السياقين الوطني والدولي بسلبياتهما وإيجابياتهما.
وأكد لقجع في معرض رده، أول أمس الخميس، على مداخلات النواب البرلمانيين خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية في اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، أن الحكومة منفتحة على المؤسسة التشريعية، لتعميق النقاش حول تفاصيل المشروع، من أجل تجويده بمقترحات تعود بالنفع على المغرب، مبرزا أن المرجعيات التي تشتغل عليها الحكومة منذ تنصيبها تتجلى في التوجهات الملكية السامية القائمة على ترسيخ الوحدة الترابية للمملكة، ومواصلة المسار التنموي، وتعميم الحماية الاجتماعية، والنهوض بالصحة، وضمان التعليم الجيد للجميع، وتعزيز قدرة المواطنين على الولوج إلى السكن اللائق.
وتطرق لقجع إلى الإنجازات التي حققتها الحكومة منذ بدء ولايتها، سيما على الصعيد الاجتماعي، مشيرا إلى أن عدد المشمولين بنظام «أمو تضامن»، نظام المساعدة الطبية «راميد» سابقا، بلغ 4 ملايين و80 ألفا و978 شخصا، إضافة إلى ذوي حقوقهم، ليبلغ المجموع 11 مليونا و380 ألفا و923 مؤمنا.
وذكر أن عدد الأرامل المستفيدات من الدعم ارتفع من 76 ألف أرملة كن يستفدن من 350 درهما عن كل طفل ضمن سقف ثلاثة أطفال ممدرسين، إلى 85 ألف أرملة، بزيادة 9 آلاف أرملة، مشيرا إلى أن مبلغ 350 درهما للطفل ارتفع وسيبلغ 400 درهم في 2026، ومضيفا أن هناك أيضا 330 ألف أرملة بدون أطفال ستستفدن بدورهن، ليبلغ مجموع الأرامل المستفيدات 425 ألف أرملة.
وفي القطاع الصحي، سجل لقجع أن عدد مهنيي الصحة انتقل من 63 ألفا في 2020 إلى 70 ألفا حاليا، وعدد المتدربين ارتفع إلى 5840 برسم السنة الجامعية 2024-2025، لينتقل عدد مهنيي الصحة لكل 10 آلاف مواطن من 16.7 إلى 19 مهني صحة في سنة 2024، مبرزا أن بلوغ المعدل العالمي الموصى به (25 مهني صحة لكل 10 آلاف مواطن)، يستدعي إحداث كليات طب جديدة وتوسيع الوعاء الجامعي.
وأشار في هذا السياق إلى أن العرض الصحي يتعزز بوتيرة سريعة ومشرفة، حيث يتم إنجاز مجموعة من المشاريع الصحية تشمل مستشفيات جامعية بعدد من جهات المملكة كالرباط وكلميم والعيون وأكادير، مضيفا أن الحكومة أخذت على عاتقها خلال سنة 2025 تهيئة 1400 مستوصف للقرب بمواصفات عصرية.
ومن جهتها، أبرزت نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن استمرارية البرنامج الحكومي، رغم السياق الدولي المطبوع بحالة اللايقين والسياق الوطني الذي يعرف تحديات عديدة، «دليل على ثبات السياسة الحكومية وعدم تأثرها بالأزمات»، مؤكدة أن الحكومة ظلت وفية لبرنامجها، وتمكنت من تدبير الأزمات التي شهدها المغرب، دون المساس بهذا البرنامج.
وشددت على أن الحكومة واثقة من بلوغ نسبة النمو المتوقعة في 2025، «لأنها قائمة على معطيات وطنية دقيقة، مع الأخذ بعين الاعتبار توقعات النمو على الصعيد الدولي، سيما منطقة الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول للمغرب»، مؤكدة عزم الحكومة على استرجاع تنقيط «Investment Grade» لوكالات التنقيط العالمية.
وكانت فرق المعارضة قد شككت في الأرقام الواردة في مشروع قانون المالية المعروضة للدراسة أمام لجنة المالية بمجلس النواب، واعتبرت فرضيات المشروع المتعلقة أساسا بمعدلي النمو والتضخم، بأنها «غير مستندة إلى معطيات واقعية»، كما اعتبرت أن التدابير المعلن عنها في مشروع قانون المالية لا ترقى إلى حجم الانتظارات والرهانات المطروحة، خاصة على مستوى التشغيل، معدل النمو، التضخم، واستدامة المالية العمومية.
وفي هذا الإطار، اعتبر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، أن فرضيات مشروع قانون المالية في ما يخص تحقيق معدل نمو بـ4,6 في المائة سنة 2025 «لا تخلو من تفاؤل مفرط، وغير مستندة إلى معطيات واقعية، بالنظر إلى عناصر السياقين الدولي والوطني»، وتطرق شهيد إلى ما اعتبره «إخفاقا» حكوميا في التحكم في عجز الميزانية في مستوى 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، متسائلا عن مدى قدرتها على التحكم في عجز الميزانية «في حدود ما تعلن عنه».
وبدوره، اعتبر إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 «جاء بأرقام ومؤشرات غير قابلة للتحقق»، خاصة في ما يتعلق بنسبة النمو والتضخم وعجز الميزانية والحد من المديونية، مضيفا أن الحكومة «لم تتمكن من تحقيق التزاماتها العشرة المتضمنة في البرنامج الحكومي، ومنها الرفع من وتيرة النمو إلى 4 بالمائة، خلال خمس سنوات». وسجل رئيس الفريق الحركي، أيضا، أن مشروع قانون المالية «يحكمه هاجس الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية، ببنية محاسباتية صرفه وبمعادلات حسابية ضيقة»، مضيفا أن المشروع «لا يتضمن رؤية للتحكم في الموارد والنفقات، من أجل حصر عجز الميزانية».
من جانبه، اعتبر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن الفرضيات الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2025، من قبيل تحقيق نسبة نمو بـ4,6 في المائة، وتحقيق محصول زراعي في حدود 70 مليون قنطار، وحصر معدل التضخم في 2 بالمائة، وارتفاع الطلب الخارجي بنسبة 3,2 في المائة، «تتناقض مع عنوان اللايقين العالمي، ومع اشتداد الحروب والأزمات الدولية».
ومن جهته، أكد عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن فرضيات مشروع قانون المالية المتعلقة بأسعار الطاقة والحبوب وغاز البوتان «تبدو معقولة»، نظرا إلى انخفاض أسعار مجموعة من المواد الأولية بالسوق الدولية، معتبرا أن «الإشكال» يتعلق بمعدل النمو لتضاربه مع توقعات عدد من المؤسسات، وسجل بوانو أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 لم يستند إلى عدد من الأولويات المتعلقة على الخصوص بالماء، والتشغيل، وإصلاح الشركات والمقاولات العمومية.