لقاء الفرصة الأخيرة
يلتقي وزير التعليم العالي بالنقابة الوطنية للتعليم العالي للبحث عن مخرج للأزمة المتصاعدة بينهما، ومنع خوض إضراب شامل خلال الدخول الجامعي لم يتم خوضه منذ 20 سنة الأخيرة، وفتح الباب على مصراعيه للقيام بإصلاح جوهري لمنظومة التعليم العالي على المستوى البيداغوجي والمؤسساتي والأخلاقي المهني.
إن أهمية هذا اللقاء وحساسيته في الوقت نفسه مستمدة من أنه يأتي عشية الدخول السياسي الذي ينتظر منه المغاربة بمختلف أطيافهم إشارات إيجابية من الحكومة، ولا ريب أن فشل الاجتماع سيكون رسالة سلبية ليس من طرف وزير التعليم العالي بل من الحكومة برمتها لأن فيه انقلابا على الرسالة التوجيهية لرئيس الحكومة التي وعدت بالعمل على تكريس السلم الاجتماعي من خلال التوقيع على ميثاق وطني للحوار الاجتماعي مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، تضمن مجموعة من التدابير التي ستمكن من تحسين الوضعية المادية للأجراء في القطاعين العام والخاص.
وفي ظل السياق الاجتماعي والسياسي الصعب الذي نعيشه، فإن اجتماع الوزير بالنقابة ربما يكون الفرصة الأخيرة لتدارك الانزلاق نحو عدم استقرار جامعي، والدخول في متاهات الإضراب الشامل التي من شأنها أن تؤثر سلبا على مصير ملايين من الطلبة بمختلف كليات ومعاهد التعليم العالي. والأمل أن يدرك وزير التعليم العالي حساسية وخطورة الموقف، وتأثير قراراته على شرعية ومشروعية الحكومة، والأهم أن يخرج من قوقعة المؤامرة ويعلي من المصلحة العامة التي ينبغي أن تكون ديدنه وهدفه بعيدا عن أي حزازات ضيقة أو أوهام تعشش في محيط الميراوي بكونه يتعرض لاستهداف ممنهج من لدن سلفه.
والأكيد أنه لو حضرت المسؤولية الوطنية، والتقدير السليم لجسامة السياق الذي نمر منه والذي لا يحتاج لأي نوع من المغامرات، سيخرج الاجتماع بنتائج واضحة وقرارات محددة وحاسمة، حول مطلب النظام الأساسي الذي عمر طويلا، ليتم التفرغ للإصلاح الكبير لورش التعليم الجامعي، لتنتهي حالة التشنج والتوتر والجدل العقيم، ويتم طي صفحة الجمل الإنشائية والتصريحات النمطية المستهلكة للوزراء.
وبلا شك أن اللقاء سيعقد تحت أعين رئيس الحكومة لأنه الحريص الأول على نجاح تجربته الحكومية، فكل الوزراء سينهون انتدابهم وسينساهم الرأي العام، إلا رئيس الحكومة الذي سيتحمل وزر وزرائه، لذلك من واجباته الدستورية أن يحرص شخصيا على نجاح الاجتماع ووصوله لقرارات واضحة بأجندة زمنية محددة. في المقابل ليس أمام النقابة الوطنية للتعليم العالي سوى الرجوع بقرارات إلى مجلسها الإداري الذي ظل مفتوحا وليس بوعود معسولة وصور إعلامية وتصريحات لا تغني ولا تسمن من جوع.
على كل حال سيتذكر التاريخ طويلا هذا الاجتماع بالنسبة لممثل 15 ألف أستاذ أو ممثل الحكومة، إما كعنوان لإطلاق رصاصة الرحمة على الملف المطلبي أو كعنوان لقدرة الحكومة على إيجاد حال. وهذا يعتمد على قرارات ذلك الاجتماع، والأهم على القرارات الواضحة في ما بعد