لبنى والقيصر
يوم الأربعاء الماضي، وبينما كان قاضي المحكمة الابتدائية بمراكش ينادي باسم لبنى أبيضار للمثول أمامه في قضية «التحريض على الدعارة» التي رفعتها إحدى الجمعيات ضد بطلة ومخرج فيلم «الزين اللي فيك» ، كانت لجنة جائزة سيزار ( كبرى الجوائز السينمائية بفرنسا والتي تحاول أن تضاهي جوائز الأوسكار الأمريكية من حيث الأهمية والاحتفالية ) تضع اسم لبنى أبيضار على رأس لائحة الممثلات الفرنسيات المرشحات للفوز بلقب أفضل ممثلة إلى جانب ممثلة من عيار الفرنسية كاترين دونوف التي تجاوز عمرها اليوم السبعين عاما، والتي أدت أدوار البطولة في أفلام مخرجي الصف الأول من أمثال لويس بونويل ورومان بولانسكي وماركو فيريري ودينو ريزي وفرانسوا تروفو وراوول رويز ولارس فون تراير، وسبق لها أن حصلت على جائزة سيزار مرتين وجائزة أوسكار وجوائز مهرجانات «كان» والبندقية وبرلين. وهاهي اليوم تتنافس مع ممثلة يكاد كل رصيدها الفني يختزل في فيلم وحيد شكل بدايتها وربما نهايتها بعد أن أحرقت كل السفن ولم توفر لنفسها خط رجعة يعيد ادماجها في الوسط الفني المغربي، فيما نشك صراحة في إمكانية اندماجها في المشهد السينمائي العالمي لعدة أسباب أهمها النقص في التمرس والكفاءة والتعليم، حيث أن تأهيلها الوحيد، حسب أقوالها ، كان في مجال الرقص، لكنها لم تكشف أبدا أين ومتى وكيف ؟.
لقد استسهلت أبيضار الصعب منذ أن تجند اللوبي الفرانكفوني لنصرة فيلم المخرج المغربي الفرنسي نبيل عيوش في سياق شعار «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما» فعبد له الطريق لكي يعرض في مهرجانات «كان» و «انغوليم» و«نامور» ، فتهاطلت الجوائز الأولى على أبيضار لا اعترافا بكفاءتها وإنما انتقاما من «مجتمع مغربي محافظ » زكى منعا رسميا لفيلم «الزين اللي فيك» الذي رفض حسب اللوبي الفرانكفوني تغطية شمس العاهات الاجتماعية بالغربال، لذلك فإن تلك الجوائز لم تكن سوى عقاب فرانكفوني لمغرب يرفض مجاراة باقي المجتمعات المحسوبة خطأ في الغالب على المجرة الفرانكفونية والنفوذ الثقافي الفرنسي .
إن عقلية المنع مترسخة لدى الحكومة المغربية التي لم تتردد مؤخرا في منع مجلة علمية لا يطالعها في المغرب سوى فضوليين محسوبين على رؤوس الأصابع، وهو ما متعها بشهرة هبطت عليها من السماء وجعلت الآلاف من المغاربة يبحثون عنها في الشبكة العنكبوتية ويحملون النسخة الكاملة من العدد الممنوع. ولعل عقلية المنع هاته التي تجاوزتها الأحداث ووسائل الاتصال الحديثة ، ستخلق لنا مستقبلا عشرات النسخ من لبنى أبيضار وأمثالها، مستفيدين من ورقة «المظلومية» التي تستهوي الأوروبيين الذين يعشقون الدفاع عن القضايا الخاسرة بالمال والدعم والتجييش الإعلامي والتحريض ضد المانعين وتشويه صورة بلدانهم وشعوبهم وتقديمهم للعالم على أنهم ينتمون إلى القرون الوسطى ولا حق لهم في موقع قدم تحت شمس الألفية الثالثة . فما رأي المسارعين إلى المنع المؤدي إلى خلق الأساطير من الفقاعات، أم أنهم سيفضلون الاختباء كعهدهم دائما وراء شعار «ما فراسيش» و « شوف وسكت»؟