شوف تشوف

الرأي

لا تقرأ هذا المقال

صبري صيدم

شكرا لأنك قررت أن تتجاوز حاجز الصد الذي أوجده عنوان هذا المقال، فانتصرت لفضولك وشغفك، وقررت أن تقرأ هذا المقال. الممنوع مرغوب، والمرغوب لم يعد متاحا في زمن الأوبئة ومشتقاتها. إنه الفضول ذاته الذي اكتسح العالم لمعرفة خفايا وباء كورونا، ومن سيقودنا إلى عالم مختلف اليوم، لتصبح فيه الحياة مغايرة لما اعتدنا عليه مهما حاولنا أن نقول بأننا سنعود إلى ما كنا عليه. أهلا وسهلا بكم في عالم التغيير واختلاف الحياة عن المألوف والمتاح.
فمع هذه الحياة الجديدة ستجد البشرية نفسها غير قادرة على العودة إلى ما كانت عليه قبل كورونا، والسبب أن البشرية اكتشفت بعد أن عاشت تجارب الحجر والإغلاق الكامل، بأنه من الممكن للحياة أن تستمر بخلاف الطرق النمطية التقليدية السابقة. فلا داعي للاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات المباشرة بعد اليوم، ونعم للعالم الإلكتروني بمعظم تفصيلاته. ومع هذا العالم فإن غياب أي كان عن مقومات الخدمات الإلكترونية سيعني بالضرورة فناءه، لعدم مقدرته على مجاراة الواقع الجديد.
خمس وسبعون في المائة هي تلك النسبة العالمية التي قدرها البعض لحجم الخدمات الممكن الاستعاضة عنها عن بعد، خاصة إذا ما بدلت المؤسسات والشركات والهيئات وغيرها مثلا مفهوم الدوام القائم على عدد ساعات الحضور بمفهوم الدوام القائم على الإنتاجية، أي أنك لا تحصل على راتبك، في مقابل عدد أيام وساعات الحضور في مكان العمل وراء مكتبك، بل مقابل ما تستطيع أن تحققه من نتائج وإنجازات، أو حتى تنجز ما يتم تحديده من مهمات.
ثقافة كانت نادرة ما قبل الوباء، فكانت شركة «غوغل» مثلا من الشركات القلائل، التي كانت تسمح بعدم ضرورة الدوام الفعلي، واختيار ساعات الدوام الأنسب، مقابل التزام صاحب العلاقة بإنجاز ما هو متوقع منه من مهمات. اليوم يعود البعض وفي إطار التدليل على قرب نهاية حقبة كورونا، إلى الدعوة إلى الحث على العودة إلى العمل التقليدي والدوام المدرسي والجامعي، كما كان ما قبل الوباء، باعتبار أن الدوام عبر الإنترنت، أو التعليم الإلكتروني كان ثانويا ومكملا ولم يكن الأساس. ويعود البعض أيضا للحديث عن التسوق المباشر والاجتماعات المباشرة، وكأن ما تم هو موجة عابرة. لا يا سادة! العالم تغير بصورة ستجد معها أن العودة لكل ما فات قد مات، وأن التقليد تراجع وسيتراجع أمام التجديد الذي تفرضه التكنولوجيا. فاليوم وفي عالم «التيك توك» و«الإنستغرام» و«الزووم» و«التييمز» و«التلغرام» وغيرها الكثير، ستجد نفسك أمام باقة توفر لك معظم مكونات الحياة اليومية، وهذا ما أعطى شركات تمتلك تلك التقنيات، القدرة على التطور غير المسبوق بصورة تضاعفت معها قيمتها السوقية بملايين الدولارات، بل البعض بمليارات الدولارات، كشركة «أمازون» التي طورت خدماتها من عالمي القراءة والنشر إلى عالم التسوق الشامل عن بعد. وعليه فقد أقدمت «أمازون» ذاتها التي تبلغ قيمتها السوقية اليوم حوالي 1.7 تريليون دولار، على شراء شركة «أم جي أم» العريقة لصناعة الأفلام، بما يصل إلى حوالي ثمانية مليارات ونصف المليار دولار، في صفقة قيل إنها الأكبر في عصر كورونا. ولعل هذه الصفقة ستقود إلى ثورة في عالم تقنية الأفلام وصناعة الدراما، وتوظيف المؤثرات، وإعمال البعد الرقمي في كل مكونات السينما والتمثيل.
بيد أن بعض التكهنات تقول إن «أمازون» التي استفادت من عهد كورونا، ربما تنتقل من خلال هذه الصفقة إلى عالم غير مسبوق تعمل فيه استخدام التقنيات النوعية مستفيدة من الأفلام عبر بروتوكول الإنترنت، والسينما حسب الطلب، لتتحول نحو السينما الشخصية، ودراما الذكاء الاصطناعي، وغيرها الكثير مما نعرفه ولا نعرفه، ما سيمكنك من الاستفادة من العالم الرقمي الجديد ضمن خدمات الجيل الخامس من الإنترنت، وعبر ما يساهم في ترسيخ مبادئ الابتعاد عن الحياة، كما عهدناها حتى تستطيع: التعلم عن بعد والتسوق عن بعد، والتطبب عن بعد وزيارة الأهل عن بعد، والتسلية عن بعد وغيرها، مما يؤكد على أن ما كان قد كان وما جاء إنما فاق الرجاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى