شوف تشوف

الرأي

كوكب للسياسيين

جنوحي

 

 

الجيل الذي يمثل اليوم نسبة مهمة في الفئات العمرية التي تتولى تسيير القطاعات وصناعة الرأي العام، لا يعرف للأسف الشيء الكثير عن محطات مهمة صنعت التوجه السياسي المغربي الحالي، والذي للأسف، لا تشكل الأحزاب المغربية أي جزء منه.

الأداء الضعيف لجل الأحزاب السياسية في المغرب، وموجة التيئيس من الخطاب السياسي، كلها عوامل جعلت الشباب يعزفون تماما عن السياسة، حتى أن شبيبة بعض الأحزاب صارت اليوم مدعاة للسخرية، خصوصا في اللقاءات الحزبية والملتقيات الوطنية للأحزاب. ولعلكم تذكرون اللقاء الحزبي لشباب “الجرار” والذين كان بعضهم عاجزين تماما عن صياغة جملة مفيدة أمام الكاميرا، فيما اتضح أن آخرين لا يعرفون أي شيء عن الواقع السياسي المغربي ولا تاريخ الأحزاب ولا عن قوانين البرلمان وعمل اللجان التشريعية ولا المساطر الإدارية وصياغة المحاضر.

جهل جل المغاربة بالقانون قصة أخرى، تضعنا أمام واقع أكثر سوداوية، إذ لا يوجد مبرر لتفسير جهل شريحة الشبان المغاربة المتعلمين بالقانون. لا يفرق جل الجامعيين اليوم بين المتابعة في حالة سراح وبين الاعتقال الاحتياطي، باستثناء الذين درسوا القانون بطبيعة الحال. وحتى وسط هؤلاء ستجد حالات تُصيب الأساتذة الجامعيين بالذهول.

وعلى ذكر الأساتذة الجامعيين، فإن بعضهم اليوم أصبحوا يفضلون البحث عن شراكات مع جامعات في دول أخرى، بدلا عن قضاء الموسم الجامعي في المغرب.

بعض إدارات الجامعات، لا تتقبل الانتقادات التي تنشرها الصحافة ضدها، وينبري عمداؤها إلى متابعة الصحفيين بدل فتح تحقيق داخل إدارة الجامعة للوقوف على الاختلالات في التلاعب بالنقط، واستغلال بعض الأساتذة لسلطتهم المعنوية على الطلبة، لابتزاز الطالبات جنسيا، أو ما بات يعرف بالجنس مقابل النقط.

هذا الانحدار غير المسبوق الذي وصلت إليه مستويات التدريس داخل الجامعات المغربية، يحيل أيضا على إشكال البحوث الجامعية التي أصبحت هي الأخرى مثل الوجبات السريعة، حتى أن بعض المكتبات أصبحت تعرض في واضحة النهار، عروضا مثيرة للجدل تتعلق بتسهيلات وتخفيضات في إنجاز البحوث الجامعية للطلبة، ويكفي أن يضعوا أسماءهم فوق صفحتها الأولى للمرور إلى مرحلة المناقشة.

لدينا للأسف تضخم في الشواهد العليا. جل الذين حصلوا على الإجازة الجامعية في السنوات الأخيرة، مروا إلى مرحلة “الماستر” فقط لأنهم لم يُقبلوا في مباريات الوظيفة العمومية، وبعد الماستر –في البطالة طبعا -مرّ آخرون إلى الإعداد للدكتوراه، في خطوة لمحاربة البطالة فقط. وهكذا أصبحنا أمام تضخم كبير في الشواهد، والنتيجة كما ترون، أن الدولة أصبحت عاجزة تماما عن خلق مناصب شغل في الوظيفة العمومية، تحديدا في مجال التعليم وليس في أي قطاع آخر.

ورغم ذلك فإن وزارة التعليم تسجل سنويا نقصا في عدد الأطر، ويبقى أبناء المغاربة في جهات متفرقة من المغرب يعانون من الهدر المدرسي وغياب الأستاذة التي يصادف حملها كل شتنبر من كل سنة. ورغم أن التقرير السابق الذي تم إعداده في فترة الوزير حصاد، يرصد نسبة ضعيفة للغياب سنويا في صفوف رجال التعليم، إلا أن بعض المديريات التابعة لوزارة التربية الوطنية تتوفر على شكايات من جمعيات الآباء، ضد بعض الأساتذة دائمي الغياب من مدمني الشواهد الطبية.

وعند مطالعة الإنجازات التي تطبل لها الحكومة، مثل صرف بعض التعويضات لشريحة من المتقاعدين، أو توقيع شراكة مع جمعيات ما، في جهة ما، لمساعدة ربات البيوت على إعالة الأسر، يتضح أن حتى هؤلاء الذين يقودون الحكومة، يريدون لنا ألا نرى أبعد من أرنبة الأنف. حتى أن السياسة باتت في واد، ونحن في واد آخر. وكأنهم ينتمون لكوكب آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى