كورونا توارت ولم تمت
بالتزامن مع قرار حكومة عزيز أخنوش رفع حظر التنقل الليلي بمجموع التراب الوطني واتخاذ مجموعة تدابير أخرى تشمل مواصلة العمل بإلزامية الإدلاء “بوثيقة جواز التلقيح” أو “بشهادة الإعفاء من التلقيح”، كان هناك خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدعو فيه الفرنسيين إلى أخذ جرعة ثالثة من اللقاح ويحذر من موجة خامسة للوباء ويشترط تمديد صلاحية الشهادة الصحية لمن هم فوق 65 عاما. طبعا سلطات كل دولة تتحرّك منفردةً وفق الإيقاع الخاصّ بها، كي تخفف أو تشدد القيود والتدابير، لكن الظاهر من كلا القرارين أنهما يحملان في طياتهما تخوفات مشروعة من سيناريو العودة إلى نظام الحجر الشامل أو الجزئي الذي كلف بلدنا فاتورة ثقيلة.
وعلى الرغم من التخفيف الملحوظ الذي ذهبت في اتجاهه السلطات العمومية، بعد مسار شاق من المجهودات التي تعرضت ولا زالت لوابل من التشكيك والتبخيس وكيل الاتهامات من محترفي الركوب على المآسي، إلّا أن ثمّة تخوفا من العودة للوراء لا زال قائما، خصوصا مع دخولنا فصل الشتاء وإمكانية ولوج العالم لموجة أخرى من ويلات الفيروس المتحور، حتّى إن لم تأتِ تلك الموجة مطابقة لما شهدناه في مارس أو يوليوز الماضيين، لكن، بكل وثوقية، تبقى العودة إلى الحياة العاديّة لمرحلة ما قبل كورونا غير مرجحة على الأقل في أفق السنة المقبلة.
وما يؤرقنا جميعا أن نخسر كل هذا المجهود الذي شيدناه دولة ومجتمعا في مواجهة الوباء، ونعجز عن الحفاظ على مظاهر التخفيف من القيود التي تم اتخاذها، ولذلك فدرجة التزامنا هي التي تحدد كيف ستتعاطى السلطات مع كورونا، وبدون شك فإن الالتزام الصادق بإجراءات الوقاية والتدابير الاحترازية والتطعيم لبلوغ المناعة الجماعية سيمكننا من الاستمرار في أسلوب التكيف والانفتاح والعودة التدريجية للحياة الطبيعية، وفي المقابل فإن عدم الالتزام يعني انتكاسة صحية جديدة ستقودنا، وبكل أسف، للعودة للإغلاقات وفرض القيود، وربما الدخول في أنفاق المجهول التي لا يعلم أحد كيفية الخروج منها.
وبدون تهويل، فإذا لم نستفد من تجارب الماضي وننجح في استثمار حالة التخفيف التي تم اتخاذها، فإننا، يقينا، سنكون أمام مصير سيئ تجاه عدو متحور يختفي يتوارى لكنه لحد اليوم لم يمت.