هاجرت إلى فرنسا بحثا عن لقمة عيش بعد أن تبين لك أن الملاكمة الهاوية لا تحقق أحلامك، لكنك سرعان ما عدت إلى المغرب هل كان هذا القرار خاطئا؟
بعد أن أصبحت بطلا للمغرب وصار لي اسم في الحلبة، نودي علي لتعزيز المنتخب الوطني في بعض الملتقيات، حيث شاركت في ألعاب سبليت المتوسطية في يوغوسلافيا، لكن تبين لي من خلال اختلاطي بالكوايرية أنهم يتقاضون منحا أكثر منا نحن الملاكمون، قررت الرحيل لكن مسؤولي الجامعة أصروا على أن أشارك في دورة دولية بالعراق سنة 1980 ونلت ميدالية ذهبية، لكن الحوافز كانت ضعيفة جدا.
لكنك فزت بذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وسطع نجمك من جديد دون أن تعدل عن فكرة الهجرة؟
قاطعت الملاكمة وعدت إلى عالم الكرة أملا في ضمان شغل في شركة من حلال مشاركتي في البطولة المهنية، لكن حين كنت أقضي أيامي في الشاطئ جاء عندي دركي وطلب مني مرافقته إلى المخفر، هناك أخبرني بأنني مطالب من طرف جامعة الملاكمة للمشاركة في معسكر للفريق الوطني في مدينة إيفران، استعدادا لألعاب البحر الأبيض المتوسط، لبيت الدعوة ووجدت نفسي في معسكر الفريق الوطني، الحمد لله فزت بميدالية وحظيت بشرف التحدث إلى الملك عبر مكالمة هاتفية بحضور بليوط بوشنتوف الذي شجعني في هذه اللحظة التاريخية من حياتي.
كم تقاضيت كمنحة بعد حصولك على الذهب المتوسطي؟
تسلمت مليوني سنتيم، كان مبلغا محترما في تلك الفترة، لكنني كنت أبحث عن شغل يؤمن مستقبلي.
لهذا داهمتك رغبة الهجرة من جديد؟
قررت دخول غمار الملاكمة الاحترافية، بعد أن صرفت المنحة على عائلتي حيث تم اقتناء بعض الأشياء الضرورية التي كنا نفتقد إليها، أصبحت بدون مورد مالي قار، فتوجهت إلى عيادة طبيب المنتخب الدكتور جسوس في درب السلطان وكشفت له عن رغبتي في الهجرة وحاجتي لمبلغ مالي قدره 700 درهم، ناولني إياه في الحين وسافرت إلى فرنسا عند صديقي بوزيان، حيث جاء انضمامي للملاكمة الاحترافية بدعم من صديقي وزوجته، حيث لعبت نزالين فزت فيهما، وقرر مدربي ضمي للبطولة الاحترافية لكن أحتاج إلى ترخيص من الاتحاد المغربي، لابد هنا من الوقوف عند الدور الذي لعبه بوزيان ابن الحي المحمدي الذي يعد بيته في باريس ملاذا للمغاربة من رياضيين وفنانين وصحافيين، لقد مات مؤخرا في فرنسا ودفن في المغرب بناء على وصيته رحمه الله.
هل ارتكبت خطأ استراتيجيا حين رفضت مرة أخرى الانضمام للمنتخب المغربي قبل السفر إلى أمريكا؟
رفضت الذهاب إلى لوس أنجلوس والمشاركة في الألعاب الأولمبية لعام 1984، كنت أبحث عن مصدر رزق قار، وأسعى للتألق في عالم الملاكمة الاحترافية، وأمام إصراري على مقاطعة المنتخب تركوني لحالي.
هل عجزت الجامعة عن تدبير منصب شغل لملاكم دولي يعاني من الهشاشة؟
اتصل بي الإطار الوطني والحكم الدولي المغربي العربي حواض، وجمعني في لقاء مع بليوط بوشنتوف رئيس الجامعة الملكية المغربية للملاكمة، وطلبا مني صرف النظر عن الهجرة، قلت لهما إذا عثرت على شغل في المغرب لن أفكر في أوربا، وشرحت لهم وضعية والدتي العاملة البسيطة في مصنع لتصبير السمك، وعدني بوشنتوف بمنصب شغل فالتحقت بمعسكر المنتخب الذي كان يستعد لدورة أوربية، وبعد أيام علمت أنني موظف في جماعة مرس السلطان، مقابل أجر بسيط لكنه سيعين والدتي على تربية الأبناء. دخلت المعسكر وتم إلحاقي بالمنتخب حرف باء المشارك في دورة دولية في اليونان، استعدادا للألعاب العربية في المغرب، حصلت في اليونان على الذهب ونازلت في المغرب البطل مرجوان فانتصرت عليه وفي نزال قوي بالميناء وأصبحت من نجوم الفريق الوطني.
ساعدتك فترة الاحتراف في تطوير قدراتك؟
بصراحة ساعدني الاحتراف الأوربي على تصحيح بعض هفواتي، لكي تفوز على هذا ملاكم بريطاني، في دورة اليونان، يجب أن تكون قويا فعلا، لقد حولته من شاب بريطاني جميل أنيق، إلى شخص بلون آخر، أصبح لونه أحمرا وكثير الكدمات بسبب اللكمات، هو أيضا تسبب لي في آلام في العين وفي الأنف، نقلنا معا إلى المصحة وكل واحد يسخر من الآخر. ما عزز حضوري في الألعاب العربية بالمغرب عام 1985 حيث فزت في مبارياتي بالضربة القاضية أو الفوز في الدقائق الأولى. بعدها جددت طلبي لبوشنتوف من أجل البحث عن شغل آخر براتب أفضل.
عدت إلى فرنسا مرة أخرى؟
قررت العودة إلى فرنسا وحولت الراتب البسيط للجماعة الحضرية لحساب والدتي، في باريس تزوجت بفرنسية من أجل الحصول على بطاقة الإقامة، لكن الجامعة ظلت تتصل بي من أجل الانضمام للمنتخب الوطني خاصة وأن الألعاب العربية في اللاذقية كانت على الأبواب، حين رفضت العودة اتصل بي سفير المغرب في فرنسا وألح علي كي ألبي دعوة الجامعة وقال لي إن تعليمات قد صدرت كي أعود وألتحق بمعسكر المنتخب وهو ما حصل.
يعاب عليك حملك للعلم السوري في الحلبة خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط اليت احتضنتها اللاذقية عام 1987؟
أولا يجب أن أصحح المعلومة، لم أكن أحمل العلم السوري وحده، بل كنت أحمل قبل وبعد كل نزال علم المغرب مقرونا بعلم سوريا، فيتفاعل معي الجمهور بشكل كبير، إلى درجة أنه أصبح لي جمهور سوري لا يشجعني فقط بل يستضيفني أفراده في بيوتهم، لا تنس أن تلك الفترة الزمنية قد عرفت فتورا في علاقات المغرب بسوريا، حيث طبع التوتر والفتور علاقات البلدين منذ عقود لأسباب متعددة.