كيف تمت دعوتك لمجاورة منتخب الشبان؟
أنا أول لاعب في المغرب يلتحق بمنتخب الشبان وهو يمارس في القسم الثالث. الحكاية بدأت من ملعب «الطاس»، خلال مباراة جمعت شبان الاتحاد العثماني بشبان الاتحاد البيضاوي. كان العربي الزاولي ومحمد العماري ولمغاري يتابعون المباراة، التي تألقت فيها بشكل ملفت. أذكر أنني راوغت كل مدافعي «الطاس» وسجلت هدفا رائعا. في نهاية المباراة وجه لي الزاولي دعوة للالتحاق بمعسكر المنتخب في المحمدية وتحديدا بأحد فنادق المدينة، لم أكن أعرف الفندق لكن والدي سيدلني عليه.
هل كان والدك يرافقك في كل المباريات؟
كان والدي، رحمه الله، يرافقني في جميع المباريات سواء مع الاتحاد العثماني أو الفريق المهني وحتى بعد انتقالي إلى الرجاء. كانت نصائحه ترافقني في جميع المباريات منذ أن كنت ضمن فئة الشبان، والحمد لله وضعني على السكة الصحيحة وكنت أشعر بأنه بمثابة وكيل أعمالي دون أن يشعر. أذكر مرة أن العربي الزاولي قال له سأتبنى هذا الشاب (في إشارة لي)، فرد عليه قائلا: «أنا قادر على رعاية ابني وحين أموت يمكنك أن تتبناه».
كيف كانت أولى مشاركاتك الدولية؟
التحقت بالمنتخب وعمري 19 سنة، شاركت مع لاعبين كلهم ينتمون إلى فرق القسم الأول، وأنا قادم من فريق مغمور اسمه الاتحاد العثماني يمارس ضمن بطولة القسم الشرفي. كتب لي أن أسافر عبر الطائرة لأول مرة مع منتخب المهنيين وكنت أصغرهم سنا. أذكر أننا سافرنا إلى موسكو عبر بودابيست لإجراء مباريات ودية. أما أول رحلة رسمية فكانت مع منتخب الشبان في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم التي احتضنتها تونس سنة 1977، أعتقد أن الرحلة قادتني إلى غينيا رفقة مجموعة من اللاعبين منهم من واصل رحلته ومنهم من انقطع لأسباب يضيق المجال لذكرها، أمثال: بومليك، محروس، كسيكس، الغويني، معتوق، نجمي لاعب الراك وليس الرجاء وأسماء أخرى.
لكن أول مشاركة للمنتخب المغربي للشبان في كأس العالم كانت مخيبة للآمال..
كان مونديال الشباب في كرة القدم، الذي أجريت مبارياته صيف سنة 1977، النسخة الأولى من نوعها من بطولة العالم للشباب. واستضافتها تونس وعرفت تتويج المنتخب السوفياتي للشباب بأول كأس العالم للشباب. كانت مشاركة منتخبنا مخيبة للآمال بالنظر لعدم كفاية الاستعداد لهذا الحدث، لم أشارك في مباريات هذا المونديال، لكن المشاركة كانت دون مستوى طموحاتنا، حيث خسرنا المباريات الثلاث أمام الأورغواي، الهندوراس والمجر، وغادرنا المسابقة بعد انتهاء الدور الأول، علما أنها منتخبات قوية وصلت إلى أطوار متقدمة، لكن علينا ألا نعتقد بأن الوضع كان كما هو الحال اليوم حيث ترصد للمنتخبات ميزانية هامة وتتدرب في ملاعب عالية الجودة وتتنقل في طائرات خاصة.
كيف عشت مباريات السد؟
من غرائب الصدف أن أواجه في «الباراج»، وأنا أحمل قميص الاتحاد العثماني، فريقين مختلفين، ستشاء الأقدار أن أواجه يوسفية برشيد في مباراة للتاريخ، كان الفائز سيصعد للقسم الثاني قبل أن يتم خلق بطولة للهواة. في تلك المباراة القوية، التي احتضنها ملعب نجم الشباب في الساعة التاسعة صباحا، انهزمنا بهدفين لواحد في مواجهة حضرها كبار المدربين والمسيرين. كان فريق سيدي عثمان معززا بخيرة اللاعبين والشيء نفسه بالنسبة لليوسفية. لعبت أيضا ضد القوات المساعدة في مباراة للسد، أحترم هذا الفريق الذي أصبح يحمل اسم شباب المسيرة، لهذا لن أتكلم عنه بسوء. ففي تلك المباراة أساء الحكم لفريقي وأصر على أن تستمر المواجهة وسط الظلام بالرغم من صعوبة الرؤية، كما أن لاعبا من أبناء ثكنة بورنازيل للقوات المساعدة هدد بضربي والتنكيل بي وأنا فتى لا يتجاوز عمره 19 سنة، والحمد لله كنا نواجه الفرق القوية بحماسنا ورغبتنا في التواجد مع الكبار.
من كان وراء محاولة انتقالك إلى الوداد البيضاوي؟
حين كنت لاعبا في صفوف الفريق المهني للمكتب الوطني للكهرباء، تألقت بشكل ملفت في هجوم هذا الفريق، فاقترح علي عبد القادر السملالي، وكان مسؤولا في النادي الكهربائي والوداد، الانضمام للفريق الأحمر. في تلك الفترة كان لاعبو الرجاء أو الوداد غالبا ما ينهون مساراتهم بالالتحاق بفريق مهني لضمان منصب شغل. أنا عكس هؤلاء، من فريق مهني إلى فريق يلعب بالقسم الوطني الأول. تدربت مع الوداد وكنت أقول لأصدقائي إنني أمام خيارين: إما اللعب مع الوداد أو الرجاء كخيار أول، أو استكمال دراستي كما كان يسعى إلى ذلك والدي. استقبلت بحفاوة من طرف الوداد بتوصية من عبد القادر رحمه الله، وعلى امتداد سبعة أشهر كنت أتدرب بجدية وكأنني سأوقع غدا، بل إنه كلما فاز الوداد إلا وبعث لي الرئيس عبد الرزاق مكوار منحة وكأنني أشارك الفريق مبارياته الرسمية.
لماذا لم يقم مكوار بشراء عقدك من الاتحاد العثماني؟
هل تظن أن مكوار سيرضى بوجود لاعب يتدرب لمدة سبعة أشهر مع الوداد دون أن يتفاوض مع الفريق الأم؟ لقد اتصل رئيس الوداد برئيس اتحاد سيدي عثمان في شأني وعرض عليه انتقالي مقابل مبلغ مالي مهم، لكن عبد القادر طنان، الذي كان رئيسا للاتحاد العثماني ولعصبة الدار البيضاء لكرة القدم، رد عليه بعبارة ظل يكررها أمام الجميع: «الصديقي ليس للبيع». لكن خلال تواجدي مع الوداد استفدت الكثير على المستوى الشخصي والجماعي، لأنني تمرنت مع كبار اللاعبين، على غرار الحارس أحمد ومجاهد واسحيتة، وأحرضان وصابر، والشريف والزموري وغيرهم من الأسماء التي كان لي شرف التدرب معها، قبل أن يشاء القدر انضمامي للرجاء بعد أن كنت على وشك التوقيع للوداد، والخير في ما اختاره الله.