شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

كسر سياسي

حسن البصري

غايا مرباح، حارس مرمى جزائري، جلبه فريق الرجاء الرياضي من شباب بلوزداد الجزائري، ثم انتقل إلى طنجة ليحرس عرين اتحادها، قبل أن يعود إلى وطنه بعد أن تلقى عرضا من نادي شبيبة القبائل.

مرباح غادر الرجاء لأنه يرفض الجلوس في كرسي البدلاء، وغادر اتحاد طنجة لأنه يرفض انتظار تحويل راتب شهري أو منحة توقيع.

شاءت الصدف أن ألتقي بالحارس الجزائري مرباح في بهو مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وجدته إلى جانبي فجأة دون أن تجمعنا نفس الرحلة، كان يتفحص هاتفه بهدوء وبين قدميه حقيبته.

سألته عن سر مغادرته الرجاء، فقال بأنه يكره كلمة انتظار، ويرفض أن يتحول من حارس إلى متربص بحارس رسمي ينتظر إصابته أو طرده أو مرضه.

“حتى الجلوس في قاعة انتظار طبيب أسنان مرفوض عندي”، قالها غايا وهو يفرج عن نصف ابتسامة.

سيغادر مرباح المغرب عائدا إلى بلاده بعدما تلقى عرضا من فريق شبيبة القبائل الجزائري، وحين كان يستعد رفقة ناديه الجديد سيتعرض لإصابة خطيرة تم تداولها في منصات التواصل الاجتماعي، وكانت لقطة ممنوعة على أصحاب القلوب الضعيفة.

حصل هذا الحادث المؤلم في مباراة “ودية”، وستتوقف المباراة ويطالب رفاق مرباح من لاعبي الفريق الخصم اتحاد بسكرة الانسحاب، وسيعلن الحكم عن توقيف النزال.

أصدر شبيبة القبائل بيانا أعلن فيه خضوع الحارس غايا مرباح لعملية جراحية كللت بالنجاح. لكن مدة غيابه قد تتجاوز التسعة أشهر. وقد يعود إلى الملاعب أو يعتزل الكرة.

صحيح أن أعطاب الكرة واردة، لكنها مستبعدة في المباريات التي تسمى تجاوزا “مباريات ودية” أين الود حين تنتهي مثل هذه اللقاءات في غرف العمليات؟ عن أي ود يتحدثون وفي جنبات الملعب سيارات إسعاف.

ولأن الإعلام الجزائري مصاب بـ “فوبيا” المغرب، فقد تحاشى في تغطية “كسر مرباح”، الإشارة إلى عبور هذا الحارس في المغرب، ولم يرد ذكر اسم الوطن الذي استضافه حين غضب من سوء معاملة بعض رؤساء الأندية الجزائرية.

وحين أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، عبر صفحته الرسمية، تضامنه مع الحارس مرباح غايا، متمنين له الشفاء العاجل، تحاشى الحديث عن عودته من المغرب، خوفا من ذكر اسم بلد قد يقود كاتبه للاستنطاق.

ما لا يعرفه كتاب البلاغات، من محبرة النظام العسكري، هو أن غايا ظل مرابطا في مدينة وهران حين لفظ شاطئ “كاب فالكون” الوهراني جثة زميله لاعب اتحاد طنجة عبد اللطيف أخريف، الذي فقد في البحر شهر يوليوز الماضي، في خرجة ترفيهية رفقة زميله سليمان الحراق، على متن قارب صغير، بسواحل “ريستينكا”.

باشر مرباح، بصفته حارسا سابقا لاتحاد طنجة، جهود التنسيق بين السلطات الجزائرية وأسرة أخريف، وذلك من أجل تيسير وتسريع الإجراءات اللازمة المعمول بها في مثل هذه الحالات. بل وكان غايا يتردد يوميا على مستشفى وهران لهذه الغاية.

حين أكد طبيب أن الموسم الرياضي قد انتهى مبكرا لدى الحارس مرباح، تقدم مسؤولو شبيبة القبائل بطلب رخصة استثنائية لتعويض حارس المرمى المكسور، الذي قدر له أن يعيش انتظارا أطول على سرير الألم وساقه ملفوف في الجبس.

تقاطرت على غايا رسائل المواساة من المغرب فرد عليها بتدوينة مؤثرة، عبر فيها عن حبه للشعب المغربي المضياف.

مسرح الجريمة، ملعب حسين آيت أحمد بتيزي وزو، يحمل اسم شخصية سياسية ظلت تعارض النظام العسكري الحاكم، حسين أوصى بدفنه في المغرب، لكن الرئيس الجزائري أصر على دفنه في جوف تربة القبائل، وإطلاق اسمه على ملعب، واعتبار الوصية ملغاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى