الأخبار
عاشت محكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الخميس، حالة استنفار قصوى، بعد إحضار المشتبه في تورطهم، في ما بات يعرف بملف قاضي استئنافية تطوان، إلى قصر العدالة من طرف عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، حيث تم عرضهم على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، قبل إحالتهم على القاضية المكلفة بالتحقيق بالغرفة الخامسة بقسم جرائم الأموال التي أصدرت قرارات، في وقت متأخر من الليل، امتد إلى حدود الواحدة والنصف صباحا، تراوحت بين الاعتقال والمتابعة في حالة سراح، مع المراقبة القضائية، وكذا حفظ المسطرة في حق سيدة وهي موظفة جماعية متقاعدة. وقد تابعت قاضية التحقيق المتهمين بتهم الارتشاء والمشاركة وعدم التبليغ عن وقوع جناية وإخفاء أشياء متحصلة من جناية كل حسب المنسوب إليه.
وبحضور عدد كبير ووازن من المحامين، من هيئتي الرباط وتطوان، حضر المشتبه فيهم إلى قصر العدالة بالرباط، وضمت اللائحة قاضيين أحدهما معزول والآخر متقاعد من مواليد سنتي 1957 و1959، سبق أن اشتغلا معا بمحكمة الاستئناف بتطوان، حيث تفجرت الفضائح، ثم منتدب قضائي لدى استئنافية الحسيمة من مواليد السبعينيات.
كما ضمت لائحة الأشخاص المرتبطين بهذا الملف، الذين مثلوا أمام النيابة العامة وقاضية التحقيق بقسم جرائم الأموال، محامية بهيئة الجديدة من مواليد 1990 وموثق من مواليد 1986، وهما ابنا أحد القاضيين المتابعين في الملف، ثم ربة بيت من مواليد 1978، وهي موظفة سابقة بإحدى الجماعات، إضافة إلى مقاول من مواليد 1958، فضلا عن أربعة محامين آخرين، ثلاثة منهم ينتمون إلى هيئة المحامين بتطوان، ورابعهم من هيئة المحامين بالدار البيضاء.
وبعد ساعات من الاستنطاق التمهيدي، الذي أشرفت عليه القاضية المكلفة بالتحقيق بالغرفة الخامسة بجرائم الأموال، قررت إيداع القاضي المعزول السجن، وهو الذي يعتبر المتهم الرئيسي في الملف والمعني بالتسجيلات التي تفجرت معها الفضيحة بتطوان، قبل سنة، فيما تابعت الموثق وابنته المحامية بهيئة الجديدة في حالة سراح مع إخضاعهما لمسطرة المراقبة القضائية وسحب الجواز، كما تابعت محاميين بهيئة تطوان في حالة اعتقال، فيما قررت متابعة مقاول والقاضي الثاني المتقاعد رفقة المنتدب القضائي بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، ومحام بهيئة الدار البيضاء وزميل له بهيئة تطوان، في حالة سراح، مع إخضاعهم أيضا للمراقبة القضائية. أما السيدة الأربعينية التي كانت تشتغل موظفة بإحدى الوحدات الترابية بواد لو فقد قررت القاضية عدم متابعتها وحفظ المسطرة في حقها.
وتعود أطوار هذا الملف المثير والمرتبط بتسجيلات جد خطيرة منسوبة لزوجة القاضي المعتقل إلى سنة 2023، وتفيد تورط زوجها القاضي إلى جانب قضاة ومحامين وموظفين في التلاعب في أحكام قضائية مقابل تسلم رشاوى وامتيازات، وهي الفضيحة التي أمرت النيابة العامة المختصة بالبحث فيها وفك كل ألغازها.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة جرائم الأموال بالرباط قد توصل بمحاضر الاستماع، التي تم إنجازها من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، فضلا عن التقارير ولجان التفتيش التي قامت بالبحث والتدقيق في القضايا والاتهامات التي ادعتها زوجة القاضي، بعدما صرحت بفضائح السمسرة في محكمة الاستئناف بتطوان، وشبهات بيع الأحكام.
واستنادا إلى أوامر النيابة العامة، خضع المتهمون في ملف قاضي تطوان إلى البحث من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، قبل تقديمهم أمام النيابة العامة المختصة وقاضية التحقيق بمحكمة جرائم الأموال، أول أمس الخميس.
وكانت زوجة القاضي قد صرحت بأن زوجها القاضي يتاجر في قضايا برفقة محامين وغيرهم من السماسرة، وقد ضمنت ادعاءاتها في شكاية ضد زوجها تتهمه ببيع أحكام قضائية، مع تقديمها لتسجيلات في الموضوع إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بتطوان، الذي باشر الاستماع إلى العديد من المشتبه في تورطهم في الملف، بينهم قضاة ومحامون ومقاول وموثق، كما انصبت الأبحاث المنجزة لاحقا على التدقيق في بعض الاتهامات المتضمنة في الشكاية، تتعلق تحديدا بمصير ملف سيارة «لامبورغيني» وحيثيات الإجراءات الخاصة بحادثة سير تسبب فيها سائق السيارة الفارهة، والوثائق القانونية الخاصة بها، والسراح الذي منح لمتهم في القضية بالغرفة الجنحية، فضلا عن تفاصيل أخرى في ملفات جرى التكتم عليها بشكل كبير في إطار سرية التحقيقات والاستنفار الذي شهدته محكمة الاستئناف بتطوان، ثم مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بعد دخولها على الخط، بتنسيق مع الوكيل العام للملك لدى محكمة جرائم الأموال بالرباط.