شوف تشوف

رياضةملف الأسبوع

قصص مثيرة للاعبين ومدربين انتقلوا بين الغريمين وحملوا اللونين الأحمر والأخضر

العبور المحظور بين الوداد والرجاء

قبل زمن الاحتراف، كان الانتقال من الوداد إلى الرجاء أو العكس أشبه بخيانة تطارد اللاعب والمدرب إلى أن يسلم الروح لبارئها، ومع مرور الأيام أصبح تغيير الألوان بين الغريمين ممكنا لكن شريطة تحمل المعني غارات الجماهير.

مقالات ذات صلة

ما يحصل في ملاعب السياسة أشبه بما تعرفه الجبهة الأمامية في معارك الوداد والرجاء، حيث ينشط سماسرة الفريق الأحمر في استمالة مشاعر لاعب أخضر، ويبرعون في دغدغة عواطف لاعب أحمر والعزف على وتر الخصاص لدفعه نحو إعلان الردة. بل إن المساعي غير الحميدة لسماسرة الكرة قد تنجح في إقناع ودادي أو رجاوي بتوقيع عقد مغر مع الغريم تحت ذريعة الاحتراف.

القضية لا تقتصر على الكرة المغربية، بل إن المعابر بين الفرق التي تكن لبعضها عداء دفينا لا تفتح إلا نادرا، بين ريال مدريد وبرشلونة التنقل شبه ممنوع وبين الزمالك والأهلي تتحول صفقات الانتقال إلى صفعات لهذا النادي أو ذاك وتتحول إلى مادة إعلامية دسمة.

لقد حقق التوأم حسام وإبراهيم حسن أكبر ضجة كروية في العالم العربي حينما انتقلا في صفقة كبرى من الأهلي إلى الزمالك، ليحققا مع النادي الأبيض بطولات الدوري والكأس وبطولة دوري أبطال إفريقيا، في زمن كان فيه انتقال اللاعبين بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك خيانة، من وجهة نظر الجماهير.

هناك قاعدة عامة؛ من يلعب للوداد لا بد أن يستمر بنفس القميص الأبيض، ومن يلعب للرجاء يجب أن يستمر بالقميص الأخضر، والانتقال بين صفوف القطبين ممنوع، مع إمكانية الانضمام لفريق لا يملك صفة الغريم.

شاءت الظروف، في سنوات سابقة، أن يتقاسم لاعبون كثر، حب الرجاء والوداد معا، إذ لعبوا للفريقين، بعدما تحدوا أعراف جماهير الناديين، وأكدوا أن الروح الرياضية تسمو فوق كل الاعتبارات والانتماءات.

اختلفت ظروف انتقال العديد من اللاعبين بين الفريقين البيضاويين الوداد والرجاء، إذ إن بعضهم، انتقل من هذا الفريق إلى ذلك، في لحظة غضب، ونكاية في إدارة الفريق السابق، وآخرون انتقلوا في إطار الجري وراء لقمة العيش.

 

حسن البصري

+++++

 

قاسم قاسمي.. ودادي ساهم في صعود الرجاء واختفى

كان قاسم قاسمي عميدا للوداد البيضاوي، وعرف بمواقفه الوطنية التي كلفته غضب المستعمر الفرنسي، ففي سنة 1948 شد فريق الوداد البيضاوي الرحال إلى مدينة وهران عبر القطار، من أجل مواجهة فريق سيدي بلعباس الجزائري، برسم نصف نهائي بطولة شمال إفريقيا، وكانت تشكيلة الفريق الجزائري تضم عناصر أوروبية.

لكن حكم المباراة لاحظ أن أقدام لاعبي الوداد لم تطأ أرضية ملعب مملوء عن آخره، ولم تنفع صفارته في مغادرة المغاربة مستودع الملابس. توجه العميد قاسم قاسمي نحو مندوب المباراة ونقل له قرار المدرب الأب جيكو الذي يشترط رفع العلم المغربي في الملعب لخوض المباراة، وبعد اجتماع الحكم مع المنظمين الفرنسيين، تقرر رفع الراية المغربية أمام صيحات الجماهير الجزائرية التي كانت سعيدة منتشية برفع العلم المغربي، وفاز الوداد بأربعة أهداف مقابل ثلاثة.

قاسم قاسمي لاعب الوداد السابق ومدربها، هو من سيقود الرجاء البيضاوي إلى تحقيق الصعود إلى القسم الأول، فالرجاء هو أول فريق في المغرب يحجز مقعده في بطولة القسم الأول، لأنه لعب مباراة السد ضد أولمبيك وزان في ملعب فيليب على الساعة الثامنة صباحا، وحين انتهت المباراة بفوز الرجاء بستة أهداف اختفى المدرب قاسم عن الأنظار ولم يظهر له أثر، حينها تم الارتباط بالأب جيكو الذي كان على خلاف مع الوداد فقرر الإشراف على فريق في طور النشأة.

صعد الفريق للقسم الأول سنة 1957، وكان أول فريق يصعد إلى هذا القسم ، بعد إجراء مباريات السد بين جميع الفرق المغربية بنظام خروج المغلوب الغاية منها إعادة انتشار الأندية وتأسيس بطولات حسب كل تصنيف. وكتب للرجاء أن يحقق الصعود إلى القسم الأول مبكرا بعد أن فاز على فريق التوبة لابن احمد والنصر البيضاوي ثم أولمبيك وزان بملعب فيليب بحصة 7 مقابل 1، وهو ما جعل الفريق الأخضر يسرق الأضواء، حيث كتبت الصحف على صدر صفحتها الأولى عنوانا بارزا: «الرجاء أول الصاعدين». كان مدرب الفريق حينها ودادي الأصول وهو قاسم قاسمي، لكن بمجرد صعود الفريق ابتلع ملعب فيليب المدرب وظل البحث جاريا بشأنه.. يقول اللاعب السابق للرجاء حميد بهيج وهو يتذكر ما حصل في ذلك اليوم: «لقد بحثنا عن المدرب كي نحمله على الأكتاف فلم نعثر له على أثر، وبعد أيام قال لنا عذرا لقد تلقيت تعليمات بالابتعاد عن الرجاء لأنه ساهم في صنع فريق قد يضاهي الوداد ويكسر قاعدة الاحتكار».

قصة عبور «الأب جيكو» من الوداد إلى الرجاء

تعددت الروايات حول انتقال محمد بلحسن العفاني، المعروف بلقب «الأب جيكو»، من الوداد إلى الرجاء. لكن لا بد من تصحيح خطأ شائع عند الرجاويين، فالعفاني لم يكن يوما مؤسسا للرجاء البيضاوي، كان مدربا فقط، وقد يكون الأكثر تأثيرا في تاريخ هذا الفريق. أما سبب ابتعاده عن الوداد فيرجع إلى المؤامرة التي حيكت ضده من طرف بعض لاعبي الوداد الذين تقدمت أعمارهم وبدأ كل منهم يشعر بقرب انتهاء صلاحيته، خاصة وأن المدرب «الأب جيكو» كان يراهن على الشبان. لقد عمل اللاعب إدريس جماد على تكوين جبهة ضد المدرب، لأنه شعر ورفاقه بقرب اعتزالهم، وفي الجمع العام الذي كان التصويت فيه للاعبين والكلمة لهم، لوحظ أن إدريس جماد ولمفضل بن جلون رفعا أيديهما ضد «الأب» الذي خسر التصويت بصوتين فقط. حينها رحل إلى ضيعته في ضواحي تارودانت وانقطعت أخباره. لقد كان الرجل فلتة كروية لن يجود الزمان بمثلها، سيما أنه كان أوائل المغاربة الذين نالوا شهادة البكالوريا، مما يعكس الجوانب المعرفية لمدرب استثنائي.

حين شعر محمد بلحسن بالمؤامرة اختار الابتعاد عن الوداد، خاصة وأن علاقته بمحمد بن جلون المؤسس تأثرت كثيرا بما حصل في الجمع العام، في هذه الفترة سافر المعطي بوعبيد المسير المرجعي للرجاء البيضاوي، إلى تارودانت وأقنع المدرب الغاضب بالانضمام للرجاء فلبى الدعوة. ولكن حتى وهو يدرب الرجاء فقد ظل في منصب كاتب عام للوداد والوثائق ما زالت موجودة وتؤكد هذه الازدواجية. لقد كان يردد «الوداد بنت القلب والرجاء بنت العقل».

لا يلغي الانفصال التقني الارتباط الإداري والوجداني لـ«الأب جيكو» بالوداد، إذ ظل كاتبا عاما في المستندات الرسمية. لقد كان صارما وغالبا ما يمنع الرؤساء من التدخل في اختصاصاته. مرة طلب منه مسؤولو الوداد تخصيص اجتماع أسبوعي للحديث عن الجوانب التقنية لكل مباراة، وخلال الاجتماع وجه إليه أحد مسيري الوداد أسئلة تخص النهج التكتيكي للفريق، فانتفض في وجهه وقال له: «هل تجرأت مرة وسألتك عن طريقة قياس الأثواب ونوعيتها؟» وكان المسير من أشهر بائعي الأثواب في طريق مديونة، منذ ذلك الحين ألغيت هذه الاجتماعات.

اعتزل «الأب جيكو» الكرة وساءت أوضاعه المادية، وفي سنة 1970 انتابت الرجل نوبة مرض، فانقطع عن الناس وعاش عزلة قاسية، لاحظت زوجته زهرة أن عينيه تدمعان وهو يتابع مباريات كأس العالم بالمكسيك بمشاركة المنتخب المغربي، فقال لها «الآن حققت أمنيتي أن أرى لاعبي الوداد والرجاء في كأس العالم، مرحبا بالموت الآن».

المعطي بوعبيد.. حمل قميص الوداد وهو يافع وأصبح رئيسا للرجاء

ولد المعطي بوعبيد في درب مارتيني في عمق درب السلطان، وانضم في شبابه إلى نادي اليسام إلى جانب لاعبين مغاربة كالعربي بن مبارك، عرف عنه رفاقه عشقه للكرة ومهاراته على خط وسط الميدان، قبل أن تجره الدراسة من الكرة، لكن المسير أبو بكر اجضاهيم أصر على أن المعطي حمل قميص الوداد قبل أن يعشق الرجاء.

عاش المعطي فترة هامة من شبابه في المدينة القديمة وكان يتردد على ملعب فيليب ويخوض مباريات مع شبان الوداد، قبل أن ينتقل لدرب مارتيني حيث تشبع بفكر الرجاء. هاجر إلى مدينة بوردو الفرنسية حيث درس القانون وعاد إلى المغرب حاملا شهادة الدراسات العليا في القانون الخاص مما مكنه من ولوج عالم القضاء كوكيل للملك في مدينة طنجة، لكنه تألق بشكل ملفت في مجال المحاماة الذي شغل فيه منصب نقيب لهيئة المحامين بالدار البيضاء، قبل أن يتأبط مجموعة من الحقائب الوزارية ويصل إلى قمة المناصب الحكومية حين جمع بين وزارتين العدل والوزارة الأولى، فضلا عن مناصبه السياسية كقيادي في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم كأمين عام للاتحاد الدستوري، ناهيك عن مسؤوليات أخرى خاصة رئاسته لفريق الرجاء البيضاوي.

يقول سعد بوعبيد، نجل الراحل المعطي، إن والده غضب لتسريح اللاعب بيتشو نحو الوداد، خاصة وأن مضاعفاته على الفريق تجاوزت حدود انتقال لاعب إلى فريق آخر، «قبل مواجهة الوداد البيضاوي في إطار أول ديربي يخوضه شكري ضد زملائه الرجاويين، قال لي والدي ما أخشاه هو أن يهزمنا بيتشو وليس الوداد، حاول المدرب أن يقلل من حجم وجود بيتشو في تشكيلة الخصم لكنه ظل مصرا على الخطر القادم من هذا اللاعب، الذي كان رجل الديربي، فغضب غضبا شديدا وظل يوجه اللوم لمن ساهم في تسريح لاعب مؤثر».

شاءت الأقدار أن يسلم المعطي بوعبيد الروح لبارئها ليلة مباراة الديربي البيضاوي، وهي المواجهة التي كان يتحاشى متابعتها ميدانيا ويحرص على سماع نتيجتها بعد أن يعلن الحكم عن نهايتها، في ليلة الفاتح من نونبر 1996 لفظت المعطي آخر أنفاسه، وفي اليوم الموالي كان الجميع على موعد مع الديربي، لأول مرة في تاريخ الديربي اجتمع جمهور الفريقين وقرأ الجميع الفاتحة على روح الفقيد.

 

أول عملية مقايضة في تاريخ الوداد والرجاء

بسبب ميولاته النقابية، ودفاعه عن مطالب مجموعة من اللاعبين الشباب، أحيل اللاعب عبد العزيز أنيني على فريق مكتب التسويق والتصدير، رفض عبد العزيز الانتقال التأديبي، وقرر حمل قميص الرجاء البيضاوي ليواجه في منازلات عديدة أصدقاء الأمس. بالمقابل انتقل لاعب الرجاء عزالدين عبد الرفيع من الرجاء إلى الوداد في هجرة معكوسة، وتبين في ما بعد أن الرحيل ناتج عن خلاف مع عبد اللطيف السملالي، وزير الشبيبة والرياضة الأسبق، ليعود عز الدين إلى حبه الأصلي إذ سبق له أن حمل ألوان الوداد ضمن فئة الصغار. في سنة 1973 تغيرت ألوان أنيني وعز الدين، وتبين أن الجدار الفاصل بين الرجاء والوداد قابل للاختراق في لحظة غضب.

يقول أنيني: «لم أعلم بالسر الحقيقي للانتقال إلا بعد تصريح أبوبكر اجضاهيم بأنه كان وراء انتقالي من الوداد إلى الرجاء، وأنه لبى رغبة صديقه المعطي بوعبيد بحكم المصالح المشتركة بينهما. كان الخميري هو مدرب الرجاء البيضاوي ولقد رحب بعزيز لأن المدرب السابق طاشكوف كان دائما يطلب من المسؤولين انتداب مدافع أوسط من قيمة أنيني.

منذ الوهلة الأولى أصبح أساسيا في تشكيلة الرجاء كمدافع أوسط بدلا من حميمو والجديدي، هذا في الوقت الذي لم يكن فيه كرسي الاحتياط قد دخل حيز التنفيذ، وفي أول مباراة حصلت المفاجأة حيث سجل ضد شباب المحمدية هدفا خرافيا، في المقابل سجل عز الدين هدفه الأول ضد الراك.

كان والد عز الدين الملقب بولد فطومة وداديا حتى النخاع، وغرس في ابنه عبد الرفيع عشق الوداد لكنه لعب للرجاء البيضاوي، قبل أن ينتقل إلى الوداد بإلحاح من والده، حيث تمت أول عملية مقايضة بين نجمين، انتقل عز الدين للوداد أو بتعبير أصح عاد إلى بيته الأصلي، بينما رغب المعطي بوعبيد في ضم مدافع الوداد عبد العزيز أنيني فكان له ما أراد.

بيتشو.. انتقل للوداد وأصر على تغيير ملابسه بملعب الرجاء

طرق مصطفى شكري الملقب بـ «بيتشو» باب مكتب رئيس الرجاء السابق عبد الواحد معاش، وهو في حالة غضب وقال له بالحرف «عطيوني وراقي باغي نمشي فحالي». حاول معاش أن ينصت إليه لكنه كان مصرا على قراره.. «لا مانع عندي والرجاء لها خزان من اللاعبين، بعد أن تبين لي أنه غاضب من بعض الشتائم التي صدرت من فئة من الجماهير، وفي نهاية حوارنا سلمت له الترخيص وانتقل إلى الوداد»، يروي معاش.

ما أن علم المعطي بوعبيد بقرار تسريح نجم الفريق، حتى انتابته نوبة غضب، فاتصل بالرئيس، وقال له بنبرة ثائرة وغير لبقة: «من هو «البشر» الذي رخص لبتشو بمغادرة الرجاء صوب الوداد، فقلت له ببرودة أعصاب أنا صاحب القرار وأكدت له ولكثير من الرجاويين أن الرجاء تملك الخلف»، يقول عبد الواحد معاش.

ويقول سعد بوعبيد نجل الراحل المعطي، إن والده غضب لتسريح اللاعب بيتشو، خاصة وأن مضاعفاته على الفريق تجاوزت حدود انتقال لاعب إلى فريق آخر، «قبل مواجهة الوداد البيضاوي في إطار أول ديربي يخوضه شكري ضد زملائه الرجاويين، قال لي والدي ما أخشاه هو أن يهزمنا بيتشو وليس الوداد، حاول المدرب أن يقلل من حجم وجود بيتشو في تشكيلة الخصم لكنه ظل مصرا على الخطر القادم من هذا اللاعب، الذي كان رجل الديربي، فغضب غضبا شديدا وظل يوجه اللوم لمن ساهم في تسريح لاعب مؤثر».

ما زالت المباراة التي جمعت بين الوداد والرجاء البيضاويين خلال إياب الموسم الرياضي 1978/1979، راسخة في أذهان جماهير الغريمين سواء الذين عاشوا الحدث أو الذين كيفوه حسب انتماءاتهم.

بدأت الحكاية باحتكاك بين حارس الرجاء البيضاوي نجيب مخلص والمهاجم الودادي مصطفى الشريف، حيث اعترض هذا الأخير حارس الرجاء حين كان يهم بتسديد كرة التقطها وحجب الرؤية عليه، مما دفع نجيب إلى دفع الشريف الذي سقط في مربع العمليات دون أن يتردد الحكم في إعلان ضربة جزاء وطرد فوري لحارس الرجاء. توقفت المباراة ودار لغط كبير حول سلامة قرار الحكم الذي ظل واقفا في نقطة الجزاء، ولأن الرجاء استنفد التغيرين المعتمدين في تلك الفترة، فقد توجه عبد المجيد ظلمي صوب كرسي البدلاء واقترح على المدرب حمان جرير حراسة مرمى الرجاء في ما تبقى من دقائق المباراة، وافق المدرب لكن الحكم اشترط تغيير البذلة الخضراء بلون آخر.

تسببت ضربة جزاء هاته في انسحاب فريق الرجاء وعدم إكماله للقاء، سيما وأن الجمهور الرجاوي الذي كان حاضرا حينها في ملعب الأب جيكو، ظل يطالب لاعبيه بالمغادرة ليس احتجاجا على ضربة الجزاء، بل تنديدا بإصرار لاعبه السابق مصطفى شكري الملقب ببيتشو، على تسديد الضربة.

كانت النتيجة المسجلة حينها هو فوز الوداد بهدف لصفر، مما قوى فرضية الانسحاب، ضدا على رغبة عبد المجيد ظلمي، بينما تعرض اللاعب بيتشو في نهاية المواجهة لغضب رجاوي عارم، خاصة وأنه ظل مرتبطا وجدانيا بالرجاء حيث كان يحرص على تغيير ملابسه في مستودعات ملعب الرجاء والركض نحو ملعب الوداد لإجراء تداريبه مع الفريق الأحمر. كما وجهت انتقادات للرئيس عبد الواحد معاش الذي وقع على صفقة انتقال بيتشو نحو الغريم.

عزمي.. انتقال إلى الغريم واعتزال كروي ثم لجوء لأمريكا

من بين الانتقالات الأكثر إثارة للجدل بين الناديين، انتقال الحارس خليل عزمي من الوداد الرياضي، حيث كان معشوق الجماهير الحمراء، إلى الرجاء سنة 1993 بسبب خلافات مع رئيس الوداد، سابقا، عبد المالك السنتيسي.

قبل انتقاله إلى الرجاء، طلب والد خليل عزمي من إدارة الوداد تمكين ابنه من مستحقاته المالية، في صيف سنة 1993، غير أن الرئيس السابق عبد المالك السنتيسي، دعاه إلى التريث بعض الوقت، إلى غاية توفير السيولة المالية الكافية لصرف جميع مستحقات اللاعبين، إلا أن الحارس الدولي السابق، رفض ذلك، وقال للرئيس: «يمكنني أن أعبر الشارع وألعب معززا مكرما»، وكان يقصد أنه يمكنه الانتقال إلى الرجاء، حيث أغراه بعض المسؤولين، وقتها، بمبالغ مالية مهمة.

تحول عزمي من معشوق إلى مكروه بين الجماهير الودادية، حتى إنه لم يعد يجد حريته أثناء التنقل في الدار البيضاء، وخلال إحدى مباريات «الديربي» سنة 1994، في ملعب مركب محمد الخامس، تعرض لوابل من السب والشتم، فانحنى احتراما أمام الجماهير الودادية، وكأنه يقر بذنبه ومخالفته أعراف النادي. لكن خليل سيعيش خلافات عميقة مع مدرب الرجاء إيغيل جزائري الجنسية، انتهت بمغادرة الرجاء.

مباشرة بعد نهاية مونديال 1994، عاد إلى أمريكا، وظهر مع أندية مغمورة بها، ثم قرر الاستقرار هناك. لم يكن الحارس الدولي خليل عزمي يعتقد أن مشاركته مع المنتخب المغربي في مونديال أمريكا سنة 1994 ستتحول إلى كابوس. كانت هزيمة الفريق الوطني أمام المنتخب السعودي كافية لكتابة محضر الإدانة واتهام الحارس بفتح شباكه أمام تسديدات سعودية.

كان مكرها على الاعتزال الدولي لا بطلا، لم يتحمل القصف وسيل الانتقادات لمجرد خسارة أمام المنتخب السعودي في مباراة مشؤومة، تنقل بين المبادئ كاللقلاق، اعتقد أن الزمن كفيل بوضع طبقة سميكة من الغبار على ذاكرة مونديال أمريكا، لكن اللوم طارده.

في الشهر الماضي استغل أفراد الجالية المغربية بأمريكا وجود المنتخب المغربي في مدينة سينسيناتي، لتكريم خليل عزمي الحارس السابق للفريق الوطني ورد الاعتبار لعميد المنتخب بعد سنوات من الهجران.

عاش الحارس عزمي في منفاه الاختياري بأمريكا، بعيدا عن حي بوركون الذي كانت حيطانه يوما تحمل اسمه وصورته، بعيدا أيضا عن صخب الدار البيضاء التي هجرها أروع النجوم.

عبد القادر جلال.. حرس مرمى الوداد ودرب الرجاء مبتور اليد

لم يكن عبد القادر جلال مجرد حارس مرمى في الوداد والرجاء، بل كان قيد حياته مفردا بصيغة الجمع، إذ انخرط في الحركة الوطنية مبكرا، قبل أن يستقطبه الفرنسيون لتأطير قطاع الرياضة والشباب بعد أن لمسوا فيه شعلة متوقدة من الحماس.

أشرف الرجل بعد اعتزاله على تدريب الرجاء مستلهما أفكاره التقنية من مقاربة جديدة، تجاوزت فيها علاقة المدرب باللاعب حدود المستطيل الأخضر، إذ عمل على إشراك اللاعبين الناشئين في المخيمات الصيفية وضم الشبان منهم لأقسام التكوين المهني.

ما زالت أسرة الراحل تتذكر ما بذله الوالد عبد القادر رفقة مئات الشبان المتطوعين أثناء صيف 1957 من جهود جسيمة، حين دعاهم ولي العهد الأمير مولاي الحسن للعمل في مشروع طريق الوحدة الذي ربط إقليم فاس بإقليم الحسيمة بواسطة طريق فك العزلة عن سكان المنطقة.

مكنت طريق الوحدة عبد القادر من الاقتراب أكثر من الأمير، وكانا يتحدثان طويلا عن الشأن الكروي، بل إن مولاي الحسن استمتع طويلا بأحاديث جلال عن طرائف الرجاويين والوداديين، واستغرب لقدرته على تحويل منحدر جبلي إلى ملعب لكرة القدم زاد من حماس المشاركين في المشروع، خاصة بعد أن أصر الأمير على الخضوع لتداريب صباحية تحت إشراف مدرب محنك.

في شهر 23 ماي سنة 1989، الذي تزامن مع افتتاح مؤتمر القمة العربي الطارئ بالدار البيضاء، تعرض عبد القادر جلال أحد مؤسسي وأطر الرجاء البيضاوي لحادثة سير مفجعة، حين داسته سيارة أجرة وسط اختناق مروري في حي بوسيجور، وكان حينها متوجها إلى ملعب الرجاء بالوازيس للإشراف على تأطير شبان النادي.

قرر الجهاز الطبي بتر يد عبد القادر، وفي ليلة الاثنين أشعر أفراد أسرة جلال بأن الأب أصبح مبتور اليد للضرورة الطبية، ليعيش بأطراف مبتورة دون أن تمنعه إعاقته من التردد على الملعب بل وتدريب الناشئين.

في سنة 1992، قررت الحكومة المغربية بملتمس من عبد اللطيف السملالي، وزير الشباب والرياضة، إرسال عبد القادر إلى ألمانيا قصد العلاج ووضع يد اصطناعية، في نهاية شهر غشت من سنة 1997، توفي مربي أجيال الرجاء وهو يعاني من غصة في القلب بسبب الجحود، ومات في صمت تاركا أسرته تحت كابوس إفراغ السكن الوظيفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى