شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

قبل فوات الأوان

اضطرت مجموعة من الكليات إلى تغيير تواريخ الامتحانات التي كان مرتقبا أن تجريها لآلاف الطلبة خلال الأسبوع الجاري، وذلك بسبب إعلان النقابة الوطنية للتعليم العالي تنفيذ إضراب لمدة 72 ساعة بمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ابتداء من غد الثلاثاء، احتجاجا على تجاهل الوزير، عبد اللطيف ميراوي، منذ ثمانية أشهر على تعيينه، لمطالب رجال ونساء التعليم العالي والبحث العلمي، وبدل أن يستنفر الوزير الوصي كل مصالحه ويعمل كل ما في وسعه لإيقاف الإضراب عبر فتح قنوات الحوار والتجاوب مع الملف المطلبي لأساتذة الجامعات الذي عمر طويلا، رد بتصريح مستفز وغير مسؤول، معتبرا أن قرار الإضراب الذي أعلنته النقابة أمر يعنيهم لوحدهم ولا يعني الوزارة.

لكن هل تساءل الوزير عن تداعيات ردة فعل تلك التصريحات التي أطلقها، وما يمكن أن تثيره من رد فعل اجتماعي بحمولة سلبية؟ فليس من باب المسؤولية في شيء أن يقابل وزير التعليم العالي مطالب اجتماعية عمرت لسنوات، من قبيل النظام الأساسي، ورفع التجميد عن الترقيات، بنوع من العجرفة والتعالي، خصوصا إذا كان مثل هذا السلوك يمكن أن يزيد من الاحتقان ويقود إلى إضرابات في عز الامتحانات الجامعية، مع ما يمكن أن يتسبب فيه ذلك من توتر وتعريض مستقبل عشرات الآلاف من الطلبة للمصير المجهول.

إن المسؤول الحكومي لا ينبغي أن يركب رأسه ليظهر بمظهر الآمر الناهي، المتحكم في رقاب 14 ألف أستاذ، فذلك زمن قد ولى وانقضى، وميراوي يثبت، في كثير من قرارته، أنه يحن لطينة من الوزراء لا يهمهم الأثر الذي ستخلفه قراراتهم وتداعياتها على الاستقرار الاجتماعي في سياق جد حساس. وهذا الأمر يمكن أن يجر الولايات على الحكومة برمتها، وبدل أن تبذل الحكومة مجهودات في إيجاد الحلول وتتفادى هدر الزمن ستتحول إلى لعب دور الإطفائي للنار التي يشعلها ميراوي بقطاع التعليم العالي الذي ظل لسنوات هادئا بدون احتجاجات وبدون إضرابات وبدون مزايدات.

نتمنى أن يأخذ وزير التعليم العالي الدرس قبل فوات الأوان، ويسرع من أدائه ويقلص تضييع الزمن المخصص لإصلاح منظومة التعليم الجامعي والبحث العلمي. فتحت يديه قانون إطار متكامل ونموذج تنموي مثالي وبرنامج حكومي بالتزامات واضحة، وما عليه سوى أن يشمر على ذراعيه ويعلن عن الحلول الناجعة بدل الغرق في التشخيص واللقاءات الجهوية الفلكلورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى