النعمان اليعلاوي
صادق البرلمان الفرنسي على مشروع قانون للهجرة يسعى إلى تشديد إجراءات وصول مهاجرين جدد إلى البلاد ويسهل عملية ترحيل المقيمين الأجانب فوق التراب الفرنسي، في خطوة ستؤثر على أوضاع المغاربة الراغبين في الإقامة بفرنسا وخصوصا الطلبة منهم. فقانون الهجرة، الذي أقرته الجمعية الوطنية، مساء التاسع عشر من دجنبر الحالي، يشدد شروط استقبال الأجانب ومعيشتهم في فرنسا، وتتعلق بعض الأحكام بشكل مباشر بالطلاب الأجانب، بمن في ذلك المغاربة، الذين يشكلون أكبر مجتمع للطلاب الأجانب في فرنسا، ويثير النص انقساما، حتى داخل الأغلبية، حيث صوت 59 نائبا ضده أو امتنعوا عن التصويت.
وينص مشروع القانون على إجراءات جديدة للتحكم في سبل الإقامة في فرنسا، عن طريق تحديد حصص الهجرة، وتشديد شروط لم الشمل الأسري، وتدابير الحصول على تصاريح الإقامة لأسباب عائلية. كما تضمن المشروع، وفق الإضافات التي أجراها مجلس الشيوخ، تعزيز الرقابة على هجرة الطلاب وجعل إصدار أول تصريح إقامة للطالب مشروطا بتقديم وديعة، كما حدد المشروع، كذلك، بصفة صارمة، شروط الاستفادة من المزايا الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات مثل الإعانات العائلية، والمساعدة السكنية الشخصية. وفي ما يتعلق بإدماج الأجانب من خلال العمل واللغة، فقد تم تحديد المستوى (A2) وهو الحد الأدنى لمستوى اللغة المطلوب للحصول على تصريح إقامة طويل الأجل، وهو تصريح يقتصر على 3 تجديدات متتالية لنفس السبب، لبطاقة الإقامة المؤقتة.
وكان الأجانب المقيمون في فرنسا مؤهلين للحصول على المساعدة الاجتماعية، بما في ذلك المساعدة السكنية الشخصية، التي يدفعها صندوق بدل الأسرة(CAF) . هذه المساعدة الاجتماعية تتيح للأشخاص الذين يحتاجون إليها الحصول على بدل شهري لمساعدتهم على دفع إيجارهم وسيتعين على الأجانب الذين لا يعملون الانتظار لمدة خمس سنوات من الإقامة على الأراضي الفرنسية حتى يتمكنوا من التقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة، وإن كانت لا تنطبق هذه القيود الجديدة على الطلاب، لكنها مع ذلك تنطبق على الخريجين الشباب الذين قدموا إلى فرنسا لبدء حياتهم المهنية، فيما يبقى التغيير الرئيسي بالنسبة للطلاب الأجانب هو دفع «وديعة العودة»، والتي ستشترط لمنح تصريح الإقامة.
ومن الإجراءات الجديدة الأكثر تأثيرا على الطلاب، أنه سيكون لزاما على الطلاب المغاربة أن يقوموا بحجز 80 ألف درهم من أجل الحصول على تأشيرة الدراسة الخاصة بهم، وهو مبلغ لن يُدفع لهم إلا عند مغادرتهم الأراضي الفرنسية في نهاية دراستهم. ومع ذلك، أثار هذا الإجراء ضجة كبيرة بين رؤساء الجامعات والمدارس الكبرى، الأمر الذي دفع رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، للرد في 20 دجنبر الجاري، عبر منابر إعلامية فرنسية، قائلة بأنه «ربما لم يتح لهم الوقت لقراءة النص الذي نقول فيه بكل وضوح أن وزير التعليم العالي يمكنه إعفاء الطلاب من هذه الوديعة بناء على مواردهم ومسيرتهم الأكاديمية والجامعية»، كما أشارت الوزيرة إلى أنه يمكن «مراجعة» هذا التدبير، أو «عدم تطبيقه»، معتبرة أنه يعيق مبدأ المساواة بين الطلاب.
واحتجت جمعية الجامعات الفرنسية على أحكام النص المتعلقة بالطلاب الأجانب، معتبرة أن «اشتراط الإيداع للوديعة للطلاب الراغبين في مواصلة دراستهم في فرنسا، يتعارض مع قيم الجمهورية، وتقليد الانفتاح على عالم الجامعة الفرنسية منذ قرون»، وفق بيان صادر عن الجمعية، أشارت فيه أيضا إلى «أن التعليم العالي والبحث العلمي هما اللذان سيتأثران بشكل كبير من هذا القانون، وبالتالي سيضعف هذا صورة فرنسا»، معتبرين أن أهم ما نص عليه هذا القانون يصب في منحى «تسليع التعليم العالي الفرنسي» و«زيادة انعدام الأمن المالي للطلاب الأجانب في فرنسا».
وسيكون الطلبة المغاربة أكثر الفئات تضررا بهذا القانون الجديد للهجرة، وهم الذين تربعوا على إحصائيات على عرش قائمة الطلبة الأجانب الذين يتابعون دراستهم بالجامعات الفرنسية، وفق آخر الإحصائيات الصادرة عن الوكالة الفرنسية للنهوض بالتعليم العالي «كوبيس فرونس»، إذ بلغ عدد الطلبة المغاربة بفرنسا 46 ألف طالب، ووصلت نسبة الطلبة المغاربة بفرنسا 12 بالمئة من الطلبة الأجانب الذين يتابعون دراستهم الأكاديمية في فرنسا.