قانون العقوبات البديلة يخرج من عنق الزجاجة التشريعية
تفاصيل مشروع قانون يلاحقه الجدل الحقوقي والقانوني
هل ينجح قانون العقوبات البديلة في تخفيف أعباء السجون
إعداد: النعمان اليعلاوي – محمد اليوبي
تتجه الحكومة نحو تقديم مشروع قانون يتعلق بالعقوبات البديلة على مسطرة المصادقة بالبرلمان، ضمن مساعيها لتقليص أعداد السجناء وتخفيف حدة اكتظاظ السجون.
وتهدف وزارة العدل التي أعدت هذا المشروع، إلى خفض أعداد السجناء وتوفير تكاليف معيشتهم، إلى جانب حل مشكل الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وحماية المتابعين مما تعتبرها «سلبيات» تجربة السجن، حسب ما أوردت في المذكرة التقديمية للمشروع.
وسجلت الوزارة في مذكرتها أن ما يشجع على تبني هذا القانون، ارتفاع نسب المسجونين المحكومين بأقل من سنة سجنا، والتي وصلت إلى حوالي النصف عام 2020، مما يتسبب في ملء المؤسسات السجنية.
وتكشف معطيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن أعداد السجناء في المغرب في تزايد، حيث عرفت الفترة بين الفترة ما بين شهري أكتوبر من سنتي 2021 و2022 ارتفاعا في أعداد السجناء، بنسبة 10 بالمئة، بعدما انتقل العدد من 89 ألفا إلى 98 ألف سجين.
بدائل للحبس
يميز المشروع الذي شددت الوزارة على أنه جاء بعد الاطلاع على تجارب مقارنة وبعد استشارات موسعة مع فاعلين في المجالين الحقوقي والقانوني، بين أربع عقوبات بديلة، أولها عقوبة «العمل من أجل المنفعة العامة».
واعتبرت الوزارة، أن تعويض العقوبة السالبة للحرية بـ «العمل»، أحد أهم البدائل التي اعتمدتها السياسات العقابية المعاصرة، خاصة للمحكومين بمدد قصيرة.
ويشترط العمل بهذا البديل، بلوغ المحكوم عليه سن 15 سنة كأدنى حد من وقت ارتكابه الجريمة، وألا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنتين حبسا، ويتم تطبيقه من خلال إنجاز المدان أعمال لفائدة مصالح الدولة أو مؤسساتها، لمدة تتراوح بين 40 و600 ساعة، بمعدل ساعتين مقابل كل يوم من مدة العقوبة الحبسية.
كما يمنح القانون المرتقب صدوره للقضاة، إمكانية الحكم بغرامة مالية كبديل ثاني عن عقوبة السجن، من خلال غرامات تتراوح بين 100 و 2000 درهم عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، تقدرها المحكمة حسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه، وخطورة الجريمة المرتكبة بالضرر المترتب عنها.
وأقر المشروع الجديد نظام المراقبة الإلكترونية بديلا آخر، من خلال إطلاق سراح السجين مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته في تنفيذها إلكترونيا عن بعد، عبر سوار إلكتروني يسمح برصد تحركاته، داخل الحدود الترابية التي يحددها له قاضي تطبيق العقوبات.
وينص مشروع القانون على بديل يتعلق بـ «تقييد الحقوق وفرض تدابير رقابية»، من خلال «فرض نشاط مهني محدد أو تتبع دراسة أو تأهيل محدد للمحكوم عليه»، بالإضافة إلى فرض إقامته في مكان محدد، والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، وتعويضه وإصلاحه الأضرار الناتجة عن الجريمة.
جدل سياسي وتعديل قانوني
مشروع قانون العقوبات البديلة الذي كانت قد أعدته وزارة العدل وقدمته الحكومة للبرلمان، لم يحظ بالإجماع حوله لدى مجلس النواب، فقد قدمت فرق المعارضة بمجلس النواب تعديلاتها على مشروع القانون واقترح الفريق الحركي بالغرفة البرلمانية الأولى، ضمن التعديلات نفسها، مراعاة وضعية الأحداث والأشخاص المسنين للاستفادة بالأولوية من العقوبات البديلة نظرا لسنهم.
ومن التعديلات التي تقدم بها الفريق المعارض سالف الذكر مراعاة الأسبقية في الاستفادة من العقوبات البديلة للأشخاص الذين حصلوا على شهادات جامعية أو مهنية، مع ترك إمكانية إجراء بحث اجتماعي حول المعني بالأمر متى تبين للمحكمة ضرورته.
وفي هذا الصدد، شدد الفريق على أنه تطبق على أنشطة العمل لأجل المنفعة العامة المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية أمن وسلامة وصحة العاملين؛ بما في ذلك طب الشغل والتأمين عن حوادث الشغل، وإضافة طب الشغل والتأمين عن حوادث الشغل في الفقرة الأولى من هذا الفصل حفاظا على الحقوق الاجتماعية للمحكوم عليه أثناء تنفيذ عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة.
من جهته، طالب الفريق الاشتراكي الاتحادي بتمكين الجانح من الاستفادة من العقوبات البديلة مرة واحدة لتفادي تنويع أفعاله الجرمية، كما أن وجود سوابق دليل على عدم تأهيله، واقترح الفريق النيابي لحزب «الوردة» إضافة خيانة الأمانة إلى الجرائم المستثناة من العقوبات البديلة، اعتبارا لخطورتها خاصة حينما ترتبط بالأموال، وكذا النصب والاحتيال والتزوير. كما اقترح إضافة قضايا إهمال الأسرة إلى هذا الاستثناء.
بدوره، أكد فريق التقدم والاشتراكية على حماية المعطيات الشخصية للمحكوم عليهم، بحصر الإدارات المكلفة بتنفيذ العقوبات البديلة في المندوبية العامة للسجون مركزيا ومحليا، وحذف عبارة «أو من فوض له ذلك» لكون تفويض هذه المهمة إلى جهات أخرى غير الإدارة المكلفة بالسجون من شأنه المس بالمعطيات الشخصية للمحكومين، وتعريضهم لأشكال من الاستغلال، بما يتنافى والهدف من هذه العقوبات ومع مقتضيات القانون 09.08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية.
مجموعة العدالة والتنمية، المحسوبة على المعارضة بدورها، أثارت قضية الإثراء غير المشروع. وقد انتقدت المجموعة حذف هذه القضية من هذا المشروع، بعد أن وردت في مشروع القانون 10.16 الذي تم سحبه من البرلمان.
انتقاد حقوقي
إخراج الحكومة للصيغة الأولى لمشروع قانون العقوبات البديلة، لم يسلم أيضا من انتقاد حقوقي، قد اعتبر تحالف ربيع الكرامة الذي يضم أزيد من 30 جمعية مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة أن الخلفية الثقافية في التعامل مع القوانين مازالت مستمرة، حيث يطغى الزمن التشريعي على جودة القوانين وسجل التحالف أن مشروع القانون استمرار في تفادي التغيير الجدري والشامل للتشريع الجنائي وتجزيء النقاش حوله عبر مشاريع قوانين متعددة؛ واستمرار المشرع في عدم إعمال العدالة الجنائية للنساء سواء الضحايا، أو من هن على خلاف مع القانون.
وانتقد التحالف، ما اعتبره الاستمرار في التطبيع الجنائي مع العنف ضد النساء عبر عدم إدراج جرائم النوع، وخاصة الاعتداءات الجنسية ضد النساء ضمن قائمة الاستثناءات من التطبيق في هذا القانون؛ وعدم تأهيل المجتمع لمفهوم العقاب غير السجني وما قد يخلفه من إحجام على التبليغ، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم العنف ضد النساء؛ وعدم تمكين المجتمع المدني من تقديم تصوره حول المسودة الجديدة للمشروع للسرعة التي يتم فيها تداوله عبر أجهزة القرار.
وأكد تحالف ربيع الكرامة على ضرورة إدماج بعد النوع في القوانين بما فيها مشروع قانون رقم 43.22 مع الأخذ بعين الاعتبار المركز القانوني للضحية وجبر ضررها واستثناء الاعتداءات الجسدية والجنسية ضد النساء من هذا القانون؛ مع مراعاة وضعية النساء اللواتي هن في خلاف مع القانون في إعمال هاته المقتضيات غير السجنية وملاءمة مقتضيات مشروع ق 43.22 مع التدابير الحمائية المنصوص عليها في قانون محاربة العنف ضد النساء وإحداث آليات مسطرية لتطبيقها؛ وإحداث آلية لتقييم مدى نجاعة هذه التدابير؛ مع إدماج مقتضيات هذا المشروع ضمن القانون الجنائي تفاديا للتضخم التشريعي خاصة في المادة الجنائية؛ وتطوير آليات المؤسسات السجنية لتصبح مؤسسات إصلاحية وعلاجية حقيقية تؤهل للإدماج المجتمعي لاحقا.
شراء العقوبات الحبسية أثار انقساما بين فرق الأغلبية والمعارضة
أثارت التعديلات التي أدخلتها لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب على مشروع القانون رقم 43.22، المتعلق بالعقوبات البديلة، انقساما بين فرق الأغلبية والمعارضة، خاصة التعديل المثير للجدل المتعلق بشراء العقوبات الحبسية.
وخلال جلسة التصويت على المشروع بمجلس النواب، أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن هذا النص التشريعي يسعى إلى وضع إطار قانوني متكامل للعقوبات البديلة، سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة.
وأوضح الوزير أن هذا القانون يؤسس لسياسة عقابية ناجعة تهدف إلى تجاوز الإشكالات التي تطرحها العدالة الجنائية، خاصة ما يرتبط بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة في علاقتها بمعضلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، خاصة عبر إضافة عقوبة الغرامة اليومية، وفتح المجال للمحكوم عليهم بعقوبات مكتسبة لقوة الشيء المقضي به في إمكانية الاستفادة من جديد من العقوبات البديلة.
كما يهدف مشروع القانون، يضيف وهبي، إلى إيجاد حلول للإجرام البسيط، وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن، وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام، خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة، علاوة على المساهمة في الحد من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وفي هذا الإطار، أبرز الوزير أن نصف الساكنة السجنية محكومة بعقوبات قصيرة المدة «الشيء الذي يؤثر على العديد من البرامج والخدمات المعدة من قبل الإدارة المكلفة بالسجون من جهة، ويرفع من التكلفة المالية للسجناء من جهة أخرى».
وكانت لجنة العدل والتشريع قد صادقت على تعديل تقدمت به فرق الأغلبية، ينص على إضافة عقوبة «الغرامة اليومية» إلى كل من عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق، أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية»، وذلك بغية مواجهة معضلة اكتظاظ السجون.
وحدد التعديل مبلغ الغرامة اليومية في 100 درهم كحد أدنى و2000 درهم كحد أقصى، تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، مقيدا الحكم بهذه العقوبة بالإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل صادر عن الضحية أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة، وتراعي المحكمة في تحديد غرامة هذه العقوبة البديلة عن العقوبة السالبة للحرية، الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وتحملاته المالية، وخطورة الجريمة المرتكبة والضرر المترتب عليها. وأثارت هذه التعديلات موجة من الانتقادات في صفوف فوق المعارضة بمجلس النواب، وفي هذا الصدد، ويرى رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، أن تقديم هذا التعديل عبر بوابة البرلمان من طرف فرق الأغلبية، «يعني أن الحكومة مقتنعة به، لكن تفاديا للحرج أمام الرأي العام، ارتأت تقديمه من طرف أغلبيتها في مجلس النواب»، واعتبر حموني هذه العقوبات تتنافى مع جميع الحقوق، وتساءل: «كيف يعقل أن نمنح إمكانية شراء أيام الحبس للأغنياء، بينما نفرض على الفقراء غير القادرين على الأداء أن يقضوا عقوبتهم الحبسية كاملة»، وأعلن حموني رفضه التمييز بين المواطنين المغاربة، خاصة وأن هناك مواطنين يبحثون عن أداء مبالغ مالية مقابل استفادتهم من السراح المؤقت، فكيف يأتي وزير العدل بإجراء يمنح الأغنياء شراء أيام الحبس مقابل مبالغ مالية.
وبدوره، أكد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، أن شراء العقوبة، تحت مسمى الغرامة اليومية، الذي يتضمنه المشروع بعد إدخال تعديل عليه من طرف الأغلبية، يناقض هدف التقليص من الجريمة ويضرب مبدأ المساواة المكرس في الوثيقة الدستورية، بحيث إن من له المال سيكون خارج أسوار السجون، وفي المقابل ستبقى السجون مسكنا للفقراء فقط.
وأوضح أن هذا المقتضى لم يتضمنه المشروع الذي ناقشه المجلس، لأن الحكومة تراجعت عنه بعد الرفض الشعبي العارم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بمبرر أن من يملك المال، يمكنه أن يؤدي مقابل عقوبته، ويتمتع بحريته خارج أسوار السجن، مشيرا إلى أن فرق الأغلبية جاءت بهذا التعديل وأضافت إلى الأصناف الثلاثة من العقوبات البديلة التي تضمنها المشروع صنفا رابعا تحت مسمى الغرامة اليومية، وحددتها ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، وقال السنتيسي إن الحكومة لتفادي الإحراج الشعبي، رمت الكرة إلى البرلمان، باعتباره هو الذي وافق على التعديل، موضحا أن الأغلبية لا يمكنها أن تقدم على خطوة من هذا القبيل، إذا لم يكن هناك تنسيق مع الحكومة.
ومن جهة أخرى، اعتبر السنتيسي إسناد مهمة تتبع تنفيذ العقوبات البديلة للمؤسسات السجنية رهين بمعالجة الإكراهات المتعددة التي تعاني منها تلك المؤسسات، من قلة العنصر البشري ومحدوديته، الأمر الذي صرحت به المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في عدة مناسبات، ودعا في هذا السياق بوضع رهن إشارتهم الوسائل اللازمة للقيام بذلك، وإشراك السلطات المحلية بهذه المهمة، وذلك من أجل أن يحقق هذا المشروع الغاية المنتظرة منه، وتفعيله على أرض الواقع بمنطق التوازن بين حقوق الإنسان والمجتمع.
تفاصيل قانون العقوبات البديلة المثير للجدل
ما زال مشروع القانون المتعلق بالعقوبات البديلة يراوح مكانه بلجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين، بعد المصادقة عليه بالمجلس الحكومي قبل حوالي سنة، وأحيل على مجلس النواب الذي صادق عليه كذلك، بعد إدخال مجموعة من التعديلات التي أثارت الكثير من الجدل، خاصة شراء العقوبات الحبسية. ويأتي هذا المشروع في إطار إصلاح المنظومة القانونية الجنائية للحد من ظاهرة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أنه يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال فرض بدائل للعقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفتح المجال للمستفيدين منها من الاندماج داخل المجتمع والتأهيل من جهة، ومن جهة أخرى المساهمة في الحد من مشكل الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف، وما يشجع على هذا التوجه، تضيف المذكرة، المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص الساكنة السجنية والتي تفيد بأن ما يقارب نصفها محكوم عليهم بأقل من سنة، حيث شكلت هذه العقوبات سنة 2020 نسبة 44.97 في المائة.
وعرف المشروع العقوبات البديلة بالعقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات حبسا نافذا، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته وفق شروط محكمة، وتم إقرار مجموعة من العقوبات البديلة بعد الاطلاع على العديد من التجارب المقارنة ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ وتحقق الغاية المتوخاة منها، وتم استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها العقوبات البديلة نظرا لخطورتها وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب.
وحسب المذكرة، تعتبر عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، إحدى أهم البدائل التي تبنتها السياسات العقابية المعاصرة كبديل عن العقوبات السالبة للحرية خاصة القصيرة المدة، وهي العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ الذي صدر منه دون أن يتقاضى أجرا على ذلك العمل، ولقد اشترط المشروع في العمل بهذا البديل بلوغ المحكوم عليه من 15 سنة كأدنى حد من وقت صدور الحكم وأن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها خمس سنوات حبسا نافذا كما اعتبر العمل المحكوم به لأجل المنفعة العامة عملا غير مؤدى عنه وينجز لفائدة مصالح الدولة أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام لمدة تتراوح بين 40 و 1000 ساعة، كما خص المحكمة بتحديد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة، أما بالنسبة للأحداث فإن العمل لأجل المنفعة العامة لا يعمل به في حالة الأشخاص الذين هم دون 15 سنة، لكن في حالة ما إذا قررت المحكمة الحكم بعقوبة حبسية وفقا للمادة 482 من قانون المسطرة الجنائية، يمكن للحدث أن يستبدلها بعقوبة العمل لأجل المنفعة العامة.
وتعتبر المراقبة الإلكترونية من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية ومن أهم ما أفرزه التقدم التكنولوجي والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم الأنظمة العقابية المعاصرة التي أخذت به، وأشارت المذكرة إلى أن تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية يعلق قدرا كبيراً من التوازن بين حقوق وحريات الأفراد والمصلحة العامة المتمثلة في سعي الدولة إلى زجر مرتكب الجريمة.
وأوضحت المذكرة التقديمية للمشروع أن نظام المراقبة الإلكترونية هو أحد أهم بدائل العقوبات السالبة للحرية من شأنه تجنب مساوىء العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، ويترتب على هذا النظام إطلاق سراح المحكوم عليه في الوسط الحر مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته عن بعد، ويتحقق ذلك فنيا عن طريق ارتداء المحكوم عليه قيد إلكتروني يوضع بمعصم المعني بالأمر أو ساقه أو على جزء آخر من جسده بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية المحددة له، وتمت الإحالة على نص تنظيمي لتحديد كيفيات تدبير القيد الإلكتروني والمصاريف التي يمكن فرضها على المحكوم عليه بهذا الخصوص.
وتتجلى العقوبة البديلة الثالثة في تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، حيث اشترط المشروع للعمل بهذا البديل في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها خمس سنوات، وينص المشروع على أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة المقيدة لبعض الحقوق أو قرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، بديلا للعقوبات السالبة للحرية، كما ينص المشروع على اختبار المحكوم عليه والتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج، وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 13-35، كما نص الفصل 12-35 على العقوبات المقيدة لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية والتي يمكن للمحكمة أن تحكم بواحدة منها أو أكثر.
وتتجلى هذه التدابير في مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا، أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا”، ويهدف المشروع خلال هذا الإجراء إلى توجيه المحكوم عليه نحو التأهيل والتكوين على مستوى المهن والحرف التي تتلاءم وإمكانياته المعرفية، إما بتقييده بمزاولة نشاط مهني معين، أو متابعته للدراسة أو تكوين معين، ومن بين التدابير كذلك، إقامة المحكوم عليه بمكان محدد والتزامه بعدم مغادرته، في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، أو من عدم ارتيادها في أوقات معينة، والغاية من هذا الإجراء هي وضع نوع من القيود على تحركات المحكوم عليه، حسب الجريمة التي اقترفها، ومدى خطورتها على المجتمع، والزامه بعدم المغادرة كليا من مكان محدد أو بعدم مغادرته في أوقات محددة.
وتتضمن هذه العقوبة البديلة الثالثة، تدابير أخرى، من قبيل فرض رقابة يلتزم بموجبها المحكوم عليه من قبل قاضي تطبيق العقوبات، بالتقدم في مواعيد محددة، إما إلى المؤسسة السجنية وإما إلى مقر الشرطة أو الدرك الملكي أو مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحكمة، والتعهد بعدم التعرض أو الاتصال بالأشخاص ضحايا الجريمة بأي وسيلة كانت، وخضوع الحكوم عليه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان، وتعويض أو إصلاح المحكوم عليه للأضرار الناتجة عن الجريمة.
واتجه المشروع من جهة أخرى إلى وضع آليات محكمة لتنفيذها وتأطير اختصاصات الجهات المتدخلة، لا سيما من خلال إسناد مسألة تنفيذها إلى قاضي تطبيق العقوبات وتتبع تنفيذها للإدارة المكلفة بالسجون كل حسب الاختصاصات المسندة إليه من خلال منح مجموعة من الصلاحيات للسهر على تنفيذ العقوبات البديلة، وإشعار النيابة العامة بكل إخلال في تنفيذها، وتمديد الأجل الذي يتعين فيه على المحكوم عليه تنفيذ العقوبات البديلة، والأمر بتنفيذ العقوبة الأصلية أو ما تبقى منها أو في حالة الامتناع عن تنفيذ العقوبات البديلة أو الإخلال بها خلال مدة تنفيذها.
مجلس حقوق الإنسان:
«اللجوء إلى العقوبات البديلة بهدف التخفيف من حدة اكتظاظ السجون»
ثمّن المجلس الوطني لحقوق الإنسان التفاعل الإيجابي للحكومة مع التوصيات التي قدمها بشأن العقوبات البديلة، التي جرت المصادقة على مشروع القانون المتعلق بها خلال المجلس الحكومي.
وعلى الرغم من أن الحكومة لم تصادق على كل التوصيات الاثنتي عشرة التي قدمها المجلس، فإن هذا الأخير رحب، بحسب مصدر من داخل المؤسسة، بالتفاعل الحكومي، واعتبر تبني 6 توصيات بشكل كلي أو جزئي، أمرا إيجابيا.
ومن بين أهم توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي استجابت لها الحكومة، تبسيط شروط إعمال العقوبات البديلة، وذلك برفع مدة العقوبة المحكوم بها إلى خمس سنوات، بعدما كانت في مشروع القانون الأولي ثلاث سنوات.
ويعني ذلك أن كل شخص محكوم بخمس سنوات سجنا أو ما دونها بإمكانه أن يستفيد من العقوبات البديلة، إما بأداء الغرامة المالية المحددة عن كل يوم اعتقال، أو العمل لأجل المنفعة العامة، أو الخضوع للمراقبة الإلكترونية، أو تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.
وتم اللجوء إلى العقوبات البديلة بهدف التخفيف من حدة الاكتظاظ الذي تعاني منه السجون المغربية، التي يناهز عدد ساكنتها مائة ألف سجين، وهو ما يفضي إلى انتهاك حقوق السجناء المتعارف عليها دوليا.
واستجابت الحكومة أيضا لتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بتضييق لائحة الجرائم المستثناة من تطبيق العقوبات البديلة، بحيث صار ممكنا تطبيقها في قضايا الاتجار البسيط في المخدرات المرتبطة بالإدمان، بما يكفل إمكانية الخضوع للعلاج.
وتم التنصيص في مشروع قانون العقوبات البديلة على وجوب مراعاة المحكمة عند الحكم بعقوبة بديلة، ما هو ضروري لتحقيق أهداف العقوبة.
وبالعودة إلى رأيه بشأن مشروع قانون العقوبات البديلة، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعتبر أن خيارات العقوبات البديلة التي اقترحتها الحكومة محدودة، إذ لا تتعدى أربعة خيارات، في حين أن تجارب مقارنة تتضمن بدائل أوسع بهدف توفير اختيارات أكبر أمام السلطة القضائية، للتخفيف من اكتظاظ السجون وترشيد سياسة العدالة الجنائية.
وتقدم قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية للتدابير غير الاحتجازية مجموعة من العقوبات البديلة، مثل العقوبات الشفوية كالتحذير والتوبيخ والإنذار، وإخلاء السبيل المشروط، والعقوبات التي تمس حالة الفرد القانونية، والأمر بمصادرة الأموال أو العقارات…
وسجّل المجلس ملاحظات بشأن العقوبات البديلة المقترحة من طرف الحكومة، فبشأن العمل لأجل المصلحة العامة، اعتبر أن مشروع قانون العقوبات البديلة لم يستوعب مختلف الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ هذه العقوبة، من بينها عدم تحديد طبيعة العلاقة القانونية للمحكوم عليه مع المؤسسة المستفيدة من العمل، وحقوقه المرتبطة بتدابير حفظ الصحة والسلامة والتغطية الصحية والاجتماعية.
وأوصى بالتنصيص على خضوع العمل لأجل المنفعة العامة للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتدابير الصحة والسلامة وطب الشغل والضمان الاجتماعي، والإحالة إلى نص تنظيمي يحدد كيفيات تطبيق عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة، وكيفيات تقديم طلبات الاستفادة من العمل والسلطة المختصة بالبت فيها، وشروط إنجاز العمل، وطبيعة الأعمال المعنية.
وبخصوص الغرامة اليومية، أوصى المجلس بالتنصيص على تحديد مبلغها بين 30 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، وإتاحة إمكانية الأداء بالتقسيط، وفق الشروط التي يحددها قاضي تطبيق العقوبات.
ثلاثة أسئلة لمولود بنتاجر*:
لمولود بنتاجر *محام بهيئة الرباط – متخصص في القانون الجنائي
«تطبيق القانون متوقف على تطويع تشريعات وقوانين أخرى لتتلاءم معه»
– ما الخلفيات وراء مشروع قانون العقوبات البديلة؟
يهدف مشروع قانون 43.22 الذي يتعلق بالعقوبات البديلة، الذي يعرض على الغرفة الثانية للبرلمان للتصويت، إلى الحد من الاكتظاظ الذي تشهده المؤسسات السجنية في البلد وتكلفة تدبيره، نظرا للارتفاع المطرد في عدد السجناء في السنوات الأخيرة، الذي بلغ مجموعه، متم سنة 2023،
102653 سجينا وسجينة حسب تقرير الأنشطة للمندوبية العامة للسجون للسنة نفسها، نصفهم لا تتجاوز مدة محكوميتهم أكثر من ثلاث سنوات حبسا، وهي الفئة المستهدفة من المشروع، إذ يمكن أن تحل العقوبة البديلة محل العقوبة السالبة للحرية شريطة أن لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها خمس سنوات سجنا نافذا، وأن لا تتوفر حالة العود. ويهدف هذا المشروع، كذلك، إلى إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة إدماجية وتأهيلية بعيدة عن السجن، مستندا إلى التوجيهات المضمنة في خطاب الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009، وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ومخرجات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية لسنة 2004، وتوصيات بعض المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية، خاصة الأمم المتحدة في قرارها رقم 25/2013 الذي صادق عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للمنظمة، والذي أوصى الدول الأعضاء ببذل الجهد لتقليص الاكتظاظ السجني وتقليص اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، مع تشجيع اللجوء إلى الآليات القضائية والدفاعية وتعزيز بدائل العقوبات السالبة للحرية، من قبيل الغرامات والعمل من أجل المنفعة العامة والعدالة التعويضية وغيرها من القواعد الدنيا النموذجية للأمم المتحدة للتدابير غير الاحتجازية المسماة “قواعد طوكيو”.
– ما مدى إمكانية نجاح هذا القانون في التخفيف من معضلة اكتظاظ السجون؟
يجب أن أشير إلى ملاحظة مهمة، وهي أن هذا المشروع، وإن كان من أهم أهدافه تقليص الاكتظاظ في السجون، إلا أنه يستهدف فقط الجناة الذين صدرت في حقهم أحكام نهائية، ولا يستهدف السجناء المعتقلين احتياطيا، الذين تبلغ نسبتهم 37.65 في المئة من مجموع السجناء، ما يعني أن نصف عدد السجناء تقريبا لا يستهدفهم هذا المشروع، وتعد هذه الفئة معضلة حقيقية تستدعي الحزم والإرادة الحقيقية في الحد من نسبتها من خلال تفعيل القانون وجعل الاعتقال الاحتياطي تدبيرا استثنائيا، مع تعليل النيابة العامة حالة اتخاذها لقرار الاعتقال لخطورة الفعل أو الفاعل، وإبراز هذه الخطورة تحت طائلة المساءلة والارتكان إلى ضمانات الحضور حال توفر إحداها.
لا تخفى على أحد أهمية هذا المشروع، لما قد يحققه من الحد من عدد السجناء، خاصة منهم المدانون في جرائم بسيطة، إذ يكفي أن تكون العقوبة فيها، برأيي، موقوفة التنفيذ، في حالات مثل الهجرة السرية واستهلاك المخدرات، ناهيك عن أنه يتيح بدائل تفيد الجاني، على غرار التدابير العلاجية أو التأهيلية، والتي تفيد المجتمع، من قبيل العمل لأجل المنفعة العامة، وتفيد الدولة مثل الغرامة اليومية، التي أثارت الكثير من الجدل على أنها شراء العقوبة السجنية بالمال، لكن لابد من الإشارة إلى أن الحكم بهذه العقوبة مشروط بالإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل من الضحية أو ذويه أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة، بمعنى أن المحكمة لا تملك أن تحكم بهذه العقوبة البديلة إلا بعد توافق الضحية سواء بإدلاء بما يفيد الصلح أو تنازله، كما يقوم الجاني بإصلاح ما أفسده بفعله، وهو أمر مقبول ومستساغ، وهناك بدائل أخرى غاية في الأهمية تستهدف اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج من خلال مزاولته نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا.
ورغم ما قد يواجه المشروع من معيقات وإرهاصات في التطبيق بدون شك لكون تطبيقه متوقفا على تطويع تشريعات وقوانين أخرى لتتلاءم معه، وكذلك على موارد بشرية ولوجستيكية لتطبيق بعض البدائل، على غرار الإسورة الإلكترونية، ومتوقفا أيضا على استعداد المؤسسات التي ستسهر على تطبيق القانون، مثل قاضي تطبيق العقوبات والمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، إن توفرت ظروف تطبيق هذا المشروع سيكون له تأثير عميق على السجناء كما على المجتمع أيضا من خلال تغيير النظرة إلى بدائل أخرى وعدم الاعتماد على الحبس عقابا ناجعا ووحيدا.
لا أعتقد أن معضلة الاكتظاظ في السجون تمكن معالجتها بقانون أو مجموعة قوانين، ربما تخفف نوعا ما من نسبة السجناء، لكن لو تمعنا في الساكنة السجنية سنجد أن نسبة 62.70 في المئة عازبون، 47.68 في المئة أعمارهم تقل عن ثلاثين سنة، 15.41 في المئة عاطلون و10.69 في المئة أميون، ما يعني أن شراركم عزابكم، فالزواج يقي من الوقوع في الجرائم ويحقق نوعا من الاستقرار النفسي، ثم البطالة والعطالة خاصة في ريعان الشباب، حيث الطاقة والعنفوان، ثم الأمية تؤدي إلى الإجرام، لذلك على الدولة أن تعمل على ما يخفف من نسبة العطالة والأمية، وتقوم بكل ما من شأنه تشجيع الشباب على الزواج.
- لماذا تأخر إخراج هذا القانون؟
قبل الحديث عن أسباب تأخر إخراج هذا القانون، يجب توضيح أن نجاح قانون 43.22 يبقى رهينا بما ستخصص له الدولة من إمكانيات مادية ولوجستية ومن متابعة واهتمام، من تكوين لقضاء تطبيق العقوبات وإعدادهم، ولوضع الموارد البشرية المتطلبة للمندوبية العامة للسجون وإعداد الموظفين لديها ومن تفعيل كافة العقوبات البديلة.
وأشير، بخصوص المؤسسة الساهرة على تنفيذ العقوبات البديلة، التي هي المندوبية العامة لإدارة السجون، إلى أن المندوب العام لمح لصعوبة تطبيق هذا القانون في اجتماع للجنة العدل والتشريع، وهو أمر يؤيده كل متتبع، ذلك أن الاكتظاظ، الذي تشهده المؤسسات السجنية، وضعف الموارد البشرية والمالية واللوجستية، يعيقان عمل هذه الإدارة في وضعها الحالي، ناهيكم عن أن تتكلف بتنفيذ قانون فيه من التتبع والتثبت والسهر على كل حالة تم قبول استبدال عقوبتها السجنية بعقوبة بديلة، اللهم إن وفرت الدولة الموارد البشرية الكافية والنوعية لتنزيل هذا القانون، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن على الأقل.
وهنا أعود لأؤكد أنه لن يدخل مشروع قانون 43.22 حيز التنفيذ إلا بعد صدور قوانين أخرى مرتبطة به، ويتلاءم مع مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية والقوانين التنظيمية، وهي بعض الأسباب التي أخرت الحسم فيه، إضافة إلى ما طرحته العقوبة المتعلقة بالغرامة المالية اليومية من نقاش عمومي، وإصرار وزير العدل على تنصيصها في المشروع، وهو ما تم حقا.