محمد اليوبي
بعد صدور حكم قضائي يقضي بعزله من رئاسة وعضوية مجلس جماعة بوزنيقة، توصل البرلماني الاستقلالي، محمد كريمين، أول أمس الأربعاء، باستدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم الاثنين المقبل، للاستماع إليه بخصوص خروقات وتلاعبات شابت قطاع التعمير وتصاميم البناء.
وأفادت المصادر بأن كريمين سيمثل أمام قاضي التحقيق، رفقة أربعة أشخاص آخرين، ويتعلق الأمر بأحد نوابه في الولاية الحالية (ح. ب)، ونائبه في ولاية سابقة (ب. س)، بالإضافة إلى (ع. ه) و(ح.ع)، وهما موظفان يشتغلان بقسم التعمير بالجماعة.
وكانت عناصر من الضابطة القضائية، التابعة للفرقة الوطنية للدرك الملكي، قد حلت بمقر جماعة بوزنيقة، من أجل التحقيق في مجموعة من الاختلالات والخروقات التي تعرفها الجماعة، حيث اطلعت على عدد من الوثائق بالمصلحة التقنية، كما طلبت من المسؤول عن القسم إطلاعها على تصاميم البناء، وقامت بمعاينة ميدانية لبعض المشاريع العقارية موضوع الخروقات، التي تناولتها شكاية وضعها الرئيس السابق للجنة التعمير والمرافق العمومية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
وتوصلت النيابة العامة بشكايات متعددة، ومن ضمنها شكاية وضعها رئيس لجنة التعمير والمرافق العمومية بجماعة بوزنيقة، خلال الولاية السابقة، ضد رئيس المجلس، ونائبه الأول، ومسؤول بقسم التخطيط، يطالب من خلالها بفتح تحقيق بشأن خروقات في مجال التعمير مماثلة لتلك المخالفات التي حكم من أجلها سابقا، وتضمنت الشكاية مجموعة من الاختلالات الخطيرة تتعلق بتزوير وثائق رسمية لمجموعة من المشاريع السكنية، وتبديد واختلاس أموال عمومية واستغلال النفوذ. وأرفق رئيس لجنة التعمير السابق شكايته بعدة وثائق تثبت حجم الخروقات الخطيرة، بالإضافة إلى تقرير خبرة معد في الموضوع، وتقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي أثبت بدوره عدة خروقات في غاية الخطورة.
وأشار رئيس لجنة التعمير، في شكايته، إلى أنه بهذه الصفة وضع يده على خروقات بالغة الخطورة، تتعلق بتسليم بعض المستفيدين من رخص البناء تأشيرات الموافقة على تصاميم مختلفة وتتعلق بالمشروع نفسه، مضيفا أن التصميم الأول يوقعه رئيس الجماعة، في حين أن التصميم الثاني المتعلق بالمشروع ذاته يوقعه نائبه الأول، وكلاهما يتعلقان بالتاريخ نفسه، وهو الأمر الذي يجعل المستفيد في غير حاجة إلى إجراء أي تعديلات قانونية، كما يسهل عملية التحفيظ، الأمر الذي اعتبره “تزويرا بمفهومه القانوني واستغلالا بشعا للنفوذ”، وهو ما أكده تقرير للخبرة، كما أن المجلس الأعلى للحسابات رصد مجموعة من الخروقات الإدارية.
وتطرقت الشكاية إلى مشروع تجزئة بالجماعة، حيث حصل صاحب المشروع على وثيقتين إداريتين رسميتين، الأولى أصلية، فضلا عن الحصول على وثيقة مزورة بالتاريخ نفسه والمراجع ذاتها، إلا أنها تتعلق بتصميم مخالف تماما لما صادقت عليه اللجنة المكلفة بالتعمير، وهو الأمر الذي يمكنه من تحفيظ المشروع رغم اختلالاته، وبناء على وثائق رسمية مزورة وغير متطابقة مع الأصل.
ويواجه كريمين العديد من الشكايات وضعها مستشارون من المعارضة والأغلبية، أحيل بعضها على محكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء، تتعلق بمخالفات مشابهة للمخالفات التي حوكم من أجلها، فيما أحيلت شكايات أخرى يتجاوز عددها 20 شكاية، على المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات، تتضمن العديد من الاختلالات، بعضها ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي كشف أن المجلس الجماعي لبوزنيقة لم يقم بوضع برنامج العمل المنصوص عليه في القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، والذي كان يجب أن يُعد ويُعمل به منذ سنة 2016. كما سجل عدم اتخاذ المجلس الجماعي للقرارات الكفيلة بتحسين الخدمات الجماعية وتطوير الأداء الجماعي، وذلك من قبيل ضابط البناء الجماعي والأنظمة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية، ووضع استراتيجيات لتنمية الموارد الجماعية، وتنظيم الإدارة الجماعية وتحديد اختصاصاتها.
وأشار تقرير المجلس إلى منح الرئيس تفويضي إمضاء لنائبه الأول والثاني يهمان تباعا، من جانب أول الوثائق المرتبطة بالميدان الإداري والمالي، ومن جانب ثان الوثائق التي تخص قطاع التعمير والبناء، وبالرغم من أن هذين التفويضين ألغيا تباعا بتاريخ 23 ماي 2016 و10 أبريل 2017، فإن التفويض الأول الممنوح للنائب الأول للرئيس يهم أصلا مجالا غير قابل للتفويض بموجب المادة 103 من القانون التنظيمي. كما سجل المجلس أيضا عدم قيام مصالح الجماعة بإحصاء الأراضي الحضرية غير المبنية، مما يترتب عنه ضياع مداخيل مهمة تفوق، حسب تقديرات المجلس الجهوي للحسابات، مبلغ 9.501.185 درهما عن الفترة الممتدة من 2014 إلى 2017. ورصد التقرير وجود اختلالات أخرى إدارية ومالية، تهم صرف حوالي 70 مليون درهم من المال العام في جماعة بوزنيقة خلال الفترة نفسها، وهي فترة تأتي بعد الفترة التي ارتكب فيها المخالفات التي حكم عليه بموجبها بالسجن موقوف التنفيذ.