محمد اليوبي
بعد الخرجات المتتالية لرئيس الحكومة المعزول والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، والتي حاول من خلالها تمرير العديد من الرسائل بخصوص مفاوضات تشكيل الحكومة والتلميح إلى خيانته من طرف بعض أعضاء الأمانة العامة لحزبه وانقلابهم على مواقفهم السابقة، وحديثه عن وجود «منافقين» داخل قيادة الحزب، كشف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في أول خروج إعلامي له، عن جزء من كواليس مفاوضات تشكيل حكومته.
وأكد العثماني، في لقاء عقده يوم الجمعة الماضي مع أعضاء الفريقين البرلمانيين لحزب العدالة والتنمية بمجلسي النواب والمستشارين، أن جميع القرارات المتعلقة بمفاوضات تشكيل الحكومة تم اتخاذها في اجتماعات الأمانة العامة والمصادقة عليها بالأغلبية، بما فيها مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضمن مكونات الأغلبية الحكومية، والتفاوض مع إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.
وقال العثماني أمام برلمانيي الحزب «بعد تعييني رئيسا للحكومة من طرف الملك، قررت الأمانة العامة للحزب فتح المفاوضات مع جميع الأحزاب السياسية، بما فيها حزب الأصالة والمعاصرة، وفي لقاء آخر، وافقت الأمانة العامة على قرار إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي ضمن مكونات التحالف الحكومي».
وكشف العثماني أن الأمانة العامة وافقت على مقترح تقدم به من أجل تشكيل لجنة لمواكبة المفاوضات والاطلاع على جميع أسرارها، وتتكون اللجنة من مصطفى الرميد ومحمد يتيم ولحسن الداودي، وقال: «أنا منكم، وأي قرار اتخذتموه ولو بالاعتذار عن قيادة الحكومة، فأنا مستعد»، مشيرا إلى أنه حريص على عدم التفريط في صلاحياته في رئاسة الحكومة، وأنه لم يتخذ أي قرار يخص تشكيل الحكومة منفردا بل كان بتشاور مع الرميد والداودي ويتيم وأيضا مع بنكيران.
وبخصوص استوزار مصطفى الرميد وحصوله على حقيبة وزير دولة مكلفا بحقوق الإنسان، أكد العثماني أن وزير العدل والحريات السابق رفض الاستوزار في الحكومة الحالية، لكن «بنكيران أوصاني به خيرا، واقترح أن يكون وزير دولة ويلعب الدور الذي كان يلعبه الراحل عبد الله باها».
وبخصوص توزيع الحقائب الوزارية على مكونات التحالف الحكومي المكون من ستة أحزاب سياسية، هي العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري، أوضح العثماني أن حزب العدالة والتنمية منح بعض حقائبه إلى حليفه حزب التقدم والاشتراكية الذي لا يتوفر على فريق برلماني بمجلسي النواب والمستشارين.
وأفادت مصادر حزبية من التحالف الحكومي، أن العثماني تنازل، خلال المفاوضات، عن حقيبة وزارة الصحة التي كانت ستؤول إلى عادل الإبراهيمي، عميد كلية الطب بمدينة فاس، ومنحها إلى الحسين الوردي عن حزب التقدم والاشتراكية، بضغط من الأمين العام لهذا الحزب، نبيل بنعبد الله. وبالنسبة لتوزيع الحقائب على أعضاء حزب العدالة والتنمية، أوضح العثماني أنه تم احترام الترتيب الذي وضعته لجنة الاستوزار، ما عدا اقتراح مستشار رئيس الحكومة السابق وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين، خالد الصمدي، في منصب كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي، رغم وجوده في مرتبة متأخرة.
وأكد العثماني، في كلمته، أنه سيمارس مهامه والصلاحيات التي يمنحها له الدستور بالشكل المطلوب، لأنه هو رئيس الحكومة الوحيد، مشيرا إلى أن البرنامج الحكومي الذي سيعرضه على أنظار البرلمان خلال الأسبوع الجاري، يتضمن إجراءات تشكل استمرارية للإصلاحات التي باشرتها الحكومة السابقة، مبرزا أن الحكومة الحالية ستواصل إصلاح صندوق المقاصة ولن تتراجع عنه. كما استغل العثماني وجوده أمام أعضاء الفريقين البرلمانيين لحزبه، لتمرير رسائل إلى سلفه، عبد الإله بنكيران، حينما قال لهم: «أنا لا أخاف من النقاش، وكل شيء واضح»، وأضاف «أنا أهتم بالعمل أكثر مما أهتم بالكلام».