فضيحة ابتزاز أخرى تهز وزارة الصحة..مسؤول سابق أسس شركة لـ«السمسرة» مع مديرية الأدوية
محمد اليوبي
بعد فضيحة ابتزاز شركات الأدوية من طرف مسؤول كبير بمديرية الأدوية، التي تفجرت في وجه وزير الصحة، أنس الدكالي، تفجرت فضيحة ابتزاز أخرى بنفس المديرية التابعة لوزارة الصحة، تتعلق بابتزاز الشركات المتخصصة في بيع المستلزمات الطبية من طرف مسؤول سابق وزوجته، التي تشتغل بالمديرية ذاتها.
وحصلت «الأخبار» على وثائق ومعطيات، تفيد بأن موظفا سابقا كان يشتغل بمديرية الأدوية التابعة لوزارة الصحة، أسس شركة لتقديم الاستشارة والخدمات، يفرض على الشركات المتخصصة في بيع المستلزمات الطبية، ضرورة المرور عبر شركته لتقديم طلبات الحصول على التراخيص من مديرية الأدوية، التي ما زالت تشتغل بها زوجته المقربة جدا من مسؤول كبير بالمديرية، الذي يوفر الحماية لهذه الشركة، ويتستر على هذه الممارسات المنافية للقانون.
وحسب شكاية توصلت بها «الأخبار» من مهنيين يشتغلون بالقطاع، فإن صديق المدير، والإطار السابق بمديرية الأدوية، أسس شركة استشارية تقدم خدمات وهمية لأصحاب شركات المستلزمات الطبية، وبعد ذلك قدم استقالته من مصلحة التفتيش. وأكدت الشكاية ذاتها أن صاحب الشركة يمارس كل أشكال الابتزاز في حقهم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مستغلا شبكة علاقاته المتشعبة داخل مديرية الأدوية، لكي يرغم هذه الشركة على ضرورة المرور عن طريق خدمات شركته المتخصصة في تقديم الاستشارة، للحصول على التراخيص اللازمة. وذكرت الشكاية «أن كل من يخالف ذلك، ويذهب للتعامل مباشرة مع الإدارة يكون مصيره تأخير الملف، رغم علم الجميع أن هذه الشركة الوسيطة لا تقدم أي خدمة ذات قيمة مضافة أو علمية، بل مجرد وسطاء بين الإدارة والمقاول».
وذكر المهنيون أن الخطير في الأمر هو حصول هذه الشركة و«السماسرة» المتعاملين معها، على معطيات حساسة تخص شركات المستلزمات الطبية، ويقوم صاحب الشركة باستعمالها في أعماله الاستشارية مثل عناوين جميع شركات المستلزمات الطبية التي تم الاطلاع عليها داخل مديرية الأدوية، وذلك بتواطؤ مع «المسؤول الكبير» داخل المديرية، الذي «سمح له بالاستمرار بعمله لمدة طويلة بمصلحة التفتيش، رغم علمه المسبق أنه قدم طلب استقالته ويعمل في الوقت نفسه بشركة في ملكيته المشتركة مع صيدلي يعمل في مندوبية وزارة الصحة بتمارة». كما يستمر هذا المسؤول في تشجيع تضارب المصالح، لأن زوجة صاحب الشركة، تعمل في منصب قريب جدا من المدير، وتستغل ذلك في الاطلاع على ملفات حساسة وأسرار الشركات لصالح الأعمال التجارية لزوجها.
وذكر أصحاب شركات المستلزمات الطبية، أن «هؤلاء يقومون بابتزازنا كشركات بوعود تسريع ملفات المستلزمات الطبية، بادعاء أن لهم علاقات متداخلة مع الإدارة ويستغلون الشح في المعلومات وغياب الشفافية التي يشجعها المسؤول الكبير داخل المديرية». وأضافت الشكاية أنه «ما يؤكد ذلك هو غياب ولو دليل بسيط يشرح مسطرة تسجيل المستلزم الطبي، بالإضافة إلى التلاعب في المواعد وتسبيق شركة على شركة أخرى، بتواطؤ مع هذه الشركات الوسيطة التي أصبحت تلعب دور الوساطة، وتقوم بابتزاز غير مباشر لشركات المستلزمات الطبية».
وكانت النائبة البرلمانية، ابتسام مراس، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، قد فجرت هذه الفضيحة، خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، بحضور وزير الصحة، أنس الدكالي، لدراسة موضوع «السياسة الدوائية ومآل توصيات تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول أسعار الأدوية»، عندما طالبت الوزير بفتح تحقيق حول «حالة تضارب المصالح بين موظف سابق بالمديرية، استفاد من التكوين بالوزارة ولديه الآن شركة خاصة في الوساطة بين المختبرات ومديرية الأدوية، التي تشتغل بها زوجته».