أصبح من باب الروتين اليومي أن تنفجر كل يوم فضيحة يكون بطلها حزب أو برلماني أو رئيس جماعة أو منتخب، سواء في علاقتهم بالمال العام أو المسؤولية العمومية أو حياتهم الجنسية الموازية لحياتهم الشخصية. وكأنّ هذه الممارسات المشينة أصبحت بمثابة الملخّص لكلّ سلوكيات السياسة والسياسيين، وهو ما ينطوي، من جهة، على مضامين خطيرة أهمّها أن رجال السياسة لا هم لهم سوى تلبية مصالحهم المالية والجنسية ولا عهد ولا ميثاق لهم، ومن جهة أخرى يؤكد أن السياسة والأخلاق حبان لا يلتقيان في المشهد السياسي المغربي.
هذا الانطباع الخطير بدأ يتكون في أذهان المغاربة عن السياسيين، وللأسف فإن وجوها ممن ينشطون في المجال السياسي يؤكدون أنهم ليسوا سوى مجرد مصطادي فرص يتخذون من السياسة مجالا لتحقيق مآربهم الشخصية.
ولنتحدث بشكل أوضح وأكثر بساطة، وبأمثلة يفهمها المغاربة، ليس هناك من مبادرة ملكية نبيلة أو إجراء دستوري استثنائي إلا وتتم الإساءة له من لدن السياسيين، نتذكر جميعا كيف تحولت لائحة النساء إلى ريع سياسي فهناك من رشح خليلته أو صديقته وابنته وزوجته. والجميع لاحظ كيف تحولت مبادرة ملكية نبيلة لدعم الكفاءات الحزبية بالدراسات إلى ما يشبه سرقة موصوفة من لدن بعض الأحزاب للمال العام، دون استحضار مئات من الفضائح المتعلقة بالفساد المالي والاتجار في المخدرات والفضائح الجنسية.
يبدو واضحاً، إذن، أن ما أصبح يحكم الفعل السياسي هو المصلحة الشخصيّة التي تهمّ وضع رجل السياسة وامتيازاته ونزواته قبل مصلحة المواطن والوطن، وكلّ ذلك يجعل الثقة في السياسة والسياسيين أمراً غير مرغوب فيه، وهو ما دفع ملك البلاد ليقول في أحد الخطابات «وإذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟».
والحقيقة التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أن بعض السياسيين، وليس الكل، انحرفوا بالسياسة عن مقاصدها ولم يعد المواطن يثق بهم، وقد آن الأوان أن ينسحبوا بإرادتهم أو تعمل المؤسسات الأمنية والقضائية على دفعهم لذلك إذا لم يستحوا من فضائحهم.