شوف تشوف

الافتتاحيةالدوليةالرئيسيةسياسية

فرنسا تعود إلى الصواب

الافتتاحية

أكد كريستوف لوكورتييه، سفير فرنسا بالمغرب، يوم الجمعة الماضي بالدار البيضاء، أنه سيكون من الوهم وعدم الاحترام الاعتقاد بإمكانية بناء مستقبل مشترك مع المغرب، دون توضيح موقف فرنسا بشأن قضية الصحراء المغربية. وهذا بالضبط ما يطلبه المغرب منذ سنوات من قصر الإليزيه، بأن يخرج من المنطقة الرمادية، ويلتحق بمواقف الدول العظمى الداعمة للمقترح المغربي، القاضي باعتماد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

مقالات ذات صلة

لقد ظل المغرب صامدا لسنوات في مواجهة مواقف الرئاسة الفرنسية، غير الواضحة والمتذبذبة، والتي تدل على أن مطبخ صنع القرار في قصر الإليزيه يريد زبدة المغرب وثمنها في الجزائر، يريد استمرار حالة اللاموقف، لأنه يجعل فرنسا في منطقة الراحة، فلا هي مؤيدة للحكم الذاتي ولا هي داعمة للانفصال.

لقد كانت الخارجية المغربية واضحة منذ صعود ماكرون، عندما اعتبرت أن سياسة الضرب تحت الحزام، التي نهجتها فرنسا، لا تليق بحليف يُفترض أنه استراتيجي، ونبهت باستمرار إلى الكلفة الثقيلة لسياسة الكيل بمكيالين في تعاطي فرنسا الماكرونية مع قضايانا الاستراتيجية، لكن صناع القرار في جمهورية الأنوار كانوا مترددين وغير قادرين على اتخاذ موقف شجاع كما فعلت إسبانيا.

واليوم بعد سنوات من استمرار سحابة سوء الفهم فوق سماء العلاقات بين باريس والرباط، بدأت الدبلوماسية الفرنسية تعود إلى صوابها، وتبعث برسائل من شأنها إذابة جبل الجليد الدبلوماسي الذي تم تشييده منذ صعود الرئيس ماكرون، الذي عصف بكل التراكم الدبلوماسي الذي تم بناؤه من عقود .

لقد بدأت فرنسا تشعر، ولو بشكل متأخر، أن تحركاتها المواربة في دعم الحملة الإعلامية و«الحقوقية» التي تستهدف الرموز السيادية للمغرب من أجل ابتزازه، لن تؤتي أكلها وأن سياسة ليّ الذراع تفرض فقط مناخا سلبيا على العلاقات بين البلدين، وفي الوقت نفسه تثبت أن فرنسا لا تريد إيجاد الحل للأزمة المفتعلة بمناطقنا الجنوبية، لأن ذلك يخدم مصالحها، لكنها تنسى أن الغموض والضبابية يعملان فقط على تدمير علاقتها بالمغرب.

ومهما أظهرت الدبلوماسية الفرنسية استعجالها لعودة العلاقات بين الرباط وباريس إلى سابق عهدها، لكن ذلك لا يمكن أن يتم دون وضوح أكبر وضمانات أقوى، فالمغرب طعن في الظهر في الماضي من تهور السياسة الماكرونية، وهو ليس مستعدا للدغة أخرى مستقبلا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى