فرنسا أعلنت بناء قسم دراسي كل يوم وهكذا تضاعفت أعداد التلاميذ المغاربة
يونس جنوحي
ربما لم أكن أثق بكلام السياسيين، لكن عندما فتح المُدرسون سجلاتهم المدرسية أمامي، صرتُ مقتنعا.
مع مرور الوقت، والمرة تلو الأخرى، وجدتُ مدارس لم تُملأ فيها الأماكن المتاحة لسنوات. جرّب المعلمون طُرق الإقناع، والمسؤولون المحليون لجأوا إلى ما يشبه التهديد في محاولة منهم لحث الآباء على إرسال أطفالهم إلى المدارس. لكن أغلب المغاربة فضلوا توجيه أبنائهم إلى العمل بمجرد ما أن يصلوا إلى سن النضج. لنقل تسع أو عشر سنوات. بينما بالنسبة للبنات، فإن موضوع ذهابهن إلى المدرسة لا يتم التفكير فيه نهائيا. (من المهم جدا معرفة أن 75 بالمئة من الأطفال اليهود في المغرب يذهبون إلى المدرسة، حيث لا توجد أي فرص رسمية لإنشاء مدارس خاصة بهم، بل يخلقها اليهود بأنفسهم).
من الجيد تسجيل أن النظرة الاستشرافية المغربية تغيرت الآن إلى حد كبير.
خلال الحرب العالمية الثانية، كان لعشرات آلاف المغاربة اتصالات جديدة مع أشخاص من دول أخرى.
كان التفوق التقني لجيوش الحلفاء في المغرب، لوحده أمرا مُلهما. منذ نهاية الحرب، يتفق الجميع على أن الإقبال على التعليم يستمر في الارتفاع.
الفرنسيون الذين كانوا ينظرون إلى الوضع من زاوية فترة سنوات الثلاثينيات، تفاجؤوا. أعداد التلاميذ المغاربة في المدارس الحكومية كانت أقل من 10000 تلميذ سنة 1920. وانفجر العدد بقوة إلى 35000 بحلول سنة 1945. ثم قفز إلى 115000 في سنة 1950. ولا يزال الرقم في ارتفاع سريع إلى الآن.
الهدف الذي أعلنته إدارة التعليم، والذي تم تحقيقه، بناء قسم دراسي يوميا. وصحيح أن عدد التلاميذ الذين يجري تعليمهم حاليا، يزداد بمقدار أربعين تلميذا يوميا.
وبالتالي، بينما كان اللوم عن الظروف غير المُرضية، على الأقل مقسما بين الأطراف في الماضي، فإن المُنتقدين الأكثر فظاظة فقط، قد يتذمرون بخصوص التقدم المُحرز حاليا.
الشكوى الرئيسية للوطنيين مصدرها زاوية أخرى: كيف ما كان ما يقدّمه التعليم، فإنه غير مغربي.
صحيح أن الفرنسيين اضطروا إلى الاعتماد بشكل كبير على مُعلمين تابعين لهم، وصحيح أيضا أن مدارسهم تتوفر على عدد من المواد الدراسية العصرية التي تدخل في إطار الطابوهات، أو يتم تجاهلها في المدارس القرآنية.
صحيح أيضا أن النظام التعليمي تم تكييفه لتلبية متطلبات المناطق الناطقة باللغة الأمازيغية.
بالنسبة للوطنيين، فإن هذا الأمر تقسيم متعمد للمغرب، إلى فصيلين. ولا آبه هنا السقوط في التعميم، لأقول إن كل المسؤولين الفرنسيين في الماضي، يمكنهم ادعاء براءتهم من تُهمة مماثلة.
ثم لو أنني أمازيغي، لأحسست أنه يتعين علي تفضيل لغتي الأم عن أي لغة أخرى. وإن كانت هناك ضرورة لأي لغة ثانية، كنت لأختار الفرنسية، التي يتوفر لتدريسها مُعلمون عصريون، بدل اللغة العربية التي لا يتوفر مُدرسوها.
هذه النقطة تحظى بأهمية خاصة فيما يتعلق بالتعليم العالي الذي يمثل حاجة حيوية لمغرب الغد. هناك مؤسسات قليلة جدا يجري فيها تدريس المواد العصرية باللغة العربية، لكن فرنسا تستطيع توفير موارد توجد في أفضل الجامعات في العالم.
إن المعدل المغربي للذكاء مرتفع. ذاكرة المغربي، كما قلتُ سابقا، غالبا ما تكون جيدة.
الآن، بما أن هناك طلبا على التعليم، فإنه يتوجب تشجيعه كليا.
الجدال المرير حول إلقاء اللوم على أوجه التقصير في ما مضى، لن يُنتج لنا مُعلما كل يوم، وهو المعدل الذي تحتاجه الأقسام الدراسية الجديدة.